دراسة: الحكومة الاسرائيلية في انتفاضة القدس تخبط وارباك أفقدها ثقة الصهاينة
مركز القدس
رصد مركز القدس لدراسات الشأن الاسرائيلي والفلسطيني، ابرز ردود الفعل، للحكومة الإسرائيلية منذ اندلاع انتفاضة القدس، في مناطق الضفة الغربية والقدس ومناطق المحتلة عام 48، وتأثيراتها على التوليفة الحكومية الحالية في حال استمرار الاحداث على الأرض.
وأوضح المركز في دراسته "منذ بداية الانتفاضة، ساد الاعتقاد الإسرائيلي الى حد الجزم، أن الأحداث الحالية تتجه إلى تهدئة سريعة، خاصة وأن العوامل السياسية، والبيئة الأمنية لم تشر إلى إمكانية القفز إلى هذا المستوى من الأحداث.
وأشار المركز" لكن مع تصاعد الأحداث على الأرض، وبروز العمليات الفردية كمتغيرمهم، ظهر ما يعرف الآن بالارباك السياسي، بل تجاوزه إلى حالة من الصدمة، كانت بارزة على شكل تراشق داخلي وتلاوم ما بين اركان الحكومة الاسرائيلية " درعي ، بنت ويعالون " ثم أخيرا مع لجنة الخارجية والأمن التي يسيط عليها أركان وازنة في السياسة الإسرائيلية، مع وزير حرب إسرائيل ورئيس الحكومة.
التراشق بحسب المركز جاءت على خلفية اتهامات الجيش بالتقصير، وكذلك تبادل الاتهامات في الغرف المغلقة ما بين المستوى السياسي والامني، على خلفية الصدمة بعدم، توقع الأحداث الحالية الأمر الذي دفع المستوى المستوى الأمني إلى التملص، حيث حذر المستوى السياسي بعدم الانجرار لمربع استفزاز مشاعر المسلمين دينيا.
الحكومة الإسرائيلية صورة للإرباك
عقد المجلس الوزاري الإسرائيلي، المصغر 7 اجتماعات، أمنية، لمناقشة الاوضاع ثم تلاها 9 اجتماعات للأذرع الأمنية لصياغة خطة لمواجهة الأحداث.
معالم هذه الخطة، تكونت من مجموعة اجراءات بهدف احتواء الانتفاضة الحالية وضبط أحداثها على الأرض من خلال سلوك أمني على أرض، ومنهجية ضاغطة على المستوى السياسي الفلسطيني من جهة أخرى لارغامه وقف الأحداث .
وفي هذا السياق لفت الباحث في مركز القدس عماد ابو عواد إن الحكومة الاسرائيلية، شرعت بالعمل على عدة مستويات، محليا واقليميا بالإضافة إلى الجانب العالمي على النحو الآتي.
أولا: الصعيد المحلي:
استخدمت الحكومة الاسرائيلية الإسرائيلية، القانون لمواجهة الانتفاضة، حيث اقرات"مبدئيا" قانون ملقي الحجارة ورفعت سقف الاعتقال بالسجن لأربع سنوات كحد ادنى"بحسب التوصيف للحجر"!! بل وتعدى الأمر الى فرض عقوبة وغرامة على أهالي ملقيي الحجارة.
بعد هذا الإجراء وجدت الحكومة الاسرائيلية الإسرائيلية نفسها، امام انتفاضة، ازدادت شراستها وتوسعت صورها مما دفعها إلى قوانين تتعلق بتسويغ القتل، وسلسة إجراءات من القمع والعقاب الجماعي، حيث اقرت الحكومة الاسرائيلية منهجية لهدم بيوت منفذي عمليات الطعن والعمليات الاخرى بشكل عام.
وقال ابو عواد برغم القناعة التامة لدى الحكومة،الإسرائيلية، ان مثل هذه الاعمال تزيد من حجم ردة الفعل وتوسع رقعة المواجهة، هذا كان في قرار محكمة العدل العليا الذي أوضح أن هدم منازل منفذي العمليات، سيؤدي الى مزيد من "الإرهاب"، لذلك قامت محكمة العدل العليا باعاقة الهدم ولو بشكل مؤقت، لمسوغات مختلفة أهمها البعد القانوني .
من جانبه قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني" إن التحول الأكبر، الذي حدثن هو الاقرار الضمني بالفشل أمام ظاهرة المواجهة المفتوحة في القدس، والتي لجأت الحكومة الاسرائيلية معها الى استخدام عبر ادخال قوات عسكرية الى القدس وتقسيمها الى مناطق عزل ".
وأضاف الريماوي " اسرائيل اعتبرت تاريخيا القدس تحت السيطرة الامنية الداخلية للأمن الداخلي، وان ادخال أي قوات عسكرية اليها امر مرفوض، لأنه يوحي للعالم فقدان السيطرة، ويظهر عملية للاحتلال أمام العالم"
لكن امام تطور الاحداث اضطرت الحكومة في المرحلة الثالثة ادخال وحدتين عسكريتين للحفاظ على القدس وكذلك استدعاء جزء من الاحتياط ووحدة مجاف لمساعدة الشرطة والحفاظ على الامن وهدم البيوت والقيام بعمليات التفتيش في القدس".
أمام المرحلة الرابعة بحسب أبو عواد" وجد بنيامين نتنياهو نفسه مضطرا لتخفيف نبرته الاعلامية، فبلإضافة الى تحميل حماس والحركة الاسلامية، والرئيس الفلسطيني محمود عباس مسؤولية التحريض على الاحداث الجارية في القدس، بدأ نتنياهو توجيه خطابات متعددة من اجل التخفيف من حدة المواجهة، واحتواء الأحداث فقد كانت له العديد من التصريحات التي اثارت الجدل حتى داخل اسرائيل.
منها أوحى نتنياهو إلى السامع محاولته تبرأة نفسه وحكومته من ادعاءات تقسيم المسجد الاقصى، من خلال تأكيده 18 مرة، لا أنوي تغيير الواقع الموجود في الاقصى، وان هذا الكلام ما هو الا محض كذب يدعيه الفلسطينيين، وليخرج بتصريح اخر اكثر جدلا عندما قال بأنني اقل رئيس وزراء في اسرئيل بني في عهده مستوطنات او وحدات استيطانية" .
من جانبه قال جلال رمانه الباحث في مركز القدس " انتقلت إسرائيل الى مرحلة خامسة اعلنت فيها منع السياسيين الإسرائيليين سواء من اليهود او العرب، من دخول المسجد الاقصى ، في نية منه لتخفيف الاحداث الجارية في القدس والضفة الغربية.
لكنها بالتزامن مع ذلك ارتأت اسرائيل في ظل فشل كل مساعيها من اجل اعادة الهدوء، ومنع اندلاع انتفاضة شاملة لما لها من تداعيات سلبية سياسيا واقتصاديا وتأثيرات سلبية على المجتمع الاسرائيلي، وفي ظل ازمة الثقة التي يعيشها المجتمع الاسرائيلي في ساسته، اطلقت اسرائيل وبشكل اكثر وضوحا يد مستوطنيها وجيشها بتنفيذ اعدامات ميدانية بحق الشبان الفلسطينيين، سواء من اشتبهت به بحمل سكين او خلاف ذلك.
ثانيا: التحرك الدولي
أما على الصعيد الدولي فبينت الدراسة، ان إسرائيل لجأت منذ اليوم العاشر للاحداث، للولايات المتحدة، ومصر، الأردن، وجهات أوروبية، لمارسة دورا في وقف الأحداث على الأرض.
لذلك بدأت إسرائيل التحرك على المستوى الاقليمي والعربي ومن خلال الضغط على الولايات المتحدة بهدف ايجاد حل، وضغوط على الفلسطينيين، فتوجه بنيامين نتنياهو الى المانيا، لنقاش سبل الخروج من الازمة الحالية، وبعدها بأيام ومن خلال محادثات مكوكية وضغط متواصل من اسرائيل باتجاه الولايات المتحدة ، تداعت الاردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية للاجتماع بكيري في عمان ، اجتماع خرج بنتائج لم تؤثر في ساحة المواجهة على الارض.
هذا الحراك تدحرجت الأمور بعده عبر ما أحدثته مدينة الخليل من تحولات على مسرح الاحداث، وبدا واضحا وبأجماع العديد من الآراء السياسية والامنية الاسرائيلية، وكذلك مجموعة من المحللين البارزين ان سلوك الحكومة الاسرائيلية اقرب الى التخبط، وأبعد من أن يكون في دائرة الدراسة المعمقة، التي من شـأنها الحد من تدهو الأوضاع الأمنية السائدة في البلاد.
ثالثا: مغازلة السلطة في الخفاء ما توفر من معلومات ومعطيات، حاولت إسرائيل من خلال جهات غربية وعربية، الضغط على السلطة وقف الأحداث مقابل "حديث" عن فرص لتسوية ما.
هذا الحديث ايضا أضيف له اتصلات لم تنقطع، مع أطراف في السلطة الفلسطينية، عن ضرورة التهدئة، مقابل تحسينات، ووعود بانفراجة سياسية، لكن الواقع على الارض لم يتغير منه شئ.
الحكومة الإسرائيلية في ظل الانتفاضة
من الواضح أن هناك أثر للأحداث على التوليفة الحكومية الحالية، وفي هذا الصدد قال ابو عواد ان هناك العديد من المخاطر التي تحيط بالحكومة الحالية في حال استمرار الاحداث.
فاستمرار الهبة وتطورها الى انتفاضة سيولد العديد من المشاكل الاقتصادية وزيادة نسبة العجز في الميزانية والتي بلغت في العام الماضي 3.6% وهي اكبر نسبة عجز في الميزانية الاسرائيلية، لذلك فإن الحكومة أمام تباطؤ في الاوضاع التجارية، وان كان بشكل مبدئي، فان لذلك تأثيرات على جباية الضريبة التي من شأنها ان تزيد من نسبة العجز، وحرمان الطبقات الفقيرة من البرنامج الذي جاء به وزير المالية كحلون الذي بدأ يشعر بالإحباط وفق تعبيره.
لذلك سيضطر كحلون وزير المالية راغما وغير راغب، بتحويل جزء من ميزانيات الطبقات الفقيرة والمخصصات الاجتماعية الى ميزانيات امنية وبالتالي تضرر برنامج الرجل " أي كحلون " الذي سيجد نفسه ضحية اخرى لنتنياهو ومشروع فشل كسابقه لبيد فهل سيسمح كحلون بذلك، لأجل ذلك وجدنا يوم أمس سلسلة من القرارت التي سرع بها كحلون مثل رفع الحد الأدني من الأجور.
أما البيت اليهودي بزعامة بنت ، فله اعتبارات خاصة للبقاء في الحكومة، على رأسها السير قدما في برنامج تقسيم المسجد الاقصى زمانيا ومكانيا وهذا ما اشترطه لدخول الحكومة اضافة الى اطلاق يد المستوطنين في البناء في الضفة الغربية وكذلك رسم حدود المستوطنات كحدود ثابتة لا نقاش عليها، فالاستمرار والتراجع بالنسبة لنتياهو يضعه امام مشكلة استمرار التوليفة الحكومية"
أما في ما تعلق بالمعارضة الاسرائيلية وإمكانية دخولها الحكومة قال مدير مركز القدس علاء الريماوي " إن المعارضة الاسرائيلية بما في ذلك حزب اليمين بزعامة ليبرمان، لن يقدم طوق نجاة مجانا لنتنياهو".
وأضاف ليبرمان لديه شروط تعجيزية منها المطالبة، بوزارة الحرب والذي يعد خطا أحمرا من وجهة نظر نتنياهو والليكود".
واضاف الريماوي ان المعسكر الصهيوني بزعامة هرتسوغ وإن ابدى ليونة في دخول الائتلاف الحكومي، إلا صقوره، وعلى رأسهم يحيموفتش وبيرتس، ترفض هذه الخطوة، حيث هددت بتفتيت المعسكر الصهيوني والانشقاق ككتلة مستقلة عن حزب العمل.
وختم قسم الدراسات في المركز (عماد ابو عواد، جلال رمانة، علاء الريماوي) سواء استمرت التوليفة الحالية وهو المرجح، او فشلت في الاستمرار فان الخريطة السياسية الاسرائيلية تشير الى ان اليمين الاسرائيلي هو المرشح الاقوى للاستمرار في حكم اسرائيل خلال السنوات القادمة.
وأضاف المركز" إن سلوك إسرائيل السياسي والامني لا يحمل فرصا قوية في قمع الانتفاضة، وانهائها، مما يعني أننا أمام فرص قوية لاستمرار الأحداث على الارض".
واشار المركز" إن سلوك حكومة نتنياهو في الحرب على غزة، هو ذاته الآن في انتفاضة القدس، الأمر الذي يشير وبوضوح إلى ان عصر القدرة والردع الصهيوني بات في أحط مستوياته منذ قيام دولة الإحتلال الإسرائيلي".
واوضح المركز " إن ثقة الجمهور الإسرائيلي في نتنياهو، بات ضعيفا للغاية، خاصة بعد الفشل في مواجهة العمليات الفردية التي نزعت أمن الفرد وحولته إلى دوائر متصلة من القلق".
وسوم: 640