عجيب حال أم الدنيا مصر
عجيب حال أم الدنيا مصر!!
بلا حدود
فيصل الشيخ محمد
تابعت يوم الأربعاء الماضي من على شاشة الجزيرة – كما كان حال الملايين – مشاهدة برنامج بلا حدود، الذي يديره الإعلامي المتميز والجريء أحمد منصور من أمام معبر رفح المصري، بعد منعه ولأكثر من أسبوع من الدخول إلى قطاع غزة لإجراء برنامجه الذي يشد أفئدة الملايين من حول العالم (بلا حدود)، كما فعلوا ذلك يوم السبت الماضي مع زميله غسان بن جدو الذي اضطر أن يدير برنامجه (الحوار المفتوح) من أمام معبر رفح المصري.
أقول لقد شاهدت برنامج بلا حدود من أمام معبر رفح بعد منع السلطات المصرية أحمد منصور من الدخول إلى قطاع غزة، الذي صمد ومرغ أنف قادة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر، عند البعض، رغم كل الآثام والفظائع التي ارتكبها بحق الإنسان والشجر والحجر والهواء والتراب.
مقدمة أحمد منصور التي تحدث فيها بكثير من المرارة والحسرة، عن الطريقة التي عُومل بها من قبل السلطات المصرية التي منعته من دخول قطاع غزة بلا أي مبرر مقنع أو غير مقنع، مما اضطره – كما قلنا – لإجراء برنامجه من أمام معبر رفح المصري، كانت كلماته مؤثرة جداً وداعية إلى العجب من تصرف الكنانة مصر ومصر أم الدنيا!!
لم يعد منع أحمد منصور من دخول قطاع غزة يثير في العجب بعد أن وقفت على الأعجب والأغرب!! المتمثل بمنع وفد الاتحاد الدولي لملاحقة مجرمي الحرب من دخول القطاع الذي لا يزال يئن تحت وطأة الحصار والجراح ورائحة الموت وركام الخراب والدمار!!
أحمد منصور لم يثنه المنع من دخول قطاع غزة من بث برنامجه (بلا حدود) وقد وجد ضالته (وفد الاتحاد الدولي لملاحقة مجرمي الحرب) التي جاء من أجل إجراء الحوار معهم وقد مُنعوا هم أيضاً من دخول قطاع غزة رغم استكمالهم لكل الوثائق المطلوبة والشروط التي وضعتها مصر لتسهيل دخولهم إلى القطاع.. إنه الدكتور القانوني الدانماركي (لؤي ديب) الذي هو من بين وفد دولي يضم أربعة قانونيين دوليين من فرنسا والدانمارك.. جاؤوا بتفويض رسمي من (الاتحاد الدولي لملاحقة مجرمي الحرب)، وهذا الاتحاد – كما يقول (لؤي ديب) يمثل (800) منظمة أوروبية لحقوق الإنسان والمجتمع المدني ودعاة السلام.. وقد شكل هذا الاتحاد أربعة لجان مهمتها متابعة (ملف حصار غزة والحرب على غزة).
وكانت مهمة اللجنة الأولى التي ينتمي إليها لؤي ديب: استجلاء الحقائق، وماذا جرى في غزة، وتوثيق المعلومات بالصوت والصورة والأدلة والقرائن، وكل ما من شأنه الاستفادة منه في دعم الإدعاء العام للمحكمة الدولية لملاحقة مجرمي الحرب، التي قبلت ولأول مرة في تاريخها الدعوة عن غير طريق حكومة أو دولة تكون صاحبة العلاقة في ذلك الأمر.
اللجنة الثانية وتضم فريقاً من الخبراء العسكريين كانت مهمتها: التحقق من أنواع الأسلحة والذخائر التي استعملت في تلك الحرب، وتوثيق ذلك من البيئة والفوارغ والإصابات ومدى الدمار.
اللجنة الثالثة وتضم فريقاً من الخبراء الاجتماعيين والنفسين: مهمتها دراسة الحالة الإنسانية التي ترتبت عن هذه الحرب وتداعياتها.
اللجنة الرابعة وتضم فريقاً من الأطباء الشرعيين مهمتها: الكشف عن الجرائم وأسبابها ودوافعها ونتائجها، والأدوات التي ارتكبت بها تلك الجرائم للكشف عن الإصابات وأنواعها وخطورتها.
وكان أعضاء هذه اللجان من أصحاب الخبرة الطويلة، التي اكتسبوها من خلال ملاحقتهم لمجرمي الحرب في كثير من بلدان العالم، التي وقعت فيها مثل هذه الحرب القذرة والجرائم ضد البشرية، ومنها على سبيل المثال ما حدث في البلقان وبعض دول أفريقيا، وقد تمكنوا من توجيه التهم إلى العديد من المجرمين، وتم القبض عليهم وسيقوا إلى محكمة العدل الدولية، وحكم عليهم بالأحكام التي يستحقونها.
قلت إنني تأثرت جداً بمقدمة أحمد منصور.. ولكن تأثري كان أكبر عندما عرفت أن من بين من مُنع من دخول غزة وفد الاتحاد الدولي لملاحقة مجرمي الحرب، وأصبت بالهلع عند سماعي رد الدكتور لؤي ديب على سؤال السيد أحمد منصور:
من المستفيد من منعكم من دخول قطاع غزة؟
الجواب: (إننا نجد أن هذا المنع يخدم إسرائيل).
أضع إجابة الدكتور لؤي ديب أمام أصحاب القرار في مصر ليقنعوا العالم عن السبب الوجيه الذي دفعهم لمنع دخول (وفد الاتحاد الدولي لملاحقة مجرمي الحرب) إلى قطاع غزة؟!