التهديد بالاستقالة.. الوجه الآخر للديكتاتورية
معمر حبار
قدّم استقالته، وبعد مدّة من الزمن ليست بالبعيدة، تمّ قبول الاستقالة. احتجّ المعني على قبول استقالته، لأنه لم ينتظر هذا الرد، وكان يقصد بالاستقالة التهديد لا الاستقالة. لأنه خلال تلك الأيام، تمّ ترقيته إلى منصب أعلى، لكن قبول الاستقالة حال دون ذلك. ندم المعني ندما شديدا، لأنه لم ينجح في تهديده.
آخر قدّم استقالته، وحين أخبره أترابه، أن الاستقالة "تسىء !" لصاحبها، تراجع عنها على الفور، لأنه كان يرمي إلى التهديد بالاستقالة وليس الاستقالة، فأمسى من يومها أكثر تشبثا بالكرسي من ذي قبل.
مدرب لإحدى الفرق الرياضية، اشتهر بتقديم استقالته في كل موسم رياضي، وتجده على رأس الفريق كل عام رياضي، لأنه يقصد التهديد بالاستقالة، ليزيد أكثر ثباتا، حتى أمسى التهديد بالاستقالة من علامات بقاءه على رأس الفريق.
إن التهديد بالاستقالة، أدى إلى ثقافة التشبث بالكرسي أكثر مما يطالب ويسعى إليه صاحب الكرسي علانية. وأدى كذلك إلى انتشار النفاق وعدم الإخلاص، والتشبث بالكرسي بغير حق. وحرم من له حق في أخذ المنصب، إذا توفرت فيه الشروط، ويسعى لتهميش أصحاب الطاقات.
على الأمة، أن تضع حدا لكل من يتخذ الاستقالة لعبة وتهديدا. فمصير الأمة أعلى وأغلى من أن يكون بين سطر يحمل التهديد في طياته.
الاستقالة سلوك حضاري، يعبّر عن علو في القيم والمسؤولية. والتهديد بالاستقالة لغرض التشبث والبقاء، يعتبر أسوأ الانحطاط .. ووجه بشع للديكتاتورية.