إعتذارية البيروتي... وصلحة رشيد

إعتذارية البيروتي... وصلحة رشيد؟!

صلاح حميدة

[email protected]

في الحقيقة لم أرد الكتابة في موضوع السجال الداخلي، أو الإتهامات الناتجة عن الصراع الداخلي الحالي، فقد تقول هذا حدث وغيرك يقول  لا، وهكذا نستمر في الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها، نستنزف طاقتنا في أمور تافهة بعيداً عن جوهر الموضوع.

قبل فترة كتب النائب الفتحاوي عيسى قراقع مقالاً،  اتهم فيه قادة وجنود الأمن الفلسطيني بأنهم أرانب تفر من جنود الإحتلال،  ولا تستأسد إلا على المواطن الفلسطيني، وثارت ضده عاصفة هوجاء من الفتحاويين، واتهمه مدير جهاز المخابرات الفلسطينية حينها بأنه( ناكر للجميل) بإيحاء واضح بأن هذه الأجهزة تحمي الفتحاويين من الإنقلابيين الذين يتصل بهم قراقع؟!  ولكن ضابطاً فلسطينياً وهو محمد البيروتي كتب مقالاً مطولاً عنوانه( هل أنا أرنب؟)، صيغة هذا المقال بعمومها صيغة إعتذارية، سرد خلالها تاريخ الثورة السابق في لبنان، وأعاد إلى الأذهان أنه كان وقتها شاباً رشيقاً يحمل عتاده وسلاحه، بوزن خمسة وعشرين كيلوجراماً، أما الآن فهو كبير في السن أقعدته الإصابات وغيرها، ولم ينسى أن يختم اعتذاريته بالقول أن القرار السياسي هو الذي يمنع الأمن الفلسطيني في الضفة من الدفاع عن الشعب الفلسطيني؟!.

بعد معركة غزة، كتب البيروتي مقالاً آخر على صحيفة القدس المقدسية، ولكن هذه المرة اعتذاريته كانت على شكل هجوم شديد على حماس، اعتذارية ترتقي للإتهام والتشكيك بالنصر، وتحميل حماس مسؤولية الدمار والشهداء، واعتبار أن هذه التضحيات بين المدنيين  تعتبر في الميزان هزيمة، مقابل البطولات والتضحيات والصمود ؟! ولم ينس طبعاً أن يتهم حماس بملاحقة وسحب سلاح كتائب الأقصى؟ وأن حماس( او الحرس الثوري كما أحب أن يطلق عليهم) كانت تلاحقهم،  وتطلق النار عليهم،  لتمنعهم من المشاركة في المعركة؟ والغريب أن هذا المقال نشر في نفس اليوم الذي أطلقت فيه كتائب الأقصى أربعة صواريخ على النقب الغربي، وبعد يوم من نشر تقارير إعلامية على فضائية عربية من داخل مصنع صواريخ للكتائب الذي كان واضحاً من خلاله أنهم يعملون بأريحية شديدة، ولا يضايقهم أحد؟!.

إعتذارية البيروتي التبريرية هذه، لا تدفع الإتهام عن قصور حركته في المعركة، فإذا كانت حماس تمنع الفتحاويين من القتال في غزة وتطاردهم ( وهذا ثبت بالدليل والواقع أنه غير صحيح)، فلماذا لم تقاتل فتح في الضفة الغربية؟ فهي تحتكر السلاح ولها آلاف المقاتلين المدربين أفضل تدريب على يد خبراء أردنيين وغيرهم؟ ولماذا لم تسمح فتح حتى للمسيرات أن تصل لأماكن التماس؟.

منذر رشيد،  يعتبر أيضاً كادراً فتحاوياً ويقال أنه كان عسكرياً، وأنا قارىء لمقالاته منذ فترة، قبل فترة ساءت علاقته بمجموعة من المتنفذين في حركة فتح، وخاصة د.صائب عريقات، فكتب مقالاً انتقد فيه كتاب صائب عريقات( الحياة مفاوضات) ونشر هذا المقال على موقع دنيا الرأي، وعندما قرأت المقال، اكتشفت أنه أخذ 90% من مقال لي حول نفس الموضوع، وأضاف له مقدمة وخاتمة فقط، وعندها قدم تبريراً للموضوع بصيغة اعتذار، ولم أشأ منه غير ذلك.

سعى لمناكفة عريقات فأخذ كلام غيره ليناكفه به،ولم ينسب ما اقتبسه لصاحبه؟ وأصبح في تلك الفترة منبوذاً من مواقع فتح العديدة ولم يعودوا ينشرون له مقالاته، واتهموه بالتحالف مع( الإنقلابيين) كتب بعدها مقالاً قال أنه مريض ويتمنى مصالحة من هو معهم في عداء، وكتب عدد منهم تعليقات بالغة السوء ضده(رفضوا الصلح).

الظاهر أنه وجد أن أفضل طريقة ل(الصلحة) معهم، بالهجوم على حماس، قرأت له مقالاً قبل أيام أضحكني كثيراً، فقد كتب كلاماً كثيراً في خطاب قال أنه موجه لإسماعيل هنية في غزة، ثم ادعى أنه التقى مع عضو من القسام في مستشفى بالإسماعيلية، وأن هذا القسامي( التائب) أعرب له عن تبرئه من حماس، وأنهم أجرموا بحق الفتحاويين( لهذا الحد كان كل ما يقال مسموع من قبل ولا غرابة فيه).

المضحك في الموضوع أتى فيما بعد، فيقول أنه استأذن من القسامي( التائب )في نشر رسالته، بعد أن اطمأن على أنه في مأمن على حياته في الإسماعيلية، فيقول هذا القسامي( التائب) أنه ما أن بدأ الهجوم على غزة، حتى أعطتهم حماس الأوامر أن يحلقوا لحاهم ويهربوا ويختبئوا في المستشفيات؟ وبقي هناك كل القساميين حتى انتهت الحرب؟ وعندما انتهت الحرب أعطتهم حماس التعليمات حتى يذهبوا إلى الحدود ويعتقلوا كل المسلحين الذين شاركوا في المعركة، وعندما وصلوا إلى هناك وجدوا فتحاوياً عائد من المعركة ومعه السلاح والقنابل والحزام الناسف، وهو مليء بالغبار ومتعب، فصوبوا سلاحهم نحوه وصاحوا عليه (سلم نفسك) فاستأذنهم أن يقضي حاجته، فأعطوه دقيقة فقط، وبعد دقيقة ذهب إليه هذا القسامي ورآه  يقول  بالشهادتين؟ فسارع لمنعه من قول الشهادتين؟ ولكن نهاية الفلم كانت بان سحب المقاتل الفتحاوي الحزام وفجر نفسه؟ بالرغم من أنه كان يريد تفجير نفسه في جنود الاحتلال.

إلى هنا انتهى الفلم، ولن أعلق على التناقضات التي ملأت القصة كلها، لأن أبسط الناس سيضحك عندما يقرأ هذه القصة التافهه، ولكن لفت نظري، أن كل من يريد أن يتصدر من هؤلاء، يخترع قصة أو شتيمة ضد حركة حماس، وهذا السلوك الفتحاوي للأسف يعمل دوماً على القفز إلى الأمام في مواجهة الأسئلة الوجودية التي تواجه المتحكمين في القرار والمال داخل حركتهم، ولذلك فهم يسعون إلى تصدير الأزمة الداخلية، بتأجيج الصراع مع حماس، فإذا لم يقاتلوا فالسبب هو حماس، وإذا تقاتلوا فالسبب هو حماس، وإذا أرادوا الصلحة، فالمدخل إليها يكون بشتم واختلاق قصص ضد حماس؟!

هذا السلوك دفع بعدد من قيادات فتح الميدانية للقول بأن المشكلة ليست مع حماس، ولكن المشكلة داخلية مع  طرف يحتكر قرار ومال الحركة، ويريد الحفاظ على مصالحه، وهذا تجسد في آخر مقالين لزكريا محمد و  لعبدالله عواد على صحيفة الأيام المقربة من حركة فتح، وتصريحات حسام خضر وقدورة فارس وغيرهم. 

 ملاحظة:-

ليس بيني وبين الكاتبين خلاف ولا أعرفهم بشكل شخصي، ولكن كان لا بد من وقف استخدام حماس كشماعة لأخطاء الآخرين، فحماس تخطىء، ولكن أن يلقى كل شيء على ظهرها،  فهذا فيه تجني وإجحاف كبير بحقها.