تدجين عباس في مواجهة غضب الناس
د. ماهر الجعبري-الخليل-فلسطين
طالب رئيس سلطة اوسلو محمود عباس الامين العام للأمم المتحدة بتشكيل لجنة تحقيق دولية في استشهاد الفتى المقدسي محمد ابو خضير، ولوح بالتوجه لمحكمة الجنايات الدولية، وقال مخاطبا المسؤولين في كيان اليهود: "اذا كنتم تخشون محكمة الجنايات الدولية اوقفوا قتل ابناء الشعب الفلسطيني".
إن صورة الكيان اليهودي ملطخة بالدماء أمام العالم، ومع ذلك فهو يوجه الضربات العسكرية ضد أهل غزة ويقتل أبناء فلسطين بدم بارد ويصرّ على تحدي مشاعر العالم دون أن يحسب حسابا لقانونه الدولي أو محافله الدولية، وخصوصا وهو يجد أمريكا جاهزة في كل مرة لكي تغطي على كل جرائمه، وتستر عورته السياسية أمام عيون العالم.
وإن بشاعة هذا الوجه الدموي للكيان اليهودي يضعه في موقف عالمي بغيض ويمهّد العالم لتقبّل محو تلك الدولة المارقة عن الوجود مع تعاظم جرائمها الوحشية، ولكن ذلك لا يتم إلا بقوة السلاح وزحف المجاهدين في معارك عسكرية تخلع الاحتلال من جذوره، لا في معارك قانونية كما يروج ساسة السلطة وقادة المنظمة، الذين اعتنقوا المفاوضات نهج حياة والانبطاح أسلوب عيش مع هذا الاحتلال المجرم.
وهم كلما تجددت جرائم اليهود الوحشية تجددت تصريحاتهم حول الملاحقة القانونية وتجدد تأكيدهم على التنسيق الأمني لحفظ أمن الاحتلال، مما يعني أن التلويح بتلك الملاحقة القانونية هو مجرد محاولة لامتصاص غضب الناس على الاحتلال اليهودي وعملائه.
إن قادة السلطة والمنظمة قد استسلموا لعلمية "التدجين" السياسي، واستمرأوا التذلل والاستجداء على عتبات السفارات الغربية، ولذلك فإنهم لا يعيشون مع أهل فلسطين حالة الغضب الذي يتفجر في عقول وقلوب الناس ضد الكيان اليهودي وضد السلطة التي تعتاش في كنفه كطحالب سياسية خبيثة.
إن الأجواء التي تشهدها فلسطين بكافة مناطقها تمثل وجها من وجوه التعبير السياسي الذي يرفض الاحتلال ويرفض التعايش معه، وهو يرفض محاولات الترويض والتدجين وامتصاص غضب الناس مما تحاوله قادة السلطة, لتجنّب ثورة الناس على الظلم والظالمين والعملاء.
إن المعركة مع الاحتلال اليهودي لها مظهر واحد ومحدد يتمثل في يقظة عقدية للجيوش الإسلامية فتتحرك في ساعة من ليل أو نهار لتخلع هذا الاحتلال من جذوره، وهذا الجهاد الشرعي لا علاقة له بالتحركات الدبلوماسية السياسية ولا بالتحركات في المحاكم الدولية الجائرة أو المحافل الدولية المنحازة للاحتلال والتي كانت أساس البلاء في إقامة هذا الكيان المجرم فوق فلسطين، بل هو منحصر في ساحات الوغى التي تلقن هذا الاحتلال المارق معنى كرامة الأمة.
ولقد ثبت لأهل فلسطين بالحس أنه لا جدوى من استجداء كل تلك الجهات الدولية المتآمرة ولا من خوض تلك "المعارك القانونية" الواهمة أمام جرائم الاحتلال، والجدوى بحق في تلبية قول الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ".