عاشت فلسطين اللاتينية
سامح عودة/ فلسطين
من الآن فصاعداً ما عادت لغة الدبلوماسية ممكنة، وبالذات إذا تعلق الأمر بالعلاقات الفلسطينية العربية، لأن السواد الأعظم من الفلسطينيين يشككون بأن " بلاد العرب أوطاني" ، بعد الصمت العربي المذل على ما يجري في غزة، وفي الوقت الذي تتوجه أنظار العالم إلى آثار العدوان المدمر على قطاع غزة، وما خلفه ذلك العدوان من مجازر طالت البشر والشجر، تلك المجازر التي أصابت الضمير الإنساني في الصميم، وأدمت المقل، يقيناً أن الشكوى لغير الله مذله..!! لهذا كان لا بد من كلمة فصل، كلمة تفصل بين الحق والباطل، هي اليقين ذاته.
مؤمنون أن صراعنا الطويل مع الاحتلال لن ينتهي بين عشية وضحاها، لأنه لنا صولات وجولات معه حتى يندثر، ونؤمن أن لذلك ثمن، وإيماننا بأن الدماء التي سالت لن تكون إلا زيتاً في سراج التحرير، وضريبةً مشروعة لهدف وضعناه أمام أعيننا، الخلاص وحده دون غيره، أظن أن هذا الوطن الممتد تحت الشمس والمعمد بدماء الشهداء والجرحى، والذي له قدسيته الخاصة دينيا وتاريخياً لا يستوعبنا نحن وهم – هم الغرباء ونحن الأصل- لذا لازما علينا أن نطردهم حتى لو واجهنا آلتهم العسكرية بلحمنا الطري.
الحرب التي تشنها إسرائيل على غزة بمباركة دولية حركت ضمائر الشرفاء في العالم، وأوجدت حالة اصطفاف والتفاف حول القضية غير مسبوق، خرج البسطاء عن صمتهم بهتاف لا " للقتل " لا " للإجرام المنظم" لا .. ولا للقهر والظلم ، وبدأت أصوات الأحرار تنطق بالحق، باسم الحق الفلسطيني الراسخ، الحق الذي لا يقبل القسمة إلا على فلسطين، فلسطين التي دفن في رحم أرضها صبية بعمر الورد.
لعل أزيز الرصاص وهدير طائراتهم المسموم الذي حرك الضمائر الحية وجمع من هم في الطرف الآخر من الكون، معلنين تضامنهم الكامل مع فلسطين، رافضين المحرقة الإسرائيلية، خرجوا حكومات وشعوب منددين متوعدين ، وبعنفوان ألغى حالة اللا موقف التي سادت لسنوات..!!.
هذا هناك.!! أما هنا .. حيث العروبة تجمعنا، ووحدة المصير، فقد بقيت الممثليات والسفارات الإسرائيلية مفتوحة، والأنظمة في سبات عظيم، ولأن المشهد بتفاصيله مقيت، ويبعث على التقيؤ، حتى الحراك الشعبي الجماهيري العربي ظل كما هو مسيرات وجعجعة لا تغني ولا تسمن من جوع، اللهم إلا من النضال " الفسبوكي " آخر صرعات العصر، فشكراً للفيسبوك .
في بلاد اللاتينيين .. ولدت البطولة مبكراً، وظلت وصايا " كاسترو " وجيفارا" عنوان التحرر، فلا الخوف ولا الغطرسة أفسدت تلك القيم، هناك حيثُ الوحدة اللاتينية تجمعنا، وجدنا وطناً آخر لنا وشعوب تنتفض لنصرة الحق الفلسطيني، لهذا لا تستغرب قرر زعماء البرازيل وبوليفيا وفنزويلا والاروغواي والبارغواي إلغاء اتفاقية " الميركسور " للتعاون الاقتصادي مع إسرائيل، وقرارات مؤلمة أخرى لإسرائيل. هناك في بلاد اللاتينيين .. تحركت البرلمانات والمنظمات الشعبية وكل مكونات المجتمع اللاتيني لتضمد جرح غزة وتمسح حزناً راكمه الاحتلال بقتله المستمر، أظن أنه ثمة فرق في الموقفين، وفي شكل التعبير، وسرعة الاستجابة، بين الأخ القريب والغريب البعيد، آه من هذه المقارنة .. في بلادنا ينام التخاذل في أحضاننا، ولإسرائيل رهبة وسطوة لا تقاوم.
شكراً لإسرائيل، لا أقول شكراً بقدر ما هي سخرية مقيته مما يجرى ويجري،
شكراً لإسرائيل التي عرفتنا حجم التضامن العربي.
شكراً لإسرائيل لأنها تبول على رجولتنا ولا ننبس بكلمة .
شكراً لإسرائيل لأنها الجلاد الذي يجلد ضمائرنا صباح مساء .
وشكراً لعروبتنا وأعربنا وملوكنا وزعمائنا وأصحاب الجلالة والفخامة وأصحاب النخوة الذين نلمس نخوتهم في الملهى أو في وسائل الإعلام، ما الذي يربطنا بمفتي " خرف" مثل مفتي السعودية الذي وصف المظاهرات المؤيدة لفلسطين بالغوغاء؟
يا ابن ال " .... " ، عذراً غزة هؤلاء يلوثون أقدس القيم وما بين القوسين هو الذي يليق بهم..!!
وماذا نقول لتميم القطري ابن موزه الذي سخر الجزيرة العربية لنقل أخبار غزة، وسخر الجزيرة الانجليزية للوشاية عن المقاومة والإيقاع بها؟
شكراً لنذالتكم .. ولا أستثني منكم أحداً
ماذا وماذا .. كل الأسئلة صادمة، والإجابات نتنة .
حقاً إنها الفاجعة
أما وقد عادت الحرب من جديد .. أيام وقرأنا رسائل الأصدقاء والأعداء، وميزنا الخبيث من النتن، لهذا فمن باب الوفاء لمن كانوا أوفياء معنا من حقنا أن نصطف مع اللاتينيين، ليس حباً في ذلك، وإنما وفاءً لهم لما قدموه لنا أحفاد جيفارا.!! أظن أن من حقي كمواطن فلسطيني الآن وبعد ما تحقق أن أتوجه بطلب للوفد الفلسطيني المتواجد في القاهرة بسحب عضوية فلسطين من الجامعة العربية، مطالباً ضم – فلسطين - إلى الدول اللاتينية لأنها الأقرب لنا، لنقول بفخر عاشت فلسطين اللاتينية.