هل انتصرت غزة؟!

مصطفى عبده طه السعدني

مصطفى عبده طه السعدني

[email protected]

كان ولا يزال الصراع العربي الاسرائيلي محور كل القادة والسياسيين في منطقة الشرق الاوسط ويظل كذلك بندا على كل الاجندات الاقليمية والدولية وفي مخيلتي يكمن هذا الاهتمام في ضمان أمن اسرئيل المنشود، وهذا لم ولن يتحقق في ظل وجود مقاومة مخلصة وشعب اصيل يحتضن هذه المقاومة، قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) آل عمران

يختلف الناس عما اذا انتصرت غزه أم لا خلال حربها الاخيره التي استمرت اكثر من 51 يوم ،فمن الناحية اللوجستية المقاومة لم تحرر شبرا من الاراضي المحتله بل هي في حد ذاتها في نظر الكثرين ما زالت قابعة تحت الاحتلال بشكل يختلف قليلا عن باقي اراضي فلسطين المحتله عام 48

أما من الناحية الادبية والمعنوية ومن الناحية العسكرية كما يقول الخبراء العسكريون فقد فازت وانتصرت غزه بمقاومتها وصمودها واستطاعت ان تؤلم اسرائيل أيما إيلام ، وبعد مرور ال 51 يوم –عمر الحرب- استطاعت ان تنتهي من رسم الصورة التي يرى العالم من خلالها انها انتصرت  وهنا يكمن سر تفوق المقاومة في انها نجحت ان ترسل رسائل للعدو الاسرائيلي في ميدان المعركة ،وللمجتمع الاسرائيلي في الداخل ان ما تفعلونه أشبه ما يكون بمن يحرث في الماء ليزرع ،علاوة على الرسائل التي ارسلتها للمتآمرين عليها من بني جلدتها من العرب انها شوكة لن تنكسر ،ويكمن الانتصار في المعركة في ان كل من راهن على سقوط المقاومة فشلوا في توقعاتهم واجبرت اسرائيل على تلبية معظم طلبات المقاومة ابتداء من فك الحصار ودخول مواد البناء وما يحتاجه القطاع من ضروريات الحياة، وصولا الى المطار أوالميناء لاحقا، وسترضخ اسرائيل فيما بعد بالموافقة عليهما طمعا في سراب اسمه "أمن اسرائيل"

ولتقريب صورة انتصار غزه  نستطيع القول بأن ما حدث اشبه بماتش ملاكمة بين خصمين لم يستطع أحدهما التغلب على الاخر بالضربة القاضية ، ويظل احتساب النقاط لكلا اللاعبين باستمرار الصراع على الحلبة حتى تنتهي المباراة أو تاتي الضربة القاضية من أحدهما للاخر، وبالنظر في الجولة الاخيرة للحرب على غزه فسنجد أنه بالرغم من بشاعة مناظر الدمار والهدم والخراب فضلا عن عدد الشهداء والجرحي الذين سقطوا  استطاعت المقاومة ان تحصد العديد من النقاط التي تعينها على مواصلة التقدم في سبيل تحرير اراضي فلسطين ،فهي بعد كل حرب تخرج أقوى من التي قبلها وتطور نفسها سريعا وتعيد بناء ما تفقده بسبب الحرب ويزيد، فضلا عن تماسك وصلابة المجتمع الذي يحتوي هذه المقاومة بكل صوره من شموخ وإباء وصبر وقوى تحمل هي في الحقيقة أشد فتكا باسرائيل من تلك الصورايخ التي تدك بها المقاومة مدن وبلدات فلسطين المحتله كلها.

غزه انتصرت عندما تحملت الصدمات تلو الاخرى ولم تستكين ،غزه انتصرت عندما قامت بإرسال طائرات استطلاع الى اسرائيل،غزه انتصرت عندما علت فوق جراحها ولم تنتظر المدد الا من ربها، غزه انتصرت عندما وثقت بالفيديواحدى هجماتها بانزال مقاومين خلف صفوف العدو، غزه انتصرت عندما صاحت المراه الغزاوية وتقول (ما إلنا الا ربنا ) ولا تأبه بمنظر الدمار الذي حل ببيتها،غزه انتصرت عندما امتزج دم القادة بدم الشعب،فآلة الحرب الاسرائلية لم تفرق بينهما مما مهد الطريق لتلاحم الشعب مع المقاومة،غزه انتصرت عندما لم تستطع اسرائيل ان تكمل تقدمها البري نحو غزه ورجعت بخفي حنين.