القدس هدف إسرائيل في ظل سياسة مرتبكة في محيط القضية الفلسطينية
التقدير الأمني الأسبوعي لمركز القدس:
تسارعت الأحداث في المرحلة الأخيرة، في محيط القضية الفلسطينية، على جهات مختلفة (مصر، سوريا، الأردن) ضاعفت من التحديات التي تواجهها الفضية الفلسطينية، في ظل شعور إسرائيل بحيوية التحرك على الأرض.
وفي هذا السياق تميز الحصاد الأمني للأسبوع الماضي، بارتقاء 3 شهداء فلسطينيين في الضفة الغربية، بالإضافة إلى مضاعفة حجم الهجمة الإسرائيلية على مدينة القدس، من خلال حملة اعتقالات واسعة في القدس طالت 189 فلسطينيا 40% منهم أطفال.
عمليات الإعتقال في مدينة القدس تزامنت مع شروع المحاكم، الإسرائيلية بتطبيق إجراءات مشددة ضد الأطفال، الأمر الذي حذر منه مركز القدس في التقدير الأمني السابق، والذي جاء فيه: إن إسرائيل ستضاعف عمليات القتل خلال المرحلة القادمة، كما ستشرع في تطبيق إجراءات أمنية مشددة ضد المعتقلين من القدس".
عمليات الرصد التي أجراها مركز القدس، خلال الاسبوع الماضي أظهرت إرتفاعا، في وتيرة الإعتداءات الإسرائيلية في القدس والضفة العربية، متزامنا ذلك مع حافز للتصعيد الأمني خلال المرحلة القادمة .
الإعتداءات الإسرائيلية
أولا عدد الشهداء : إستشهد الأسبوع الماضي 3 فلسطينيين في الضفة الغربية هم: ضياء التلاحمة من الخليل، هديل الهشلمون من مدينة الخليل، والشاب أحمد خطاطبة من شمال الضفة الغربية، متأثرًا بجراح أصيب بها سابقًا.
في قراءة المركز لعدد الشهداء المرتفع خلال أسبوع : تبين أن واحده من حالات الشهادة جاءت بعد مصادقة حكومة نتنياهو،على إجراءات إطلاق النار باتجاه الفلسطينيين، الأمر الذي نفذ في حادثة قتل الفتاة الهشلمون، بالإضافة إلى إصابة 3 فتية فلسطينيين في مدينة القدس وشمال الضفة الغربية، بخلفية هذا القرار .
هذا الإستخدام لقناون إطلاق النار، سيعزز برأي المركز، تكرار ارتقاء شهداء في المرحلة القادمة، الأمر الذي يلزم الجهات الرسمية التحرك لفضح سياسات الإحتلال الإسرائيلي.
ثانيا: الإعتقالات في الأراضي الفلسطينية : إستمرت الإعتقالات في الضفة الغربية الأسبوع الماضي ، حيث طالت 259 فلسطينيا، منهم 70 في الضفة الغربية، و 189 في القدس والاراضي المحتلة عام 1948، على خلفيات أمنية، ومواجهات مع الإحتلال الإسرائيلي .
في تحليل أجراه المركز للإعتقلات، تبين أن الأمن الإسرائيلي استهدف قصدا في حملة الإعتقالات الواسعة الفتية في القدس، حيث بلغت نسبة الإعتقالات من الأطفال مانسبته 40 % بحجة المشاركة في أعمال المقاومة.
وفي تعليقه على هذه النسبة قال مدير المركز علاء الريماوي " إن التركيز على الأطفال في هذه المرحلة يهدف إلى تكبيل الأسر الفلسطينيىة في القدس، من خلال تطبيق قرار الحكومة الإسرائيلية، تشديد إجراءات الإعتقال ضد المقدسيين بشكل عام والأطفال بشكل خاص، الأمر الذي بدأت المحاكمة الإسرائيلية تطبيقه عبر رفع سقف الاحكام، وفرض إجراءات ضد ولي أمر الطفل، كالغرامات المالية، والتهديد بالحبس، للضغط على الأسرة المقدسية للمارسة ضغوط على الأولاد، ومنعهم من المشاركة في المواجهات ضد الأهداف الإسرائيلية.
ثالثا : إقتحامات المسجد الأقصى من قبل المستوطنيين: بلغ عدد المقتحمين للأقصى الأسبوع الماضي نحو 235 مستوطنا عدا عن عشرات السياح .
و تزامنت عمليات الأقتحام، مع محاولات إسرائيليةـ فرض التقسيم الزماني للمسجد الأقصى، من خلال تثبيت عمليات إغلاقبوابات الأقصى أمام المسلمين صباحا.
وتيرة الإقتحامات بحسب قراءة المركز ستشهد زخما كبيرا خلال الأسبوع الجاري، مع محاولات تمرير التقسيم بشكل واضح خلال أيام الأعياد اليهودية .
هذا المخطط الإسرائيلي، تدفع إليه جماعات في حزب الليكود، وأحزاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، مما ينذر بسياسة تقسيم حقيقية تشابه في توجهاتها عمليات التقسيم المكاني، من خلال اتاحة صلوات واسعة داخل ساحات المسجد الأقصى في أماكن محددة.
هجمات المقاومة الفلسطينية
أولا : عمليات طعن : أفشلت إسرائيل، محاولتي طعن في كل من القدس وجنوب الضفة الغربية، فيما لم تتسبب أي من المحاولات باصابات.
ثانيا : إطلاق نار: سجل خلال الأسبوع الماضي، حادث إطلاق نار واحد في منطقة القدس، بحسب مصادر إعلامية إسرائيلية، دون وقوع إصابات.
ثالثا : هجمات بالحجارة والزجاجات الحارقة : سجل حضورا واضحا إلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة في الأراضي الفلسطينية، حيث سجلت 198 حادثة، منها 110 في مدينة القدس ، و88 حادث في الضفة الغربية .
رابعا : القاء عبوات صغيرة ، رصد المركز إلقاء 4 عبوات 2 منها في القدس وواحدة جنوب الضفة الغربية، وأخرى في شمال الضفة الغربية " .
خامسا : إطلاق صواريخ : أطلقت من الأراضي السورية قذيفة هاون، ومن وقطاع غزة صاروخ وقع في مناطق مفتوحة جنوب الكيان .
الخسائر الإسرائيلية خلال الأيام الماضية .
أولا : إصابات في صفوف الأمن الإسرائيلية والمستوطنيين: أصيب خلال الهجمات الفلسطينية الأسبوع الماضي 14 إسرائيليا ، 9 منهم في مدينة القدس و5 في الضفة الغربية .
ثانيا خسائر في المركبات الإسرائيلية : أصيب القطار الخفيف في القدس 4 مرات جراء هجمات فلسطينية، كما تضررت 12 سيارة في مدينة القدس ، بالإضافة إلى 8 سيارات في الضفة الغربية.
الأوضاع الأمنية على الحدود مع الكيان
أولا : الحدود الجنوبية مع قطاع غزة : تشير الأوضاع على الحدود الجنوبية إلى استمرار الهدوء الهش برغم أطلاق صاروخ واحد من قطاع غزة هو الخامس خلال أسبوعين.
مدير المركز علا الريماوي قال غي هذا السياق " الأطراف على الجبهة الجنوبية، لا زالت تتمسك بالهدوء، لكن المؤشرات تحمل في باطنها مرتكزات حقيقية لانفجار كبير، خاصة في ظل قيام مصر باحكام قبضتها على الحدود مع قطاع غزة .
إسرائيل، وجدت في الخطوة المصرية، فرصة لاستمرار إحكام الحصار، وتعزيز التعاون الأمني مع مصر.
الحدود الشمالية : كشفت إسرائيل عن رؤيتها بشكل واضح للواقع في سوريا، من خلال الموافقة الرسمية، على تدخل روسي في الحرب الداخلية، وقبلت بعد لقاء نتنياهو بوتين، الشراكة في تصور جديد لمستقبل سوريا، يبقي الأسد، ويضعف القوى الإسلامية المقاتلة في سوريا.
هذا التحول القديم الجديد أضيف له، تكون (حلف غير مباشر) يؤمن بهذا التوجه، يضم في ذلك ايران حزب الله والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الروس وإسرائيل.
عناصر الإتفاق، أوسع من سوريا، وتضم لبنان، العراق، اليمن، تختلف الأطراف في تصوراتها عن النتائج لكنها ترى، ضرورة التصدي لما يعرف (بحركات السنة المسلحة).
القراءة الأمنية العامة ...
أولا: القدس : تعود القدس هذه الأيام لواجهة الأحداث الأمنية وتشكل بذلك الحدث الأبرز، خاصة في ظل مخطط إسرائيلي يهدف إلى تقسيم المسجد الأقصى، زمانيا ومكانيا، في ظل قناعة إسرائيلية أن البيئة العربية، باتت قابلة لأحد أنواع التقسيم .
المواجهات والمقاومة المقدسية، وإن كانت مربكة للتوجهات الإسرائيلية، لكن في ذات الوقت لا تستطيع وحدها منع المخططات الإسرائيلية في القدس والتي تتجاوز المسجد الأقصى إلى حالة تهويد ساكنه، تشمل البلدات والأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى غبر ما يعرف بالتهويد الثقافي، وتغيير الملامح العربية، بالإضافة إلى حركة الإستيطان النشطة في كافة المستوطنات في القدس .
مركز القدس رصد في الشهر الجاري أكثر من 6 مواقع بناء استيطاني في القدس، خارج ما يعرف بإعلانات البناء خاصة في مستوطنات (معالي أدوميم، نبي يعقوب، جبل أبوغنيم).
ثانيا : غزة .. تعد الخطوة المصرية على حدود مع غزة من الخطوات العربية الأخطر تجاه القضية الفلسطينية منذ عشرات السنوات، خاصة وأنها تأتي في ظل توجه إسرائيلي، يسعى لتعزيز القبضة الأمنية في الجنوب، لمنع المقاومة من تطوير قدراتها، تمهيدا لما يعرف بسياسة (تقيلم الأظافر) في إشارة إلى سلاح المقاومة .
النظام المصري، في خطوته التي أعلن موافقة السلطة عليها، وضع غزة أمام خيارات صعبة، تنذر بانفلات الأوضاع باتجاهات مختلفة .
سلوك غزة لا يمكن لأحد التنبؤ به في المرحلة القادمة، لكن ما يمكن الوثوق به أن غزة تحمل في جعبتها خيارات ملتهبه بأوصاف مختلفة في حال ظل الواقع على ما هو عليه .
خلاصة : هناك تسارع كبير في الواقع الأمني والسياسي المحيط بالقضية الفلسطينية، هذا التسارع فيه خطورة لكنه يحمل في باطنه جملة من الفرص.
خطير السلوك في المرحلة القادمة ، استمرار أداء السلطة الفلسطينية على ذات الوتيرة، أو تغيره نحو قبول العودة إلى مفاوضات بات مؤشر قبولها متزايدا في المرحلة الأخيرة.
علاء الريماوي : مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي
وسوم: 635