فلسفة بعض المستبدّين العرب

ماجد زاهد الشيباني

فلسفة بعض المستبدّين العرب ..

أخبث من فلسفة الإنجليز، في حكم العراق !

ماجد زاهد الشيباني

فلسفة الإنجليز، كما عبّر عنها الشاعر معروف الرصافي ، في العراق ، هي كالتالي :

يـاقـوم  ، iiلاتـتكلموا
نـامـوا  ولا تستيقظوا
إن  قـيلَ: هذا iiصبحكمْ
أو قـيـل : هذا شهدكمْ
من  شاء منكمْ أن يعيشَ
فـلـيـمـسِ لاسمعٌ ii،





إنّ  الـكـلامَ iiمـحـرّم
مــافـاز إلاّ iiالـنـوّم
لـيـل  ، فقولوا : مظلمُ
مـرّ،  فـقـولوا : علقم
،  الـيـومَ ، وهوَ مكرّم
ولا بصَرٌ ، لدَيهِ ، ولا فمُ

والبيتان الأخيران ، فيهما خلاصة الفلسفة الإنجليزية ، كما يراها الرصافي :

كنْ أصمّ أعمى أبكَم .. لتكون مكرّماً ، ولا تتعرّض لأذى ، أو إهانة ، أو تعذيب ..!

فهل هذا الصنف ، الذي يَفرض على نفسه العاهات الثلاث .. هل يحظى بالتكريم ، أو بالاحترام ،أو حتّى بالنجاة من الأذى ، والضيم ، والاعتقال ، والتعذيب ، والإهانة ، والإذلال، ونهب الأموال ، والحرمان من الحقوق الوطنية ، والإنسانية الأساسية ، التي لايكون الإنسان ، بغيرها ، إنساناً .. بل مِسخاً من المخلوقات ، دون منزلة الحيوان !؟

 نقول : هل لهذا الصنف ، صاحب العاهات الثلاث ، حصانة من الإهانة والإذلال .. لدى بعض المستبدين العرب ! وهو الذي ذكر الرصافي ، أن عاهاته في العراق ، في ظلّ الحكم البريطاني ، تضمن له عدم الإهانة والإذلال !؟

 مَن رغب بمعرفة الإجابة ، فليسأل أيّ مواطن عربي ، متمرّس بفنون التزلّف والنفاق ، والتذلّل ، والخنوع ، لحكامه .. ليعرف منه ، بينه وبينه ، هل هذه الفنون التي تَمرّس بها ، حصّنته ضدّ الإهانة والإذلال ، والتحقير والسحق ، وهدر الكرامة .. !؟ نقول هذا ، عن المنافقين ( الإيجابيّين !) المتزلّفين ، الذين يبالغون في تزيين حكم الطغاة ، وتحسين صورتهم في أنظار الناس ! أمّا الآخرون ( السلبيّون !) الذين يَفرضون على أنفسهم العاهات الثلاث ، أو العاهات البشَرية كلها .. فمن باب أولى ، ألاّ يحظَوا بشيء من الحماية ، أو الحصانة .. ضدّ الاعتداء على كراماتهم ، وأموالهم ، وإنسانية الإنسان فيهم !

 وهاهي ذي الشعوب الخاضعة لأنظمة الاستبداد القمعية ، من أقصاها إلى أقصاها .. ماثلة للعيان ! فمََن أحبّ التأكّد من صحّة هذا الكلام ، فليجرّب ، وليسأل ، وليتأكّد .. ليعلم علم اليقين : هل يكفّ المستبدّون ، أذاهم عنه ، بشدّة سلبيته وإذعانه .. أم يزدادون غطرسة عليه وتجبّراً ! وليخبرنا بنتيجة تجربته ، إذا رغب ! أو ، فليحتفظ بها لنفسه .. وليَعذرْ كل شعب يعاني من الجور والطغيان ، إذا بحث لنفسه عن فجرعزّة في بلاده..وليدع له بالفرج القريب!