لاتهاجموا الجزائر من الخارج
حب الجزائر يستدعي أمرين، الدفاع عنها إذا إستلزم الأمر، ونقدها بشدة وعلانية حين يتطلب المقام ذلك.
وفي نفس الوقت فإن حب الجزائر يتنافى وأمرين، التملق المفرط للساسة حتى يصبح صاحبه أضحوكة، والطعن والتجريح وهو خارج الوطن إلى درجة أن الأجنبي يدافع عن أرضك ويكذب غلوك.
تابعت البارحة الفضائية الفرنسية الخامسة، حصة حول واقع الجزائر، ضمت فرنسيين وجزائريين، وبما أنه لايعنيني قول الفرنسي في هذا المقام، سأركز على ماقاله الأستاذ الجزائري من خارج الجزائر، لأن المقال لايتدخل في محتوى ماقاله الأستاذ الجزائري، إنما الكلام الصادر من جزائري خارج الديار الجزائرية.
يقول الأستاذ الجزائري، إن التعريب في الجزائر أنتج الظلام، فرد عليه الفرنسي بقوة، هذا غير معقول ، فالمصري الذي نال جائزة نوبل في العلوم، درس حياته كلها باللغة العربية.
وحين يصل الأمر إلى أن الفرنسي وهو الكاره لأرضك ووطنك، يدافع عن الجزائر ويكذّب قول الجزائري، فإن المطلوب التوقف قليلا ومحاسبة النفس على مااقترفت من شهادة زور.
ليس المطلوب أن يدافع المرء عن أخطاء أرتكبت وجرائم أعلنت ومفاسد ظهرت وحقوق سلبت، فذاك عدوان لايقل عن عدوان الجزائري الذي هاجم فضل بلده وهو في الخارج.
حين يكون المرء في وطنه فلينتقده أشد إنتقاد فهو أدرى وأولى من غيره، وليدافع عنه خارج الديار، لأنه يمثل المجتمع وصورة مصغرة عنه، لكن بصدق ودون مبالغة في المدح والقدح، فإن الإفراط في جانب سيكون تفريط في الجانب الآخر، وكلاهما يسىء للفرد والمجتمع، ويعطي إنطباعا خاطئا ستبنى على إثره أحكام وأفعال وأقوال قاتلة مدمرة.
مايحزنني حقا أن الذين يهاجمون الجزائر من خارج الجزائر، تربوا في الجزائر وتعلموا فيها بالمجان، ونالوا الدراسات العليا وخارج الوطن بالمجان، ونالوا السيارات والمساكن بالمجان، وكان لهم إسم بفضل الجزائر، فاستغلوا الإسم الممنوح ليهاجموا الجزائر وهم في ديار الغربة التي منحت لهم بفضل الجزائر.
وأمامي الآن أسماء رياضية ودينية وسياسية وغيرها، لاتعرف غير شتم الجزائر، والهجوم على الجزائر من الخارج، وتتعمد عدم ذكر خصالها ومناقبها وهم الذين يمرحون في خيراتها.
إن نقد الجزائر من الداخل يعتبر باب من أبواب رد الجميل، والمطلوب أن تفتح كافة الوسائل للنقد، ومدحها من الخارج باب من أبواب رد الرد، لكن شتم الجزائر من الخارج من طرف أبناءها يعد باب من أبواب نكران الجميل.
إننا ننتقد جزائرنا الحبيبة باستمرار وسنظل على نفس الدرب، ونعتبر ذلك من البر الإحسان، لكن لن نهجوها أبدا ونحن خارج الوطن، فتلك شيم قطعها المرء على نفسه، ويوصي بها من حوله.