أزمة مذيعة «ماسبيرو»… والتذكير بالرئيس «المدمن»!
أكشفت أنني لا أعرف «عزة الحناوي»، مذيعة التلفزيون المصري، الموقوفة عن العمل، والممنوعة من دخول مبنى ماسبيرو، رغم أنها، كما هو واضح ليست «مذيعة مستجدة»، التحقت بالعمل بعد توقفي عن مشاهدة التلفزيون المصري، اللهم إلا عندما يبشرنا هذا التلفزيون، بأن عبد الفتاح السيسي سيلقي بياناً، أو يدلي بحديث، فأتقرب إلى الله بالنوافل بمشاهدته وبترديد الدعاء المأثور: «الحمد لله الذي عفانا مما ابتلي به كثيراً من خلفه».
جيل كامل في التلفزيون المصري، لم يكن محظوظاً، لأنه بدأ نشاطه في وقت أعطى الناس ظهورهم له، بعد ظهور قناة «الجزيرة»، والقنوات التلفزيونية الخاصة التي سحبت البساط من تحت أقدامه، لاسيما بعد انتشار الأطباق اللاقطة، وانتهاء مرحلة المشاهدة الإلزامية لتلفزيون الدولة، ووضع الأذن على المذياع المتهالك ليلاً، لالتقاط إشارة «هنا لندن»، أو «صوت أمريكا»، لمعرفة ما يجري في مصر.
هناك سبب آخر يجعلنا لا نعرف «عزة الحناوي»، هو أنها تعمل في قناة محلية، كان يطلق عليها من قبل «القناة الثالثة»، ثم تغير الإسم لتصبح قناة «القاهرة»، ولا أظن أن إرسالها، يمكن أن يتجاوز حدود «القاهرة الكبرى»، ولأن المسؤولين لا يشاهدون القنوات المحلية والمتخصصة، فإن بعض العاملين فيها، يحرصون على توسيع هامش الحرية لأنفسهم ولضيوفهم، وقبل الثورة نزلت ضيفاً، ولأكثر من مرة، على قناة «النيل الثقافية»، وفي المرة الأولى كانت بدعوة من أحد المعدين للبرنامج الرئيس بها وهو زميلنا «عمر عبد العزيز الشحات»، وكان في الفقرة نفسها المناضل «مجدي أحمد حسين»، فك الله أسره، وقلنا كلاماً في نقد السلطة عظيماً، وقد أدهش حضوري الناشط القبطي «مجدي خليل»، والذي التقيته هناك، وكانت دهشته لأنني جعلت من وزير الإعلام الرائد متقاعد صفوت الشريف أمثولة في هذه الزاوية المتخصصة في النقد التلفزيوني.
وكانت ليلة ليلاء، إذ انكمش فيها المذيع، حتى كاد يتركني ويغادر الأستوديو، وهو ما جعل حالته تسمح لـ «الشحات» أن يتلاعب به، فوقف ينصحه ساخراً بألا يسافر الليلة إلى محافظته القريبة من القاهرة، فقد يتم إلقاء القبض عليه في الطريق، وقد يدفعون بشبيحة فيفتكون به، وكان هو يستمع باهتمام وهلع.
في واقعة «عزة الحناوي»، حدث العكس، فقد حطت الكاميرا على ضيفها، بعد خطابها أساس المشكلة، فإذا بالرجل في حالة ذعر، ومن حسن الحظ، أن كلمتها الحماسية كانت في نهاية الحلقة، فلم تطلب من الضيف أن يتكلم فكان الذعر وهي تشكره على تشريفه إياها.
وكان يمكن، للأمر أن يمر دون أن يسمع به إلا العدد المحدود من المشاهدين، إن وجد بالفعل مشاهدين لهذه القناة، مع خالص تقديري لكل من يعملون فيها، وأنا شخصياً عملت في صحف كان عدد «المرتجع» منها أكثر من عدد المطبوع، ومع ذلك فقد كنت أشعر بالأهمية وأتصرف على أنني «ليمونة في بلد قرفانة».
الهجوم على السيسي
«فيديو» جرى نشره على مواقع التواصل الإجتماعي لهذا المقطع وبعناوين مثيرة، عن مذيعة التلفزيون المصري التي تهاجم السيسي، لم يثر اهتمامي، فلدينا في تيار المدافعين عن الشرعية، من يعملون من الحبة قبة، فإن لم يجدوا الحبة قاموا بتصنيعها لتحويلها إلى قبة، وقد مللت حقيقة من عملية «المونتاج» التي تجري لكلمات بعض المسؤولين في سلطة الإنقلاب، بشكل تجاوز حدود الأمانة، ولا أظن أن قضيتنا مهتزة إلى درجة أننا نريد أن نسندها بأعمال الفبركة والتلفيق والتزوير.
لقد استبيح الصحافي الأمريكي «سيمور هيرش»، الذي قرأت له على بعض المواقع مقالات قال أصحاب المواقع إنها ترجمة حرفية لمقالاته بالإنكليزية، راعني جودة الصياغة، وجدية العبارة، وهي نصوص في الدفاع عن الشرعية ورفض الإنقلاب، وفي كل مرة كنا نقضي وقتا طويلاً في البحث عن النص الأصلي فلا نعثر له على جرة. فضلاً عن تصريحات يجري إطلاقها عبر «الفيسبوك» بين الحين والآخر يعلن فيها «هيرش»، أن مرسي عائد «وحاسبوني على ذلك»، وهو تحد لا يفعله كاتب، وإنما يليق ببائع خضار في «سوق الجمال».
وآخر ما أنتجته ماكينة التلفيق والتزوير، هو هذا الخبر الرائج في كثير من المواقع وصفحات التواصل الإجتماعي، عن إعلان رئيس مجلس إدارة «الأهرام»، في برنامجه على قناة «دريم»، بأنه نادم على مشاركته في حملة إسقاط الرئيس محمد مرسي، وللإثارة فقد قيل إن قناة «دريم» قطعت عليه، وخرجت لفاصل إعلاني عندما انتهت منه، لم يستكمل المذكور برنامجه.
«أحمد السيد النجار»، رئيس مؤسسة «الأهرام» الآن، ليس هو «محمد حسنين هيكل»، لكي يصبح لموقفه قيمة، يسعي لها البعض ولو بالتزوير ويمثل رأيه قيمة مضافة في معركة كسر الإنقلاب، وقد نمى عندي إحساس بأن هذه الأعمال ربما يقف وراء جانب منها جهاز ينتمي لعبد الفتاح السيسي بهدف أن يفقد الناس الثقة في ما ينشره إعلام الثورة، عندما تظهر الحقيقة، وقد ظهرت بما كتبه «النجار»، وبعد أسبوع كامل من الترويج للخبر على نطاق واسع، إذ أعلن أن برنامجه متوقف على قناة «دريم» منذ فترة طويلة، ولم يقل هذا الكلام.
وإن كان بإعلانه، أكد أن أحداً لم يكن مهتماً بهذا البرنامج فيخبر المحتفين بالمنسوب إليه بأنه متوقف قبل إعلانه هو، ومن الواضح أن قناة «دريم» نفسها سقطت من ذاكرة المشاهد.
مقاطع الفيديو
بعض مقاطع الفيديو، الخاصة ببرامج تلفزيونية، لا تعبر عناوينها عن ما يدور فيها، والبعض يتعامل على أن كثيرين لن يشاهدوها وسيكتفون بقراءة العنوان الزاعق، والنص المكتوب بشكل عام. وقد ظننت أن فيديو «عزة الحناوي» يأتي في هذا السياق، فلم أكترث به.
بيد أن الأداء غير الإحترافي، في مصر الإنقلاب، وفي المجالات كافة، كان سبباً في ذيوع الفيديو، وتحوله إلى خبر مهم، بعد أن قام رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون بإحالة المذيعة للتحقيق، ووقف البرنامج، وقرأت لاحقاً أنه منعها من دخول مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون «ماسبيرو»، والاتهام أنها خرجت عن المهنية، مما جعلها ضيفة على الكثير من برامج «التوك شو»، ووجدها الحزب الاشتراكي المصري فرصة ليسترد عافيته، فيناضل في الهامش، لأنه ليس مسموحاً بالنضال ضد السلطة، فندد بوقف «عزة الحناوي» عن العمل.
كان يمكن للموضوع، رغم الترويج له أن ينتهي، باعتباره «زوبعة في فنجان»، لكن السلطة المهتزة هي التي ساهمت في الدفع للتعامل معه بجدية، بقرار الإحالة والوقف والمنع، فالدولة المصرية الآن لا يديرها ساسة، وإنما تدار بواسطة عبد الفتاح السيسي (محدود القدرات)، وسكرتيره عباس كامل ( منعدم القدرات السياسية)، وكل من في الدولة أدوات تنفيذية لإرادة الثنائي، وليست لديهم خبرة بتراث الذين خلوا في التعامل مع هذه الأمور البسيطة.
في عهد الرئيس السادات، قرأ صديقنا الراحل الإعلامي «رجب حسن»، نشرة الأخبار، وقد أخطأ في الوصف الدارج للرئيس السادات، الذي كان يسبق اسمه وهو «الرئيس المؤمن»، بأن قرأها «الرئيس المدمن»، واستدعاه رئيس الإذاعة «محمود سلطان» بعد انتهاء النشرة، وطلب منه قراءتها ثانية، فقرأ «الرئيس المؤمن»، قبل أن يفاجأ أنه أخطأ.
الشائع شعبياً عن السادات أنه كان «حشاشا»، وأن «البايب» الذي يحمله وهو يلقي خطبه الطويلة، معبأ بالحشيش، وأن يصفه مذيع بـ «الرئيس المدمن»، فإن هذا سيجد هوى عند الناس.
ليخلي مسؤوليته فقد رفع رئيس الإذاعة الأمر للرئيس، وظن «رجب حسن» أنها القاضية، لكن السادات استمع للشريط المرفق وضحك طويلاً، وهو يهون من الموضوع ويقول ساخراً: «من الواضح أنه هو من أخذ له نفسين قبل قراءة النشرة».
المعالجة الحادة، هي التي جعلتني استمع للفيديو، والمذيعة كانت منفعلة بعض الشيء، بسبب «غرق الإسكندرية» في «شبر ماء» من جراء الأمطار، وطالبت بقوانين تحاسب الجميع بمن فيهم (الرئيس). لكنها كانت على موعد مع القدر، فتسببت هذه الإجراءات في أن تحقق من الشهرة ما لا يمكن أن تحققه لو ظلت تعمل في القناة الثالثة قرنا من الزمان.
لا بأس فالدولة الضعيفة تزعجها عبارة لمذيعة، ويربكها ضيف في فضائية، وتسقطها قناة تلفزيونية، وعندما تسمع للسيسي وجماعته سيستقر في وجدانك أن الرئيس محمد مرسي كان جبلاً، بجانب سلطة الفأر المذعور.
محظوظة «عزة الحناوي»، لقد تحولت إلى بطلة بعبارة، وربما تقرر خوض الإنتخابات الرئاسية، بعد أن صارت أكثر جدية من حمدين صباحي.
أرض جو
- بشرنا أحمد موسي بأن الجيش المصري على آخر الشهر سيبيع للشعب «فخذة ضاني، وعكاوي، وبيض بأقل الأسعار»، ولم يقل لنا إن كان الجيش سيبيع محشي بورق العنب أم لا، لأنني أحب من «المحاشي» محشي الكرنب.
- ريم ماجد، تقول إنها تشعر بالعجز لأنها ممنوعة من الظهور في أي قناة مصرية. أليس من قاموا بمنعك هم من قمت بالنضال من أجل أن يحكموا في حملة إسقاط الرئيس المنتخب. اللهم لا شماتة!
- السيسي يقول لمراسلة إحدى القنوات إنه عندما يرى وجهها يتفاءل. هل هذا أداء رئيس؟!
وسوم: 642