كانت مأساة فلسطين شأناً داخلياً

ماجد زاهد الشيباني

كانت مأساة فلسطين شأناً داخلياً،

لكل دولة عربية فهل صار الطموح الإيراني كذلك !؟

ماجد زاهد الشيباني

 1) منذ بدأت مأساة فلسطين وشعبها ، في النصف الأول من القرن المنصرم .. صارت شأناً داخلياً ، لكل دولة عربية ! فهي في السياسة والإعلام .. وفي الأحاديث اليومية بين الناس ! ولم تكن حكومة تستطيع غضّ الننظر عنها ، أو تَجاوزها ، أو منع مواطنيها من الاهتمام بها ، في كتاباتهم وأحاديثهم ، وأفكارهم ومشاعرهم !

·  الحاكم الذي لايهتمّ كثيراً بالقضية الفلسطينية ، يجد نفسه ، في بلاده ، مضطراً للاهتمام بها ، استجابة لاهتمامات شعبه !

·  بعض الحكّام ، استفادوا فوائد ضخمة ، من نشوء المأساة ؛ إذ أعطتهم ذرائع ، للاحتجاج بها ، والتمترس خلفها ، في مواجهة أيّة أزمة ، داخلية أو خارجية ، يعجزون عن معالجتها ، ويرغبون بإسكات شعوبهم ، عن تقصيرهم ، أو عجزهم ، أو إهمالهم !

·  بعض الحكام اتّخذوها ذريعة ، للانقضاض على السلطة ، في بلادهم ، عن طريق العسكر ، بحجّة أن الحكومات المدنية المنتخبة ، لم تستطع تحرير فلسطين !

·  بعض الحكّام طفقوا يستوردون الأسلحة ، من جهات شتّى ، عاقدين صفقات بالمليارات ، على أسلحة من أنواع قديمة ، أو قليلة الجدوى .. ليكسبوا لأنفسهم ، من هذه الصفقات ، أموالاً طائلة ، دون أن يحتجّ عليهم أحد .. لأن السلاح مشترى لمواجهة العدوّ المغتصب ، في فلسطين المحتلّة !

·  بعض الحكّام أخرسوا أصوات شعوبهم ، بحجّة أنهم في حالة حرب ، مع العدو الغاصب ، المحتلّ لأرض فلسطين ، الحبيبة السليبة ! وشعارهم في ذلك : لاصوت يعلو فوق صوت المعركة !

2) اليوم ، بعد أن سقط العراق ، في الاجتياح الأمريكي .. وتمدّدت إيران في مفاصله: دولة وشعباً ، واقتصاداً ومؤسّسات .. وباتت تمارس فيه دوراً ، يفوق دور الولايات المتّحدة ، المحتلّة له .. اليوم ، باتت إيران ، تتطلّع إلى بناء مشروع متكامل ، في المنطقة العربية ، لم تعد ، هي ، تخفيه ، في تصريحات بعض مسؤوليها ، ومنظّريها ، وساستها.. وهي تفاوض الأمريكان ، على حصّتها من المنطقة ، التي صارت لها ، فيها ، أذرع كثيرة ، في دول عدّة ، من المنطقة العربية ! بعضها ظاهرة للعيان ، تتمثّل في جماعات وجمعيات ، وميليشيات ، وبؤر ثقافية وعقَدية .. وبعضها تخوض صراعات عسكرية ، في بلدانها ، وبعضها ساكنة ، تنتظر التوجيهات ، للتحرك في الأوقات المناسبة !

3) ثمّة عوامل عدّة ، أسهمت في جعل الوجود الإيراني حياً ، في كل دولة عربية .. منها: تضخيم الدور الإيراني ، من قبل أمريكا ، وحلفائها في المنطقة .. وتخويف أبناء المنطقة ، حكّاماً وشعوباً ، من التمدّد الإيراني ! ومنها : ماصنعته إيران ، نفسها ، في نفوس أبناء المنطقة العربية وعقولهم.. من خلال سلوكاتها الظاهرة ، في العراق وغيره ، ومن خلال توجيه أنصارها ، للتحرك عقَدياً وثقافياً ، ضمن التجمّعات السكانية العربية .. ومن خلال تصريحات الساسة الإيرانيين ، والقنوات الفضائية التابعة لإيران ، في بعض الدول العربية !

4)  لقد صارت إيران ، بحقّ ، شأناً داخلياً يومياً ، لكل دولة عربية .. بحكّامها ومحكوميها ! وعلى كل مستوى ، سواء أكان أمنياً ، أم عسكرياً ، أم سياسياً ، أم عقّدياً ، أم ثقافياً ! وصار بعض الناس ، يراها منقذاً للمنطقة ، من براثن المشروع الصهيوني الأمريكي .. وبعضهم يراها خطراً أشدّ وأخبث ، من الخطر الصهيوني الأمريكي ؛ لأنها تسعى إلى نسف العقائد ، واحتلال النفوس والعقول والقلوب ، إضافة إلى السيطرة على البلدان ! فهل هذا الاضطراب الفكري ، لدى أبناء الأمّة ، حكّاما وشعوبا ، وقيادات شعبية وفكرية .. هل هو مظهر من مظاهر الفتنة ، التي تدع الحليم حيران ، التي حدّث عنها النبيّ الأكرم ، محمّد (ص) !؟ لانجزم بشيء .. لكن ، نقول : ربّما !