حكاية عظاية مسجد الكوثر وجدة تتكرر في مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء بواسطة جرذان أو فأر
قبل سنوات مضت عرف مسجد الكوثر بالحي المحمدي بمدينة وجدة حادثة عرفت بحادثة العظاية . وخلاصة هذه الحكاية أنه بينما كان الخطيب السيد عبد الله النهاري يلقي خطبة من خطبه الحماسية يوم الجمعة ، والتي كان يحضرها جمهوره الغفير بحضور دوريات أمن كالعادة إذا بعظاية أو عظاءة وهي دويبة ملساء أصغر من الحرذون، وهما معا نوعان من الزواحف أو الزاحفات ذوات الأرجل ، وتعرف عند العوام باسم " رضاعة البقر " تمر فوق جسد شاب جلد لا عهد له بها فيقفز صارخا فيتداعى جمهور عريض لصراخه، وتحصل جلبة كبرى وفوضى، ويشرعه الذين كانوا في الصفوف الأمامية بالتكبير، والخطيب يسبح بحمد الله ، وتنطلق الجموع الهاربة في كل اتجاه تاركة وراءها أحذيتها وقد فقدت وضوءها . ولقد كشفت هذه الحكاية يومئذ نوعية الجمهور الذي كان يستهويه حماس خطيب مسجد الكوثر . ولقد عدت يومئذ الأحذية التي تركها الفارون خلفهم فبلغت أكثر من خمسين حذاء حسب شهود عيان . ولقد كشف النقاب عن هذه الحكاية شيخ كان هو من ألقى العظاية على الشاب الجلد حين انحدرت من شق في جدار خارج المسجد الذي كان لا يستوعب عدد المصلين فتغص ساحته المجاورة بهم . وفي تعقيب ساخر ذكر الشيخ أن جيله كانت تبيت العظايا أو العظايات بين أفخاذهم طلبا للدفء خصوصا وأن السراويل كانت في زمانهم عزيزة ونادرة . وكانت هذه الحادثة جديرة بحمل الخطيب على تغيير أسلوبه الحماسي لتكون مردوديته الدعوية أفضل وأدوم وأجدى وأنفع . وبالأمس حدثت حكاية مشابهة بأكبر مسجد في المملكة حيث ختمت ليلة القدر بالدعاء والابتهال ، وكان المصلون في انتظار صلاة الصبح حين أزعج فأر أو جرذان إحدى المصليات ـ والغواني تزعجهن الفئران ـ فصرخت بأعلى صوتها فتداعت لها أصوات المصليات، وتدافعن هاربات فأسقطت بعضهم أو بعضهن مكبرات الصوت فأحدثت شبه فرقعات الشيء الذي زاد من حالة الرعب ظنا بأن الأمر يتعلق بهجوم إرهابي . وكانت النتيجة عشرات حالات الإغماء وربما إصابات أيضا بسبب التدافع علما بأن الفتنة أشد من القتل . وحكاية عظاية مسجد الكوثر بوجدة تشترك مع حكاية فأر مسجد الحسن الثاني في كونهما معا لم يتم الكشف عن السر وراء الفتنة في الوقت المناسب ، فلا الشاب الجلد في مدينة وجدة أخبر منذ أول وهلة بسبب فزعه، وهو غير معذور بسبب ذكورته ، ولا المصلية أخبرت بسبب ذعرها، وهي معذورة لأنوثتها . وعلى الحالتين معا ينطبق المثل العامي " المندبة كبيرة والميت فأر " . والملاحظ أن الموسمية في العبادات والمعاملات أصبحت ثقافة عندنا ، ذلك أن بعض الناس كما يتهافتون على العادات في شهر رمضان، وهو شهر عبادة أصبح يختزل سنة بعد أخرى في عادات اقتناء الأطعمة والأشربة و إحياء السهرات وممارسة اللهو... فإنهم يتهافتون على العبادة التي تصير هي الأخرى موسمية تشبه تجارة ما يعرف بالفراشة وهي تجارة موسمية, ذلك أنه كما يفرش الباعة الفراشة سفراتهم في الشوارع والأماكن العمومية يفرش بعض المصلين سجادهم في المساجد وساحاتها ، وهي ظاهرة لا وجود لها خارج أيام شهر الصيام . ويسود اعتقاد منحرف لدى بعض الناس مفاده أن الصلاة لا تكون إلا في رمضان، وهي شرط من شروط قبول الصيام ، وتنتهي مباشرة بعد ليلة القدر التي تحضرها الملائكة أو مباشرة بعد ليلة العيد لتعود المساجد قليلة عدد المصلين كما هو الحال طيلة شهور السنة . ولا شك أن الصلاة الموسمية عند البعض في رمضان تجمع بين فئات مختلفة من الناس من ضمنها فئات لا علم لها بآداب المساجد ولا بعبادة الصلاة ومقتضياتها بل من ضمنها لصوص، لهذا تحدث حوادث مثيرة للانتباه في المساجد خلال شهر رمضان منها الزحام غير المعهود وانتشار عادات غير مألوفة من قبيل استعمال الهواتف المحمولة لمتابعة المقرئين أثناء صلاة التراويح ومنازعتهم القرآن الكريم ، وإحضار قارورات المياه وحتى بعض المشروبات لتتحول المساجد من أماكن عبادة وذكر إلى أماكن شرب تنافس المقاهي . وتنشط في المساجد خلال شهر رمضان عمليات السطو على أحذية المصلين وسرقتها الشيء الذي يؤكد حضور شريحة اللصوص، وهي شريحة موسمية أيضا وإن كانت سرقة الأحذية في المساجد تحصل حتى خارج شهر الصيام الشيء الذي يعني استباحة حرمتها .
ولقد أكدت حادثة مسجد الحسن الثاني حضور شريحة اللصوص حيث اغتنموا فرصة فزع الناس وفرارهم لسرقة حاجياتهم خصوصا الهواتف المحمولة والزرابي والحافظات وغيرها . ولقد نشرت فيديوهات على بعض المواقع على الشبكة العنكبوتية تبين تدخل رجال الأمن للإشراف على ما تبقى عن السرقة من الأشياء الضائعة إلى أصحابها بمساعدة بعض المواطنين . ومن يدري قد يكون الفأر أو الجرذان قد استعمل عمدا من طرف عصابة للصوص من أجل إفزاع المصلين وخلق حالة الفوضى للتمويه على عمليات السطو والسلب والنهب .
ولا شك أن مستعملي الفأر يعرفون جيدا حكاية الغواني مع الفئران . ولا شك أيضا أن إلقاء القبض على الفأر وتسليمه لشرطة القطط لاستنطاقه سيكشف عن ملابسات دخوله المسجد خلسة ليلة القدر بعد دعاء الختم وانتظار صلاة الصبح . ولا شك أن الأمر إذا ما كان وراءه تدبير سيشجع عصابات النهب والسلب على عادة خلق الفتن في الأماكن العمومية لممارسة اللصوصية . ويجدر بالجهات المسؤولة أن تتولى حملات لتوعية المواطنين بكيفية التصرف في حالات الفتن درءا لما يمكن أن يحدث من إصابات بشربة وخسائر مادية بسبب إشاعات مغرضة قد تكون وراءها أسباب تافهة كما هو الشأن بالنسبة لفتنة مسجد الحسن الثاني بالبيضاء يوم أمس .
وسوم: العدد 624