الهدنة الإنسانية
جميل السلحوت
للمرة الثانية يتم الاتفاق على هدنة "انسانية" في الحرب المفتوحة على قطاع غزة، فهل هناك هدنة انسانية وأخرى غير انسانية؟ وفي أيّ نطاق يندرج الحصار الجائر المفروض على مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة منذ ثماني سنوات، والذي أدّى الى ازهاق أرواح كثيرة نتيجة النقص في الأدوية والأغذية بما فيها حليب الأطفال؟ وتحت أيّ المسميّات يندرج قتل الأطفال والنساء والمسنين وتدمير البيوت الآمنة بما فيها بيوت الله، والمدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء وشبكة مياه الشرب؟
وتحت أيّ المسميات يندرج استمرار الاحتلال كل هذه السنوات وهدره للدم الفلسطيني وامتهانه لكرامته الانسانية ومصادرة أرضه وتدنيس مقدساته ومنعه من تأدية صلواته في أماكنه المقدسة؟ وهل هناك انسانية في استعمال المدنيين دروعا بشرية في حرب شرسة؟
إن حياة البشر مقدسة، وبيوتهم لها حرماتها، والمرافق العامة والمساجد والمدارس والمستشفيات ليست أهدافا عسكرية، فأيّ انسانية يتحدثون عنها بعد كل هذه الجرائم الوحشية بحق الانسانية؟
وللحفاظ على التهدئة وحقنا للدماء البريئة وحفاظا على الممتلكات فان المطلوب ليس هدنة طويلة المدى فقط، بل التفاوض السريع لانهاء هذا الاحتلال البغيض حسب قرارات الشرعية الدولية هو الحلّ الصحيح، خصوصا وأن الحرب الأخيرة قد أثبتت بطلان النظرية الأمنية الاسرائيلية التي كانت تتدثر بأكذوبة الأمن، وما ترتب عليها من جدار التوسع الاحتلالي والاستيطان اللامشروع. فالسلام العادل هو الذي يحفظ أمن دول وشعوب المنطقة، ولن يتحقق هذا السلام إلا بانهاء الاحتلال ومخلفاته كافة، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشريف.