رسالة مفتوحة إلى أهلنا الأكراد في كردستان العراق

رسالة مفتوحة إلى أهلنا الأكراد في كردستان العراق

د.فواز القاسم

من شام الرسول الكريم ، محمد صلى الله عليه وسلم ، إلى أهلنا الأكراد في كردستان العراق ، أوجه رسالتي هذه ، فأقول : أيها الشرفاء في شعبنا الكردي المسلم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد ... فهاهو عام يمر على احتلال الأمريكان الكفرة لبلدكم العراق ، والتي كان لقياداتكم الكردية العميلة فيه الدور الأكبر ، تحت ذرائع ( تحرير العراق ) و ( تخليصه من دكتاتورية صدام حسين ) ...!!!

ولقد شهدنا وشهد العالم أجمع -  وعلى مدار عام كامل – ما مارسه المحتلون من الجرائم والفظائع والانتهاكات ، في بغداد والفلوجة والنجف وغيرها من المدن والقصبات العراقية  ، بما لا يدع مجالاً للشك ، بأن هؤلاء المجرمين المحتلين ، لم يأتوا لتحرير العراق ، وتخليصه من الحكم الدكتاتوري كما يدّعون ، إنما جاؤوا لتدميره ، وسرقة أمواله ، وتمزيق شعبه ...

الأمر الذي لا يقبله أي وطني شريف في العراق ، سواء كان عربياً أو كردياً ، سنياً أو شيعياً ، أو من أي دين آخر أو قومية أخرى ...

ولذلك فقد هبّ أبناء الوطن الشرفاء ، من الموصل إلى البصرة ، سنة وشيعة ، يدافعون عن عقيدتهم المهددة ، ووطنهم المدنّس ،  وكرامتهم المهدورة  ...

ولقد رأينا في ملحمة الفلوجة الباسلة، صوراً تثلج الصدور ، من مظاهر التعاون والتآزر بين أبناء الوطن الواحد ، حيث تكاتف الشيعي مع أخيه السني في محنته ، بل حتى المسيحي لم يتأخر عن تسجيل موقفه الوطني نصرة لأخيه المسلم في ساعات عسرته ...

ولقد رد المسلم السني بالمثل عندما تهددت النجف وكربلاء ، فكانت مواقف رائعة من الوحدة الوطنية ، هشت لها القلوب المحبة ، ودمعت لها العيون ، واستبشر الشرفاء من أبناء أمتكم خيراً ، وهم ينظرون إليكم موحدين متكاتفين متآزرين ، كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً ، وكالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ...

ولكننا – مع الأسف الشديد – كنا نمعن النظر جيداً ، ونركز في المشهد العراقي ، وفي فسيفسائه الوطنية الرائعة ، فلا نجد لأهلنا الأكراد أثراً ، لا في مقارعة المحتل ، ولا في الوحدة الوطنية ، والتلاحم الوطني ... بل على العكس ، كل الذي رأيناه : حفنة من القيادات الكردية العميلة ، التي ربطت مصيرها بالمحتل الغازي ، وباعته الوطن الغالي بحفنة من الدولارات القذرة ...

ولقد صُعق الشعب العربي المسلم في شرق الأمة وغربها ، عندما تناهى إلى سمعه بأن إخوته الأكراد المسلمين ، يقاتلون إلى جانب المحتل الكافر إخوانهم وأبناء وطنهم وبني دينهم في الفلوجة، ولم نصدق النبأ في البداية لفظاعته وغرابته ، حتى رأينا بأعيننا صور القناصة البيشمرقة وهم يسددون بنادقهم إلى صدور الأطفال والنساء في الفلوجة ...!!!

ومن حق المسلم على أخيه المسلم أن يسأل : هل يقبل شعبنا الكردي المسلم في كردستان الحبيبة بمثل هذا ...!!!؟

وإذا كان الجواب : لا ... وهو ما نتوقعه من أهلنا ، وأبناء ديننا ، وإخواننا في الوطن والتاريخ والعقيدة ... فمتى يتحرك أهلنا في كردستان العراق ، ليعبروا عن رفضهم لما تقوم به بعض القيادات العميلة ، التي نصبت من نفسها ، بدون إذن من الشعب الكردي المسلم ، وصية عليه وعلى ماضيه ومستقبل أجياله .!!!؟

إننا نتوقع من شعبنا الكردي المسلم ، الذي رفد الأمة عبر تاريخها بأعظم القادة والفاتحين ، من أمثال العظيم صلاح الدين الأيوبي وغيره ، أن يكون له موقف متميز ومشرّف في هذه اللحظات الحاسمات من تاريخ العراق والأمة ...

موقف يرفض الظلم والاحتلال ، ويلفظ العمالة والعملاء ... وينحاز إلى الوطن والشعب والأمة ...

ولتعلموا – يا أهلنا وأحبابنا – بأن المحتل مهما طال أمره فهو إلى فناء ، وأن الوطن مهما كثرت جراحه ، فهو إلى بقاء ، وهنيئاً لكل من سجل موقفاً وطنياً مشرفاً في زمن المحنة ، لنفسه ولشعبه ولمستقبل أجياله ...

والخزي والعار للعملاء والمأجورين والأنانيين والمنتفعين ، الذين يثرون بالمال الحرام ، والمواقف العميلة ، على حساب قدسية الوطن ، وكرامة أبنائه ....