صندوق النقد الدولي منظمة اقتصادية كما يدّعي 110

صندوق النقد الدولي منظمة اقتصادية كما يدّعي، فلماذا تكون اتفاقاته سرّية ولا تُعرض على البرلمانات ولا على الرأي العام؟ الصندوق أداة فرض الهيمنة الأمريكية وعولمة الدولار الامريكي (110)

ملاحظة

هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.

(لقد وُصف صندوق النقد الدولي من قبل البعض بأنه أداة للاستعمار الجديد. وهذا هو وصف خفيف جدا، فمهما كان قرن الاستعمار البريطاني أو الاستعمار الأوروبي؛ القرن التاسع عشر، قاسيا، فإنه لم يتمكن من إنجاز مدى الخراب والدمارفي المعايير الصحية والمعيشية الذي قام به صندوق النقد الدولي منذ السبعينات).

ويليام إنغدال

(ويتمثل جانب مهم من هذا المخطط هو أن صندوق النقد الدولي يخلق الظروف الملائمة لنمو التجارة غير المشروعة وغسل الأموال القذرة، في جميع أنحاء العالم. وهذا شىء واضح ومتوقع جدا لأنه عندما ينهار الاقتصاد الشرعي تحت وطأة "إصلاحات" صندوق النقد الدولي، سينتعش الاقتصاد الإجرامي. وهذا يشجع على تطوير قوى لاشرعية يمكن استخدامها لتحل محل القوات القانونية المسؤولة. وهذا النوع من الانهيار في النظم الاقتصادية القانونية يخلق أيضا الظروف الملائمة لنمو وتطور حركات التمرد، ويزعزع استقرار الحكومات المنتخبة ويشجع إغلاق مؤسسات الدولة الشرعية  ويحوّل الدول إلى مقاطعات وأقاليم وأمارات يتم إدارتها بعد ذلك كمستعمرات)

مايكل شودوفسكي

(وبالإضافة إلى ذلك، أصرّ صندوق النقد الدولي (ولا يزال يصر) على أن الاتفاقات المُبرمة بين صندوق النقد الدولي والمدينين له لا ينبغي اعتبارها معاهدات دولية، وبالتالي لا ينبغي أن تكون خاضعة لموافقة البرلمان في الدولة المدينة. أخيرا، صدر مرسوم صندوق النقد الدولي القاضي بأن أي اتفاقات تُعقد معه لن تكون مخصصة لاطلاع الجمهور ومناقشة الرأي العام ، ولا بد من التعامل معها على أنها معلومات سرية. هذا المخطط يسري حتى هذا اليوم).

إرنست وولف

المحتوى

______

(الصندوق يقرّر أن تكون اتفاقاته سرّية لا تطرح على البرلمانات أو الراي العام- عمل صندوق النقد سرّي لأنه منظمة تآمرية- التدمير الذي يسبّبه الصندوق يفوق قصف حلف الأطلسي!- الصندوق والبنك وحلف الناتو والمخابرات المركزية وعصابات الجريمة المنظمة حلقات متعددة في سلسلة واحدة- الهدف السرّي هو تحويل الدول إلى مقاطعات وإمارات- الصندوق يمهّد الأرضية لعمل عصابات الجريمة المنظمة- كيف يدعم صندوق النقد الدولي نظام الدولار حين يُفلس- إعادة تصميم دور صندوق النقد الدولي في الثمانينات؛ من وكالة لدعم الاستقرار في أوروربا إلى وكالة للسيطرة على البلدان النامية - التدمير الذي سبّبه الصندوق في سبعينات القرن العشرين فاق خراب الاستعمار في القرن التاسع عشر- المشروطية أو "إجماع واشنطن" المميت- السجل الحقيقي لصندوق النقد الدولي فاحش ومدمّر- الغرق في الديون جعل سلوك الصندوق يشبه سلوك المافيا- مليارات فوائد القروض تفوق مليارات القروض نفسها !- إعادة هيكلة الديون خدعة شريرة- الصندوق والبنك ومنظمة التجارة العالمية أدوات لعولمة الدولار- مصادر هذه الحلقات)

 

الصندوق يقرّر أن تكون اتفاقاته سرّية لا تُطرح على البرلمانات أو الراي العام

___________________________________________

يقول الباحث الاقتصادي "إرنست وولف  في كتابه : (نهب العالم ؛ التاريخ والسياسة وصندوق النقد الدولي):

"وبالإضافة إلى ذلك، أصرّ صندوق النقد الدولي (ولا يزال يصر) على أن الاتفاقات المُبرمة بين صندوق النقد الدولي والمدينين له لا ينبغي اعتبارها معاهدات دولية، وبالتالي لا ينبغي أن تكون خاضعة لموافقة البرلمان في الدولة المدينة. أخيرا، صدر مرسوم صندوق النقد الدولي القاضي بأن أي اتفاقات تُعقد معه لن تكون مخصصة لاطلاع الجمهور ومناقشة الرأي العام ، ولا بد من التعامل معها على أنها معلومات سرية. هذا المخطط يسري حتى هذا اليوم".

فإذا كان صندوق النقد الدولي ، كما يزعم ، منظمة ذات أهداف اقتصادية مجردة وبعيدة عن الأهداف السياسية الأمريكية التدميرية التي تريد استنزاف ثروات الشعوب ، فلماذا تكون اتفاقاتها سرّية ويُمنع طرحها على البرلمانات ويُحظر اطلاع الناس والراي العام عليها ؟؟

يقول "جوزف ستغلتز" كبير الاقتصاديين في البنك الدولي والذي تم طرده بعد أن كشف الدور التخريبي لصندوق النقد الدولي (راجع الحلقة (85) شهد شاهد: طرد رئيس خبراء صندوق النقد الدولي لكشفه وثائق الدور التخريبي للصندوق):

"صندوق النقد الدولي هو مؤسسة سرّية ، وجهازه من موظفين اقتصاديين ومصرفيين يعملون في العالم "السفلي" للتمويل المالي الدولي بدأب متجنبين الدعاية بكل السبل ، منهمكين في العمل في مكاتب مكسوّة بخشب البلوط في الطابق الثاني فوق مركز مدينة واشنطن المزدحم ؛ 22 رجلا يمثلون جميع حكومات الدول الأعضاء الـ 143 يقرّرون المصير المالي للعديد من دول العالم. بعد ذلك، يقدمون تقاريرهم السرية للمداولات ويرفضون دائما التحدث إلى الصحافة. لكن في الآونة الأخيرة تم توجيه صندوق النقد الدولي بأن يظهر إلى العلن".

"وقد عمل الصندوق تقليديا كمصدر للمساعدات المالية العاجلة للدول التي تعاني صعوبات في ميزان المدفوعات. ولكن مع ارتفاع ديون العالم الثالث أكثر من عشرة أضعاف في العقد الماضي، من 50 مليار دولار في عام 1972 إلى حوالي 640 مليار دولار في عام 1982، تحوّل الصندوق، إلى وكالة لجمع الديون للمصارف الغربية الكبرى متعددة الجنسيات، وأداة رئيسة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأميركية".

حوالي 35 بلدا، معظمها من دول العالم الثالث، ترزح حاليا في إطار برامج صارمة لصندوق النقد الدولي هي برامج "المشروطية" التي تهدف الى "علاج" أزمة السيولة بتدابير انكماشية قاسية. والصندوق لا يستطيع ولا يمكن أن يجعل الناس والرأي العام والصحافة تعرف مهمته الحقيقية في الوقت الحاضر ولا طبيعة برامج المشروطية التي تُفقر الشعوب وتمتص ثرواتها وتقسّم الدول إلى مقاطعات ومحافظات مستقلة ، ولهذا يجعل اتفاقاته ووثائقه سرّية .

لكن الاقتصاد السيئ لم يكن سوى عرض من أعراض المشكلة الحقيقية: وهي السرّية. الناس الأذكياء هم أكثر عرضة لفعل أشياء غبية عندما يغلقون الأبواب على أنفسهم عن النقد الخارجي ومشورة الناس الذكية. إذا كان هناك شيء واحد يتعلمه الخبير الاقتصادي في حياته العملية ، فهو أن الانفتاح هو الأكثر أهمية في عوالم الخبراء المحترفين الذين تبدو لهم  الخبرة أكثر أهمية من غيرها.

عمل صندوق النقد سرّي لأنه منظمة تآمرية

________________________

ويتفق الباحث "جريج بالاست" مع جوزيف ستغلتز في أن عمل صندوق النقد غائص في السرية مدفوعا بأيديولوجية مطلقة هي – أولا – ليست مفتوحة لأي نقاش أو معارضة ، وثانياً – وهذا جانب من أسباب السرية – هو عمل فاشل يصر عليه البنك لمنفعة البنوك الغربية الأمريكية خصوصا . فبتأثير سياسات الصندوق انحدر دخل قارة أفريقيا بنسبة 23% !! .  

يحب صندوق النقد الدولي القيام بأعماله (مؤامراته في الحقيقة) دون أن توجه إليه اسئلة كثيرة من أي جهة خارجية. من الناحية النظرية، يدعم الصندوق المؤسسات الديمقراطية في الدول التي يساعدها كما يزعم. لكن في الممارسة العملية، هو يقوّض العملية الديمقراطية من خلال فرض السياسات التي يريدها. رسميا، بطبيعة الحال، فإن صندوق النقد الدولي لا "يفرض" أي شيء. المسكين "يفاوض" فقط االدول التي تريد المساعدات. ولكن كل القوة والسلطة والضغوط في المفاوضات تكون في صالح جهة واحدة هي الصندوق الذي نادرا ما يسمح بالوقت الكافي لمناقشات تبني توافقا في الآراء واسع النطاق أو حتى بمشاورات واسعة النطاق مع أي من البرلمانات أو منظمات المجتمع المدني. دائما يتظاهر صندوق النقد الدولي بالانفتاح تماما، في حين أنه  يتفاوض لعقد اتفاقات سرّية.

والباحث "جريج بالاست" مؤلف الكتاب الذي صار من بين أكثر الكتب مبيعا في العالم، وهو "أفضل ديمقراطية يمكن شراؤها بالمال : محقّق صحفي يكشف الحقيقة حول العولمة"، والصادر في عام 2003 فجّر قنبلة في موقعه الإلكتروني حين قال :

" بوليفيا تلتهمها النيران، واقتصادها يُقتل. ولقد وضعتُ يدي على سلاح الجريمة، السلاح نفسه الذي قتل اقتصاد الأرجنتين: في تقرير "استراتيجيات المساعدة القطرية" التابع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ، يتم وضع علامة على أنها سرّية. كيف حصلت عليها - حسنا، هذا ليس مهما. ولكن ما يلي هو تقرير من مجلة هاربر الصادرة هذا الشهر، يفضح دفعة من هذه الخطط السرية التي تسبب الخراب النهائي لدولة من المفترض أن يسعى صندوق النقد الدولي لانقاذها".

التدمير الذي يسبّبه الصندوق يفوق قصف حلف الأطلسي!

________________________________

إنّ إصرار صندوق النقد الدولي على الاتفاقات السرّية وعدم طرحها على البرلمانات والراي العام للمناقشة قبل إقرارها يعود إلى أنها اتفاقات استعمارية تآمرية تدميرية لا يمكن أن يوافق عليها اي شعب أو قوة وطنية مخلصة. يقول البروفسور "ميشيل شوسودوفسكي" في حوار مع موقع ثياب الإمبراطور :

"عندما تذهب بعثة صندوق النقد الدولي إلى بلد ما، فإنها تفرض تدمير المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية كشرط لإقراض المال - وهذا مشابه جدا للتدمير المادي الناجم عن قصف حلف شمال الاطلسي. وصندوق النقد الدولي يأمر بإغلاق المستشفيات والمدارس والمصانع. وهذا بطبيعة الحال أكثر فعالية من حيث التكلفة من قصف تلك المستشفيات والمدارس والمصانع، كما فعلوا في يوغوسلافيا، ولكن النتيجة النهائية هي مشابهة جدا: تدمير البلاد.

لدى صندوق النقد الدولي ما يسمى بالاتفاق المتعدد الأطراف بشأن الاستثمار أو الـ MAI. انها معاهدة الاستعمار في نهاية المطاف. والتوقيع عليها يؤدي إلى التدمير الاقتصادي للبلد المستهدف. في الحقيقة، الحرب هي ببساطة هذا الاتفاق المتعدد الأطراف الذي يمثل الملاذ الأخير".

"الدول التي قبلت اتفاقات وشروط صندوق النقد الدولي، مثل بلغاريا ورومانيا، فإنها لم تقصف من قبل الناتو مثل يوغسلافيا، ولكن يتم التخلص منها وتدميرها "وقصفها" اقتصاديا بجرة قلم. بلغاريا نفذت "إصلاحات" صندوق النقد الدولي بصورة أكثر جذرية، طب صندوق النقد الدولي وأدويته ، دمّر الظروف الاجتماعية وخفض المعاشات التقاعدية، وأغلق المصانع ، وألغى السلع تامة الصنع الرخيصة، وقضى على الرعاية الاجتماعية والنقل والخدمات الطبية المجانية وهلم جرا.

الصندوق والبنك وحلف الناتو والمخابرات المركزية وعصابات الجريمة المنظمة حلقات متعددة في سلسلة واحدة

__________________________________________

يواصل البروفيسور شودوفسكي تحليله بالقول :

"انها ليست منظمة حلف شمال الأطلسي فقط. نحن نرى ما يجري الآن في آسيا الوسطى والقوقاز. جنبا إلى جنب مع فرض إصلاحات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرنامج الخصخصة ليس لدينا الناتو فحسب، بل أيضا العمليات الاستخباراتية السرية لوكالة المخابرات المركزية - مؤسسات واجهة للحرب ومؤسسات اقتصادية تتعاون وتخطط وتتآمر مع بعضها البعض على المستوى العالمي.

حتى الآن يجري تدمير مختلف البلدان بالصراعات الإقليمية التي تموّل سرّا وعلنا من قبل النخبة الغربية. جيش تحرير كوسوفو هو مجرد مثال واحد عن تمرد جهة ممولة من الخارج. نرى هذه الصراعات تتأجج خصوصا حيثما كانت هناك خطوط أنابيب نفط استراتيجية، وأنها مرتبطة بتجارة المخدرات التي ترعاها وكالة المخابرات المركزية، سرا، ثم تُربط علنا ​​بحلف شمال الاطلسي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، وأخيرا بصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والبنوك الإقليمية والمستثمرين من القطاع الخاص. حلقات متعددة في سلسلة متكاملة.

دعونا نصنف هذه المؤسسات العالمية: تأتي أولا منظومة الأمم المتحدة وقواتها لحفظ السلام؛ أنها تلعب دورا يتواصل مع منظمة حلف شمال الأطلسي أيضا. ثم يأتي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وبنوك التنمية الإقليمية مثل بنك التنمية الآسيوي والبنك الآسيوي للتنمية، وهلم جرا. في أوروبا هناك البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير. هذه هي الأسلحة الرئيسية".

الهدف السرّي هو تحويل الدول إلى مقاطعات وإمارات

_____________________________

"أحيانا الحرب تخلق الظروف والمقدمات المناسبة، ومن ثم تأتي المؤسسات الاقتصادية مثل صندوق النقد والبنك الدولي لتكمل المخطط. أو على العكس من ذلك صندوق النقد الدولي نفسه يقوم بزعزعة الاستقرار، كما فعلوا في اندونيسيا. لقد أصرّوا على قطع مدفوعات التحويلات المالية إلى الولايات المختلفة في الاتحاد الاندونيسي. والآن بعد أن كسروا الصلات بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية في بلد مثل اندونيسيا التي لديها 2000 جزيرة ، سوف تُترك هذه الجزر لإمكاناتها الخاصة ليتم الإستفراد بها.

بعبارة أخرى، أصروا على قطع الأموال التي كان من المفترض أن تدعم الحكومات المحلية. نعم، على سبيل المثال قطعوا الأموال للتعليم وهلم جرا. من خلال ذلك - وبالمناسبة فعلوا ذلك في البرازيل أيضا - تتم زعزعة استقرار البلاد لأنه من أجل أن يكون هناك بلد يجب أن يكون هناك تماسك مالي، ونظام للتحويلات المالية ، والمقصود هو تحويل التخصيصات المالية من الحكومة المركزية إلى مقاطعاتها لتمشية الحياة فيها. حتى في مكان مثل اندونيسيا، كل هذه الجزر سوف تصبح دول صغيرة. وبطبيعة الحال الآن فكرة أن تستقل أو تعمل وحدها تصبح أكثر جاذبية بكثير من العديد من المجموعات العرقية المختلفة. بالطبع أنهم [أي المخططين] يدركون تماما تأثير هذا المخطط وجعلوا هذا يحدث مرارا وتكرارا. وقد حصل هذا الأمر في يوغوسلافيا؛ وفي البرازيل؛ كما حصل في الاتحاد السوفيتي السابق حيث تم ترك المناطق لأجهزتها الخاصة وأوقف نقل الأموال من موسكو .

وينبغي التأكيد على أن إفقار الناس الشديد قد يوصلهم إلى حدّ الاقتتال.

كما ينبغي التأكيد على أنه ليس شرطا أن يتم تفكيك الدول على أسس عرقية، ففي الصومال لم تكن هناك أي مجموعة عرقية، لكن المخطط نفسه اشتغل هناك أيضا. أنت لا تحتاج إلى مجتمع متعدد الأعراق لكي  تثير الانقسامات، وتحقق البلقنة Balkanization .

وهذه الخطة هي إعادة للاستعمار ولكن بصورة أخطر حيث يتم تحويل الدول إلى مقاطعات، تصبح مستعمرات صغيرة يسهل السيطرة عليها وتهديدها وضربها وسلب ثرواتها.

الدول تتحوّل إلى "دويلات" أو مقاطعات ، هذا هو جوهر المخطط المدمّر.

الدولة هي بلد لديه حكومة. ولديه مؤسسات. أنه يحتوي على ميزانية. وله حدود اقتصادية. ولديه جمارك. أما المقاطعة أو الدويلة أو الإقليم فليس لديها سوى حكومة اسمية، يسيطر عليها صندوق النقد الدولي. توجد مدارس ومستشفيات، وهذه قد أغلقت بناء على أوامر من البنك الدولي. لا وجود للحدود لأنها تُلغى بأمر من منظمة التجارة العالمية للتجارة الحرة. لا تبقى أي صناعة أو زراعة لأنها تُدمّر بسبب أسعار الفائدة العالية التي تبلغ 60٪ في العام ، وهذا هو أيضا برنامج صندوق النقد الدولي. قد يندهش القارىء حين يسمع هذه النسبة 60٪  سنويا. في البرازيل إنها أعلى من ذلك بكثير. وفي بوتسوانا الآن سعر الفائدة مرتفع بشكل مرعب".

الصندوق يمهّد الأرضية لعمل عصابات الجريمة المنظمة

_______________________________

ويختم البروفيسور شودوفسكي حديثه بالقول :

"تحت هذا النظام الاقتصادي تكمن كارتلات خاصة من النظام الرأسمالي: المجمع الصناعي العسكري، وجهاز المخابرات وصلاته بالجريمة المنظمة بما في ذلك استخدام المخدرات لتمويل الصراعات التي تهدف إلى إخضاع الدول للسيطرة الغربية.

إن جزءا من جهاز الاستخبارات العسكرية هو عصابات الجريمة المنظمة. والأمر أكثر تعقيدا. لأنه في الحقيقة هذه العصابات هي أدوات رأس المال الكبير. لكنها لا تتقاطع ولا تطغى على النظام بأي شكل من الأشكال. رجال العصابات هم الناس الذين يمكن استخدامهم بسهولة بالضبط لأنهم ليسوا مسؤولين أمام أي شخص. ولذلك فهم الأكثر ملاءمة.

دعونا نقول أن وضع هاشم ثاشي [زعيم جيش تحرير كوسوفو الذي يهرّب المخدرات] في مقر الحكومة في كوسوفو هو إجراء أكثر ملاءمة. فوضع رجل عصابات مثل هذا يعمل على إدارة البلاد هو أفضل بكثير من وضع رئيس وزراء منتخب يكون مسؤولا أمام المواطنين. لمزيد من المعلومات عن جرائم هاشم وجيشه وتدمير كوسوفو راجع الحلقة (55) كيف نقلت الولايات المتحدة الأمريكية إرهاب القاعدة إلى قلب أوروبا (البوسنة وكوسوفو ومقدونيا) ؟ تحالف الولايات المتحدة مع قادة الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات)

أفضل شيء هو أن يكون لديك رجال عصابات منتخبون، شخص مثل بوريس يلتسين مثلا ، وهذا هو الأفضل. الحصول على رجال عصابات منتخبين. في الولايات المتحدة يتم انتخاب رجال عصابات كذلك.

لماذا؟

 لأن رجال العصابات المنتخبين تسهل السيطرة عليهم بصورة أفضل من رجال منتخبين من غير العصابات. ولكن يجب علينا أن نفهم أن رجال العصابات هؤلاء يخضعون بصورة جيدة. ولن تكون لديهم أي قوة كبرى تفوق الجهات المتحكمة من وراء ستار. وحتى عندما يكون هناك تداخل معين بين التجارة المشروعة وغير المشروعة فإن التجارة غير المشروعة تبقى دائما خاضعة للتعهدات المالية والتجارية على نطاق واسع.

ويتمثل جانب مهم من هذا المخطط هو أن صندوق النقد الدولي يخلق الظروف الملائمة لنمو التجارة غير المشروعة وغسل الأموال القذرة، في جميع أنحاء العالم. وهذا شىء واضح ومتوقع جدا لأنه عندما ينهار الاقتصاد الشرعي تحت وطأة "إصلاحات" صندوق النقد الدولي، سينتعش الاقتصاد الإجرامي.

وهذا يشجع على تطوير قوى لاشرعية يمكن استخدامها لتحل محل القوات القانونية المسؤولة.

وهذا النوع من الانهيار في النظم الاقتصادية القانونية يخلق أيضا الظروف الملائمة لنمو وتطور حركات التمرد، ويزعزع استقرار الحكومات المنتخبة ويشجع إغلاق مؤسسات الدولة الشرعية  ويحوّل الدول إلى مقاطعات وأقاليم وأمارات يتم إدارتها بعد ذلك كمستعمرات.   وهذا ما حصل بالتأكيد عند تمزيق يوغوسلافيا وخصوصا في كوسوفو".

كيف يدعم صندوق النقد الدولي نظام الدولار حين يُفلس ؟

________________________________

يقول المحلّل الاقتصادي "ويليام إندغال" في مقالة في موقع  Serendipity website:

"واحدة من الركائز الهامة لدعم نظام الدولار اليوم هي سيطرة واشنطن على صندوق النقد الدولي، والطريقة التي تعمل بها هذه السيطرة مُقنّعة بدقة وعناية، وراء واجهة من التكنوقراط والنظرية الاقتصادية المرتبطة بأيديولوجية السوق الحرة. في الواقع، إن صندوق النقد الدولي هو وكالة جمع الأموال في العصر الحديث لإمبراطورية الدولار. يقوم بجمعها من خلال البنوك الدولية الكبرى، التي تستخدم الدولار لتوسيع قوة الهيمنة المالية للشركات الأمريكية، وهذا في واقع الأمر هو القوة المحرّكة لما يُعرف بالعولمة - globalization.

ومن المفارقات، أنه على الرغم من أن صندوق النقد الدولي هو الدعامة الرئيسية لنظام الدولار، فإن رؤساءه اسميا من الأوروبيين في كثير من الأحوال. تتخفى القوة الحقيقية بعناية وراء واجهة مضللة. وبموجب دستور صندوق النقد الدولي، فإن أي قرار كبير غير ممكن بدون دعم 85٪ من أصوات مجلس الإدارة. الولايات المتحدة، التي قامت بصياغة ميثاق صندوق النقد الدولي الأصلي في بريتون وودز بنيو هامبشير في عام 1944، حرصت على التأكد من ان لديها سيطرة الفيتو الحاسمة مع حصة تصويت بنسبة 18٪. ومازالت قوة الفيتو الأمريكي باقية حتى اليوم. والمطلعون يعرفون جيدا أن صندوق النقد الدولي يُدار من قبل واشنطن. وليس من قبيل الصدفة أن مقره أيضا هناك ، وأن مديره – ويا للغرابة لمنظمة يُزعم أنها تابعة للأمم المتحدة – يُعيّن من قبل الرئيس الأمريكي.

تم إنشاء صندوق النقد الدولي أصلا في المؤتمر النقدي الدولي عام 1944 في بريتون وودز بنيو هامبشاير، في الولايات المتحدة الذي دعا اليه الرئيس الأمريكي روزفلت لاقامة نظام نقدي وتجاري لمرحلة ما بعد الحرب. وكان يُقصد به أن يكون صندوق لدعم استقرار العملات والتجارة في الدول الحليفة الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية. في ذلك الوقت امتلكت واشنطن المخزون الأكبر من احتياطيات الذهب في العالم، ومن المتوقع أن تقدم الدولار لإعادة بناء أوروبا. وكانت الفكرة الأصلية من صندوق النقد الدولي هي تجميع حصة من احتياطيات الدول الأعضاء، والتي تستطيع أي دولة بعد ذلك الاقتراض منها ، في حالة حدوث أزمة مدفوعات على المدى القصير، لتحقيق الاستقرار في عملتها. بعد عشر سنوات من الكساد العظيم، اهتمت الدول الصناعية الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، بإنشاء أوروبا مستقرة، على الأقل كسوق لتصدير المنتجات الأمريكية. كان أول عضو قام بالاقتراض هي بريطانيا بعد الحرب. وكانت آخر دولة أوروبية اقترضت هي إيطاليا في عام 1977".

إعادة تصميم دور صندوق النقد الدولي في الثمانينات؛ من وكالة لدعم الاستقرار في أوروربا إلى وكالة للسيطرة على البلدان النامية

______________________________________

"منذ عام 1977، لم تذهب أي دولة أوروبية أو واحدة من الدول السبع إلى صندوق النقد الدولي للاقتراض. بدلا من ذلك كانت تقترض من البنوك الخاصة أو تُصدر سندات دولة مثلا. كانوا يعرفون جيدا مدى الضرر الذي يمكن أن تلحقه بهم شروط صندوق النقد الدولي. بحلول نهاية السبعينات، كان بعض الناس يعلنون أن صندوق النقد الدولي عاش اكثر من عمره وأن دوره قد انتهى، مثلما صار البعض يجادل حول عدم الحاجة لحلف شمال الاطلسي بعد انتهاء الحرب الباردة. ولكن واشنطن ، وكر الشيطان ، كانت لديها أفكار أخرى لصندوق النقد الدولي.

تغيّر دور صندوق النقد الدولي بشكل جذري في بداية الثمانينات، تحت ضغط الولايات المتحدة الشديد. فبدلا من أن يعمل الصندوق - كما هو مخطط له - لتحقيق الاستقرار المالي للدول الصناعية في أوروبا أو اليابان، أصبح صندوق النقد الدولي وكالة حاسمة للسيطرة على السياسات الاقتصادية للبلدان المتخلفة.

ما حصل منذ أول أزمات الديون في أمريكا اللاتينية في أوائل الثمانينات، كان دورا جديدا تماما لصندوق النقد الدولي ويتمثل بالقيام بدور الشرطي المكلف بجمع قروض الدولار لبنوك نيويورك والبنوك الدولية الخاصة. أصبح صندوق النقد الدولي القوة المحركة لما عرف بعد ذلك بمصطلح  "العولمة".

بعد أول ارتفاع في أسعار النفط بنسبة 400٪ في السبعينات ، بدأت العديد من البلدان النامية مثل البرازيل، والأرجنتين، وأكثر بلدان أفريقيا، بالاقتراض بكثافة لتمويل واردات النفط المطلوبة، أو سدّ العجز التجاري. لقد اقترضت بالدولار من البنوك العالمية الكبرى العاملة في سوق اليورو دولار في لندن. كانت لندن ، في الواقع، مركزاً لإعادة تدوير مبالغ كبيرة من عائدات النفط من دول أوبك العربية إلى الولايات المتحدة والبنوك الكبرى الأخرى.

أخذت البنوك الكبرى الدولارات النفطية الجديدة وصارت تقرضها فورا وبأرباح عالية، لدول مثل الأرجنتين ومصر مثلا. قبل، وفي، السبعينات، كان اقتصاد الأرجنتين اقتصادا سريع النمو ذا صناعة وزراعة حديثة، وتمتاز بارتفاع مستوى المعيشة لشعبها. ولم تكن لديها أي ديون خارجية تقريبا. بعد مرور عشر سنوات، كانت البلاد قد وقعت تحت سيطرة صندوق النقد الدولي والبنوك الأجنبية. الولايات المتحدة غيرت قواعد اللعبة، في عملية ماكرة ومقصودة لخلق أزمة الديون.

في أكتوبر 1979، وقعت صدمة مثيرة للبلدان المَدِينة. فبين عشية وضحاها صارت قروضها الرخيصة بالدولار سابقا تكلفها ضريبة فائدة هائلة هي 300٪ . بول فولكر مدير البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة، غيّر من جانب واحد سياسة الفائدة في الولايات المتحدة لجعل الدولار الأكثر قيمة مقابل العملات الأخرى. كان التأثير هو رفع أسعار الفائدة بنسبة 300% في الولايات المتحدة وإلى أكثر من ذلك في أسواق البنوك في لندن . لقد وقعت الدول المدينة في مصيدة أزمة مدفوعات خانقة.

استغرق الأمر حتى عام 1982 لتصل الأزمة إلى مستوى التخلف عن الدفع. عند هذه النقطة، طلبت واشنطن من صندوق النقد الدولي أن يقوم بعملية تحصيل الديون من الدول النامية المدينة. هنا أطلقت تسمية "أزمة ديون العالم الثالث". تم خلق الانطباع بأن الدول المدينة تتحمل المسؤولية لأنها كانت مذنبة بسوء الإدارة. في الواقع، أيا كان الفساد السياسي في البلدان المدينة، فإن الفساد في نظام صندوق النقد الدولي ونظام إعادة تدوير البترودولار أكبر بكثير. أكملت صدمة أسعار الفائدة التي سنّها فولكر تدمير مستويات المعيشة من أجل الاستجابة لديون الدولار. لقد كانت سياسة صندوق النقد الدولي هي تعزيز سطوة الدولار على العالم ولا علاقة لها بمساعدة الدول الفقيرة على تجاوز أزماتها".

التدمير الذي سبّبه الصندوق في السبعينات فاق خراب الاستعمار في القرن التاسع عشر

_________________________________________

"لقد وُصف صندوق النقد الدولي من قبل البعض بأنه أداة للاستعمار الجديد. وهذا هو وصف خفيف جدا، فمهما كان قرن الاستعمار البريطاني أو الاستعمار الأوروبي؛ القرن التاسع عشر، قاسيا، فإنه لم يتمكن من إنجاز مدى الخراب والدمارفي المعايير الصحية والمعيشية الذي قام به صندوق النقد الدولي منذ السبعينات.

ويعمل صندوق النقد الدولي كوكالة فوق وطنية للسيطرة على الدول المدينة العاجزة، لفرض السياسات الاقتصادية التي توقع البلاد في هوّة الديون أكثر فأكثر، في حين أنها تفتح السوق أمام رؤوس الأموال الأجنبية، وهي في كثير من الأحيان أمريكية، ولاستغلال الشركات العالمية. وحقيقة أن البلدان المدينة لن تخرج أبدا من مصيدة ديون الدولار، هي مسألة مقصودة. وسياسة صندوق النقد الدولي في الواقع تؤمّن هذا. الدين بالدولار هو دعامة رئيسية لنظام الدولار والبنوك الدولية الخاصة. عندما يتم سداد تلك الديون تفقد البنوك السلطة وعقود الائتمان. طالما كان هناك نمو للديون، يمكن أن ينمو الائتمان المصرفي، وهذه هي المفارقة المصرفية الحديثة.

وقد ثبت أن الهدف الحقيقي من صندوق النقد الدولي يختلف تماما عن إعلاناته العامة، فعلى الرغم من الإثبات المتكرر للطابع التدميري لسياساته، المسماة بـ "المشروطية" ، فإن صندوق النقد الدولي لم يغير، قطّ ، أسلوبه الذي يستخدمه في البلد المستهدف. وهناك سبب لذلك.

خذ الأرجنتين بمثابة مثال على ذلك. في أوائل عام 2002 تخلفت الأرجنتين عن سداد 141 مليار دولار من ديون الدولار للأجانب. تلا ذلك واحد من الانهيارات الاقتصادية الأكثر تدميرا في التاريخ الحديث. وكان لصندوق النقد الدولي الدور الحاسم. ففي أوائل عام 2000 لجأت الأرجنتين الى صندوق النقد الدولي للحصول على ائتمانات طارئة لمنع انهيار عملتها، ثم تثبتت على الدولار الأمريكي القوي. كلما ارتفع الدولار، وجدت الأرجنتين صادراتها التجارية تنهار. سقطت البلاد في قبضة الركود. صعّد صندوق النقد الدولي من حزمة "الإنقاذ" إلى 48 مليار دولار . ولكن كانت هناك شروط مميتة.

أولا كان على الحكومة أن توافق على تخفيضات حادة يمليها صندوق النقد الدولي في الإنفاق الحكومي قبل أن تحصل على أية أموال. انتهى الدعم الحكومي للغذاء لمحدودي الدخل، مما اثار أعمال شغب بسبب الغذاء. انفجرت أسعار الفائدة في محاولة عقيمة لإقناع البنوك وحَمَلة السندات كي لا يبيعوا ويهربوا من البلاد. وهذا فقط جعل الكساد الاقتصادي أسوأ. أجبرت الشركات المملوكة للدولة على الخصخصة لجمع الأموال و "تعزيز السوق الحرة" . بيعت شبكة مياه بوينس آيرس لشركة إنرون مقابل مبالغ ضئيلة، وكذلك خط أنابيب النفط الممتد من الأرجنتين إلى تشيلي.

أصرّت واشنطن طوال الوقت على أن تحتفظ الأرجنتين بقيمة عملتها ثابتة، بحجة أن ثقة حملة السندات والدائنين الخارجيين لها الأولوية. وفي الوقت نفسه غرقت البلاد في أسوأ كساد شهدته في تاريخها. فقد الملايين فرص عملهم ، وكانت الحسابات المصرفية في المرحلة النهائية مجمدة، حتى أن المواطنين العاديين لا يمكنهم سحب أي شيء لضروريات الحياة.

ما الذي يقوم به صندوق النقد الدولي بالضبط عندما يتعلق الأمر بدولة تطلب منه قروض طوارئ للتغلب على أزمة ديون أو عملة؟ المشروطية أو "إجماع واشنطن" المميت

_______________________

"يستخدم صندوق النقد الدولي دائما نفس البرنامج، بغض النظر عن ما إذا كانت هذه الدولة روسيا أو الأرجنتين، أو زيمبابوي أو كوريا الجنوبية، بثقافاتها المختلفة جدا وظروفها الاقتصادية المتباينة. وغالبا ما يُشار إلى مطالب صندوق النقد الدولي باسم "إجماع واشنطن"، وهو الاسم الذي أطلق في عام 1990 من قبل الاقتصادي الأمريكي والداعم لصندوق النقد الدولي، جون ويليامسون، لوصف أسلوب صندوق النقد الدولي في الهجوم. يتضمن برنامج صندوق النقد الدولي دائما مطالب بخصخصة صناعات الدولة، وخفض الإنفاق العام حتى لو كان على الصحة والتعليم، وخفض قيمة العملة الوطنية مقابل الدولار، وفتح البلاد أمام التدفق الحر لرؤوس الأموال إلى داخل البلاد ، ولكن خصوصا إلى خارجها.

أولا ، يطالب صندوق النقد الدولي الحكومة بالتوقيع على مذكرة تفاهم سرّية مع صندوق النقد الدولي، توافق بموجبها على لائحة "شروط"، هي شروط مسبقة للحصول على أي فلس من مساعدات صندوق النقد الدولي. وفي ظل أسواق رأس المال الحرّة المعولمة اليوم ، فإن البنوك لا تستثمر في أي بلد مهما كان ليس لديه تزكية صندوق النقد الدولي بالموافقة على حصوله على قروض من اي جهة. ولذلك فإن دور صندوق النقد الدولي هو أكثر بكثير من إعطاء بعض القروض الطارئة ، فهو يحدّد ما إذا كان هذا البلد أو ذاك يحصل على أي أموال من أي مصدر على الإطلاق سواءً أكان البنك الدولي أو البنوك الخاصة أو غيرها.

شروط صفقة صندوق النقد الدولي هي ذاتها على الدوام. خصخصة صناعات الدولة هي الأعلى في القائمة. تأثير الخصخصة مع دولة تتعامل بالبيزو أو الروبل الرخيص يجعل المستثمرين الأجانب المسلّحين بالدولار قادرين على شراء كل أصول تلك الدولة وصناعاتها الرئيسية بسعر التراب. وفي كثير من الأحيان يتم إفساد السياسيين المعنيين في البلاد بفعل إغراء الصفقات والرشى التي تجري تحت الطاولة لخصخصة أصول أواطانهم الأساسية. ويمكن للشركات الأجنبية متعددة الجنسيات انتزاع صناعات التعدين المربحة، والنفط، والغاز ، والكنوز الوطنية الأخرى بدولاراتهم.

حالة حكومة يلتسين في روسيا هي حالة نموذجية وكلاسيكية، مع مليارات الدولار الناشئة بين عشية وضحاها من نهب الثروات الوطنية عبر الخصخصة التي فرضها صندوق النقد الدولي. دعمت إدارة كلينتون عملية النهب هذه بصورة كاملة. كانوا يعرفون أنها تحوّل روسيا إلى منطقة الدولار، وكان ذلك هو القصد الأساسي. فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي استولت أمريكا على 300 مليار دولار من ثروات روسيا !! (لمزيد من المعلومات عن تدمير روسيا راجع الحلقة (23) التنمية الأميركية تُدمّر الشعوب من خلال خبراء الإقتصاد).

الطلب الثاني لصندوق النقد الدولي هو أن البلد يقوم بتحرير وفتح أسواقه المالية والمصرفية للمستثمرين الأجانب. وهذا يسمح لمضاربين رفيعي المستوى مثل جورج سوروس أو سيتي بنك أو بنك كريدت سويس أن يأتوا إلى البلاد، ليضاربوا على أسعار الأصول ، ويحقّقوا الأرباح الطائلة، كما هو الحال في تايلاند في منتصف التسعينات، وسرعان ما يقومون بالبيع، ثم الخروج مع الأرباح الهائلة تاركين الاقتصاد المحلي ينهار وراءهم. ثم تأتي الشركات الغربية المتعددة الجنسيات بعدهم ، لتأخذ الأصول الأولية بتكلفة منخفضة جدا.

هذا هو ما حدث لآسيا في التسعينات. حيث بدأ صندوق النقد الدولي ووزارة الخزانة في الولايات المتحدة، والتي تحدد في الواقع سياسة الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي، بالضغط القوي على اقتصادات شرق آسيا "النمور" سريعة النمو في عام 1993، لإزالة الضوابط الوطنية على تدفقات رأس المال. وقالوا إنها ستساعد آسيا في الحصول على مبالغ كبيرة من المال للاستثمار. وكان هذا يتم بالتهديد المباشر حيث كان الرئيس الأمريكي الشاذ بيل كلنتون يتصل برؤساء وزارات تلك الدول ويقول لهم بصوت حازم : "اعتبروا تعليمات صندوق النقد الدولي نازلة من الله !!" .

 ما فعلته هذه الإجراءات هو إعطاء الولايات المتحدة والبنوك الكبرى وصناديق التمويل سوقا جديدة ضخمة للمضاربة. أيضا انهمر الكثير من المال على هذه البلدان، ولكن نمت فقاعة العقارات غير الصحّية والتي انفجرت عندما انسحب سوروس والمضاربون الأمريكيون الآخرون بصورة متعمدة في عام 1997، مما أشعل ما سُمّي بـ "أزمة آسيا" . وكانت النتيجة النهائية هي أنه وللمرة الأولى، تضطر الاقتصادات الآسيوية إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي لإنقاذها.

لكن صندوق النقد الدولي لم "ينقذ" أي اقتصاد آسيوي في عام 1998. بل قام بانقاذ البنوك الدولية وحمى مضاربي صناديق التمويل. في إندونيسيا، أمر صندوق النقد الدولي الحكومة برفع أسعار الفائدة إلى 80٪، بحجة أن ذلك من شأنه أن يبقي المستثمرين الأجانب ويمنعهم من المغادرة، ويعمل على استقرار الوضع. في الواقع، وكما اتهم الصندوق نقاد مثل جوزيف ستيغليتز في ذلك الوقت، كانت أوامر صندوق النقد الدولي برفع معدل الفائدة المدخل الرئيسي للانهيار الكامل للأنظمة المصرفية الاندونيسية والآسيوية الأخرى.

عندما نجح لصندوق النقد الدولي في السيطرة على كوريا الجنوبية؛ واحدة من أقوى الاقتصادات الصناعية في العالم، طالب بتفكيك التكتلات الصناعية الكبيرة فيها، متهما إياها بـ "الفساد" و "رأسمالية المحسوبية". في الواقع، كانت واشنطن تهدف إلى إضعاف منافسها في النمو وفتح الباب أمام الشركات الأمريكية مثل جنرال موتورز أو فورد لتولي المسؤولية. في الواقع نجحت هذه المؤامرة جزئيا، إلى أن صارت كوريا والاقتصادات الإقليمية الأخرى قوية بما فيه الكفاية لإعادة فرض ضوابطها الوطنية. تحدّت ماليزيا ، علنا ، ​​مطالب صندوق النقد الدولي وفرضت القيود على العملة خلال الأزمة. الأضرار التي لحقت بماليزيا كانت في الحد الأدنى نتيجة لذلك، ومثلت إحراجا كبيرا لصندوق النقد الدولي.

الخطوة الثالثة في شروط صندوق النقد الدولي، هو الطلب من البلد أن يتحول إلى الأسعار المحلية "القائمة على السوق". وهذا هو مدخل للقضاء على الإعانات الحكومية وإلغاء الرقابة على الأسعار. في كثير من الأحيان يكون لدى البلدان النامية دعم من الدولة للوقود أو المواد الغذائية وغيرها من الضروريات لشعوبها. في عام 1998 طالب صندوق النقد الدولي، على سبيل المثال، إندونيسيا بإلغاء الإعانات الغذائية التي تقدمها الدولة للفقراء. فكرة "السعر على أساس السوق" هي ​​في حد ذاتها فكرة من نسج  الخيال. فالسوق هو من صنع الإنسان. السوق في سويسرا أو الدنمارك أو اليابان يختلف عن السوق في كوبا أو الكاميرون. ما يلهث صندوق النقد الدولي وراءه هو خفض ميزانية الدولة للحد من دور الدولة في الاقتصاد وجعل البلد المستهدف أعزل أمام السيطرة الأجنبية على الأصول الرئيسية فيه. ويتم قطع حصة الحكومة في الاقتصاد الهش أيضا، من أجل ضمان حصول البنوك الأجنبية على "رطل من لحم" الشعب حسب التعبير الشكسبيري.

ورابعا وأخيرا يطالب صندوق النقد الدولي البلاد بأن تخفض قيمة عملتها، وعلى نطاق واسع، وغالبا من 60 - 70٪ أو أكثر. وحجته في ذلك هي ان هذا سيجعل صادراتها "أكثر تنافسية"، ويجلب المزيد من الدخل لسداد الديون الخارجية بالدولار . وهذا هو جزء حاسم من دواء صندوق النقد الدولي حسب إجماع واشنطن. فإذا ما خفضت – مثلا - تشيلي أو جمهورية الكونغو، عملتها إلى النصف ، فإنه يجب عليها أن تصدر ضعف عدد الأطنان من النحاس لكسب نفس الكمية من الدولارات. وبالنسبة للشركات متعددة الجنسيات العملاقة في العالم الصناعي، فإن هذا يعني أن تكلفة المواد الخام أصبحت أرخص بمقدار النصف.

على مدى السنوات العشرين الماضية ، ومنذ أن تصاعد دور صندوق النقد الدولي في في "تنظيم" الحياة الاقتصادية في البلدان النامية، هبطت أسعار المواد الخام في العالم بصزرة مأساوية ، على الرغم من تزايد الطلب. في بعض السنوات صار سعر برميل النفط اقل من سعر الحذاء في اوروبا. والسبب هو أن بلدان أفريقيا وأمريكا اللاتينية وغيرها هي مصدرة مواد خام أساسا ، وسلعها، مثل النفط، يتم تصديرها كلها بالدولار. وهذه البلدان بحاجة الى كسب الدولار لسداد ديون الدولار. وقد تسبّبت سياسات صندوق النقد الدولي بهبوط أسعار المواد الخام، المسعرة بالدولار، بشكل كبير. وقد كان هذا متعمدا، ولكن لم يتم الاعتراف به قط. صندوق النقد الدولي هو وكالة لتحقيق هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، وليس وكالة لمساعدة البلدان النامية".

السجل الحقيقي لصندوق النقد الدولي فاحش ومدمّر

____________________________

"لا شيء من هذا مبالغة، وللأسف. يزعم المدافعون عن صندوق النقد الدولي أن "تحرير السوق" أدى إلى نمو اقتصادي كبير في البلدان النامية خلال السنوات الـ 20 الماضية. الحقيقة هي عكس ذلك. في دراسة أجريت من قبل "جوزيف ستيغليتز" عندما كان كبير الاقتصاديين في البنك الدولي قبل فصله بعد كشفه حقائق الدور التخريبي للصندوق والبنك (راجع الحلقة 85) ، بين عامي 1989 و 1997 انخفض الناتج المحلي الإجمالي في كل بلد من بلدان الاتحاد السوفياتي السابق إلى مستويات 30٪ إلى 80٪ من تلك التي قبل انهيار سيطرة الدولة، مع استثناء وحيد هو بولندا. كان المستوى في روسيا 60٪ فقط من ذلك الذي كان في عام 1989. وكان الناتج المحلي الإجمالي قد انهار بنسبة 40٪، وارتفعت البطالة من 2 مليون إلى 60 مليون. الخصخصة السريعة دون ضمانات قانونية ومؤسّسية مثل التأمين ضد البطالة أو التأمين الصحي، أدّت إلى كارثة اجتماعية مماثلة لزمن الحرب. سمحت مطالب صندوق النقد الدولي لحركة رأس المال الحرة للصوص الدولار الروس الجدد مثل "بيريزوفسكي" بنهب المليارات من الدولارات ووضعها في حسابات مصرفية سرّية في قبرص أو ليختنشتاين، في حين اشتروا فيلات فاخرة في مونتي كارلو والناس الروس يتضوّرون جوعا.

سجل صندوق النقد الدولي في أفريقيا كان أيضا فاحشا ومدمرا. في زيمبابوي، طالب صندوق النقد الدولي الحكومة بخصخصة بعض الشركات المملوكة للدولة وخفض الدعم على الغذاء والتعليم والرعاية الصحية للحصول على مساعدات صندوق النقد الدولي. امتثلت الحكومة لمعظم المطالب، ثم اتهم صندوق النقد الدولي الحكومة بأنها تقوم بتمويل الحرب في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك لاستخدام هذه الذريعة لإنكار منح القروض لزيمبابوي. في كينيا طالب صندوق النقد الدولي بإدخال أسماء أشخاص محدّدين في حكومة موي، أشخاص من التكنوقراط هم أصدقاء للغرب ومخلصين للمصالح الغربية. ثم اتهمت واشنطن هذه الحكومات بأنها "فاسدة"، وذلك لتضليل الرأي العام الغربي عن المهزلة الأخلاقية التي تجري تحت رعاية صندوق النقد الدولي".

الغرق في الديون جعل سلوك الصندوق يشبه سلوك المافيا

_________________________________

"لو أخذت إحصائيات الدين في تقارير البنك الدولي الرسمية سيصبح من الواضح لك أن لعبة صندوق النقد الدولي تتمثل في دعم الدولار. اندلعت أزمة الديون الأولى في العالم الثالث في عام 1982. سارع صندوق النقد الدولي لتحقيق "الاستقرار" في مشكلة الديون. ومنذ ذلك الحين، ارتفعت الديون الخارجية للبلدان النامية باطراد هائل. في الأرجنتين، بلد "النجاح" الأسهل لصندوق النقد الدولي كما يوصف، بلغ الدين الخارجي 62 مليار دولار في عام 1990. وفي عام 2000 أصبح 146 مليار دولار. وقد تصاعدت ديون البرازيل الخارجية من 120 مليار دولار إلى 240 مليار دولار في نفس الفترة. إيران، المعزولة عن نظام صندوق النقد الدولي بفعل عقوبات الولايات المتحدة، هي واحدة من الدول النامية القليلة التي تمكنت من تخفيض ديونها الخارجية. ارتفع إجمالي الدين الأجنبي بالدولار على جميع البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من 1.4 تريليون دولار في 1990 إلى 5،2 تريليون دولار في عام 2000، وهو تقريبا الضعف. في معظم الحالات، كانت تتم إضافة تكاليف الفائدة غير المسددة على ديون المقرضين الأجانب المستحقة الرئيسية، بمعدل الفائدة المضاعفة، بطبيعة الحال. مع رسوم الفائدة المضاعفة والتي تصل في كثير من الأحيان 10٪ إلى 15٪ سنويا، ينمو الدين أضعافا مضاعفة على البلدان المَدِينة. والنتيجة هي هرم "بونزي" من الدين، حيث كلما دفعت الدول المدينة أكثر، كلما صارت مدينة أكثر. المصرفيون أطلقوا على هذا الوضع "رسملة الفائدة". وهو لا يختلف عن محنة صاحب متجر فقير مدين يضطر إلى اللجوء إلى مرابي من المافيا للبقاء على قيد الحياة فينتهي به الأمر الى أن يدفع أكثر وأكثر مع تصاعد الفائدة أكثر فأكثر، إلى أن يفلس تماما وتأخذ المافيا كل ممتلكاته. صندوق النقد الدولي والبنوك يعرفون أن نحو 80٪ من ديون العالم الثالث لا يمكن تسديدها أبدا. انهم لا يهتمون إلا بالخيال القانوني والقدرة على استخدام هذا الدين كأداة لانتزاع أصول البلدان المدينة بأسعار بخسة.

مليارات فوائد القروض تفوق مليارات القروض نفسها !

_______________________________

"ووفقا للبنك الدولي، بين عامي 1980 و 1986، لمجموعة من 109 دولة مدينة، بلغ إجمالي دفع الفائدة وحدها للدائنين على الديون الخارجية 326 مليار دولار. وبلغ سداد أصل القرض على نفس الديون 322 ملبار دولار، وقد تدفقت رؤوس الأموال المجمعة إلى نيويورك والبنوك الدائنة الأخرى، في خدمة الدين فقط ، لتصل إلى 658 مليار دولار على الدين الأصلي البالغ  430 مليار دولار. ولكن على الرغم من هذا الجهد الهائل، فإن هؤلاء المدينين الـ 109 ما يزال عليهم ديون مستحقة للبنوك تبلغ 882 مليار دولار في عام 1986. وهذا بسبب تأثير هرم الفائدة المُركبة، ورسملة الفائدة وسياسة تعويم سعر الفائدة لفولكر....

في عام 1990 سدّد العالم النامي 150 مليار دولار في الفائدة على ديون الدولار، وهي أكثر بثلاث مرات من كل الديون التي تسلمها. كان هذا دفعة قوية لنظام الائتمان بالدولار، والذي يضفي على أساس افتراض أنه سيتم سداد كامل ديون العالم الثالث التي تبلغ 2.5 تريليون دولار. يسمح صندوق النقد الدولي بديمومة هذه الأسطورة ومتابعتها. روسيا ما زالت مضطرة الى الاعتراف بالمليارات من الديون من الحقبة السوفيتية لوكالات غربية. وبموجب نظام صندوق النقد الدولي، فإن الديون أقدس من حياة الإنسان.

إعادة هيكلة الديون خدعة شريرة

__________________

"الخدعة الشريرة التي يقودها صندوق النقد الدولي في "إعادة هيكلة الديون،" تقوم على أساس أنه ما دام المَدِين غير قادر على دفع الفائدة على القروض، فإن البنوك الدائنة في نيويورك أو لندن أو في أي مكان آخر يجب أن لا تعلن التخلف عن دفع قروضها. حتى إذا كانوا يعرفون أنه لن يتم سداد هذه القروض، يجب التعامل معها كما لو كانت رصيد ائتماني جيد تماما، واستخدامها كضمان رأسمالي لمزيد من الإقراض المصرفي. النظام المصرفي في عالم الدولار مدعوم إلى درجة كبيرة بهرم قروض العالم الثالث غير المسددة من أفريقيا إلى إندونيسيا إلى الأرجنتين إلى كرواتيا.

كان هناك تباطؤ كبير في النمو الاقتصادي في البلدان النامية على مدى العقدين الماضيين منذ بدأ صندوق النقد الدولي بالتدخل كشرطي في سياسات الدول المدينة في عام 1982. وهناك صلة مباشرة في هذا المجال. في أمريكا اللاتينية، إذا ما أخذنا نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، كان هناك نمو بنسبة 75٪ بين عامي 1960 و 1980. في السنوات الـ 20 التالية حتى عام 2000، نما نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 6٪ فقط.

في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 36٪ في فترة العقدين حتى عام 1980. وبعد ذلك، انخفض بنسبة مذهلة بلغت 15٪ خلال العقدين التاليين. ووفقا للبنك الدولي نفسه، فإن نحو 300 مليون أفريقي، ما يقرب من نصف عدد سكان القارة، يعيشون على أقل من 0.65 دولار في اليوم. وقد أدت التخفيضات التي فرضها صندوق النقد الدولي في مجال إنفاق الحكومات الأفريقية على الرعاية الصحية الوطنية إلى ارتفاع معدل وفيات الرضع في جميع أنحاء القارة. في عام 2002 عانت ملاوي من المجاعة. تزامنت هذه المجاعة مع قرار أبريل 2002 من قبل صندوق النقد الدولي بتعليق ملاوي واعتبارها "خارجة" عن برنامج الصندوق على أساس مزاعم "فساد" في الحكومة (راجع الحلقة (90) هكذا سيدمّر صندوق النقد والبنك الدولي قطاعات الزراعة والكهرباء والصحة والتعليم مثلما دمّرها في هذه الدول (أمثلة عن 6 دول). كان صندوق النقد الدولي قد أمر حكومة ملاوي ببيع مخزونها من الحبوب من أجل سداد قرض بنك جنوب افريقيا للوكالة الوطنية للاحتياطي الغذائي. ثم أمر صندوق النقد الدولي أيضا حكومة ملاوي بتصدير مخزون الذرة لديها لخدمة الدين، وتجاهل أزمة المجاعة المتفاقمة (هو مخطط واضح ومباشر لتحقيق الإبادة البشرية التي نصّت عليها الوثائق الأمريكية السرية والعلنية كما سنرى في حلقات مقبلة). نفى صندوق النقد الدولي بكل بساطة أن يكون له أي دور في أزمة المجاعة.

بالنسبة للدول العربية، بما في ذلك الجزائر، والمغرب، نما الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بحدود 175٪ بين عامي 1960-1980 ، ليتدهور إلى (ناقص 2٪ ) في العقدين التاليين، وهو انهيار مذهل.

الاستثناء الوحيد الصارخ لهذا الاتجاه السلبي هو شرق آسيا بما في ذلك الصين. هنا كان النمو أسرع بين عامي 1980 و 2000. ولكن السبب هو أن الصين، التي شهدت زيادة بنسبة 400٪ في الناتج المحلي الإجمالي وتستحوذ على 83٪ من سكان المنطقة، هو أن الصين قد رفضت بشدة أي تعامل مع صندوق النقد الدولي، وتدير الاقتصاد الموجه من قبل الدولة التي تسيطر على ضوابط العملة الكاملة، وتكاد تكون دولة نموذجية خارج برامج صندوق النقد الدولي.

الصندوق والبنك ومنظمة التجارة العالمية أدوات لعولمة الدولار

___________________________________

"العولمة هي الكلمة المستخدمة اليوم، وغالبا ، بطريقة تفتقر إلى الدقة. وإذا استخدمنا كلمة العولمة للإشارة إلى العملية برمتها التي يقودها صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية لتحقيق الاستعمار الجديد تحت نظام الدولار، فهي مصطلح وصفي، وتصف إنشاء إمبراطورية الدولار العالمية تحت السيطرة الأمريكية. النقاد لإنشاء نظام صندوق النقد الدولي مثل جوزيف ستيغليتز، وهو نفسه كان مستشار كلينتون السابق ومسؤول رفيع في البنك الدولي، قدّموا أوصاف غير دقيقة لما يقوم به صندوق النقد الدولي. أنهم يفترضون ، مع ذلك، أن ما يقوم به الصندوق من تدمير لا يعدو أن يكون  سياسة خاطئة تؤدي إلى خلق مشاكل جدّية. مؤسسة صندوق النقد الدولي بالكامل، جنبا إلى جنب مع البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، خُلقت عمدا لتحقيق عولمة نظام الدولار، وهي الركيزة الثانية للسيطرة الأمريكية بعد القوة العسكرية. لا توجد هناك سياسة خاطئة، كما أن أخطاء الصندوق ليست نتيجة الأخطاء البيروقراطية. هذه هي النقطة الحاسمة التي يجب أن نفهمها جميعا. وجود صندوق النقد الدولي هو لدعم نظام الدولار وتحقيق السيطرة الأمريكية على العالم".

مصادر هذه الحلقات

____________

مصادر هذه السلسلة من الحلقات عن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي سوف تُذكر في الحلقة الأخيرة من السلسلة. 

وسوم: العدد 681