لا تثقوا بالولايات المتحدة 49
(49) جيمي كارتر ليس رئيسا مؤمنا بل مجرم متهم بالإبادة البشرية
"لا يوجد قائد لديّ شعور عميق بالصداقة الشخصية والإمتنان تجاهه مثل شاه إيران"
الرئيس الأمريكي الأسبق
جيمي كارتر
"قال لنا المسيح إن أي أحد ينظر إلى المرأة بشهوة فقد ارتكب الخطيئة في قلبه . وقد نظرت إلى الكثير من النساء بشهوة واقترفت الإثم في قلبي العديد من المرات ، وهذا شيء يعرف الله أنني سوف اقوم به ، وقد قمتُ به – والله سوف يغفر لي" .
الرئيس الأمريكي الأسبق
جيمي كارتر
لقاء مع مجلة بلاي بوي الجنسية !
"القادة الأميركيون هم بالتأكيد ليسوا لا أخلاقيين بقدر ما هم عديمي الأخلاق . ليس لأنهم يحصلون على المتعة من التسبّب بالكثير من الموت والمعاناة للآخرين، بل لأنهم لا يكترثون أبداً .. نفس الشيء يُقال عن السايكوباثي . فمادام الموت والمعاناة تحقّق أهداف الإمبراطورية، ومادام الاشخاص المقصودون والشركات المقصودة تظفر بالثروة والسلطة والنفوذ، ومادام الموت والمعاناة لا يصيبهم أو يصيب الأشخاص المقرّبين منهم... فهم لا يكترثون لما يحصل للناس الآخرين، وبضمنهم الجنود الأمريكيون الذين يلقون بهم في الحروب والذين يعودون إلى الوطن – أولئك الذين يستطيعون العودة احياء – مع العامل البرتقالي أو متلازمة حرب الخليج التي تنخر أجسادهم. القادة الأميركيون لن يكونوا في المناصب التي هم فيها الآن لو انشغلوا بمثل هذه الاشياء"
ويليام بلوم
كتاب "قتل الأمل"
)تمهيد : قاتل بوجه طفولي- لماذا يختلف جيمي كارتر عن هؤلاء الرؤساء القتلة ؟- خلاصة سريعة بجرائم جيمي كارتر- جيمي كارتر رئيس مرحلة التمزيق الديني الأصولي للعالم: كيف خلق كارتر المدّ الإرهابي الأصولي الإسلامي ؟ تدمير التجربة العلمانية في أفغانستان- كارتر والتيار الأصولي في الحياة السياسية الأمريكية- محاولة نفسية في قراءة وجه جيمي كارتر- الرئيس المؤمن لم يجد غير مجلة "البلاي بوي" الجنسية يتحدث فيها عن المسيح- شيء عن سلوكيات كارتر الإجرامية: كارتر يساعد ديكتاتور كوريا الجنوبية على قتل المعارضين وإجهاض الثورة الشعبية - نيكاراغوا : مساندة كارتر للديكتاتور سوموزا وتهريبه ودعمه لفرق الموت- هاييتي: محاولة إسقاط الرئيس المنتخب وإنقاذ الديكتاتور العسكري- زائير 1977 : دعم الديكتاتور موبوتو بمساعدات "غير مميتة"!- غواتيمالا 1977: الدعم السرّي للنظام الديكتاتوري وتسليح فرق الموت- أنغولا 1978 : دعم مجازر الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا- السلفادور 1980: كارتر محبّ المسيح يساند ذبح الاساقفة المسيحيين- مراقب الإنتخابات المحايد يزوّر الإنتخابات- الحقد على شعب فيتنام المحطّم والاستخفاف بمحنته- كيف نفسّر هذه المواقف الساديّة ؟- كارتر المدافع عن حقوق الإنسان يساهم في ذبح 200,000 مواطن في تيمور الشرقية وفي تغطية المذبحة سياسيّاً- مساندة سفّاح كمبوديا بول بوت والحرص على تمثيله في الأمم المتحدة - دعم إرهاب الدولة من خلال عملية كوندور- "عامل" كارتر في إرباك وضع فنزويلا 2002 – 2004- كارتر حامي حقوق الإنسان يقدّم أعلى المساعدات للدول التي تسحق حقوق الإنسان- كارتر داعية الإبادة البشرية (قتل 2 مليار من سكان العالم)- تقرير كارتر اُسّس على تقرير نادي روما الداعي للإبادة البشرية- إرث ما بعد رئاسة كارتر السيّء- من مصادر هذه الحلقة- ملاحظة عن هذه الحلقات).
# تمهيد : قاتل بوجه طفولي :
------------------------------
بعد أن تسلّم "جيمي كارتر" (1924 - ؟؟) الرئاسة ليكون الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة الأميركية عن الحزب الديمقراطي ، وذلك في الفترة من 1977 إلى 1981، بدأت الماكنة الدعائية الأميركية بدورانها الهائل المدوّخ لتطرح صورة جديدة للرئيس الجديد تختلف كلّية – في الظاهر - عن صورة كل الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه . فالرؤساء السابقون هم قتلة تلطخت أيديهم بدماء الشعوب وكانت سياساتهم الخارجية ترتكز على محور واحد مركزي هو السيطرة على مقدرات الشعوب والإستيلاء على ثرواتها حتى لو تطلب هذا الأمر قتلها وإخراجها من الحياة والتاريخ . أمّا الرئيس الجديد جيمي كارتر فقد دخل البيت الأبيض وهو يحمل يافطة الدفاع عن حقوق الإنسان البيضاء من ناحية ، والإعلان الدائم عن روحه الدينية المسيحية الورعة التي تخشى الله وما يترتب على هذا الإيمان من طقوس تتمثل في "التطهّر" و "الولادة من جديد" وغيرها من ناحية ثانية . ومنذ مغادرته للبيت الأبيض عام 1981 تفرغ للمشاركة في السياسات الدولية ومنح جائزة نوبل للسلام عام 2002 لدأبه في التوصل لحلول في الصراعات الدولية وازدهار الديموقراطية في شتى بقاع العالم واحترام حقوق الإنسان كما يبدو على السطح. وقد اعتبره "جيمس زغبي" رئيس المعهد العربي الأميركي : "أفضل رئيس أميركي" في مقالة في الشرق الأوسط عام 2001.
بعد مغادرته البيت الأبيض عام 1981 ، خلق كارتر لنفسه سمعة رئيس سابق لديه ضمير . بدأ ببناء بيوت للفقراء ، وعندما يسافر إلى الأماكن الساخنة ، تصوّره وسائل الإعلام كمفاوض ماهر ومجرّب من أجل حقوق الإنسان .
ولكن المراجعة الدقيقة للتاريخ الأمريكي (دولة حديثة من أربع قرون قامت على اساس احتلال أرض الغير وإبادته) ، والتأمّل العميق والحيّ للعوامل التي تحكّمت بنشأة الولايات المتحدة وشكّلت البنية السيكولوجية العميقة (وسنتناولها في حلقة خاصة) تجعلنا لا نصدّق السلوك الظاهري الدعائي مهما كان مغرياً وجاذباً ، ونميل وبقوة إلى التمسّك بالثوابت البنيوية التي رسمت السلوك الوحشي الدموي الكذّاب الذرائعي لكل الرؤساء الأمريكيين السابقين ونتساءل : لماذا يختلف السيّد كارتر- وهو محكوم بنفس العوامل التي حكمت تشكيل البنية النفسية العميقة- عن ثمانية وثلاثين رئيسا سبقوه ؟ لماذا ؟
تثبت التجربة والقرائن التاريخية والسلوكية أن السيّد كارتر بخلاف ابتسامته الجذّابة ووجهه البرىء هو من الرؤساء الدمويين الوحشيين والكذّابين والذين عملوا على تدمير الشعوب والاستيلاء على ثرواتها حتى لو كلّف ذلك قتلها وإخراجها من الحياة . وإن الغطاء الديني الذي جاء به كان ضروريا ومصمّماً من قبل الدوائر الأميركية السرّية الحاكمة (الكارتل العسكري النفطي الصناعي ) لبدء المخطط الجديد الرهيب لمرحلة التمزيق الأصولي الديني للعالم ، هذا التمزيق المرعب الذي عشناه مع القاعدة التي ساهم جيمي كارتر في إنشائها وبلغت ذروتها المدمّرة التخريبية مع إرهاب داعش الآن.
الآن وقبل أن نبدأ مع جرائم جيمي كارتر دونا نذكّر ببعض الأفعال البشعة لبعض الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوا جيمي كارتر.
# لماذا يختلف جيمي كارتر عن هؤلاء الرؤساء القتلة ؟
----------------------------------------------------
يقول نعوم تشومسكي : لو طُبقت قواعد ولوائح محكمة نورمبرغ ومحكمة طوكيو على الرؤساء الأميركيين فإن جميعهم (وخصوصا هؤلاء الذين حكموا بعد الحرب العالمية الثانية) سوف يُشنقون بسبب ارتكابهم لجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
لنأخذ مجموعة من الرؤساء الأميركيين :
ترومان : قام بتنظيم حملة كبرى ضد المقاومة اليونانية أدت إلى مقتل 160,000 شخص ، وعشرات الألوف من اللاجئين ، و60,000 شخص أو أكثر تعرّضوا للتعذيب في السجون . ألا يخضع لنورمبرغ ؟
ماذا عن إيزنهاور ؟ أليس الإسقاط المسلح لحكومة غواتيمالا جريمة . فقد نظمت الـ CIA الإنقلاب ونُفّذ تحت التهديد والقصف الجوي الأمريكي لإسقاط التجربة الديمقراطية . . إنها جريمة . غزو لبنان في الخمسينات حيث قتل الكثير من الناس . إسقاط حكومة مصدّق عام 1952 بانقلاب من تخطيط الـ CIA .. وهناك الكثير غير هذه الجرائم.
كنيدي سهل . غزو كوبا هو عدوان صارخ . .ولقد خطّط له إيزنهاور وقام كنيدي بتنفيذه ، وعليه فهو مشمول حسب نظرية المؤامرة . بغزو بلد آخر . بعدها شنّ حملة إرهابية كبرى ضد كوبا قصف فيها المصانع والمساكن . ثم – وفي عهد نيكسون – توسّع المخطط أكثر وجاء تسميم المواشي .. ثم جاءت فيتنام ، فقد غزا فيتنام الجنوبية عام 1964 ثم أرسل القوة الجوية الأمريكية للقصف المروّع.
جونسون : جرائمه بسيطة . حرب الهند الصينية وحدها ناهيك عن غزو جمهورية الدومنيكان هي جريمة حرب كبرى .
نيسكون الشيء نفسه ، نيكسون غزا كمبوديا. وهناك حملة نيكسون – كيسنجر لقصف كمبوديا في بداية السبعينات (600,000 قتيل). وهناك العديد من الجرائم يمكن أن نعدها الواحدة بعد الأخرى .
جيرالد فورد : وهذا ساند الإبادة البشرية التي قام بها جنرالات إندونيسيا ضد سكان تيمور الشرقية ..غزو الكويت من قبل صدام حسين يمثل حفلة شاي بالنسبة إلى هذه المجازر .
رونالد ريغان : وجرائمه في أمريكا الوسطى تكفي .. ساند الغزو الإسرائيلي للبنان الذي يجعل صدّام حسين يبدو حنوناً قياسا إلى الإصابات والدمار (20,000 قتيل).
بوش : يكفينا التذكير بغزو بنما (3,000 قتيل ) وغزو العراق وتدميره في 1991 (100,000 قتيل في أقل الأحوال).
والآن يثور السؤال الأساسي : لماذا يختلف جيمي كارتر عن سلسلة هؤلاء الرؤساء الدمويين السفّاحين ؟
# خلاصة سريعة بجرائم جيمي كارتر :
-------------------------------------
صحيح أن كارتر قام باشياء مفيدة ، لكن يبدو أن كل شيء كان محسوباً . لقد ساعد على استقالة ديكتاتور هاييتي سيدراس ، وشارك في مفاوضات إنهاء الحرب اليوغوسلافية . ولكنه اقترف الكثير من الأفعال المنكرة التي تصل مستوى الجرائم ؛ جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
لقد ساعد السفاح بول بوت الذي اسقطه الفيتناميون عام 1979 وذلك لمعاقبة الفيتناميين لأنهم دحروا الغزاة من شعبه.
بالنسبة لإندونيسيا فقد ساند الديكتاتور سوهارتو في قمع شعبه ، وشارك في مساندة سوهارتو في ذبح ثلث سكان تيمور الشرقية بإبادة 200,000 مواطن.
وبالنسبة لسوموزا ديكتاتور نيكاراغوا قام كارتر بما هو أبشع حين فقد الأخير السيطرة على الحكم والمدن الكبرى ، حيث قام كارتر بشن حملة غزو تحت غطاء منظمة دول أمريكا اللاتينية لكنها رُفضت ، فخطط كارتر لإرسال الجيش الأمريكي لإسناد جيش سوموزا الذي كانت تساعده الولايات المتحدة بالسلاح والأموال ، ولكن الوقت كان متأخرا . فقام كارتر بإنقاذ سوموزا عبر مساعدته في الهرب بطائرة من طائرات الصليب الأحمر . ثم قام كارتر ووكالة المخابرات المركزية بإعادة تنظيم جيش سوموزا ليتحول إلى قوة مسلحة معارضة هي "الكونترا" التي كانت تقوم بقتل العمال والفلاحين والاساتذة والطلبة والأطباء والناشطين الاجتماعيين ، وتحرق المحاصيل ، وأجهضت اي فرصة للاصلاح الاجتماعي تستثمرها حكومة الساندنيستا .
# جيمي كارتر رئيس مرحلة التمزيق الديني الأصولي للعالم :
---------------------------------------------------------
# كيف خلق كارتر المدّ الإرهابي الأصولي الإسلامي ؟
تدمير التجربة العلمانية في أفغانستان :
--------------------------------------------------------- خلال سنوات الستينات نهضت حركة التحرر في أفغانستان ، وتمركزت حول الحزب الشعبي الديمقراطي الأفغاني (PDPA) الذي أخذ موقف المعارضة من الحكم الأوتوقراطي للملك ظاهر شاه، وفي النهاية كانت الإطاحة بنظام محمد داود ، إبن عم الملك، في 1978، وكانت هذه بكل المقاييس ثورة شعبية كاسحة. ووجد أغلب الصحفيين الأجانب في كابول ، على نحو ما ذكرت نيويورك تايمز : "أن الأفغان الذين التقوا بهم – جميعهم تقريباً – قد أعربوا عن سعادتهم بهذا الإنقلاب" . وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال : "إن مائة وخمسين ألف شخص قد قاموا بمسيرة لتحية العَلَم الجديد ، وكانت الحماسة الحقيقية تبدو واضحة على جميع المشاركين". وقالت صحيفة واشنطن بوست :"إن ولاء الأفغان لا يكاد يكون موضع تساؤل" .
ووضعت الحكومة الجديدة إطارا لبرنامج إصلاحي تضمّن إلغاء النفوذ الإقطاعي في أقاليم الدولة ، وحرّية العبادة ، والحقوق المتساوية للنساء ، ومنح الحقوق التي كانت منكورة حتى ذلك الوقت لمختلف الأقليات الإثنية . وتم إطلاق سراح ثلاثة عشر ألفا من المسجونين . كما أُحرقت علنا ملفات الشرطة .
وفي ظل النظام القبلي والإقطاعي كان متوسط العمر لا يتجاوز خمسة وثلاثين عاما ، وكان واحدا تقريبا من بين كل ثلاثة أطفال يموت خلال مرحلة الطفولة . كان تسعون بالمائة من السكان يعانون من سوء التغذية ، ووفرت الحكومة الجديدة الرعاية الطبية المجانية في أكثر المناطق فقراً . وأُلغى نظام العمل بالسخرة ، وبدأ تنفيذ حملة جماعية شاملة لمحو الأمية . وحصلت النساء على مكاسب لم يُسمع بها من قبل ، "فمع نهاية الثمانينات كان نصف طلبة الجامعة من النساء، وكان النساء يشكلن نسبة أربعين في المائة من عدد الأطباء في أفغانستان ، وسبعين في المائة من المعلمين ، وثلاثين في المائة من موظفي الخدمة المدنية .
والواقع أن هذه التغييرات كانت جذرية إلى الحد الذي أبقاها راسخة في ذاكرة هؤلاء الذين استفادوا منها . سارة نوراني الطبيبة التي هربت من حكم الطالبان في سبتمبر 2001 قالت : "كان في استطاعة كل فتاة أن تلتحق بالمدرسة الثانوية أو الجامعة ، كان من حقنا أن نذهب إلى أي مكان نشاء ، وأن نرتدي ما نشاء ، كان من عادتنا الذهاب إلى المقاهي ، وإلى دور السينما لمشاهد آخر الأفلام الهندية في أيام الجمع ، والإستماع إلى آخر المقطوعات الموسيقية الهندية . أخذ كل شيء يمضي في الطريق الخطأ عندما بدأ "المجاهدون" في الإنتصار. لقد اعتادوا على قتل المعلمين وحرق المدارس . كنا نعيش حالة من الرعب . كان شيئا غريباً ومحزناً في ذات الوقت أن نفكر في أن هؤلاء هم الناس الذين تلقوا الدعم من الغرب" .
كانت المشكلة بالنسبة لحكومة الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني أنها كانت تحظى بدعم الإتحاد السوفيتي . ورغم أن الحزب كان ستالينياً في تكوين لجنته المركزية ، إلا أنه لم يكن إطلاقا "دمية متحركة" على نحو ما كان يطلق عليه الغرب ساخرا ؛ كما لم يكن الإنقلاب الذي قام به مسنوداً من السوفيت ، على نحو ما كانت الصحافة الغربية تدّعي في ذلك الوقت .
وفي مذكراته يعترف "سايروس فانس" وزير الخارجية في عهد الرئيس كارتر ، فيقول : "ليس لدينا أي دليل على وجود تواطؤ سوفيتي في الإنقلاب" . وفي الجناح الآخر من إدارة كارتر ، كان هناك "زبجنيو بريجنسكي" ، مستشار الرئيس للأمن القومي ، الذي كان يعتقد بأن المهانة التي تلقتها أمريكا مؤخرا في فيتنام تحتاج إلى ما يُكفّر عنها ، وأن المكاسب التي حققتها حركات التحرير في مرحلة ما بعد الإستعمار في الأماكن الأخرى تشكل تحديا للولايات المتحدة . وزيادة على ذلك فإن الأنظمة التابعة للأنجلو – أميركية في الشرق الأوسط والخليج ، وخاصة إيران تحت حكم الشاه ، ينبغي توفير "الحماية" لها . وإذا ما قُدر لأفغانستان أن تحقق نجاحا في ظل حكم الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني فقد كان في الإمكان أن تكون "مثالا واعدا يشكل تهديداً" .
وفي 2 يوليو 1979 ، وبدون علم الجمهور أو الكونغرس الأمريكي ، سمح الرئيس جيمي كارتر بتنفيذ برنامج عمل سرّي يُخصص له خمسمائة مليون دولار بهدف مساعدة الجماعات القبلية المعروفة باسم "المجاهدين" . وكان الهدف هو الإطاحة بأول حكومة علمانية تقدمية في أفغانستان . وعلى النقيض من طقوس الحرب الباردة ، فإن الغزو السوفيتي لأفغانستان ، والذي لم يحدث إلا عقب ذلك بستة أشهر ، لم يكن له علاقة بهذا الأمر . فالواقع أن جميع الشواهد تشير إلى أن السوفيت قد قاموا بتحركهم المشؤوم في أفغانستان ، ردّاً على نفس "الإرهاب" الديني والقبلي الذي استخمه الأمريكيون كذريعة يبرّرون بها غزوهم لأفغانستان في نوفمبر 2001 .
وفي مقابلة له أُجريت في 1998 اعترف بريجنسكي بأن واشنطن قد كذبت حول الدور الأمريكي . يقول : "وفقا للرواية الرسمية للتاريخ ، فإن مساعدة وكالة المخابرات الأمريكية المركزية للمجاهدين قد بدأت خلال 1980 ، أي أن ذلك كان بعد غزو الجيش السوفيتي لأفغانستان .. ولكن الحقيقة التي تم الإحتفاظ بها سرّاً حتى الآن ، هي على خلاف ذلك تماماً" .
ففي أغسطس عام 1979 ، ذكرت السفارة الأمريكية في كابول في تقرير لها : "إن مصالح واسعة النطاق للولايات المتحدة يمكن خدمتها في حال سقوط (حكومة الحزب الديمقراطي الأفغاني) على الرغم من أن انتكاسات يمكن أن يعنيها ذلك بالنسبة للإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية في افغانستان".
وعلى ذلك فإن واشنطن قد بدأت علاقة فاوستية مع البعض من أكثر المتعصبين وحشية على وجه الأرض ، رجال مثل قلب الدين حكمتيار تلقوا من وكالة المخابرات المركزية (سي . آي . إيه) عشرات الملايين من الدولارات . وكان ما يميّز حكمتيار هو التجارة بالأفيون والقذف بالمواد الكاوية على وجوه النساء اللاتي يرفضن ارتداء النقاب . ولدى دعوته لزيارة لندن عام 1986 ، كان الترحيب من جانب رئيسة الوزراء تاتشر باعتباره "مقاتلا من أجل الحرية" . وبين عامي 1978 و 1992 ، وهي فترة حكم الحزب الديمقراطي الأفغاني ، قامت واشنطن بإيصال نحو أربعة ملايين دولار لجماعات المجاهدين . وكانت خطة بريجنسكي هي العمل على تكوين حركة دولية يمكن أن تتولى نشر الأصولية الإسلامية في وسط آسيا ، وزعزعة الاتحاد السوفيتي على نحو ما كتب في مذكراته .
ولقد تلاقت خطته العظمى مع طموحات الدكتاتور الباكستاني الجنرال ضياء الحق لفرض السيطرة على المنطقة . وفي 1986 ، قام مدير وكالة المخابرات المركزية "وليام كيسي" بإعطاء دعم الوكالة لخطة سبق أن وضعتها وكالة المخابرات الباكستانية (ISI) تستهدف تجنيد الناس من مختلف أنحاء العالم للإنضمام إلى "الجهاد" الأفغاني ، وتم تدريب أكثر من مائة ألف من المتشددين الإسلاميين في باكستان خلال الفترة من 1982 حتى 1992 (الطالبان تعني الطلبة) والعناصر المؤثرة التي انضمت في النهاية إلى الطالبان ، وإلى تنظيم القاعدة الذي يقوده أسامة بن لادن ، قد تم تجنيدها في مدرسة إسلامية في بروكلين بنيويورك ، وتلقت تدريباً على الهبوط بالمظلات في معسكر لوكالة المخابرات المركزية في فرجينيا . وقد أطلق على ذلك اسم "عملية الإعصار – cyclone operation" .
وفي باكستان ، كانت معسكرات التدريب التابعة للمجاهدين تتولى إدارتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، والمخابرات البريطانية (م – 16) . وهناك كان يتم تدريب المقاتلين الذين سيلتحقون مستقبلا بطالبان والقاعدة على صنع القنابل وغيرها من الفنون السوداء . وقد استمر ذلك لوقت طويل بعد انسحاب الجيش السوفيتي في 1989 . وعندما سقطت حكومة الحزب الديمقراطي الشعبي الأفغاني في نهاية الأمر عام 1992 ، قام أمير الحرب المفضل لدى الغرب ، قلب الدين حكمتيار ، بقذف سيل من الصواريخ الأمريكية الصنع على العاصمة كابول ، ليقتل ألفي شخص ، حتى كانت موافقة الجماعات الأخرى على أن تجعل منه رئيسا للوزراء .
لقد كانت رئاسة كارتر وليس ريغان هي المسؤولة عن عن تنظيم ، وتمويل ، وتدريب الانتفاضة الإسلامية والحملة الإرهابية التي تلتها . لقد كتب بيرجنسكي لاحقاً إن حملة الولايات المتحدة – أفغانستان واحدة من أعلى مراحل دبلوماسية الولايات المتحدة في الحرب الباردة، فقد استثارت التدخل السوفيتي لصالح الحليق الأفغاني العلماني . وحتى عندما تمت مواجهته بالنتائج المتمثلة بالتدمير الشامل لأفغانستان ، وظهور التابان والقاعدة وكارثة 11 ايلول ، فإن مستشار كارتر السابق للأمن القومي بيرجنسكي أجاب بأن لكل حرب خسائر جانبية مقارنة بحرب عجّلت من انهيار الاتحاد السوفيتي . لقد كان تدخّل الرئيس كارتر في أفغانستان تدشيناً للحرب الباردة الثانية والتي أصبحت أكثر شدة وعنفاً في ظل ريغان. لقد شنّ كارتر سلسلة من الحروب ابلنيابة في أنغولا ، موزمبيق ، أمريكا الوسطى ، والكاريبي ، وأماكن أخرى. كان كارتر بصورة صارخة وكيلا وداعية وممارساً لأسوأ أنواع التدخلات الإمبريالية وأستاذاً للعلاقات العامة : كان الممارس المبكّر للـ "الإمبريالية الإنسانية – إنسانية في الخطاب ، ووحشية في التطبيق" .
# كارتر والتيار الأصولي في الحياة السياسية الأمريكية :
-----------------------------------------------------
يقول تشومسكي : "ثمة مزية مثيرة جدا للقلق في الثقافة الأمريكية . فلا يوجد في أي بلد صناعي آخر درجة مماثلة من المعتقدات الدينية المتطرفة والالتزامات غير العقلانية التي يشيع وجودها في الولايات المتحدة . وتعتبر الفكرة الداعية إلى تجنب تعليم نظريّ’ التطور او التظاهر بأنك لا تعلمه فريدة في العالم الصناعي . وهناك نسبة مئوية كبيرة من الأشخاص ، وربما تصل إلى الربع تقول أنها شهدت تجربة الولادة ثانية ، وثمة عدد كبير من الأشخاص الذين يؤمنون بما يسمّى بـ "النشوة الروحية" . ترجع هذه المعتقدات إلى التاريخ الأميركي القديم، لكنها أخذت في السنوات الأخيرة تؤثر على الحياة الاجتماعية والسياسية بدرجة غير مسبوقة . على سبيل المثال لم يكن على أي رئيس أميركي قبل جيمي كارتر الإدعاء بأنه متعصب للدين ، لكن الجميع صاروا كذلك منذ ذلك الوقت . وقد ساهم ذلك في تقويض الديمقراطية منذ السبعينات . لقد علم كارتر ربما دون أن يقصد ، الدرس بأنك تستطيع تعبئة جمهور كبير من الناخبين بتقديم نفسك - بصدق أم لا - على أنك مسيحي أنجيلي يخشع للكتاب المقدس . وكانت المعتقدات الدينية شأنا شخصيا حتى ذلك الوقت . فحدث استيلاء مقصود على النظام الانتخابي عن طريق صناعة العلاقات العامة وهي تروج اليوم للمرشحين مثلما تروج للسلع ، وصورة الشخص المؤمن الذي يخشى الله ويؤمن به ايمانا عميقا والذي سيحمينا من تهديدات العالم الحديث هي صورة يمكنك ترويجها" . ويواصل تشومسكي القول : "إنني أعمل في محطة إذاعية ولا يمكننا أن نذيع قصيدة (هتاف) للشاعر ألن غنسبيرغ ويقال أنها من القصائد الكبرى في القرن العشرين لأنها تحتوي على كلمة ممنوعة . ولا يمكننا أن نذيع أغنية بروس كوكبورن (أسموها ديمقراطية) لأنه يقول شيئا مستقبحا ضد البنك الدولي ، أو أغنية بوب ديلان "هوريكين – إعصار" عن سجن هوريكين كارتر ظلما وهو ملاكم سابق لأنها تستخدم كلمة ممنوعة . هناك هجمة كبيرة على حرية التعبير في كل مكان . وتقوم المجالس التشريعية في اكثر من اثنتي عشرة ولاية بدراسة مشروع قانون ستقره جميع المجالس للتحكم في ما يقوله اساتذة الجامعات ومعلمو المدارس في الصفوف. وقد أوضح أحد رعاة هذا التشريع قائلا : 80% من ألساتذة ـ أو نحو ذلك - ديمقراطيون أو ليبراليون أو اشتراكيون أو شيوعيون مسجلون . الجامعات لم تتم السيطرة عليها لحد الآن برغم أنها مملوكة للشركات .
قالت جوليا ميتشل كوربت ، ومايكل كوربت في كتابهما القيّم " الدين والسياسة في أمريكا " : ( أدى التقاء الدين بالسياسة في نقطة ما إلى ظهور اليمين المسيحي الجديد ، الذي بدأ في سبعينات القرن العشرين (مع صعود جيمي كارتر) على الرغم من عودة بعض جذوره إلى الفترة الاستعمارية ، ولم يكن هذا الظهور ، نتيجة للتوجه نحو المحافظة في الدين خلال السبعينات فحسب ، ولكن نتيجة لدين محافظ يؤكد صوته السياسي .. ثم نضجت الحركة الأصولية السياسية هذه ، وساعد ترشيح جيمي كارتر للرئاسة على احتلال المسيحية المحافظة مركز الصدارة في الوعي الشعبي ، وأعلن كل من مجلة تايم ونيوزويك عام 1976عاما للإنجيلية ، وتأكد هذا مجددا بإعلان جيرالد فورد المنافس في عام 1976 والمتنافسين عام 80 ريغان ، وجون أندرسون ، بإعادة مولدهم كمسيحيين ، وكان هذا بمثابة إعلان عن نضوج الحركة) .
# محاولة نفسية في قراءة وجه جيمي كارتر :
------------------------------------------
حين جاء كارتر انخلق لدى الناس في كل مكان انطباع خادع بأن هذا الرئيس الجديد يسلك سلوكاً مغايراً يختلف عن كل الرؤساء الأميركيين السابقين ، رئيس يبحث عن السلام والتضامن بين االبشر . هذه الصورة عملت الماكنة الدعائية الأمريكية الهائلة على ترويجها وتزويقها . رجل هادىء ولطيف من الجنوب ، فلّاح مثابر يعمل في تجارة الفستق بعد خدمة في البحرية ، يتمتع بابتسامة محبّبة .
ثم جاء منحه جائزة نوبل للسلام والله وحده يعرف لماذا مُنحت له هذه الجائزة ـ واعتقد الكثيرون أن لجنة الجائزة في أوسلو قد فقدت عقلها . لكن من جديد قامت الماكنة الدعائية الأمريكية المتوحّشة والمتشدّقة بالديمقراطية والإنسانية بتمرير هذا الفوز الذي شوّه صورة هذه الجائزة .
لكن سرعان ما تأكّد أن المظاهر خادعة ، وأنّ القلنسوة لا تصنع راهباً . وفي كتاب لم يحصل على الإهتمام الكافي وصدر عام 1981 وهو "قراءة الوجوه" لمؤلفه د. ليوبولد بيلاك" وهو مختص بعلم النفس ولد وترعرع في استراليا ولهذا فهو متحرّر من الانحيازات الأمريكية المعروفة . وقد بنى نظريته في قراءة الوجوه على "نظام المنطقة - zone system" وفيه يقسم الوجه إلى مقاطع بخط عمودي في المنتصف وخط أفقي تحت العينين. والمناطق الأربع الناتجة تقرأ في ثماني خطوات .
وباعتماده على هذه الطريقة وعلى قاعدة أنّه مهما كانت الإبتسامة كبيرة ومفتعلة فإن العينين هما نافذة الروح ، استطاع "قراءة" وجوه العديد من الرؤساء الأميركيين معتمدا على معاني ادق المظاهر والحركات كتوترات المنخرين وخطوط الجلد . فبالنسبة لكارتر (الممثل والرئيس السابق) يرى بيلاك أنّه يبدو بارداً، ومنخراه متوتران ومع الشفاه الدقيقة تؤشر دلالة على العدوان ، وذقنه متوتر جدا دلالة على العدوان ايضاً ، وهذه العلامات يحاول التعبير الكلي للوجه تمويهها ، وبصورة عامة فإن صورته تعكس البرودة والنزق والغضب والعقل الحسابي البعيد عن العواطف.
أمّا بالنسبة لكارتر فإن بيلاك يؤكد على أن "النظرة لا تكذب ابدا". يمكن للناس أن ينخدعوا بالإنطباعات الأولى - first impressions كالتعبير الوجهي المسيكر عليه والمظاهر السلوكية ، ولكن الوجه هو كتاب مفتوح . وكارتر يبدو متصارعاً ومتمأزقاً ، نصف وجهه ذي الابتسامة المصطنعة الزائفة يبدو "محدّقاً ، محترساً ، ومتصارعاً ، والأخدود العمودي القوي فوق أنفه يوحي بالغضب ، ويشير الذقن إلى العدوان. إن نصف وجه كارتر قلق ، متمشكل ، كئيب، ويتصارع مع الغضب والإحباط ، وربما الشر والبذاءة. وبهذا فإن تحليل د. بيلاك لا يتفق تماماً مع ما يبدو على كارتر من غنسانية وحميمية ولا حتى مع كونه إنساناً عطوفاً . وسنتفحص مسيرته في السلطة كرئيس (من كانون الثاني 1977 إلى كانون الثاني 1981) ، ثم مسيرته الدبلوماسية بعد تركه البيت الأبيض لنتأكد هل توافق ما يتظاهر به أم لا .
خلال رئاسته التي ادّعى فيها بأن حقوق الإنسان ستكون محور سياسة امريكا الخارجية ، ساند كارتر الإبادة البشرية الوحشية لأكثر من 200,000 إنسان في تيمور الشرقية (راجع الحلقة؟؟؟؟) وهي من الجزر الغنية بالنفط . لقد تم ذبح هؤلاء الناس في حكم السفّاح سوهارتو ولكن بمساعدة كارتر . هذا الرئيس الذي يبدو بريئا ساذجا غرّاً أمر باستخدام الفيتو لكي يمنع غيقاف المذابح في تيمور . بعدها سمحت الحكومة الإندونيسية لشركات النفط بالبدء بالتنقيب في الجزيرة . وقد أعلنت لجنة برلمانية استرالية بأن مجازر تيمور هي الأبشع بعدا لحرب الثانية . ولهذا فكارتر هو قاتل جماعي متهم بالإبادة البشرية.
هذا الجيمي البرىء لم يكن قدّيسا في سياسته الخارجية في امريكا اللاتينية فقد كان داعماً لمجازر الديكتاتور أنستازيو سوموزا وجرائمه الإرهابية في نيكاراغوا(راجع الحلقة ؟؟؟؟؟؟)
كما قام كارتر بتحريض السفّاح بول بوت في كمبوديا ودعمه ولهذا فهو متواطيء في الإبادة البشرية وجرائم الحرب التي أدت إلى موت 2 مليون مواطن كمبودي (راجع الحلقة؟؟؟؟) .
وكارتر كان من اكبر مساندي فرق التعذيب والموت التي استخدمها شاه إيران، كانت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تدير وتوجّه الشرطة السرية للشاه وجرائمه الفظيعة. ويمكن لنا الإنتباه للسلوك الازدواجي لكارتر عندما كشف ارتكابه للزنى والفجور في مقابلة مع مجلة بلاي بوي - Playboy عام 1976 ، وهذا يتفق تماما مع تحليلات د. بيلاك لشخصيته .
# الرئيس المؤمن لم يجد غير مجلة "البلاي بوي" الجنسية يتحدث فيها عن المسيح:
-------------------------------------------------------------------
"قال لنا المسيح إن أي أحد ينظر إلى المرأة بشهوة فقد ارتكب الخطيئة في قلبه . وقد نظرت إلى الكثير من النساء بشهوة واقترفت الإثم في قلبي العديد من المرات ، وهذا شيء يعرف الله أنني سوف اقوم به ، وقد قمتُ به – والله سوف يغفر لي" .
جيمي كارتر
لقاء مع مجلة بلاي بوي الجنسية
أجرى الرئيس كارتر عندما كان رئيسا للولايات المتحدة لقاء مع مجلة بلاي بوي عام 1976 . والسؤال الأهم الذي سيثور في ذهن القارىء هو : ألم يجد السيّد الرئيس المؤمن هذا غير مجلة جنسية فضائحية مثل البلاي بوي لكي يجري لقاء يُنشر فيها ؟ والمشكلة أنّه يتحدث في هذه المجلة الجنسية عن الإنجيل والإيمان والعفّة والطهارة ؟ ألم نقل أن رؤساء الولايات المتحدة مستعدين لإلقاء خطبهم في المبغى ؟ أليست هذه هي الخلطة العجيبة التي تحدثنا عنها سابقاً .
في مقابلة مع صحيفة النيويورك تايمز قال الصحفي نورمان ميلر قال : "إنّ هذا الخلاف حول مقابلة البلاي بوي مع كارتر هي علامة إنذار على الإتجاه المستقبلي للسياسات الأمريكية ".
وفعلاً فقد اسّس هذا السلوك الكارتري لهذه الظاهرة القديمة الجديدة (كانت موجودة لكنّه فجّرها) وهي أنّ من الممكن أن يكون الرئيس سافلاً ومستهتراً وقاتلا للشعوب وداعياً للإبادة البشرية وللأصولية المتطرفة المميتة ولكنه يتغنى باسم المسيح ويخاف الله ويكون لديه كاهنه الخاص الذي يبكي ويعترف في حضرته !!
لقد قيل أن حكم كارتر كان حكما دينيا أكثر منه حكماً سياسياً ، كان قائدا أخلاقيا أكثر منه زعيماً سياسياً .
لنأخذ كيف تم انتخابه . منذ أيام حملته الإنتخابية الأولى تحدّث بلغة بسيطة مفتوحة عن إيمانه المسيحي . الآن ، يجد كل سياسي نفسه مجبراً بأن يتحدث حول "الولادة من جديد" . وكارتر كان الأول والأخير الذي استخدم كلمة "حب" بمعناها الديني والمسيحي وفي كل خطابات حملته. ولكن هذا لم يمنعه من أن يكون صديقاً لعتاة الديكتاتوريين في العالم وداعماً لفرق الموت بالمال والسلاح ومسانداً لأفظع مذابح الإبادة البشرية ومؤيّداً للانقلابات العسكرية وموافقاً على تمرير الانتخابات المزوّرة ومؤسّساً للطوفان الإرهابي الأصولي في العالم .
# غلاف مجلة البلاي بوي التي أجرى فيها الرئيس المؤمن كارتر حديثه
# شيء عن سلوكيات كارتر الإجرامية :
-----------------------------------
# كارتر يساعد ديكتاتور كوريا الجنوبية على قتل المعارضين وإجهاض الثورة الشعبية:
------------------------------------------------------------------
لنتأمل رد فعل كارتر على قيام ديكتاتورية الجنرال تشون – Chun في كوريا الجنوبية بسحق الحركة الديمقراطية في كوانجيو في أيار 1980 حيث نفذ جنود المظلات ثلاثة أيام من البربرية بحماسة تشبه حماسة وحدات الصاعقة الألمانية . كما أورد تقرير يعثة التحقيق التابعة لمراقبة آسيا "ضاربين وطاعنين ومشوهين المدنيين العزل ، بمن فيهم الأطفال والفتيات والعجائز" قُتل ألفان في هذه الحملة – حسب التقديرات – وتلقت الولايات المتحدة طلبين للمساعدة ، طلبت لجنة المواطنين الداعية للديمقراطية عون الولايات المتحدة أثناء المفاوضات ، أما الجنرال تشون فطلب إطلاق 20000 جندي ممن هم تحت القيادة الأمريكية في كوريا للانضمام لقوات العاصفة . حظي الطلب الثاني بالإستجابة وانتشرت الوحدات البحرية والجوية الأمريكية في استعراض جديد للدعم الأمريكي .
"صعق الكوريون الذين توقعوا المساعدة من كارتر" و "أذيعت أخبار الدعم الأمريكي المباشر من الحوامات فوق كوانجيو . وانتشرت في جميع أنحاء البلاد عبر عناوين صحفية ساطعة" . بعد أيام أرسل كارتر رئيس مصرف الإستيراد والتصدير إلى سيؤول ليطمئن الطغمة الحاكمة بخصوص الدعم الإقتصادي الأمريكي حاملاً معه موافقة على قرض بـ 600 مليون دولار . أما بخصوص الحقيقة القائلة بأن تشون قد استولى على السلطة بالقوة ، فقد قال كارتر إننا " مع أننا نفضل الديمقراطية نرى أن الكوريين ليسوا جاهزين لها ، حسب رأيهم هم ، وأنا لا أعرف كيف أشرح الأمر على نحو أفضل" . اعتقل تشون آلاف "الهدّامين" الداعين للديمقراطية مرسلاً إياهم إلى معسكرات "تنظيف" يديرها الجيش . وتم التخلص من مئات القادة العماليين . وصدر تشريع يضعف النقابات العمالية بشدة مؤديا إلى خفض عضويتها 30% ، وصارت الرقابة أكثر فظاظة . وكشكر لهذه التطورات ، شرّفت إدارة ريغان الجنرال تشون بأن يكون أول رئيس يزور الولايات المتحدة بعد تولي ريغان السلطة . أما وزير الخارجية جورج شولتز فقد امتدح أثناء زيارته كوريا الجنوبية في 1986 ، "الإنجاز المهم في مجال الأمن" والإقتصاد و "الحركة المهمة" صوب الديمقراطية . وعبّر عن دعمه القوي للجنرال تشون ، وانتقد المعارضة الديمقراطية بقسوة رافضا الإجتماع بقائديها كيم داي جونغ وكيم يونغ سام ، موضحا "أن إدارة كل بلد لشؤونه يمكن أن تأخذ أشكالا متنوعة ، ونستطيع وصفها بالديمقراطية مع ذلك".
# نيكاراغوا : مساندة كارتر للديكتاتور سوموزا وتهريبه ودعمه لفرق الموت:
---------------------------------------------------------------------
نيكاراغوا 1979 : كارتر وسوموزا:
في حزيران 1978 أرسل الرئيس جيمي كارتر رسالة خاصة إلى ديكتاتور نيكاراغوا "أنستازيو سوموزا" حيّى فيها سوموزا على مبادراته في مجال حقوق الإنسان بينما كان ينتقد سوموزا علناً . كان كارتر قد جعل حقوق الإنسان المسألة المركزية لتدخلاته الدعائية . وسياسة الوجهين هذه حصلت خلال واحدة من المراحل الأكثر دموية في حكم سوموزا عندما كان يقصف المدن المتعاطفة مع الثورة . خطابات كارتر البلاغية عن حقوق الإنسان هي لغرض الإستهلاك العام ، وتطميناته الشخصية للديكتاتور شجّعت الأخير على الإستمرار في سياية الأرض المحروقة الوحشية.
نيكاراغوا 1979 كارتر يعرض التدخّل العسكري ودول أمريكا اللاتينية ترفضه:
في حزيران 1993 تحدّث وزير خارجية الرئيس البنمي عمر توريخوس عن مؤتمر كارتر الأقصر في المنطقة. لقد حصل في أيار 1979 بأقل من شهرين قبل إسقاط سوموزا . عقد كارتر مؤتمرا لوزراء خارجية دول عديدة من امريكا الاتينية من الذين كانوا يعارضون ديكتاتورية سوموزا. دخل الرئيس كارتر قاعة الاجتماع وطرح فوراً مقترح تشكيل "قوة سلام بين الأمريكتين" ، وهي قوة عسكرية من الولايات المتحدة وقوات من أمريكا اللاتينية لغرض غزو نيكاراغوا لـ "إنهاء الصراع" ومساندة الإئتلاف الحاكم. والغاية حسب الوزير البنمي هو منع انتصار الساندنيستا والحفاظ على الحرس الوطني التابع له ثم استبدال سوموزا بهيئة مدنية مناصرة للولايات المتحدة . تم رفض مقترح كارتر رفضاً قاطعاً لأنه يعني تدخلا أميركياً غير مبرّر, صار كارتر مستفزّاً وانهى المؤتمر فوراً . محاولة كارتر كانت لغرض خنق الثورة الشعبية والحفاظ على دولة سوموزا وتهزيز سطوة الولايات المتحدة ، متخفّياً خلف ستار "الرئيس المناصر لحقوق الإنسان" . إنّ استخدام شعار "حماية حقوق الإنسان" لفرض وتوسيع مشروع الولايات المتحدة الامبراطوري الامبريالي هو الإرث والوصية الذي تركه لرونالد ريغان وكلنتون والبوشان الرئاسيان (بوش الأول والثاني) . فانظر لخطورة هذا المنحط جيمي كارتر الذي حوّل حقوق الإنسان إلى وسيلة للدعارة السياسية ، وأسس عبر ذلك منهجاً أصاب الكرة الأرضية بالخراب ، حققه بابتسامة هادئة ونظرات بريئة وصراخ عن قداسة حقوق الإنسان .
لقد أبقى كارتر الحرس الوطني (بعد أن ذبح أربعين ألف مواطن) كقاعدة للقوة الأمريكية الذي تميز بالوحشية وقام بقصف مساكن المواطنين بالقنابل ليقتل عشرات الآلاف ، وحينذاك طلب السفير الأمريكي من البيت الأبيض عدم منع الحرس من القصف لأن ذلك قد يعرقل احتفاظهم بالسلطة . بعد أيام هرب سوموزا – بمساعدة كارتر - إلى ميامي ومعه ما تبقى من ثروات نيكاراغوا ثم انهار الحرس الوطني . كذلك هرّب كارتر قادة الحرس الوطني من نيكاراغوا إلى هندوراس على متن طائرات الصليب الأحمر (جريمة حرب من الناحية القانونية) وبدأ إعادة تشكيل الحرس على حدود نيكاراغوا ، وقد استعان بالأرجنتين كوكيل حيث كانت تحت سيطرة جنرالات النازي الجدد وعاد الحرس باسم جديد هو : الكونترا أو مقاتلوا الحرية .
# هاييتي: محاولة إسقاط الرئيس المنتخب وإنقاذ الديكتاتور العسكري:
----------------------------------------------------------------
في 1990 كان برتراند أرستيد وهو قس سابق شديد الشعبية الأول في انتخابات هاييتي حيث حصل على 70% من الأصوات مقابل 15% لمرشح الولايات المتحدة الموظف السابق في البنك الدولي "مارك بازين" . كارتر الذي يصف نفسه بأنه مراقب محايد للانتخابات ، عقد مؤتمرا مع أرستيد وطلب منه الانسحاب من الانتخابات لصالح مرشح الولايات المتحدة الغير شعبي من أجل تجنّب "حمّام دم" . وقد استخدم كارتر كلّ ما في وسعه لتخويف أرستيد وأنكر حق الجماهير في اختيار رئيسها. وكان كارتر قد حصل على معلومات مسبقة من الرئيس بوش الأب بأن واشنطن لن تسمح أبداً لهاييتي بأن تختار طريقاً مستقلاً . بعد ثمانية شهور من وصول أرستيد للسلطة حصل انقلاب مدعوم من قبل الولاايات المتحدة ، . أطيح بأرستيد وقام كارتر بترشيح "مارك بازين" كرئيس للوزراء مدعوما أيضا من ميليشيات إرهابية اسمها FRAPH التي أنجزت "حمام الدم" وقتلت 4000 مواطن. كارتر وبوش ، الدبلوماسي الهادىء والرئيس ذو القبضة الحديدة ، يعملان بتناسق ، فحينما تفشل الأولى ، تقفز الثانية.
ومنذ ذلك الحين ، حصل لدى كارتر احترام عميق للقوات المسلحة الهاييتية المتعطشة للدماء. فبعد عودته من العاصمة الهاييتية "بورت أو برينس" كشف كارتر عن شكوكه في أن العسكريين الهايتيين مذنبين بخروقات لحقوق الإنسان ، وأنهم – على العكس من ذلك – يحافظون على هذه الحقوق !!!.
بعد إسقاط أرستيد ، سار النظام المدعوم من قبل واشنطن قدما في قتل آلاف الهايتيين المساندين لأرستيد. وكان الشخص الرئيسي في السيطرة على الطغمة العسكرية هو الجنرال "سدراس" الذي تسبب في فرار آلاف الهايتيين من بطشه ووحشية نظامه. كان كارتر يتحدث في فلوريدا مدافعا عن الجنرال سدراس السفّاح الدموي : "أنا أؤمن وأثق بالجنرال سدراس .. أنا أعتقد أنّه معلم مدرسة يوم أحد ذو قيمة.. إنّ÷ رجل شرف" . بعد ذلك منح كارتر الديكتاتور الاحترام الذي يجب أن لا يُمنح له ، وهو في طريقه إلى المنفى ، بعد أن أفرغ وثيقة الإتفاق من محتواها . عقد الرئيس الشاذ بيل كلنتون اجتماعاً مع الرئيس أرستيد في البيت الأبيض، . قدّم مساعدو كلنتون برنامجاً ليبرالياً جديداً وقائمة بأسماء وزراء حكومة وأخبره بأن عودته إلى هاييتي تتوقف على قبوله لشروط واشنطن، وبعد ساعات طويلة من الضغوط النفسية ، والتهديد والحجج ، استسلم أرستيد. سمح كلنتون له بالعودة (تصوّرر مجرم متهم باغتصاب العديد من النساء وبمص القضيب خلال المباحثات الرسمية في البيت الأبيض يتحكم بمصائر الشعوب) . هنا – فقط - رحّب كارتر بعودة "الديمقراطية" إلى هاييتي وفق النط الأميركي. وللتهيئة لعودة أرستيد بدأ كارتر جولة مفاوضات مع الجنرال أرستيد لكي يتنازل عن الحكم . وما هو أكثر أهمية ، فإن مشاركة كارتر في مفاوضات منتصف أيلول جاءت بطلب من الجنرال سدراس نفسه (تصوّر جنرال ديكتاتور سفّاح يثق بممثل لحقوق الإنسان !!) الذي اتصل به هاتفياً قبل الغزو الأميركي بعدة أيام سائلاً إياه أن يلعب دور الوسيط . وقد مرّر سدراس الفكرة خلال مقابلة في السي أن أن في 6 آب . ولم يكن كارتر بحاجة إلى أي تشجيع ، فقد أمضى الصيف كلّه وهو يدعو البيت الأبيض إلى أن يسمح له بأن يكون وسيطاً في التعامل مع هاييتي لحلّ أزمتها.
وقد تجلّى احترام كارتر للجنرال سدراس عبر عواطفه الصارخة تجاه زوجة الأخير . في 20 أيلول ، قال كارتر لصحفي النيويورك تايمز : "السيّدة سدراس كانت مؤثرة ، قوية ومتحكّمة. وجذّابة . كانت رشيقة وفاتنة جداً". فهل هذا تصريح رئيس مؤمن يقوم بدور الوسيط في أزمة سياسية مستعصية؟
في هذا الوقت ، عاد كارتر إلى بيته في جورجيا ، وكانت القوات الأميركية في هاييتي تتفرج – وفق شروط الاتفاق السيّء الذي تفاوض عليه كارتر – على الشرطة الهاييتية وهي تهاجم بضراوة المواطنين الهاييتيين في الشوارع.
وفي اليوم الذي تلا وصول القوات الأميركية إلى هاييتي ، كان الرئيس الشاذ كلنتون متفائلاً ، وقال إن "قواتنا تعمل بتعاون كامل مع الجيش الهاييتي" – نفس الجيش الذي وصف أفراده قبل خمسة أيام بأنهم "وحوش مسلّحة" نفّذت عهداً من الإرهاب ، وقتل الأطفال ، واغتصاب النساء ، وقتل رجال الدين" .
بعد عشر سنوات ، عندما رفض أرستيد الخضوع لتهديدات الولايات المتحدة بخصخصة الخدمات العامة ، وقطع العلاقات مع كوبا (التي قدّمت مئات الأطباء والممرضات لدعم نظام الصحة العامة الهاييتي) ، موّلت الولايات المتحدة هجمة من قبل الميليشيات ، تبعها غزو أمريكي لهاييتي. أرستيد، الرئيس المُنتخب، تم اختطافه من قبل القوات الأمريكية ، وعُصبت عيناه ونُقل – مع زوجته - جوّاً إلى جمهورية أفريقيا الوسطى . كارتر لم يحتج على الخرق الأميركي السافر لسيادة هاييتي ولكنه يستطيع التشكيك في انتخاب أرستيد. انتقادات كارتر لأرستيد (والرجل سجين في أفريقيا الوسطى) أعطى ورقة شرعية للغزو الأمريكي ، والاختطاف ، والاحتلال وإقامة نظام دموي عميل. وفي اليوم الذي تلا وصول القوات الأميركية إلى هاييتي ، كان الرئيس الشاذ كلنتون متفائلاً ، وقال إن "قواتنا تعمل بتعاون كامل مع الجيش الهاييتي" – نفس الجيش الذي وصف أفراده قبل خمسة أيام بأنهم "وحوش مسلّحة" نفّذت عهداً من الإرهاب ، وقتل الأطفال ، واغتصاب النساء ، وقتل رجال الدين" .
هذه التطوّرات الأخيرة لم تصدم بتراس الكاتب وأستاذ علم الاجتماع في جامعة بنغماتون في نيويورك . "في كل مرّة يتدخل فيها كارتر ، تأتي النتائج دائماً وبدرجة كبيرة ضد جهود القوى السياسية التي تسعى للتغيير. وفي كل حادثة لديه أجندة سياسية تتمثل في البحث عن السبل الكفيلة بالحفاظ على مصالح الصفوة الفاسدة وتعزيز سطوتها" .
وقد وصف بتراس كارتر بأنه صاحب "خطاب مزدوج" . واحد للرأي العام يعلن فيه عن سياساته الأخلاقية ، والآخر هو مسار ثانٍ يشتغل عليه ويمثل سياسة "واقعية" كلبية وفاسدة جدا تلعب الكرة مع سياسيي الجناح اليميني والقوى الاقتصادية .
والآن – كما يقول بتراس ، "في هاييتي ، استخدم كارتر صورته الأخلاقية مرة ثانية ليفرض واحدا من اسوأ الحلول التي يمكن تصوّرها " .
فمع بقاء أغلب القوى الهاييتية المجرمة في مواضعها السلطوية ، فإن النتائج مروّعة ومقيتة .
# زائير 1977 : دعم الديكتاتور موبوتو بمساعدات "غير مميتة" !
----------------------------------------------------------------
بعد اغتيال الثائر باتريس لومومبا في عام 1961 والذي خططت له الـ CIA ، بدأ حكم "موبوتو سيسي سيكو" كديكتاتور لـ 16 عاماً ، مغيّراً اسم جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى زائير 1971. في بداية عام 1977 ، قامت قوات المقاومة بإسناد حركة التحرير الشعبية في أنغولا بدخول زائير لإنهاء الحرب الأهلية وإسقاط الرجل العسكري القوي . طلب موبوتو المساعدة من حلفائه الأميركيين والأوربيين لسحق هذه الحركة.
قال "ويليام بلوم" في كتابه المهم "قتل الأمل : تدخلات الولايات المتحدة العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية - Killing Hope: U.S. Military and CIA Interventions Since World War II " إن كارتر الذي كان قد دخل المكتب البيضاوي منذ شهرين ، كان متردّداً في إدخال إدارته في تدخل بعيد الأمد لا يمكن توقّع دائرته ومدته الزمنية بسهولة.
ومع ذلك قدّم كارتر "مساعدات غير مميتة" ، في حين أنّه لم يحتج مثل البلدان الأوروبية على تقديم المساعدات العسكرية، وأرسلت المغرب عدة آلاف من قواتها العسكرية المدرّبة في الولايات المتحدة لمساعدة موبوتو.
أكّد الرئيس كارتر في أكثر من مناسبة على أن أزمة زائير هي مشكلة أفريقية ، من الأفضل أن تُحل من قبل الافارقة أنفسهم ، ولكن مع ذلك لم يكن يرى أي تناقض مع هذه الأطروحة في سياسته ، ولم يطرح اي نقد لتصرفات فرنسا وبلجيكا أو الصين التي أرسلت تجهيزات عسكرية كبيرة إلى موبوتو !.
وبالمناسبة فإن موبوتو هو أول رئيس يستقبله الرئيس بوش في البيت الأبيض من منطلق "ديمقراطي" .
# غواتيمالا 1977: الدعم السرّي للنظام الديكتاتوري وتسليح فرق الموت:
-----------------------------------------------------------------
أصدرت إدارة كارتر تقريرا ينتقد سجلات حقوق الإنسان للحكومة العسكرية الغواتيمالية وإيقافا للمساعدات . ولكن تلك كانت حركة شكلية حيث استمرت المساعدات والعلاقات السرية .
فالحظر لم يكن إلّا حظرا جزئيا ، واستلمت حكومة غواتيمالا أسلحة وتجهيزات عسكرية من الكيان الصهيوني مؤمّن عليها من واشنطن . وللإمعان في التمويه والتغطية ، فقد تمّ نقل قوّات أمنية غواتيمالية للتدريب في مواقع داخل شيلي والأرجنتين.
وفي الوقت نفسه كانت حملة الإبادة البشرية ضد السكان المحلّيين في غواتيمالا مستمرة بلا اعتراض أمام أنظار كارتر المدافع المتحمّس عن حقوق الإنسان. كانت فرق الموت تقتل الفلاحين والقادة العماليين والناشطين في مجال حقوق الإنسان والقسس والطلبة والأطباء . وفي المناطق الريفية كان المسلّحون يقومون بتعذيب من يعتبرونهم "مخرّبين" ويحرقونهم أحياء مثل شقيق الحاصل على جائزة نوبل "روبرتو منشو" .
# أنغولا 1978 : دعم مجازر الحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا :
-----------------------------------------------------------------
في عام 1978، قامت قوّات دفاع جنوب أفريقيا بمذبحة ضد مخيم للاجئين في كاسينغا بأنغولا. كما قامت قاصفات هذه القوات بإسقاط القنابل على مناطق خاضعة للسيادة الأنغولية وتسبّبت في قتل 6000 شخصاً .
وعندما ظهرت تفاصيل الهجوم للعلن ، ضمنت الولايات المتحدة أن النظام العنصري لن يواجه أي عقوبات في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
قام كارتر بتوفير الأعذار للحكومة العنصرية ساحقا القيم التي يتظاهر بها : "إنهم يدّعون أنهم انسحبوا ولم يتركوا أي قوات جنوب أفريقية في أنغولا . ولهذا نحن نأمل أن تكون ضربة عابرة ووقتية ، ونأمل أيضاٍ أن تكون قد انتهت".
وبضمان توفير غطاء دبلوماسي للحكومة العنصرية في جنوب أفريقيا يحميها من عقوبات الأمم المتحدة ويتيح لها احتلال أراضي من دول جنوب غرب أفريقيا أيضاً ، في الوقت الذي تعرّض فيه شعبها نفسه لجرائم ضد الإنسانية ، تطاولت معاناة الملايين من الأفارقة لـ 15 عاماً اخر.
وفي الوقت نفسه استمرت إدارة كارتر في الضغط لتحقيق الخروج الفوري للقوات الكوبية من أنغولا . كان هناك 30,000 جندي كوبي في أنغولا منذ عام 1975 لمنع جنوب أفريقيا من إسقاط حكومة أنغولا الثورية وتنصيب نظام من الدمى يتحالف مع دول جنوب أفريقيا الأخرى لهزيمة نيلسون مانديلا الذي كانت الولايات المتحدة تعتبره وحركته من أكثر الحركات الإرهابية في العالم سوءاً .
وقد حاولت إدارة كارتر عبثا عرقلة الجهود الدولية لفرض شروط حقوق الإنسان على تمويل صندوق النقد لجنوب أفريقيا . وبعد الكثير من المراوغة فرضت العقوبات أخيرا في 1985 رغم فيتو ريغان في 1986 لكن الإدارة فتحت كوى سمحت بزيادة الصادرات الأمريكية 40% بين 1985 و1988 بينما ازدادت الواردات الأمريكية 14% .
لقد كان نظام جنوب أفريقيا حليف واشنطن إبان عهد ريغان مسؤولاً عن وقوع أكثر من مليون قتيل وما قيمته 60 مليار دولار من الأضرار في مستعمرتي البرتغال المستقلتين حديثا : أنغولا والموزمبيق ، في دراسة لصندوق رعاية الطفولة التابع للأمم المتحدة (اليونيسيف) قدر عدد الموتى من الأطفال والأحداث في هذين البلدين بما يتراوح بين 85 ألفا و150 ألفا في عام 1988 وحده ، ذهبت معها المكاسب المحققة في السنة الأولى من حقبة ما بعد الإستقلال أدراج الرياح . وذلك بفعل "أسلحة الدمار الشامل" بالدرجة الأولى . هذا إذا ما وضعنا جانبا ممارسات جنوب أفريقيا داخل حدودها هي حيث انبرت تدافع عن الحضارة "البيضاء" في وجه هجمات المؤتمر الوطني الإفريقي بزعامة نيلسون مانديلا إحدى "أقبح الجماعات الإرهابية سيئة الصيت" تبعا لتقرير صادر عن البنتاغون عام 1988 . في هذه الأثناء تفادى الريغانيون فرض عقوبات على جنوب أفريقيا بل بالعكس ضاعفوا من حجم التجارة معها ومحضوها دعما دبلوماسيا ثمينا .
# السلفادور 1980: كارتر محبّ المسيح يساند ذبح الاساقفة المسيحيين :
-----------------------------------------------------------------
في 19 شباط 1980 ارسل الأسقف أوسكار روميرو الذي يتمتع بشعبية هائلة بين السلفادوريين لتمسكه باللاهوت التحرري الذي يسعة لتحسين الظروف الاجتماعية – الاقتصادية للناس المقهورين ، رسالة إلى كارتر نقتطع منها ما يلي :
"خلال الأيام القليلة الماضية ظهرت أنباء في الصحافة القومية شغلتني كثيرا : حسب التقارير فإن حكومتك تدرس إمكانية تقديم المساعدة العسكرية والاقتصادية للطغمة الحاكمة الحالية.
لأنك مسيحي ولأنك أظهرت أنك تريد الدفاع عن حقوق الإنسان فسأسمح لنفسي بأن أعرض عليك وجة نظري حول هذه الأخبار وبأن أقدّم التماساً إليك.
أنا قلق جدا من الأخبار التي تقول بأن حكومتكم سوف تقدم مساعدات عسكرية في صورة مستشارين ومجموعات لتدريب ثلاثة ألوية سلفادورية في مجال الاتصالات والاستخبارات والعمليات التعبوية . فإذا صحّت هذه الأخبار فإن حكومتكم بدلا من أن تساعد على رفع الظلم وإشاعة الحرية ، فإنها ستعزّز الظلم والقهر والتمييز ضد منظمات الشعب التي تكافح من أجل حقوق الإنسان الأساسية.
آمل أن مشاعركم الدينية ومشاعرك الشخصية تجاه الدفاع عن حقوق الإنسان ستدفعك لقبول التماسي لتمنع بذلك سفك الدماء في هذا البلد المحطّم".
لم يرسل كارتر أي ردّ على رسالة الأسقف روميرو . بعد تسعة أيام قُتل الأسقف من قبل فرقة موت خلال عقده لقداس رافعاً فيه القربان المقدّس فوق رأسه . وفي مأتمه، فتح القنّاصون النار على المثكولين العزل فقتلوا منهم 30 شخصاً .
استجاب كارتر بعد هذه المجزرة بإرسال 5 ملايين دولار كمساعدة للطغمة العسكرية استخدموها لتصعيد حملتهم الدموية ضد الشعب . ومشحونة بالأموال والأسلحة الأميركية، استمرت الحرب الأهلية السلفادورية 12 عاما أخرى . وقد وصلت ذروتها في مجزرة ذبح ستة رجال دين مسيحيين ومدبرة منزلهم وابنتها المراهقة عام 1989 بتهشيم رؤوسهم والتمثيل بأجسادهم بطريقة بشعة (سلوك فرق الموت الأمريكية المعتاد).
# مراقب الإنتخابات المحايد يزوّر الإنتخابات :
--------------------------------------------
بعد عشر سنوات من مغادرة كارتر المكتب البيضاوي ، راجع الباحث "جيمس بتراس" سيرته وتصرفاته في الخارج، فوجد أن صورة كارتر كوسيط للسلام ، ومراقب انتخابات محايد، وراعٍ للقيم الديمقراطية ، تتصادم مع تجارب العديد من قادة دول العالم الثالث الذين يكافحون ضد الديكتاتوريات وعملاء الولايات المتحدة.
من أمريكا اللاتينية كما كتب بتراس ، لعب كارتر دور المدافع العنيد عن أدوات الدولة القمعية ، والمناصر لمنتهكي الإنتخابات ، ةالمتواطيء مع جهود سفارة الولايات المتحدة في إجهاض النتائج الديمقراطية ، ووسيط منحاز دائماً.
ففي دوره كمراقب لانتخابات جمهورية الدومنيكان عام 1990 أهمل كارتر المخالفات التي نتج عنها نصر مطلوب للرئيس الفاسد "يواكين بالاغور" . بإعلان كارتر عن فوز بالاغور المزوّر . وقد احتج "خوان بوش" الزعيم الجمهوري الدومنيكاني الأبرز في الدومنيكان لدى كارتر ، وقدّم له وثائق من بينها أفلام فيديو تُظهر أنصار المرشح المزوّر وهم يلقون بأوراق الناخبين في النهر ! أعلن كارتر عن وجود تزوير وخروقات في الإنتخابات ، لكنه حثّ بوش على قبول النتائج لكي "يتجنب الحرب الأهلية" ! . اتهم بوش كارتر بتغطية التزوير من أجل الحصول على زبون للولايات المتحدة . ونظم تظاهرة احتجاج من 500,000 شخص ، . أكّد كارتر أن بالاغور هو نتاج "انتخاب حرّ" ثم غادر . مضى بالاغور في قمع الناس ، وخصخصة الخدمات.
استغل كارتر سمعته لإضفاء شرعية دولية على الإنتخابات المزوّرة ، وأسس المسرح لإعادة عرض اللعبة ، عندما قام بالاغور باستخدام التزوير ثانية للفوز بإعادة الإنتخابات .
# الحقد على شعب فيتنام المحطّم والاستخفاف بمحنته:
---------------------------------------------------
يعتقد الكثيرون أن جيمي كارتر أنه الشخص الوحيد اللطيف الذي احتل البيت الأبيض منذ روزفلت أو لينكولن ؟ لقد ردّ الرئيس كارتر عندما حاصره الصحفيون في 1997 بسؤال عمّا إذا كان على الولايات المتحدة التزام أخلاقي بالمساعدة في إعادة بناء فيتنام ، بقوله : "حسناً ، لقد كان التدمير متبادلاً" . (ربّما ردّ بعد أن شاهد دمار نيويورك بسبب الأسلحة الكيمياوية والقنابل العنقودية والنبالم التي استخدمها الفيتناميون في ضرب الولايات المتحدة !!)
يسخر "تشومسكي" من مطالبة الولايات المتحدة فيتنام بالإعتذار والتعويضات بالقول : (نحن الطرف المتأذي في الحرب الفيتنامية ، لقد كنا ضحايا أبرياء لما دعاه جون كنيدي "اعتداء من الداخل" . "العدوان الداخلي الذي شنه فلاحو فيتنام الجنوبية ضد حكومتهم الشرعية وضد المنقذين الذين فرضوها عليهم لحماية البلاد منهم . بعد ذلك تعرضنا غدرا لهجوم فيتنام الشمالية التي لم تكتف بمهاجمتنا بل سجنت الأمريكيين الذين سقطوا في يدها بطريقة يصعب تفسيرها . ويواصل المعتدون الفيتناميون إساءاتهم المخزية دون رحمة إساءاتهم المخزية لنا بعد أن انتهت الحرب رافضين إبداء تعاونهم الكامل بخصوص مصير الطياريين والجنود الأمريكيين المفقودين . بل ويرفضون تكريس أنفسهم بإخلاص كاف لتحديد مكان بقايا الطيارين الذين أسقطوهم بكل لؤم .
إن معاناتنا على أيدي أولئك البرابرة هي القضية الأخلاقية الوحيدة الباقية بعد ربع قرن من العنف حين ساندنا بكل عزمنا محاولات الفرنسيين إعادة إخضاع مستعمرتهم الفيتنامية السابقة ، وأرسينا نظاما من الأوباش والجلادين القتلة الفاسدين في القطاع الجنوبي حيث فرضنا سلطتنا . ثم هاجمنا ذلك القطاع بشكل مباشر عندما أثار قمع وإرهاب عملائنا ردود فعل لم يستطيعوا مواجهتها . ثم وسعنا عدواننا ليشمل كل الهند الصينية . بما تضمنه ذلك من قصف إشباعي (سجّادي) للمناطق كثيفة السكان ، وهجمات بوسائل الحرب الكيميائية لإتلاف المحاصيل ، والنباتات كلها ، وقصف للموانىء ، وعمليات قتل جماعي هائلة ، وبرامج إرهاب شامل بعد أن فشل مشروع نقل السكان وتحويلهم إلى لاجئين ، وتسوية القرى بالأرض . وفي النهاية ، تركنا تلك البلاد مُدمرة ، ربما دون أمل بالشفاء ، حيث غطت الأرض ملايين الجثث والألغام التي لم تنفجر بعد ، وأعداد يخطئها الحصر من الأجنة الناقصة والمشوهة والفاقدة أطرافها في مشافي الجنوب ، الأجنة التي لا تمس أوتار قلوب "أنصار الحياة" المتحمسين ، ومشاهد رعب أخرى أفظع من أن تروى في منطقة صارت "مهددة بالإنقراض ككيان ثقافي وتاريخي ، حيث يموت الريف حرفيا تحت ضربات أضخم آلة عسكرية سبق أن أطلقت فوق منطقة بهذا الحجم" .
من ذلك كله لا يبقى سوى عنصر واحد ، الإساءات المرعبة التي عانيناها على أيدي جلادينا . لم يكن رد الفعل تجاه ماساتنا موحدا . فها هو عضو مجلس الشيوخ "جون كيري" المغرق في "الحمائمية" يحذر من أننا لا يجوز أن نحارب ثانية دون حشد إمكانيات كافية لإحراز النصر . وليس من خلل آخر يستحق الذكر .
تقول النيويورك تايمز أيضا (فيتنام - التي تحاول أن تكون ألطف – مازال عليها قطع طريق طويل) حيث تشير إلى أنه برغم إحراز بعض التقدم في "قضية الأمريكيين المفقودين " فإن الفيتناميين مازالوا بعيدين جدا من الإقتراب من معاييرنا الأخلاقية السامية !
رفض بوش رفع الحظر المفروض على فيتنام منذ عام 1975 . ديك تشيني وزير الدفاع ابلغ الكونغرس بأن على الفيتناميين المزيد من التعاون قبل أن نسمح لهم بالدخول إلى العالم المتحضّر.
فبماذا يختلف جيمي كارتر عن سلسلة هؤلاء القتلة السفلة ؟
# كيف نفسّر هذه المواقف الساديّة ؟ :
-----------------------------------
بعد أن ضرب إعصار قومي جزر الهند الغربية في آب 1980 رفض الرئيس كارتر السماح بارسال اية مساعدات اغاثة إلا إذا استثنيت غرينادا منها كعقاب لها على بعض المبادرات غير المحددة اتخذتها حكومة موريس بيشوب الاصلاحية وحين رفضت البلدان المنكوبة الموافقة على استبعاد غرينادا كونها لم تفطن إلى الخطر الذي يتهدد البقاء من جانب عاصمة جوزة الطيب في العالم ، أوقف كارتر المساعدات كافة . وبالمثل عندما ضرب إعصارٌ نيكاراغوا في تشرين الأول 1988 مسببا مجاعة ومحدثا أضرارا بيئية جسيمة انتبهت الإدارة إلى إمكانية انتفاع حربهم الإرهابية من الكارثة فرفضوا مد يد العون إليها أو حتى إغاثة الساحل الشرقي منها الذي تربطه بالولايات المتحدة عرى وثيقة ويكره الساندنستا الحاكمة . وسلكت واشنطن نفس السلوك عندما اكتسح إعصار قرى الصيد النيكاراغوية مخلفا وراءه مئات القتلى والمفقودين في أيلول 1992 ، قدمت تبرعا خجولا بـ 25 ألف دولار ، ومع ذلك فقد اقتطع من معونة مقررة سابقا ومع ذلك قدمت تطمينات للكونغرس بأن هذه المساعدة الزهيدة لن يكون لها أثر على قرار الإدارة بتعليق تقديم 100 مليون دولار من المساعدات بسبب تواني حكومة نيكاراغوا المدعومة أمريكيا عن إظهار درجة كافية من الخنوع والتبعية .
# كارتر المدافع عن حقوق الإنسان يساهم في ذبح 200,000 مواطن في تيمور الشرقية وفي تغطية المذبحة سياسيّاً :
------------------------------------------------------------------
في كانون الأول عام 1975 أمر مجلس الأمن أندونيسيا بسحب قواتها الغازية من تيمور الشرقية دون تأخير . ودعا جميع الدول إلى احترام وحدة أراضي تيمور الشرقية وحق شعبها في تقرير المصير. لكن الولايات المتحدة في عهد كارتر رفضت فرض أي عقوبات اقتصادية أو أي وسيلة لتنفيذ هذا القرار ، ثم استجابت الولايات المتحدة بزيادة شحنات الأسلحة إلى المعتدين ، وسرّع كارتر من تدفق الأسلحة مرة أخرى حين وصل الهجوم مستويات قريبة من الإبادة الجماعية في 1978 . بعد القيام بمذبحة ضخمة في 1977 و1978 بدعم من حكومة كارتر واستمرت تسعة أشهر طويلة من المجاعة والإرهاب . كلها قامت بها قوات تي إن آي والمجموعات التابعة لها مثل وحدات كوباسوس الإجرامية التي دربتها وسلحتها الولايات المتحدة .. وصلت مبيعات الأسلحة إلى أكثر من مليار دولار منذ غزو 1975.
وافتخر سفير كارتر في الأمم المتحدة "باتريك موينهان" بنجاحه في جعل الأمم المتحدة غير فعّالة بشكل كامل في أية اجراءات اتخذتها متّبعا ارشادات وزارة الخارجية . وقبلت الولايات المتحدة بسعادة أيضا سرقة نفط تيمور الشرقية بمشاركة شركة أمريكية في انتهاك لأي تأويل معقول للإتفاقيات الدولية .
وقد رأى كل ذي عينين مشاعر الرئيس الأميركي المؤمن جيمي كارتر العميقة تجاه جريمة الحرب المتمثلة بالعدوان من خلال رد فعله على الغزو الأندونيسي لتيمور الشرقية والذي لم يكن في هذه الحالة – انهاءً للاعتداء الإجرامي ضد السكان بل بدءاً له . وعندما قارب العنف الأندونيسي حد الإبادة الجماعية عام 1978 ، وشارفت مخزونات الأسلحة الأندونيسية حد النفاد ، زادت إدارة كارتر تدفق الاسلحة للحليف الأندونيسي زيادة حادة . وأرسلت له الطائرات من إسرائيل لتجنب عقبات الكونغرس .
لم يشجب الكونغرس المذابح ولم تقدم أي وكالة أمريكية أي مساعدة .. التّفوا على حظر التدريب العسكري بعد مجزرة ديلي عام 1991 بكل طريق مثل لم يحظر الكونغرس على أندونيسيا التدريب بأموالها هي . دعت الولايات المتحدة بريطانيا إلى الإغتناء من جرائمها في أندونيسا . وبدعم من ديمقراطيي مجلس الشيوخ تمكن كلنتون من إعاقة تحقيقات حقوق الإنسان المرتبطة بمساعدة أندونيسيا .
كانت واشنطن تقول ليس لدينا كلب يشارك في سباق في تيمور الشرقية . يذكر موينيهان أن 60000 ألف قتلوا أي 10% من السكان وصلت الفظائع ذروتها في 1977 1978 حيث شن الجيش هجوما مدمرا قتل آلاف السكان الذين فرّوا إلى الجبال أعلنت المصادر الكنسية ذات المصداقية تقديرات بمائتي ألف قتيل اعترف بها بعد سنوات . قدم كارتر الأسلحة . كان مستشار روزفلت قد قال عن تيمور "هذه الأرض يجب أن تمنح الإستقلال ولكن بعد ألف عام" . ولكن شعب تيمور عظيم كذب التوقع .. لقد قتل منه 50 ألف مواطن وهم يحمون فريقا صغيرا من الكوماندوس الإستراليين في الحرب الثانية ضد اليابان ثم ذبحتهم استراليا . ثلث السكان ضحايا للأعوام الأولى من الغزو الأندونيسي عام 1975. في عام 1999 اختار 80% الاستقلال فذبح أولا 3 – 5 آلاف مواطن ببشاعة .. وتحول جزء كبير من البلاد إلى رماد .. ثم قتل 10 آلاف خلال اسبوعين بحسب الأسقف فيليب بيلو الحائز على نوبل للسلام والذي طرد تحت الرصاص وأحرق منزله . القوات كانت بقيادة الجنرال مكارم أخصائي استخبارات مدرب في أمريكا يمتلك خبرة في تيمور وسمعة بارتكاب الأعمال العنيفة . اتبعت كوباسوس برنامج فونيكس في فيتنام والكونترا في نيكاراغوا بقتل ليس الناشطبن حسب بل المعتدلين الذين قد يؤثرون في جماعتهم . والمنظمات الأهلية والصليب الأحمر والصحفيين !! وقبل الإستفتاء صرح قائد الجيش : "أريد أن أنقل ما يلي : إذا ربح المؤيدون للإستقلال سيُدمر كل شيء وسيكون الأمر أسوأ مما كان عليه قبل ثلاثة وعشرين عاما ، وستنفذ المجازر من قرية إلى قرية" . بحسب تقارير 1999 لم تتمكن بعثة الأمم المتحدة في تيمور الشرقية من تسجيل أكثر من 150 ألف نسمة من عدد السكان الذي قدر بثمانمائة وخمسين ألفا . أفادت أن 260 ألف يعانون في مخيمات قذرة تحت سيطرة الميليشيات . تمت إعادة توطين 100 ألف في مناطق أخرى من أندونيسيا ويفترض أن البقية يختبئون في الجبال . اللاجئون يتضورون جوعا وعمليات اختفاء لا تفسر مستمرة . التحقيقات والمحاكم كانت مسخرة والجنرالات مطمئنون لدعم الولايات المتحدة واستراليا . وكل ذلك اسّس له جيمي كارتر.
# مساندة سفّاح كمبوديا بول بوت والحرص على تمثيله في الأمم المتحدة:
----------------------------------------------------------------------- جاء الغزو الفيتنامي لكمبوديا في كانون الأول 1978 والذي أنهى فظائع بول بوت التي كانت في أوجها آنذاك . كانت فيتنام تمارس حق الدفاع عن النفس بعد أن بدأ بول بوت الهجوم عليها لإبادة سكانها ، لكن كارتر عاقبهم بقسوة على جريمة إنهاء مجازر بول بوت من خلال غزو صيني مدعوم من أمريكا ، ثم من خلال فرض أمريكا لعقوبات قاسية جدا . وقد ذكر "زبجنيو برجنسكي" مستشار الرئيس كارتر للأمن القومي ، في ربيع 1979 : "لقد شجعت الصينيين على مساندة بول بوت ، وشجعت التايلنديين على مساعدة الخمير الحمر ، وكانت القضية هي كيفية مساعدة الشعب الكمبودي (وردت هكذا) . لقد كان بول بوت شيئا بغيضا ، ولم نكن نستطيع مطلقا مساندته ، لكن الصين كانت تستطيع" .
واعترفت الولايات المتحدة بحكومة كمبوديا الديمقراطية المطرودة بأنها الحكومة الرسمية لكمبوديا لأنها "استمرار" لبول بوت . تعتبر منظمة الخمير الحمر المسؤولة عن موت 1.5 مليون شخص (أحيانا يقدرون بين 850,000 إلى 3 مليون) في ظل نظامهم، عن طريق الإعدام، والتعذيب والأعمال الشاقة . حاول زعيمهم بول بوت تطبيق نوع راديكالي متشدد من الشيوعية الزراعية حيث يجبر كامل المجتمع على نوع من الهندسة الاجتماعية تجبرهم على العمل في مجتمعات زراعية أو في اعمال شاقة ورفض كل مظاهر الحضارة.
وبناء على إلحاح واشنطن في عهد كارتر ، كان "ثيوون براسيت" هو مبعوث الخمير الحمر بقيادة بول بوت إلى الأمم المتحدة ، من 1979 إلى 1993 ، رغم أن الخمير الحمر كان قد أطيح بهم من السلطة في 1979 ، وكان براسيت المدافع والمُبرِّر الرئيسي لجرائم بول بوت المُروعة ولعب دورا كبيرا في التستر عليها ، وهو يعيش في سلام وراحة في ماونت فيرتون في نيويورك من دون محاسبة قانونية كإرهابي.
# دعم إرهاب الدولة من خلال عملية كوندور :
--------------------------------------------
عملية كوندور هي حملة من إرهاب الدولة تضمن عمليات استخبارية واغتيالات للمعارضين رسمياً في عام 1975 من خلال ديكتاتوريات الجناح اليميني في أمريكا الجنوربية . كان هدفها اجتثاث كل معارضة ضد هذه الحكومات ويُقدر عدد ضحايا هذه العملية أكثر من 60000 ضحية . وقد ساهمت فيها حكومات الأرجنتين ، تشيلي ، أورغواي ، بوليفيا ، والبرازيل . وساهمت فيها حكومتا البيرو والإكوادور بصورة غير مباشرة . وقد قدمت الولايات المتحدة المساعدات العسكرية والتقنية للمشاركين حتى عام 1978 وخصوصا في ظل حكومة كارتر .
# "عامل" كارتر في إرباك وضع فنزويلا 2002 – 2004 :
---------------------------------------------------------
لا يوجد مكان وجّه فيه كارتر خطيب حقوق الإنسان العطوف ظاهرياً ، تهديدات خطيرة للحرّيات الديمقراطية والاستقلال القومي اكثر مما يقوم به في فنزويلا . فبمساندة المعارضة المتحمّسة للخيار المسلّح ، فإن كارتر يتدخل بصورة متكرّرة في السياسة الفنزويلية الداخلية ، مقدّماً نفسه كوسيط محايد. مع كل خطوة على الطريق يتحرك كارتر لشرعنة معارضة تنخرط في انقلاب أو انتفاضة تقوم بها ميليشيات إرهابية مسلحة والمدراء الذين يدمّرون الاقتصاد . كارتر أقنع الرئيس شافيز لـ "التسوية" مع قادة الصفوة والمساندين للانقلاب العنيف والذين اسقطوا حكومته المنتخبة لمدة قصيرة . كان كارتر يضغط دائماً على الرئيس المنتخب للتفاوض و "تقاسم السلطة" مع المعارضة بالرغم من فوزه بستة انتخابات وطنية . وقد رفض كارتر تقدير انتصارات شافيز الإنتخابية والتطبيقات الدستورية – وبدلا من ذلك نجده يساند طلبات المعارضة بانتخابات جديدة غير نظامية ثم تمرير الإستفتاء.
كارتر لم يكشف مئات الآلاف من حالات خرق التصويت (مثلما فعل مع حالة سرقة فوز خوان بوش في الدومنيكان) وتزوير الهويات الإنتخابية . كان كارتر يتصرف في فنزويلا بطريقة "الأمريكي الهادىء" – كما جاء في عنوان رواية لغراهام غرين – وهو الذي يتبنى القيم العالية في حين يمارس الحيل القذرة . والسجل التاريخي له واضح جدا. فكارتر لا يمكن الثقة فيه ليكون "مراقب محايد" . كان ومايزال مناصراً للمصالح الإمبريالية الأميركية وحتى ولا "مشاهد" مجرد ، ولكن شريك نشيط خبيث وماكر للعملاء الأميركيين ، إنّه مستمر في دعم ومساندة أي نظام أو معارضة سياسية ، أي حاكم يستطيع هزيمة الحركات الشعبية والحكومات التقدمية .
كارتر ليس ديموقراطياً . إنّه مناصر دائم للإمبراطورية الأميركية طوال حياته . إنّه أكثر خطورة وبشكل خاص على اساليب الإستفتاء في فنزويلا. لقد قدّمت الولايات المتحدة بصورة لاشرعية ملايين الدولارات للمعارضة المضادة لشافيز من خلال المنحة القومية للديمقراطية و "المؤسسات" الأخرى. وسيكون "معهد كارتر" هناك لشرعنة التزوير والخروقات : طرح أسئلة التشكيك في حالة فوز الرئيس شافيز بالإنتخابات . وكارتر متحمّس أكثر للاستفادة من بعض الإنتهازيين السياسيين الذين يحيطون بشافيز ، وهم مستعدون لتقديم تنازلات لتأمين "الشرعية الديمقراطية" من خلال وجود مبعوث الإمبراطورية هذا . كارتر يعمل ضمن الستراتيجية الأكبر للولايات المتحدة : تصميم الإنقلابات والإضرابات ، وعنف الميليشيات ومساندة التهديد الكلومبي لفنزويلا.
دولة الولايات المتحدة الإمبراطورية تحرّك كل مواردها المؤسساتية لهزيمة شافيز . بالإضافة إلى كارتر ، فإن مراقبة حقوق الإنسان - Human Rights Watch (HRW),، المنحة القومية للديمقراطية - National Endowment for Democracy، وجيش من المنظمات التي تُسمّى غير حكومية (NGOs) (محلّية وعالمية) ، تنشط لصالح حملة الولايات المتحدة ضد شافيز . وكان مدير "حقوق الإنسان" فيفانكو من بين أكثر المتدخلين المتحمّسين : فبعد مواجهة الرئيس شافيز لقرار مجلس الإنتخابات القومي الداعي للاستفتاء ، فقد أصدر فيفانكو "تقرير" أعلن فيه أن فنزويلا تعاني من أزمة دستورية ستؤثر على المؤسسات الهشّة أصلاً . لقد اتهم حكومة شافيز بتطهير النظام القضائي في فنزويلا والسيطرة عليه. ودعا إلى تدخّل المنظمات المسيطر عليها من قبل الولايات المتحدة في الدول الأمريكية.
لإجبار حكومة شافيز على الخضوع لإعلانه ، طالب فيفانكو بأن يقوم البنك الدولي والصندوق النقدي الدولي بقطع مساعداته الهادفة إلى "تحديث" النظام القضائي. فخلال السنوات الثلاث السابقة ، قامت رقابة حقوق الإنسان باتباع تعليمات وزارة الخارجية الأمريكية بمهاجمة ديمقراطية شافيز متناسين مشاركته وانتصاره في ست حملات انتخابية حرّة واستقباله الكريم لطلب الإستفتاء المشبوه.
لقد لعبت رقابة حقوق الإنسان الدور الأكبر في شيطنة رئيس يوغوسلافيا السابق "ميلوسوفتش" ومساندة الغزو الأمريكي للبلقان وكانت صامتة عن جرائم الحرب التي اقترفتها الولايات المتحدة ، وبضمنها قصف الأهداف المدنية ، واغتيال جيش تحرير كوسوفو لأكثر من 2,000 صربي مدني والتطهير العرقي لـ 200,000 من الكوسوفيين غير الألبانيين ، وخلال مفاوضات السلام بين الرئيس "باسترانا" وفارك FARC ، والتي عارضتها الولايات المتحدة وتحمّست لإرباكها. السيّد فيفانكو ورقابة حقوق الإنسان أصدروا "تقرير" يدّعي أن فارك FARC كانت تخرق كل شروط مفاوضات السلام – وهي أشياء لا توجد جماعة لحقوق الإنسان على الأرض غير كولومبيا تدّعيه – من أجل الضغط على باسترانا لكسر المفاوضات واستعادة الحملة العسكرية ، التي قام بها لاحقاً .
رقابة حقوق الإنسان مثل مركز كارتر تدخلت إلى جانب المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة . لقد عرّضت استقلالية المحاكم للضغوط لكي تخضع للمعارضة ، رفضت الإعلانات الديمقراطية للكونغرس الفنزويلي ودعوته للإصلاح القضائي ، فقد أعلنت أن الحكومة غير شرعية ودعت علناً لتدخل مدعوم أمريكيا من قبل منظمة الدول الأمريكية.
رقابة التدخليين الإنسانويين .. وجودهم خطير جدا على وحدة واستقلال فنزويلا .
# كارتر حامي حقوق الإنسان يقدّم أعلى المساعدات للدول التي تسحق حقوق الإنسان:
----------------------------------------------------------------
لقد أكّد الكثير من الباحثين على أن العلاقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة الفائقة لحقوق الإنسان أصبحت وثيقة جدا ، بحيث لم تعد هناك حاجة لدراستها أو تقصّيها . كان يمكن دراستها في ستينات القرن العشرين وسبعيناته ، أما في ثمانيناته فقد أصبحت علاقة وثيقة وواضحة للغاية. فقبل عشرين عاما أثبت ( لارس شولتز ) في دراسة واسعة وجود علاقة وثيقة بين المساعدات الأمريكية والإساءة إلى حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية حيث تستلم أفظع الدول في انتهاك حقوق الإنسان أعلى المساعدات . وإذا ألقيت نظرة على سجلات هيئة العفو الدولية بشأن التعذيب ، وعلى المساعدات الأمريكية الأجنبية فلسوف تجد العلاقة الوثيقة واضحة . وليس معنى ذلك أن الولايات المتحدة تفتش عن الدول التي تعذب مواطنيها لتقدم لها المساعدات ، ولكن لأن الشرط الأساس في بناء علاقة الولايات المتحدة بأية دولة هو تحسين المناخ الاستثماري حيث ترتفع المساعدات الخارجية حيث تتحسن فرص المستثمرين في استخراج موارد بلد ما . ولكن السؤال / المفتاح هو كيف تتحسن فرص الاستثمار في بلد من بلدان العالم الثالث ؟ إنه يتم من خلال قتل مسؤولي الاتحادات وزعماء الفلاحين ونسف البرامج الاجتماعية وغير ذلك ، وهنا تنشأ العلاقة الثانوية بين المساعدات وانتهاكات حقوق الإنسان الفاضحة . وهذا ما استمر في عهد كارتر المدافع عن حقوق الإنسان حيث كانت أعلى المعونات الأمريكية الاقتصادية والعسكرية إلى أكثر لدول خرقاً وسحقاً لحقوق الإنسان.
# كارتر داعية الإبادة البشرية (قتل 2 مليار من سكان العالم):
---------------------------------------------------------
"نحن مصمّمون على تطبيق توصيات تقرير العالم 2000 بطريقة أو بأخرى ؛ بالتجويع والمجاعة والأمراض والحروب أو أي خيار آخر ... نحن بحاجة إلى صدمة اقتصادية حقيقية ، كساد لتوصيل رسالتنا عبره "
تصريح للناطق باسم نمو السكان صفر
(18/9/1981)
ما قلناه سابقاً من أفعال إجرامية اقترفها جيمي كارتر لا يمثل كل خطورة جيمي كارتر على الإنسان وعلى الحياة الإنسانية . هناك مبادرة رهيبة جداً تبنّاها هذا المجرم الهادىء ذو الإبتسامة الطفولية الدائمة، وتتمثل في ما عرف بـ "تقرير العالم 2000- Glpbal 2000 Report" ، وهو التقرير الذي صادق عليه وهو يتهيّأ لمغادرة البيت الأبيض في الأيام الأخيرة من حياته الرئاسية . يقع هذا التقرير في 80 صفحة وتمّ إعداده من قبل وزارة الخارجية الأمريكية ومجلس نوعية البيئة من خلال لجنة ضمّت عشرات الإختصاصيين لدراسة مستقبل العالم والمخاطر التي تنتظر الحياة البشرية على الكرة الأرضية في ظل النمو السكاني الهائل . سيُصدم أيّ قارىء لم يطّلع على هذا التقرير حين يعلم أن هذا الرئيس "المؤمن" يدعو من خلاله إلى إنقاص عدد سكان العالم بمقدار 2 مليار خلال قبل نهاية القرن العشرين – آنذاك - لأن الزيادة السكانية هذه تمثل الخطر الأكبر على الحياة باستنزافها مصادر الطاقة وموارد المياه والغذاء .
هذا هو المفهوم الذي سمّته الإدارة الأمريكية "تقليص عدد السكان Depopulation " والذي يُسمّى أيضاً "علم تحسين النسل eugenics" (مصطلحات تعني في الواقع الإبادة البشرية genocide ). وعلم تحسين النسل اقتُرح أوّلاً في ظل النازي خلال الحرب العالمية الثانية ، ولكنه سلوك أمريكي مستمر منذ قرون تم بواسطته استئصال السكان الأصليين في العالم الجديد على أيدي المستعمرين الإنكليز (الأمريكان) من 112 مليون هندي إلى ربع مليون في بداية القرن العشرين كما سنرى لاحقا في حلقة مستقلة . إنّه القتل الاختياري المقصود لعدد كبير من السكان وخُصّص لسكان العالم الثالث في وقت إدارة الرئيس "المؤمن" هذا ، من خلال المجموعة المتعلقة بالسياسة السكانية التابعة لمجلس الأمن القومي .
ففي عام 1977 دعتْ إدارة كارتر للتهيئة لتقرير العالم 2000 وفق نصيحة مستشار الأمن القومي زبنغيو برجنسكي ووزير الخارجية سيروس فانس . ولجنة العمل في تقرير العالم 2000 عملت تحت إشراف مكتب الشؤون العلمية والبيئة العالمية والمحيطات ومجلس البيت الأبيض لنوعية البيئة الذي يرأسه غوس سبث . كان مدير المشروع جيرالد بارني من صندوق الأخوة روكفلر الذي كان تقريره الأخير "مستقبليات الطاقة" يتنبأ بانكماش المجتمع إذا لم يتناقص استهلاك الطاقة ، وصار دليلا لسياسة الولايات المتحدة الخارجية كلها .
في هذه السنة ايضاً ، وتحت تأثير وتحريض شبكة لجنة الأزمة السكانية، أنشأ الكونغرس لجنة السكان وترأسها السيناتور الجمهوري جيمس شيور ، وهي أول لجنة رسمية تقرّها سلطة تشريعية وتتخصص تحديدا بمشكلات السكان. وقد عقدت اللجنة جلسات استماع لمدة سنتين لتروّج لحاجة الولايات المتحدة لإلزام نفسها بتقليل النمو السكاني وقرع الأجراس حول أزمة السكان العالمية. من بين أعضائها ديفيد ستوكمان الذي أعد تقريرا عن مضاعفات التغيرات السكانية في الولايات المتحدة . وحسب مصادر فإن هذا التقرير الذي دعا إلى استقطاعات وتخفيضات في مشروعات السكان كالسدود والخزانات والسيطرة على المياه كان الأساس لكل من موازنة كارتر عام 1980 (والتي تضمنت قسما للسكان لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة) ولسياسة ستوكمان كمدير لمكتب الموازنة والتدبير . وقد أصدرت اللجنة توصياتها بأجزائها المتعدّدة في آذار 1979.
وفي هذه السنة أيضاً أي سنة 1977 أنشأت لجنة براندت لعلاقات الشمال والجنوب . ساند أول تقرير للجنة السيطرة على السكان كلّياً ، والتكنولوجيا المناسبة ، ووجهات نظر فريق تقرير العالم 2000 حول الحفاظ على الطاقة. مع إبقاء سعر البترول عالياً بصورة مصطنعة من خلال التلاعب بالأوبك ، بدأت إدارة كارتر هجمتها على التطور النووي للولايات المتحدة .
1979 : نجحت الثورة ضد شاه إيران التي ساندها كارتر من خلال زبنغيو بيرجنسكي ورامزي كلارك ، وجاءت جولة جديدة من تصعيد أسعار البترول. رُسمت سياسة تصعيد الأسعار خلال اجتماع في نيويورك من ربيع العام نفسه (في مؤسسة أفريل هاريمان) . ومع نهاية 1980 ، ارتفعت أسعار البترول إلى 38 دولارا للبرميل ، مسببة نقصاً مخيفا في موارد الأمم الصناعية وإيقاف المعونات لبعض دول العالم الثالث .
1979 : خطاب برجنسكي حول "قوس الأزمات – arc of crisis" مستهدفاً العالم الإسلامي المكتظ بالسكان.
1980 : 24 تموز أصدر البيت الأبيض في عهد كارتر نتائج لجنة العالم 2000 ، الذي دعت فيه إلى تقليل عدد سكان العالم بمقدار 2 مليار شخص مع نهاية القرن . صادق عليها وزير الخارجية إدموند موسكي .
ولو طلبنا الآن من السيّد القارىء استرجاع شريط الحوادث التي عصفت بالعالم من عام 1980 ولحد الآن (الحروب ومنها الحرب العراقية الإيرانية، حرب أفغانستان ، حرب الخليج الأولى ، احتلال العراق ، الإبادة البشرية عبر القتل الجماعي وقطع الرؤوس والحرق وابتداع طرق مرعبة من قبل القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات الإرهابية في دول العالم الثالث الإسلامية التي كان من نتائجها إفراغ تلك البلدان من أقلياتها الأصيلة، وهجرة إبنائها أو استبدالهم بأبناء شعوب أخرى، حرب سورية ، حرب اليمن ، حرب ليبيا ، فرق الموت الأمريكية في أمريكا اللاتينية ، الأمراض المُصطنعة كالأيدز ، منع تصنيع علاج للسرطان ، مؤامرات شركات الأدوية وأصحابها بعضهم من أصحاب القرار الأمريكيين وراسمي سياسات الإبادة السكانية في الوقت نفسه مثل هنري كيسنجر ورامسفيلد وغيرهما ، المجاعات التي تفتك بالسكان في أفريقيا (يموت 8000 طفل يومياً في أنحاء العالم بسبب الجوع) ، مؤامرة اللقاحات التي لا تدقق فيها دول العالم الثالث ، الإبادة الجنسية المنظمة عبر جمعيات تنظيم النسل الطبّية وغيرها ، التهجير والهجرة الناجمة عن افتعال الحروب وما يتبعها من وفيات وسوء تغذية وتمزقات نفسية واجتماعية توصل للانتحارات ، وغير ذلك الكثير الكثير الكثير .. ألا يتفق معنا في أن ما يجري هو تنفيذ لمخطط الإبادة السكانية الأمريكي للقضاء على ملياري إنسان من سكان العالم ؟؟
لقد أعلن عميل وكالة المخابرات الأمريكية السابق "جورج غرين" والذي أصبح من رجال المال العالميين وشارك الصفوة السرّية في مخططاتها ثم خرج عليها ! في أكثر من لقاء صحفي وتلفزيوني بأن فرط النمو السكاني صار الخطر رقم 1 بالنسبة للصفوة السرّية الحاكمة المسيطرة على العالم والتي ستقوم باتخاذ قرارات ذات طبيعة "إلهية" تحدّد من سيعيش ومن سيموت ، وقد اشار إلى أنه شارك في مؤتمر لقادة العالم وطرحت أمامه مخططاتهم في تقليل السكان أو الإبادة البشرية وقد عرضوا عليه أن يكون مسؤول لجنة تمويل حملة الرئيس المُقبل للولايات المتحدة . وعندما سألهم من سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأمريكية قالوا له : جيمي كارتر ، كان هذا قبل سنتين من ترشيحه للإنتخابات وفوزه بالرئاسة ، أي لا ديمقراطية ولا هم يحزنون. وهذا الرئيس هو الذي أنيطت به مهمة وضع خطّة الإبادة البشرية.
لقد أصبحت الإبادة السكانية لدول العالم الثالث أولوية كبرى لمجلس الأمن القومي ونادي روما (الذي شارك في وضع تقرير العالم 2000) وصنّاع السياسة الأمريكية مثل الجنرال ألكسندر هيغ وسايروس فانس وإد موسكي وهنري كيسنجر . وحسب تصريح للناطق باسم مجلس الأمن القومي فإن الولايات المتحدة تؤمن بوجهة النظر التي طرحها رئيس البنك الدولي السابق روبرت ماكنمارا (وهو مجرم حرب سابق أيضاً فهو وزير الدفاع في ظل الرئيسين كنيدي وجونسون، وهو المهندس الأول وحامل المسؤولية الرئيسي للمذبحة التي وقعت في الهند الصينية (4 ملايين قتيل في فيتنام وحدها) ، من أيامها الأولى حتى عمليات التصعيد غير العادية، وللقمع العنيف للحركات الشعبية في بيرو) عندما وصف "الأزمة السكانية" بأنها الخطر الأعظم الذي يهدد الأمن القومي الأمريكي بصورة تفوق الإبادة النووية ! . وفي عام 1975 أنشأ هنري كيسنجر مجموعة تخطيط سياسي في مكتب الشؤون السكانية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. وهذه المجموعة هي التي توّلت وضع التقرير الشهير "العالم 2000 - GLOBAL 2000" والذي صادق عليه الرئيس "المؤمن" جيمي كارتر والذي رأى أن موارد كوكبنا لن تكون كافية لمجاراة الزيادة السكانية الدراماتيكية . دعا التقرير إلى تقليل عدد سكان الولايات المتحدة بمقدار 100 مليون شخص قبل عام 2050.
# تقرير كارتر اُسّس على تقرير نادي روما الداعي للإبادة البشرية :
-------------------------------------------------------------
خلال إدارة كارتر شُكّلت خلية عمل لتوسيع تقرير نادي روما الذي صدر عام 1976 بعنوان "إعادة تشكيل النظام العالمي - Reshaping the International Order " والذي دعا إلى نظام عالمي جديد يتضمن من بين ما يتضمن إعادة توزيع الثروة ، وفي 24 تموز 1980 صدر تقرير "العالم 2000" بجزءين والذي تشير المصادر إلى أن من كتبه هو سيروس فانس وزير الخارجية السابق وقُدّم إلى الرئيس كارتر ثمّ إلى وزير الخارجية آنذاك "إدوارد موسكي" . وقد حاول هذا التقرير استشراف الاتجاهات الاقتصادية العالمية خلال لعشرين سنة المقبلة ، وأوضح أنّ موارد الكوكب غير كافية لمجاراة الزيادة الدراماتيكية في عدد السكان العالمي . ودعا التقرير إلى تقليل عدد سكان الولايات المتحدة بمقدار 100 مليون مع حلول عام 2050 .
وقد قال "هوارد أودم" وهو اختصاصي بالبايولوجيا في جامعة فلوريدا وعضو في نادي روما ، في عدد آب 1980 من مجلة Fusion :
"من الضروري للولايات المتحدة أن تقلل عدد سكانها بمقدار الثلثين خلال الخمسين سنة المقبلة" . ولم يوضح كيف يتم إنجاز ذلك.
ولكن بعد ستة اشهر ، أصدر مجلس نوعية البيئة توصيات مبنية على أساس تقرير يحمل عنوان : "مستقبل العالم : وقت للفعل" اقترحوا فيها برنامجا عنيفا للسيطرة على السكان يتضمن عمليات التعقيم ووسائل منع الحمل والإجهاض. وفي آب من عام 1982 نشر مكتب الاستخبارات التنفيذي تقريا بعنونا "العالم 2000 : أنموذج للإبادة البشرية" قال فيه إن التقريرين الرئاسيين السابقين :
"يُفهمان كإعلان صريح عن نوايا مراكز سياسية صاحبة قرار كمجلس العلاقات الخارجية واللجنة الثلاثية وصندوق النقد الدولي للبدء بتنفيذ سياسات لا ينتج عنها – فقط – موت 120 مليون شخص كما ورد في التقرير ، ولكن موت ما يقارب المليارين من سكان العالم بحلول سنة 2000" وهو ما قرّره تقرير كارتر العالم 2000.
إذن فتقرير كارتر تأسّس على أساس تقرير وأطروحات نادي روما club of rome الذي هو من اشد المنظمات العالمية حماسة لمفهوم الإبادة البشريّة . فما هو نادي روما ؟ وما هي أهدافه ؟ وما هي علاقته بخطط الإبادة البشرية التي تتبعها الولايات المتحدة ؟ (سنتطرق إليه وباقي المنظمات السرّية الأميركية الغربية في الحلقات المقبلة).
# إرث ما بعد رئاسة كارتر السيّء:
---------------------------------
يحاول البعض تلميع سيرة جيمي كارتر من خلال القول أنّه قام – بعد تركه الرئاسة – بأفعال جيدة ومهمة منها أنّه وصف سياسة بناء المستوطنات الصهيونية بأنها "سياسة فصل عنصري" ، كما أن "مركز كارتر" كان له دور كبير في دراسة الأنظمة الإنتخابية وتقييم العمليات الإنتخابية في البلدان المختلفة.
لكن هذه النشاطات – ومهما كانت – فإنها لن تعيد ارواح الملايين من البشر التي تواطأ في إبادتها . لقد ترك كارتر خلفه إرثاً مغموساً في الدم يتعارض بقوّة مع النظرة التي يعلنها عن تمسّكه بحقوق الإنسان وانتصاره لها. وحقيقة ان كارتر الرئيس الأقل عنفا بين الرؤساء الاميركيين هو في الحقيقة اتهام للرأي العام الأمريكي الذي مايزال يعتبره "مسالماً" ، مثلما هو اتهام لنظرائه الرؤساء المجرمين.
وحتى بعد مسيرته الرئاسية اعتدنا على هذه الإزدواجية البشعة التي تسم سلوكه، فهو يقول شيئا مبالغاً فيه في مؤتمراته الصحفية ، ويأتي ليطبق ما هو عكس تصريحاته تماماً . فهو يتحدث عن مساندته لحقوق الإنسان ولكنه يدعم الديكتاتوريين ، ويجعل البلدان مؤمّنة لاستغلال الشركات العابرة للقوميات الفظيع. يدعم الأنظمة اللاديمقراطية اليمينية ويدلفع عن التزوي الإنتخابي فيها . وهو موجّه دائم للسفارات الأميركية لإجهاض التجارب الديمقراطية.
# من مصادر هذه الحلقة :
-----------------------
# Jimmy Carter And Human Rights: Behind The Media Myth
By Jeff Cohen and Norman Solomon
# Jimmy Carter’s Blood-Soaked Legacy
by Matt Peppe / August 17th, 2015
# Jimmy Carter - Mass Murderer
http://english.pravda.ru/opinion/columnists/16-05-2012/121135-jimmy_carter_mass_murderer-0/#sthash.ijPiYmAL.dpuf
# DID HE JUST SAY THAT?
Jimmy Carter
Sahm Doherty / Time Life Pictures
# Jimmy Carter's No Real Humanitarian
by Gordon Smith
# Jimmy Carter on Crime
President of the U.S., 1977-1981
# The Moral Disintegration of Jimmy Carter
http://observer.com/2014/08/the-moral-disintegration-of-jimmy-carter/#ixzz3fNjZeJ8n
# If the Nuremberg Laws were Applied...
Noam Chomsky
Delivered around 1990 - Chomsky.info
# Former President Carter To Be Tried For Peace Crimes
# Jimmy Carter's 'Lust in the Heart' Playboy Interview – 1976
#Beware Jimmy Carter!
by
by JAMES PETRAS
# The Carter Factor: Venezuela 2002-2004
Counterpunch 8 july 2004
# دحــر الصليــب ونصـــر الهلال في الــرد على كولـــن باول - حامد بن عبدالله العلي.
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
----------------------------
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.
وسوم: العدد 644