حسابات الحرب البرية على غزة
حسابات الحرب البرية على غزة
د. هاني العقاد
الواضح ان اسرائيل توسع من عملياتها العسكرية ضد غزة ساعة بعد اخري في مستوي انتقامي من كل فصائل المقامة وحتى اهل غزة فقد ضربت بيوت المدنيين الامنين من الفلسطينيين تحت ادعاء انهم بيوت مقاومين وتقتل من بداخلها وضربت العديد لاعتقادها انها ستجبر فصائل المقاومة على طلب التهدئة والهدنة من خلال أي وسيط اقليمي او دولي خلال ايام , لكن اسرائيل بهذا اثبتت انها تشن حرب انتقامية وتذهب الى الجنون اكثر من ذهابها الى العقل والتفكير في حل كل قضايا الصراع بالقبول بحل الدولتين وترك هؤلاء الناس ,أي الفلسطينيين يعيشوا كما يعيش الاخرين في العالم ينمون ويتطورون, اليوم تثبت اسرائيل هذا من خلال دفع تصعيدي انتقامي يومي لساحة المعركة, ومع هذا الدفع التصعيدي تتعقد المعركة امام اسرائيل اكثر واكثر فقد تم استنفاذ اهداف الضربات الجوية ,مع اعتقادي بأن الحرب الجوية مخطط لها ان تطول ولن تهرول إسرائيل الى الحرب البرية سريعا مع انها واردة بالرغم من حسابات خسائرها التي ستكون كبيرة وقاسية .
استدعت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي اكثر من خمسين الف جندي احتياط بالإضافة الى العديد من فرق النخب والقوات الخاصة والمظلين و وحدات جفعاتى والوية غولانى التي تتباهي بها إسرائيل وتعقد العزم على ادخالها بالمعركة على اعتقاد انها قد تحسم المعركة لصالح نتنياهو الذي وضع نفسه في مأزق مواجهة المقاومة الفلسطينية بهدف وقف صواريخ غزة بأي شكل كان او أنه سيخسر رئاسة الوزراء وتذهب البلاد لانتخابات مبكرة تكون تتويجا لفشل حملته العسكرية على غزة المتوقع , لهذا فان نتنياهو يستعد للدخول الى الحرب البرية اذا استدعي الامر وتطور الوضع في الميدان بالرغم من ادراكه لشراستها , وكان نتنياهو بعد اجتماع الكابينت المصغر قد اصدر تعليماته للجيش بالذهاب الى النهاية في الحرب أي الاستعداد لحرب برية بكل مراحلها , والذهاب الى النهاية في الحرب حسب تفكير نتنياهو وهو الخلاص من صواريخ غزة وتدمير بنية المقاومة التحتية وترك القطاع ساحة مدمرة تحتاج الى سنوات طويلة, والاهم هنا ان نتنياهو يراهن على ان المقاومة ستطلب الاستسلام عبر أي وسيط وتوقع صك وقف اطلاق النار بالطريقة التي تريدها اسرائيل وهذا رهان خاسر .
الذهاب الى النهاية له حساباته قد لا يكون احتلال قطاع غزة بالكامل لان اسرائيل تكون قد انتحرت و واوصلت جيشها الى المقصلة وسيعود من نجا من جنود جيشها المدججين بالسلاح بلا سلاح هاربين الى احضان امهاتهم , نعم قد يكون التدحرج الحربي لحرب اسرائيل الوصول الى مرحلة الدخول في حرب برية ضد صفوف المقاومة له حساباته المرعبة لكن هذا لا يمنع ان تغامر اسرائيل بالدخول فيها ولو لإرضاء غرور الجمهور الاسرائيلي ,وأعتقد ان الحرب البرية هذه ستكون محدودة فقط لغرض تقسيم القطاع الى عدة اجزاء بهدف حصار المقاومة وتواصلها وتخفيض ردها الصاروخي الى الحد الذي من خلاله تدعى إسرائيل أن حربها نجحت في انهاء تهديد الصواريخ الفلسطينية وخاصة الصواريخ طويلة الامد الذي لم تتوقعه اسرائيل والتي طالت حيفا و تل ابيب مرات عديدة , وعند هذا فان اسرائيل سوف ترتكب المزيد من الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين وخاصة السكان الذين تقع بيوتهم في ساحة المعركة وقد لا تكترث اسرائيل بهذا في المرحلة الحالية, لان ما يهما تحقيق نهاية يستطيع بها نتنياهو ان يقنع الجمهور الإسرائيلي على انه هزم المقاومة الفلسطينية وقضي على تهديد صواريخ غزة لبلدات غلاف غزة , لكن ان استطاعت اسرائيل ان تصل الى تقطيع القطاع الى ثلاث او اربع اجزاء على غرار خطة حرب2009 فان البقاء في الميدان الحربي لن يستمر طويل لان اسرائيل تكون في موضع الفريسة التي دخلت القفص بالرغم من كل اسلحتها وتغطيتها الجوية والميدانية والبرية والبحرية , وهنا ستروج اسرائيل الى امكانية القبول بوقف اطلاق النار على اعتقاد ان الفلسطينيين استنزفت قوتهم ,واخذ مخزون الصواريخ عندهم ينفذ , وقد تحصل على هذا ان لم تنتبه المقاومة والمستوي السياسي لهذا التدحرج .
قد يكون مرعبا لجيش اسرائيل الدخول بالحرب الى مرحلة الرجوع الى احتلال قطاع غزة مرة اخري او الدخول لمدن غزة الكبرى لان غزة اليوم تختلف عن غزة قبل اربع سنوات أو عشر سنوات ,وهذا يعني حرب شوارع واسرائيل لم تخوض حرب بهذا الشكل من قبل , ومرعبا ايضا احتلال اجزاء من قطاع غزة و البقاء فيها مدة طويلة وهذا الرعب كان وتضاعف الان بسبب مفاجئات المقاومة الفلسطينية لإسرائيل والتي جعلت من الجيش الاسرائيلي يتوقع انه ذاهب لكمائن موت واختطاف واختفاء قبل وصوله الى تحقيق اهداف الحرب النهاية.