أخلاق وأخلاق
جميل السلحوت
في تشييع جنازة الشباب اليهود القتلى الثلاثة، تحدث نتنياهو عن وجود "فجوة أخلاقية بين العرب واليهود" وبعد القاء القبض على حارقي الطفل محمد أبو خضير وهو حيّ، تحدث بأن "اسرائيل ستعاقب القتلة لأنها لا تميز في حربها على "الارهاب" ولا تعامل الارهابيين اليهود كأبطال مثلما تفعل سلطة رام الله". وكعادته في قلب الحقائق، تناسى أن ممارسات جيشه وأذرعه الأمنية ومستوطنيه تعمل على أرض الواقع عكس ما قاله، فالمستوطنون في المستوطنات المقامة في الأراضي العربية المحتلة يقيمون في مستوطنات أقيمت على أرض تم الاستيلاء عليها بقوة السلاح، وهي ومستوطنوها مخالفون للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت احتلال عسكري، وهذا ما يقرّه العالم جميعه بمن فيهم الولايات المتحدة الأمريكية داعمة اسرائيل في كل شيء، والمستوطنون يقتلون ويحرقون ويقطعون الأشجار ويحرقون المزروعات والمساجد وينكلون بالمواطنين الفلسطينيين، ويقطعون الشوارع، تحت حماية الجيش الاسرائيلي، في حين أن هذا الجيش يطلق النار على طفل فلسطيني اذا ما شاهده يضع حجرا في طريق.
والفجوة الأخلاقية التي تكلم عنها نتنياهو صحيحة 100% لكنها بطريقة معكوسة، فاختطاف الاسرائيليين الثلاثة وقتلهم أدانها رئيس السلطة الفلسطينية ومسؤولوها، وعقلاء الشعب الفلسطيني، ومع أنه لم يثبت حتى الآن من هم الخاطفون والقتلة، إلا أنه جرى هدم بيوت في الخليل لمجرد الشبهة، وجرت عمليات قتل للفلسطينيين في الخليل وقطاع غزة ومخيم جنين وغيرها، وجرت محاصرة الخليل وقراها وغيرها من المدن والقرى والمخيمات والتنكيل بمواطنيها. في حين أنه جرت محاولات لحرف التحقيق في قضية اختطاف الطفل أبو خضير وحرقه حيّا بطريقة وحشية، ولولا احتجاج الرأي العام العالمي لما جرى الكشف عن المجرمين القتلة، ومع ذلك فلم تحدث محاصرة أي مستوطنة بحثا عن المستوطنين الذين حاولوا اختطاف فلسطينيين وقتلهم كما حدث مع الطفل أبو خضير، ولم تهدم بيوت القتلة، ولن تهدم أيضا، بل على العكس جرى تشجيع المستوطنين المتطرفين القتلة من خلال الاعلان عن بناء مستوطنات جديدة.
واذا كان نتنياهو لا يريد تعريف الارهاب، تماما مثلما أنه لا يريد الاعتراف بأن الأراضي العربية المحتلة في حرب حزيران 1967 هي أراض محتلة، بل يعتبرها جزءا من "أرض اسرائيل" فانه لا يعترف أيضا بأن احتلال أراضي الغير واستمرار هذا الاحتلال يشكل أبشع أنواع الارهاب كونه ارهاب دولة عضو في الأمم المتحدة، وبالتالي فان الدولة المحتلة تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية الكاملة عما ينتج عن هذا الاحتلال من جرائم وغيرها.