مياه فلسطين .. سرقة (إسرائيلية) ممنهجة
يركز العدو الصهيوني في معركته معنا على السيطرة على مصادر وموارد المياه الفلسطينية، والعمل على تجفيف منابعها، ويطرح مناقصات إقامة الكتل والوحدات الاستيطانية على أماكن ومناطق فلسطينية غنية بالمياه، في المقابل تحيا مدننا وقرانا الفلسطينية شحا كبيرا في المياه، فيما تستخدم أكثر من مدننا مياه ملوثة لا تصلح للحياة الآدمية، حيث أكدت مصادر حكومية حديثا أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على (90%) من مصادر المياه الفلسطينية مما يجعل شعبنا الفلسطيني يعيش معاناة شح المياه وفقدانها في مناطق مختلفة في الضفة المحتلة.
وقد كشف تقريرا حديثا صدر عن الأمم المتحدة، أن المستوطنات في الكيان الصهيوني لوحدها تستهلك كميات كبيرة من المياه تؤدي إلى نقص كبير في منسوب المياه الجوفية، وأن متوسط استهلاك المستوطن العادي يساوي (300) لتر من الماء يومياً، فيما لا يحصل المواطن الفلسطيني العادي في الضفة المحتلة سوى (70) لترا من المياه يوميا، وهناك الألاف من الفلسطينيين يصل استهلاكهم للمياه (30) لترا يوميا، وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن المواطن الفلسطيني يستهلك أقل بــــ 40% من التوصيات العالمية.
ويرى كاتب السطور أن الرقم الذي أعلنته الأمم المتحدة من استهلاك المستوطنين الصهاينة اليومي من المياه ، رقما خطيرا ومخيفا وسط شح المياه وضعفها في الكثير من المدن والمحافظات الفلسطينية، وهناك الآلاف من الفلسطينيين يعيشون عطشى ولا تصلهم المياه لأيام طوال، في المقابل يغرق المستوطنين في مياه الفلسطينيين ويستهلكونها عبر انشاء الكثير من المسابح الترفيهية خاصة بهم، وري حقولهم الزراعية والإسراف الكبير في استخدام المياه.
كما أعلنت الأسبوع الماضي سلطة المياه الفلسطينية أن الاستهلاك الفلسطيني مقارنة مع ما يتم شراؤه من (الإسرائيليين) هو (150) مليون متر مكعب خلال هذا العام، فيما يقوم الجانب الفلسطيني بشراء 52-55 مليون متر مكعب من (الإسرائيليين)، كما تنتج الآبار الفلسطينية ما مقداره 50-55 مليون متر مكعب، وتبلغ حصة الفرد الفلسطيني حسب السلطة (45) لتر للفرد في اليوم وفي أفضل المناطق قد تصل إلى (70) لتر وفي مناطق أخرى لا تتجاوز (15 لتر)، أما قطاع غزة فتشير السلطة أن (97%) من مياه الحوض الساحلي غير صالحة للاستخدام الآدمي نتيجة ارتفاع نسبة الملوحة بالإضافة إلى تدفق مياه الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي كما أن الاستهلاك في غزة يصل إلى (180) مليون متر مكعب في حين أن القدرة الحقيقة للخزان هي 55 مليون متر مكعب أي أن الخزان يتم استخراج 3 أضعاف طاقته الأمر الذي يعني تدمير الخزان الجوفي، كما تواجه سلطة المياه عقبات في بناء محطة تحلية مياه مركزية في قطاع غزة مع وجود ضمانات قوية بعد تعرض هذه المحطة للتدمير من قبل العدو الصهيوني في أي حرب أو معركة مع غزة .
ومن خلال دراسة كاتب السطور لتاريخ الحركة الصهيونية، وجد أنها ركزَت في أدبياتها على أهمية المياه لاستمرار الدولة الصهيونية، حيث تؤكد الوثائق الصادرة عن المؤتمر الصهيوني الأول الذي عقد في مدينة بازل السويسرية في 29 أغسطس/آب عام 1897م أهمية المياه للمشروع الصهيوني، كما تقدم رئيس المؤتمر الصهيونية (حاييم وايزمن) بعد صدور وعد بلفور عام 1917 إلى لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا طالبا تحسين حدود (إسرائيل) حسب وعد بلفور لتضم حوض الليطاني، وانهار الأردن وبانياس واليرموك، كما أعلن دافيد بن غوريون عام 1955م أن اليهود يخوضون مع العرب معركة مياه وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير دولة (إسرائيل)، كما عملت (إسرائيل) في الماضي على إصدار عدد كبير من الأوامر العسكرية الهادفة إلى السيطرة الكاملة على مصادر المياه أبرزها الأمر العسكري رقم(291) لعام 1967، وينص على: " جميع مصادر المياه في الأراضي الفلسطينية، أصبحت ملكاً للدولة وفقاً للقانون (الإسرائيلي) الصادر في العام 1959م، كما صدر أمر العسكري يحمل رقم (158) في 1/10/1967م، يقضي بوضع جميع الآبار، والينابيع، ومشاريع المياه، تحت السلطة المباشرة للحاكم العسكري الإسرائيلي، وتوالت الأوامر والقرارات الصهيونية بخصوص المياه إلى يومنا هذا.
ويؤكد الكثير من المؤرخين العرب أن من أهم أسباب الحروب بين العرب والكيان تركزت على موضوع المياه، فالعمليات العسكرية الإسرائيلية على الحدود السورية اللبنانية عام 1964-1965 كانت بسبب الأطماع الصهيونية في مياه نهر الأردن ونهر بانياس ونهر اليرموك ونهر الحاصباني , وأحد أسباب حرب 1967م العمل على تحويل مجرى نهر الأردن ، وفي عام 1982 شنت (إسرائيل) حملة عسكرية على لبنان كان من ابرز أهدافها أطماع إسرائيل في مياه نهر الليطاني .
إن العدو لا يعترف للفلسطينيين بأية حقوق مائية، كما لا تسمح (إسرائيل) للفلسطينيين باستغلال مياه نهر الأردن كما تمنع (إسرائيل) الفلسطينيين من تنفيذ مشاريع كبرى تتمثل في إنشاء شبكات مياه أو خزانات أو حفر آبار في المناطق الفلسطينية خاصة مناطق الضفة المحتلة.
إذن الحرب على المياه تعد من أهم قضايا الصراع الصهيوني الفلسطيني، حيث تركز الدولة العبرية على السيطرة بصورة كاملة على مصادر وموارد المياه الفلسطينية وتسعى لتجفيف الآبار ومنابع المياه الفلسطينية، وذلك لهدفين الأول بقاء (إسرائيل) على الوجود، والثاني يتمثل في إبقاء الفلسطينيين بحاجة دائمة للمياه ويعتمدون على المحتل في الحصول عليها ..
إلى الملتقى ،،
قلم // غسان مصطفى الشامي
وسوم: العدد 624