حصار مضايا.. سيناريو يتكرر دون تحرك أممي
أعلنت الأمم المتحدة مساء اليوم الخميس، أن نظام الأسد وافق على دخول قوافل المساعدات العاجلة لمدينة مضايا التي ذاع خبر حصار الأسد لها مشارق الأرض ومغاربها، مخلفاً عشرات الضحايا الذين قضوا جوعاً، ومئات الحالات من الإغماء، وكانت قد أعلنت قبل ساعات من ذلك بأن النظام رفض السماح بدخولها!.
وتأتي جهود الأمم المتحدة بعد مناشدات أطلقها مدنيون من أغلب المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في سوريا، لفك الحصار عن مضايا، بعد غياب لأي تحرك دولي يوقف معاناتهم.
ويبدو أن تحركات الأمم المتحدة اليوم لتصحيح “سقطة أخلاقية” وقعت فيها لا أكثر، فبعد أن توجه المجلس المحلي للبلدة المحاصرة برسائل متكررة إلى مسؤول ملف الزبداني “جيفري فيلتمان” جاء الرد عبر رسالة تلقائية بأن الكوادر في إجازة!!
وحسب ناشط إعلامي من داخل مضايا “النظام سمح للأمم المتحدة إدخال المساعدات ، ولكن إلى الآن لم يعطي تصاريح للشاحنات بالمسير، وهذا الأمر يأخذ وقتاً بالأحوال العادية من 6 إلى 10 أيام، ولدينا مخاوف أن لا يتعدى الأمر تصريحات إعلامية”.
وشهدت الساحة السورية حملة تضامنية كبيرة مع أهالي مضايا، حيث انتشرت صورهم كهياكل عظمية من شدة وطأة الحصار، فنظم عناصر الدفاع المدني في الغوطة الشرقية وقفة تضامنية بعنوان “جسد واحد ألم واحد”، كما شهدت محافظة إدلب مظاهرات تندد بحصار مضايا، وتطالب جيش الفتح بقصف بلدتي “كفريا والفوعة” للضغط على نظام الأسد.
وللوقوف على الوضع الإنساني داخل المدينة، قالت حلا الزين (عاملة في جمعية إغاثية داخل مضايا) لمركز أمية الإعلامي: “الوضع بين الأهالي اليوم تحديداً كان محتقناً، الناس تعيش حالة من الغضب، قد يكون ذلك لنقص السكر في أجسامهم، فلم يعد لديهم أي شيء يسدون به جوعهم”.
وأضافت حلا: “وصل الأهالي إلى مقر عملنا في إحدى الهيئات الإغاثية يعبرون عن غضبهم وسخطهم: أطعمونا… على أي أساس أنتم هيئة إغاثية؟!”.
إلى ذلك قامت العديد من الشخصيات الإعلامية والهيئات الإغاثية بإطلاق حملات لإغاثة أهالي مضايا، ولكن تلك الحملات لن تجدي نفعاً إذا بقي الطريق موصداً أمام قوافل المساعدات ، فالمشكلة ليست في المال، وإنما في صعوبة إدخال الغذاء إلى البلدة، وهو ما أدى إلى ارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية.
فسعر كيلو الرز أو البرغل أو العدس 80 ألف ليرة سورية، وحليب الأطفال 100 ألف ليرة سورية إن وجد، أي يصل سعر الكيلو في مضايا إلى مئتي ضعف عن سعره في العاصمة دمشق.
التجويع سلاح نظام الأسد :
وإذا كانت مضايا تصدرت المشهد اليوم، فإن مدينتي التل و معضمية الشام تسيران على خطى مضايا، في حال بقي المجتمع الدولي عاجزاً عن وقف جرائم الأسد أو متغافلاً عنها.
السوريون لم ينسوا بعد تجويع أهالي حمص القديمة، ومن ثم تهجيرهم في مطلع عام 2014 من بيوتهم، وأيضاً حصاره لمدينة قدسيا في ريف دمشق ومن ثم إخراج عدد من ثوارها إلى مدينة إدلب قبل فترة وجيزة.
وما زالت الغوطة الشرقية ترزخ تحت حصار الأسد منذ أواخر 2012 حتى الآن، في محاولة منه إلى تجويعها ومن ثم استسلامها، ولكن أرضها الزراعية كفتها شرّ الحصار نوعاً ما، وهو ما دفع النظام ليشن معاركه الأخيرة من جهة “مرج السلطان” إلى المناطق الزراعية، وفي حال نجح في معركته ستشهد الغوطة حصاراً وتجويعاً هي الأخرى.
الدلائل على استخدام النظام السوري لسياسة التجويع، واستخدام سلاح الحصار، كثيرة على الأرض السورية، ويبدو أن الهدف سعيه مع حلفائه إلى تغيير ديموغرافي على الخارطة السورية.
فحصار مضايا جاء رداً على نصرتها لمدينة الزبداني المجاورة لها، واستقبال أهلها، وهو ما جعل النظام يستشيط غضباً، فالزبداني كانت جولاناً أخرى يريد نظام الأسد، الذي باع الجولان سابقاً، إلى تسليمها لميليشيا حزب الله اللبناني التي شاركته قتل الشعب السوري، ويهجر أهلها السنة منها!!.
عمار ياسر حمو
مركز أمية الإعلامي
وسوم: العدد 650