ميثاق الشرف الثوري
ميثاق الشرف الثوري
عقاب يحيى
وقعّت خمس جهات إسلامية مقاتلة"ميثاق الشرف الثوري" الذي تضمّن بنوداً مقبولة، تعتبر متطورة بالقياس إلى ما يشاع عنها من رؤى أحادية، ومتشددة، حيث جاء في تلك الوثيقة :((تلتزم الفصائل الموقّعة، "بضوابط" مستمدة من الدين دون "غلو أو تطرّف"، وتحصر "أهدافها العسكرية" بالنظام والمليشيات التابعة له، إضافة لكل من "يعتدي على السوريين ويكفرّهم"، مشيرين بالاسم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام".
كما تضمّن بنداً يتعلق بوحدة الأراضي السورية، ورفض مشاريع التقسيم، إلى جانب التأكيد على أنّ هدف الشعب السوري، هو إقامة "دولة العدل والقانون والحرية"، وأنّه على "القوى الثورية" احترام حقوق الإنسان، وجاء في الميثاق، أنّ "الهدف السياسي للثورة يتمثل بإسقاط النظام ورموزه، وتقديمهم إلى محاكمة عادلة، بعيداً عن الثأر والانتقام")) ..
بعض المتخوفين اعتبر أن هذا الميثاقغامض في بنود مهمة تخصّ طبيعة الدولة التي يؤمن بها هؤلاء، وهل هي الدولة المدنية، التعددية، الديمقراطية، أم أنها الإسلامية؟، ويستشهدون بمقابلة لأحد رموز هذه القوى على قناة العربية حين أكد أنهم لم يتخلوا عن فكرتهم بإقامة الدولة الإسلامية، بما أظهر تناقضاً واضحاً بين بنود هذه الوثيقة، وبين الشائع عن مفهوم الدولة الإسلامية لديهم .
***
ـ هنا بغض النظر عن النوايا، والتشكيك فيها، أو التأكيد على مصداقيتها، فمثل هذا الميثاق يعتبر خطوة متطورة يجب تشجيعها ودعمها، لأننا بحاجة فعلاً إلى التوافقات على القضايا العامة الرئيس، والتي وردت هنا حول الابتعاد عن الغلو والتطرف، ورفض الانجرار لمعارك جانبية واعتبار النظام هو الهدف والعدو الرئيس، وغبراز محاربة من يعتدي على السوريين ويكفّرهم، ووحدة سورية ورفض مشاريع التقسيم.. ولعل الأهم النصّ الواضح على غقامة "دولة العدل والقانون والحرية".. والتي يمكن فهمهما على أنها الدولة الديمقراطية التعددية .
***
ـ قبل عامين ونيّف اصدرت جماعة الإخوان المسلمين"عهد الشرف" الذي نصّ على عديد المضامين والنقاط المتطورة، وكتبت يومها، خلافاً لعادتي، مقالاً تأييدياً لما جاء في تلك الوثيقة التي اعتبرتها مهمة، وأكثر انفتاحاً، وتطوراً من وثائق عديد التشكيلات الديمقراطية والعلمانية والقومية وغيرها، وجاء من يشكك بالنوايا، والممارسات المخالفة ، وبما يفتح على الدوام نقاشات بيننا تحتاج المزيد من التفصيح..
ـ هناك اتهامات مستمرة لجماعة الإخوان المسلمين بالباطنية، وأنها تضمر غير ما تظهر، وأنها عبر مسارها كثيراً ما غلبت التكتيك على المواقف المبدئية، ومراراً انقلبت على اتفاقات ومواقف مع الآخرين، وأن ميثاق الشرف الذي طرحته يفتقر المصداقية، وهو أمر ينسحب ـ من قبل هؤلاء ـ على تلك التائب الإسلامية التي وقعت هذا الميثاق ..
ـ من وجهة نظري، وأيّاً يكون منسوب التكتيك، ومستوى الاستجابة لضغوط داخلية أو غيرها.. فإن ما حدث يعتبر تطوراً يجب تشجيعه ودعمه مبدئياً، والانطلاق من حقيقة أن الإسلاميين، وبغض النظر عن الاتفاق والخلاف معهم، جزء رئيس من نسيج مجتمعنا، ولا يمكن لأحد أن يشطبهم، او يستأصلهم ـ ذلك مرفوض أصلاً، وان السعي للتقارب حول مشتركات عامة تحمي الوطن، وتعزز النهج الديمقراطي، والتعددي مطلوب من الجميع، بما في ذلك حقوق النقد، والتفاعل .
ـ إننا بمسيس الحاجة لتعزيز الخط الوسطي الإسلامي، والحدّ من الغلو "العلماني " بالمقابل، حماية للبلد وجوهر أهداف الثورة، وضمانة لبناء دولة الحق والعدل والتعددية والمساواة بين الجميع على أسس المواطنية وليس سواها ..