فقراء العالم يستصرخون الإسلام ودولته من حيث يدرون أو لا يدرون
قالت منظمة أوكسفام البريطانية غير الحكومية، إنّ "الثروات التي راكمها 1% هم أثرى أثرياء العالم في 2015، فاقت ما يملكه الـ 99% الباقون من سكان العالم. وبحسب أوكسفام فإنه "منذ بداية القرن الحادي والعشرين، حصل النصف الأشد فقرا من البشرية على أقل من 1% من الزيادة الإجمالية للثروات العالمية، في حين أن 1% من الأكثر ثراء تقاسموا نصف هذه الزيادة". وفي مثال على اتساع الفارق، قالت المنظمة إنّ "62 شخصا يملكون ما يساوي ما يملكه النصف الأشد فقرا من سكان العالم، في حين كان هذا الرقم 388 قبل خمس سنوات".الجزيرة
هذه هي إحدى سمات الرأسمالية، تكديس رأس المال بأيدي حفنة من الناس على حساب الغالبية والأكثرية في المجتمعات، ولا يمكن للرأسمالية أن تنهي أو تعمل على التقليل منها لأنها جوهرية فيها، ولأن المشرعين هم عينهم المنتفعون أو شركاؤهم فهم يشرعون ما يخدم مصلحتهم ويحقق رغباتهم وإن ادعوا خلاف ذلك.
وتكديس رأس المال آفة جاء الإسلام بتشريعاته التي تقضي عليها نهائيا، فالتفريق بين الملكيات وتقسيمها إلى ثلاثة أنواع؛ ملكية خاصة وملكية دولة وملكية عامة، وتحديد كل واحدة منها تحديدا منضبطا يحول بين أن تتحول إحداها إلى الأخرى أو أن يجري خصخصة القطاع العام بموارده الهائلة ليقع في أيدي المتنفذين أو المتسلطين على رقاب الناس، كل ذلك يساهم بشكل كبير في تفتيت الثروة وتوزيعها على الناس.
وكذلك حرمة كنز المال حتى لو أديت زكاته ووجوب تشغيله، مما يعود على المجتمع بالنفع والمشاركة، وأحكام الميراث والتي من شأنها تقسيم المال الواحد إلى المستحقين وبالعادة يكونون كثر، أحكام من شأنها تفتيت الثروة.
وكذلك غياب ما يسمى بالملكية الفكرية والامتيازات في الإسلام وهو ما من شأنه أن يحول بين الفرد والربح اللامتناهي، وكذلك منع حيازة الأرض من قبل من يميتها ومنع تأجير الأرض الزراعية، أيضا أحكام تفتت الثروة. وكذلك تحريم الاحتكار وتشريع الأعطيات من قبل الدولة للمحتاجين من الرعية، وتشريع الشركات بأنواعها المختلفة، كلها أحكام تخدم الغاية نفسها.
والأمثلة على الأحكام الشرعية الإسلامية التي تؤدي إلى تفتيت الثروة كثيرة، ولكن تلك عينة منها تعطي صورة عن مدى حرص الإسلام على الحيلولة دون تكدس الثروة بين فئة أوحفنة من الناس على حساب البقية، بل قد بين الله عز وجل هذه الغاية في تعليله توزيع الفيء، فقال: ﴿مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ﴾.
والحقيقة أن تاريخ الأمة الإسلامية ودولتها التي دامت أكثر من 13 قرنا، رغم ما أصابها من ضعف وإساءة تطبيق إلا أنها حقبة تظهر بوضوح كيف أنّ مسألة وجود الفقر المدقع والغنى الفاحش لم تكن موجودة في المجتمع الإسلامي ولم تكن آفة في تلك القرون كما هو الحال هذه الأيام في المجتمعات الرأسمالية.
فلا خيار أمام العالم إلا بالإسلام، دين الرحمة والعدل، الذي هو من لدن حكيم عليم، ولا نجاة لفقراء العالم ولاخلاص مما هم فيه إلا بعودة دولة الإسلام الخلافة الراشدة على منهاج النبوة التي ستطبق دين الله وترحم به البشرية جمعاء من جحيم الرأسمالية، ففقراء العالم يستصرخون الإسلام ودولته من حيث يدرون أو لا يدرون.
وسوم: العدد 653