الإعلام الروسي السوري ودعشنة الثورة السورية
ما إن بدأت روسيا في التدخل الفعلي لمواجهة الثورة السورية، حتى وجهت الأذرع التابعة لها، في الترويج لعملياتها وتبريرها، وبما أن النظام السوري بات تبعاً بعد التدخل الروسي، فكان أحد تلك الأذرع التي هيمنت عليها السيادة الروسية.
ومع بدء الضربات الجوية الروسية مطلع شهر أكتوبر من العام الجاري على ريف حماة، نشرت آلتها الإعلامية الرسمية، والوسائل الإعلامية المقربة منها، أن الضربات استهدفت عدة نقاط وأماكن لتنظيم الدولة “داعش في ريف حماة الشمالي، وهو ما نفاه بشكل قاطع عسكريون وإعلاميون في ريف حماة.
وحسب مراسليي مركز أمية الإعلامي في ريف حماة فإن باكورة الضربات الروسية استهدفت أماكن مدنية بالإضافة لأحد مقرات “تجمع العزة” التابع للجيش السوري الحر في مدينة اللطامنة بريف حماة، ولا وجود لداعش في المنطقة.
ورغم أن أن الإعلام السوري الرسمي، والصفحات الموالية له، نشروا مئات بل آلاف الأخبار والتقارير الإخبارية عن استهداف النظام السوري للمسلحين في ريف حماة حسب قولهم، ونوعت تقاريرهم الإخبارية وصف المستهدفين كالمسلحين، أو الإرهابيين، أو المجموعات المسلحة، إلا أنهم لم يستخدموا ورقة “داعش” في مناطق سيطرة المعارضة.
ومع أول تقرير صادر عن الخارجية الروسية، الذي ادعى زوراً وبهتاناً استهدافه لتجمعات داعش في ريف حماة، تحول الإعلام الرسمي السوري في نقل وقائع القصف الروسي على ريف حماة، ومن ثم اللاذقية، وريف حلب، وحمص على أنه استهداف لتجمعات داعش.
وبات مألوفاً في أي غارة جوية للطيران الروسي أن يكون الهدف تجمعاً لداعش، أو خلايا لداعش كما حدث مؤخراً في مرج السلطان بالغوطة الشرقية، فحاول النظام السوري التقدم نحو الغوطة الشرقية من جهة المرج، تحت غطاء جوي روسي، ولكن الإعلام الروسي والسوري أقحم “داعش” رغم خلو الغوطة الشرقية من التنظيم وقتال ثوارها لهم في وقت سابق، وفي مقدمتهم جيش الإسلام، أحد أبرز الفصائل في الغوطة الشرقية.
ورغم عداء الثورة السورية بمكوناتها وأطيافها لداعش والأسد على حدّ سواء، إلا أن الآلة الإعلامية الروسية السورية استمرت في كذبها المفضوح، بتحويل الخطاب الإعلامي، ودعشنة الثورة السورية.
فنشرت الإخبارية السورية قبل أيام قليلة تقريراً مصوراً، عقب تراجع جيش الإسلام عن بعض النقاط التي كان سيطر عليها في الجبال القريبة من ضاحية الأسد ضمن معركة “الله غالب”، وجاء في التقرير اعترافات لبعض أسرى جيش الإسلام الذين وقعوا بيد النظام السوري.
والملفت قول أحد الأسرى في اعترافه حسب مزاعم الإخبارية السورية: ” زهران علوش اعتقل العديد من العائلات في عدرا العمالية، وأصبح يدرب الأطفال على حمل السلاح، وأسماهم كتائب الأشبال، كما أعطاهم دروس ودربهم على العمليات الانتحارية وكيفية التفخيخ والتلغيم”.
وذلك الاعتراف – تحديداً – يحمل عدداً من الدلالات التي تؤكد أن الخطاب الإعلامي بات يلعب على وتر دعشنة الثورة السورية، فكتائب الأشبال يحاكي “معسكرات الأشبال” الواقعة في مناطق سيطرة تنظيم داعش، كما أن العمليات الانتحارية والتفخيخ لم تستخدمها معظم فصائل المعارضة السورية الإسلامية، أو المنضوية تحت الجيش السوري الحر، فتلك العمليات وكذلك التفخيخ والتلغيم هي إحدى السياسات المستخدمة لدى تنظيم داعش أيضاً.
وصحيحٌ أن الإعلام الروسي والسوري يشوبه كذب واضح، وفيه تدليس صريح للحقائق، إلا أنه يهدف إلى تحويل الرأي العام العالمي من الوقوف إلى جانب ثورة الشعب السوري المطالب بالحرية، إلى الوقوف ضدها، تحت ذريعة “داعش”.
وهذا يضع وسائل الإعلام التابعة للمعارضة، أو الداعمة للثورة السورية أمام مسؤولية كبيرة، والعمل على حملة إعلامية مضادة، تعرّي الإعلام الروسي والسوري، وتفضح تدليسه، وتؤكد وقوف الشعب السوري في وجه الطغاة (الأسد)، والغلاة (داعش).
عمار ياسر حمو
مركز أمية الإعلامي
وسوم: 641