متى كانت المواقع والصحف الإعلامية في مستوى المنابر الدينية؟
ما كاد خطيب العيد بمصلى سيدي يحيى بوجدة يريم منبره حتى سارع موقع معروف بتجاسره المتواصل على رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة إلى نشر مقال ينتقد فيه بشدة هذا الخطيب ويتهمه باستغلال منبر العيد وتأليب المصلين على المواقع والصحف الإعلامية التي نعتها بالمنابر وكأنه يريد لموقعه أن يكون ندا ومنافسا للمنابر الدينية مع أن المعروف في لغتنا العربية وثقافتنا الإسلامية أن كلمة منبر تدل على محل مرتفع يرتقيه الخطيب أو الواعظ ويكلم منه الجمع بصوت عال ، وقد سمي منبرا لارتفاعه ولرفع الصوت عليه ،وكسرت ميمه على التشبيه بالآلة ، والفعل الذي اشتق منه هو نبر الشيء إذا رفعه ، ولا ينطبق هذا الوصف إلا على المنبر الذي سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بوحي من الله عز وجل . وما أبعد ما يسمى مواقع التواصل أو الصحف عن هذا الوصف إلا أن من يركب غروره من أصحاب هذه المواقع يأبى إلا أن يجعلها منابر على غرار المنابر الدينية جمعا وأعيادا ، بل يجعلها مساوية لها أو فوقها ، وهو منتهى الغرور . ومما يؤكد استهداف هذا الموقع للسيد رئيس المجلس العلمي هو انتقاله من الحديث عن خطيب العيد إلى الحديث عن فضيلة العلامة الأستاذ الدكتور مصطفى بنحمزة مع ذكر اسمه تصريحا لا تلميحا ،الشيء الذي يعني الاعتداء المباشر على شخصه مع أنه لم يكن هو الخطيب بل كان غيره ، وهذا الغير ليس الأستاذ بنحمزة وصيا عليه لأنه عضو من أعضاء المجلس العلمي وليس خطيب رئيس المجلس العلمي على حد تعبير صاحب المقال ، ورئيس المجلس العلمي معروف بشجاعته الأدبية ،ولو شاء أن يخطب لفعل ،وكان من قبل يخطب خطبه المشهود لها بالتميز نظرا لتميز صاحبها علما وفكرا وبعد نظر . وخلاف لقاعدة لا تزر وازرة وزر أخرى أبى صاحب الموقع إلا تحميل السيد رئيس المجلس العلمي مسؤولية ما ورد في خطبة العيد بعدما أولها حسب مزاجه وهواه ، ونصب نفسه وصيا على كل المواقع الإعلامية والصحفية وناطقا رسميا باسمها. ومن التهم التي نسبها لفضيلة العلامة أنها يعتنق مذهبا أفرز ثلة من الشيوخ الذين يؤمنون بضرب أعناق المسلمين ، ونسب له من شاركوا في حرب أفغانستان ومن يمارسون الإرهاب اليوم باسم الإسلام كتنظيم داعش الإجرامي. كما اتهمه بالتطاول على الدستور . وهذه التهم تلزم المتهم ـ بكسر الهاءـ ببينة وإلا من حق فضيلة العلامة أن يقاضيه أمام العدالة ليلقى ما يستحق من تأديب على افترائه واستهدافه لعالم المدينة الموقر الذي تذكره ساكنة مدينة وجدة بكل خير، وتعد أياديه البيضاء عليها ولا تعددها . وما أضيق أفق خطيب منبر العيد إن كان فعلا يقصد موقعا مغمورا يريد أن يكتسب شهرة من خلال التعرض لعالم جليل لا ينكر علمه إلا جاهل أو مكابر . وقديما تبول أعربي في زمزم في موسم الحج ليذكر حتى لو كان ذكره لعنة لسوء فعله . ويعرف المتتبعون لبعض المواقع المحسوبة على الإعلام ،والتي تعادي التوجه الإسلامي ، وتتعصب لتوجهات إيديولوجية معروفة برفضها لحياة يؤطرها الإسلام كيف تنهش لحوم العلماء والخطباء والوعاظ ، وكيف يتم التندر والاستهزاء بهم والسخرية منهم ، وهي مواقع تستبيح المجال الديني ، وتنشر لكل من هب ودب وكل متطفل على الدين مقالات في الدين، وهي عبارة عن خلط وخبط ، وحقد ، ومكر سيء لا يحيق إلا بأهله . وأظن أن خطيب العيد بمصلى سيدي يحيى كان يقصد تلك المنابربالذات، ولم يقصد كل المنابر كما ادعى صاحب الموقع الذي أقفزه الفز . وموضوع توقير العلماء واحترامهم وتجنب أكل لحومهم المرة موضوع ديني ، وليس استغلالا للمنبر بل من واجب المنبر أن يتناوله ليعرف الناس فضل أهل العلم مصداقا لقوله تعالى : (( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )) وقوله : (( نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم )) ومن رفع الله درجته لا ينال من قدره نائل . فمن ذا الذي يستبيح أعراض العلماء وهم ورثة الأنبياء وقد ورثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم ؟ ومن المعلوم أن المساس بالعلماء يعتبر مساسا بالأمة التي توقرهم لدرجتهم عند الله عز وجل ولوراثتهم العلم عن رسوله صلى الله عليه وسلم لهم ، ومن ذا الذي يجرؤ على المساس بالأمة إلا من سفه نفسه ؟ ولقد تجاهل صاحب الموقع المتجاسر على السيد رئيس المجلس العلمي مكانة هذا العالم عند أمير المؤمنين واحترامه وتقديره له، ودعوته له لإلقاء دروس رمضانية في حضرة جلالته ، وقد شمله برعايته المولوية حين أصيب بوعكته الصحية ،متكفلا جلالته بعلاجه خارج أرض الوطن ، وهو عالم مشهود له بالتمكن من العلوم الشرعية واللغوية ، ويرجع له الفضل في تربية وتوجيه شباب مدينة زيري بن عطية وما حولها بدروسه الأسبوعية في التفسير ،والتي كانت تربط كتاب الله عز وجل بواقع الناس . ولا يوجد فضل إلا وكان فضيلته سباق له . ولا يستغرب أن يستهدفه حساد ، ومن كثر حساده تأكد فضله . ومما يحسد عليه فضيلته أن قلوب المحسنين تهفو إليه وقد حرك فيهم الأريحية وحب الإنفاق والبذل ، وكلما زاد إحسانهم إلا واشتدت حسد الحساد عليهم ،وعلى من ألهمهم الله عز وجل على يده حب البذل في سبيله . وتشهد لفضيلته مساجد المدينة العامرة ، والتي صارت تعرف بها المدينة وتسمى مدينة المساجد ، كما تشهد له المؤسسات خيرية وفضاءات للمسنين ، والمرافق الصحية والمؤسسات التربوية وحتى المؤسسات الإصلاحية بالفضل والإحسان. ومما يروجه المستهدفون لفضيلته أنه والمحسنون من حوله يترامون على الملك العام على حد زعمهم ،وكأن الملك العام في حكم السائب، وكأنه لا وجود لسلطة الدولة ولا قانون فيها . ومن المعروف أن المشاريع التي يقف وراءها فضيلته ذات نفع عام ولا علاقة لها بما يسميها المتطاولون عليه ريعا . فهل توفير مرافق لتمويل المؤسسات الخيرية وفضاءات المسنين يعتبر تراميا على الملك العام ؟ فمن أين سيأتي الإنفاق على هذه المؤسسات ؟ وهل يقدم الذين يتجاسرون على عالم المدينة شيئا لهذه المؤسسات ؟ إنهم لا يحسنون ولا يسلم منهم محسن، بل يبخلون ويأمرون الناس بالبخل . وبقي في الأخير أن نؤكد أن لحم فضيلة العلامة أشد مرارة على آكليه ، وهو معروف بتجاهله لمن يجهل عليه . ولا بد أن يعرف الرأي العام الوجدي أنني كنت أتعقب المقالات التي تستهدف شخص الأستاذ بنحمزة إلا أن صاحب الموقع الذي كان يستهدفه هدد صاحب الموقع الذي كنت أنشر فيه ردودي عليه بالاعتداء والمتابعة ، وهذا دليل على أن ما ورد في مقاله من التظاهر بالدفاع عن حرية التعبير مجرد ادعاء يكذبه واقع الحال ، ولو كان يقدر حرية التعبير لما هدد زميله الذي كان ينشر مقالاتي. وأخيرا أكرر مقولة الشهيد ياسر عرفات رحمه الله : " يا جبل ما يهزك ريح ".
وسوم: العدد 675