سيّد بكركي... في زمن ندر فيه الرّجال
سيّد بكركي... في زمن ندر فيه الرّجال
مادونا عسكر
لقد افتقدنا منذ زمن في مجتمعاتنا العربيّة رجالاً يقولون كلمتهم ويرحلون، لأنّهم واثقون منها ومن فعاليّتها وصدقها. وكدنا لا نلمح في هذه المجتمعات الّتي تطالب بالسّيادة والقرار المستقلّ إلّا قلّة قليلة جدّاً تسعى جاهدةً لتحقيق الإرادة المستقلّة وغير المرتبطة بالسّياسات الّتي كما يقال تدير العالم وتقحمه في أزمات لا تنتهي. ونيافة غبطة البطريرك بشارة الرّاعي من الرّجال الّذين ندر وجودهم في زمننا، لأنّه سيّد نفسه ولا يخضع للمماحكات والمهاترات السّياسيّة، ولأنّ سيّده هو الّذي فوق الكلّ، يسوع المسيح. غير أنّ الأغلبيّة الّتي تظنّ أنّها تمثّل الشّعب اللبناني لها أسيادها الّتي تأتمر منهم بل وتخضع لهم وتتمنى رضاهم. فتهرع لمرضاتهم وتلبية رغباتهم بغضّ النّظر عمّا إذا ما كانت هذه الرّغبات تخدم الوطن أم لا، المهمّ أن تخدم مصالحهم الشّخصيّة.
وينبغي التّأكيد أنّ هذا المقال لا يهدف للدّفاع عن غبطة البطريرك بشارة الرّاعي لأنّه ليس بحاجة لأن ندافع عنه وهو الّذي فوق كلّ الشّبهات، وإنّما هدف المقال دعم غبطته ومؤازرته في زيارته إلى الأراضي المقدّسة، حيث إخوتنا وأهلنا الّذين لا بدّ أنّ صدورهم انشرحت لهذه الزّيارة. أمّا أن يثير الإعلام الكثير من التّساؤلات والتكهّنات، كما جرت العادة وأن يقرّر البعض أن يبدي رأيه بطريقة غير لبقة ويخشى من الإعلام العبري وكيفيّة استفادته من هذه الزّيارة، ، دون الأخذ بعين الاعتبار أنّه يحسن بنا أن نكفّ عن التّخاذل والتّكاسل والضّعف، فهذا أمر معيب ومخجل ولكن متوقّع. وكأنّها المرّة الأولى الّتي يحاول فيها مَن مِن المفروض أن نسمّيهم محتلّين فبركة الأخبار والتّهم وإصدار الأحكام. وما همّنا إن فعل الإعلام العبري هذا العمل أو ذاك، المهمّ أنّنا نعاصر رجلاً يقول كلمته ويمشي، وسيداً لقراره ولا وصيّاً عليه. والأهم أن يتعلّم من يعتبرون أنفسهم زعماء للمسيحيّين أنّ المسيحيّة لم تكن يوماً جبناً ووهناً بل كانت منذ البدء طريق جلجلة تقتحم الموت حتّى غلبته.
ها أنت يا سيّد بكركي صاعد إلى القدس على خطى السّيّد المسيح، شاء من شاء وأبى من أبى، فاحملنا معك وفي قلبك إلى أراضينا المقدّسة، ترافقك نعمة الرّبّ ومحبّته وقوّته.