انطلاق فعاليات القمة الأمريكية الإفريقية بواشنطن

وذلك تحت شعار" الاستثمار في الجيل القادم"

رضا سالم الصامت

تم افتتاح القمة الأمريكية الافريقية غير المسبوقة يوم الاثنين 4 أغسطس/آب 2014 بواشنطن من طرف الرئيس  الأمريكي اوباما  والتي تشارك فيها حوالي 50 دولة إفريقية وتركز على الاقتصاد، وعلى مكافحة الفساد وحماية حريّة التعبير و احترام تداول السلطة. وتجمع هذه القمة المنعقدة في العاصمة الفيدرالية واشنطن ممثلين عن 50 دولة إفريقية هم 35 رئيساً وتسعة رؤساء حكومات وملك واحد هو عاهل سوازيلاند، آخر نظام للملكية المطلقة في القارة السمراء. وتستمر القمة لمدة ثلاثة أيام .

 والهدف الأساسي لهذه القمة هو نسج علاقات اقتصادية أكثر متانة بين الولايات المتحدة وإفريقيا، المنطقة الواعدة التي تسجّل معدل نمو أكبر من بقية العالم يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 5,8 بالمائة  في 2015. وتطمح واشنطن من خلال هذه القمة إلى حجز مكان لها كشريك أساسي في المنطقة. فواشنطن تهتم أكثر بقلب إفريقيا ، أكثر من اهتمامها بشمالها  الممثل في تونس و الجزائر و المغرب  و هي تركز بالأساس على الاتحاد الإفريقي  الذي ينتمي إليه الرباط . فالقارة السمراء غنية بالثروات الطبيعية  و المعادن المختلفة ... و يرى الملاحظون أنها ستمهد الطريق أمام الأمريكان لغزو إفريقيا التي تنافسها عليها كل من فرنسا و الصين .

وتعقد القمة تحت عنوان "الاستثمار في الجيل القادم" لكن مراقبين يرون في الاجتماع محاولة أمريكية لمواجهة النفوذ الصيني المتصاعد في القارة السمراء . وكانت الصين سباقة إلى القمة الثنائية مع إفريقيا حيث عقدت ومنذ سنوات القمة الأولى بين الطرفين وتبعتها قمم أخرى. ونجحت الصين في إرساء شراكة قوية  ماليا و صناعيا  في القارة، وتحولت إلى شريك رئيسي لها متجاوزة بعض الدول مثل فرنسا ، و من التناقض أن ينفي البيت الأبيض أن تكون القمة ردا على التواجد الصيني في إفريقيا بل العمل من أجل إعطاء أمل التطور للقارة التي يعتبرها الجميع قارة للمستقبل.

 في اليوم الأول لهذه القمة دعا نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن القادة الأفارقة إلى مكافحة " الفساد "، أما وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دعا إلى بناء "مجتمع مدني قوي، واحترام الديمقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان". وكرّر كيري مثال رئيس جنوب إفريقيا السابق نلسون مانديلا مشدداً على أن أغلبية شعوب إفريقيا تؤيد حصر حكم قادتهم بولايتين.و أكد خاصة على وجود "مؤسسات قوية"في بلدانهم. والتقى الوزير الأمريكي رئيس الكونغو الديموقراطية جوزيف كابيلا، مع العلم و  أنه طلب منه مباشرة في مايو خلال زيارته لكينشاسا، احترام حدود الولايتين الذي يفرضه القانون التأسيسي الكونغولي، قبل انتخابات 2016.

 لكن كيري لم يتحدث عن غينيا الاستوائية ورواندا وأوغندا وأنغولا و الكاميرون ورؤسائهم الثابتين بالتوالي تيودورو اوبيانغ نغيما وبول كاغامي ويويري موسيفيني وادواردو لوس سانتوس وبول بيا.

 في المقابل التقى رئيس بوروندي بيار نكورونزيزا وتطرّق معه إلى احترام القانون والجهاز القضائي والجيش والمؤسسات التي تحمي المواطنين. و وعد كيري بأن تواصل بلاده الدفاع عن حرية الصحافة بما فيها الصحفين  الملاحقين بتهمة الإرهاب أو المسجونين لأسباب اعتباطية، وفي ذلك ربما إشارة إلى مصير صحافيي " قناة الجزيرة " القطرية في مصر، ومن بينهم الأسترالي بيتر غريست ، حيث حكم عليهم بالسجن بين 7 و10 سنوات بعد إدانتهم بدعم الإخوان المسلمين في مصر. كما وجهت إثيوبيا اتهامات إلى سبعة مدوّنين وثلاثة صحافيين "بالإرهاب"

الجدير بالذكر أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يشارك  في قمة واشنطن، وتتعاون الولايات المتحدة مع إثيوبيا على المستوى الأمني في المنطقة، لا سيما في الصومال.

من جهته اعتبر وزير الخارجية السوداني علي كرتي أن مشاركة غالبية الدول الإفريقية  في واشنطن في أول قمة بين الولايات المتحدة وإفريقيا في ظل عدم مشاركة السودان هو أمر "غير طبيعي". والرئيس السوداني عمر البشير هو واحد من أربعة قادة أفارقة لم يوجه إليهم الرئيس باراك أوباما دعوة لحضور هذه القمة التي تستمر ثلاثة أيام وتهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وإفريقيا. علما و أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات توقيف بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة في إقليم دارفور، فيما فرضت عقوبات اقتصادية أمريكية على الخرطوم منذ 1997.

و اثر لقاء جمع  وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوزير الخارجية التونسي منجي الحامدي  قال كيري:  أن تونس تمثل “منارة أمل” في العالم العربي بفضل الخطوات التي خطّتها على طريق التحول الديمقراطي، متعهدا بدعمها في مواجهة خطر التطرف.وقال كيري إن تونس “ نجحت في أن تواجه التحديات الصعبة، ولكنها بحاجة إلى مساعدة”.بدوره قال وزير الخارجية منجي الحامدي أن تونس “ أحد نماذج الأمل في المنطقة ”، مؤكدا أنه “ إذا فشلت تونس فالمنطقة بأسرها ستكون في خطر على الصعيد الأمني”.وأعرب الحامدي عن قلق تونس إزاء الوضع الأمني المتدهور في الجارة ليبيا... وأكد أن “ التطرف والإرهاب لا مكان لهما في تونس” وأن بلاده “ مصممة على محاربتهما ”. ورد كيري قائلا “ بالتأكيد هناك دوما خطر مقاتلين أجانب يعودون من سوريا لإحداث قلاقل في البلد ”، واعدا بتقديم الدعم الأمريكي لتونس قصد مواجهة هذا التحدي الخطر .

إن القمة الأمريكية – الافريقية  الغير المسبوقة  تهدف بالأساس إلى  نسج علاقات اقتصادية أكثر متانة بين الولايات المتحدة و بلدان إفريقيا، المنطقة الواعدة التي تسجل نموا اكبر من بقية العالم يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ 5.8 في المائة في عام 2015، وتحتل الولايات المتحدة المرتبة الثالثة على لائحة الشركاء التجاريين مع إفريقيا، بعد الاتحاد الأوروبي والصين الشعبية.

كما اهتمت القمة بموضوع الأزمة الصحية المتمثلة بانتشار فيروس " إيبولا " المسبب للحمى النزفية في غرب إفريقيا ، حيث توفي أزيد من  700 شخص حتى الآن بهذا المرض الفتاك.