جرائم لها تاريخ
بدر الدين حسن قربي /سوريا
في صباح 8 نيسان/ابريل 1970، في نفس العام الذي انقلب فيه الأسد الأب على رفاقه وسيطر على مقاليد حكم سوريا قصفت القوات الإسرائيلية في قرية بحر البقر في محافظة الشرقية في مصر مدرستها الابتدائية بخمس قنابل وصاروخين، تسبّبت بمقتل 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين بجروح بعضها خطيرة، وتدمير مبنى المدرسة تماماً.
في 11& 12 نيسان/ابريل 2014 يومي الجمعة والسبت قصف الطيران الحربي بلدة كفرزيتا في ريف مدينة حماة ببراميل متفجرة فيها مواد سامّة (غاز الكلور) ليومين على التوالي، وقد تكرر ذلك في أيام تالية. وأشارت الأخبار عن وقوع حالات تسمم واختناق بين المدنيين بلغت نحو 100 حالة، بينها 15 حالة خطيرة، وبثّ ناشطون معارضون على موقع اليوتوب أشرطة فيديو تظهر أطفالاً وشباناً بدا عليهم الإعياء، ويعانون من السعال والاختناق. ورغم أن الهجمات كانت بواسطة مروحيات وبراميل متفجرة، وهي تقنيات تمتلكها قوات الأسد وشبيحته فقط فإن إعلام النظام الأسدي ألقى باللائمة على جبهة النصرة بزعم أنها هي التي استخدمت الغاز السام نافياً عن نفسه الجريمة رغم الدليل عليه.
في 29 نيسان/ابريل 2014 وبشار الأسد يعلن عن ترشحه لولاية رئاسية ثامنة، تم قصف مدرسة بدرالدين الحسيني في حي الشاغور في مدينة دمشق بقذيفة هاون تسببت بمقتل 17 طفلاً وجرح العشرات ممن جراح بعضهم خطيرة.
في 30 نيسان/ابريل 2014 وبعض مسيرات التأييد الجاهزة لترشح بشار الكيماوي، قصف طيرانه بصاروخ فراغي مدرسة عين جالوت الابتدائية في منطقة الأنصاري/حلب يُقام فيها معرض لرسوم الأطفال تسبب بمقتل 30 من الحضور معظمهم من أطفال المدرسة ومعهم المدير وأحد المعلمين، إضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين.
وبالعودة إلى الجريمة الإسرائيلية المشار إليها في بحر البقر، فإن مصر ومعها كل الدول العربية نددت بها، ووصفتها بعمل وحشي يتنافى تماماً مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية، في وقت برّرت فيه إسرائيل جريمتها بأنها كانت تستهدف أهدافاً عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت عبارة عن منشأة عسكرية مخفية. ولكن مع جريمة مدرسة عين جالوت الوحشية لعصابة النظام الأسدي لم يحصل شيء من النكير والاستنكار، بل مضت الجريمة وكأن شيئاً لم يكن، بل بدت في أجواء السكوت العربي والدولي، وكأن المجرم الفاشي النازي ألقى على المدرسة وأطفالها كتباً مدرسية وإعاناتٍ غذائية.
إن السكوت عن جريمة عين جالوت وأمثالها، هو سكوت مخجل ومعيب يكلله العار، لأنه سكوت يتصل بعشرة آلاف طفل من السوريين قام النظام الأسدي بقتلهم بكافة أنواع الأسلحة بمافيها الكيماوي، ويتواصل أيضاً مع تشريد الملايين منهم. ولئن ذكر تقرير منظمة اليونسيف أن نحو ثلاثة ملايين طفل في الداخل السوري ودول الجوار غير قادرين على الذهاب إلى المدارس بانتظام، فإن واقع من يحرص منهم على مواصلة التعلم والذهاب إلى المدرسة رغم المصاعب الكثيرة، لايسلم من جرائم الأسد وتوحشه في قصف مدرستهم تحت شعار استراتيجي غير معلن، اقتلوا أبناء الذين ثاروا علينا وتمردوا على ألوهيتنا، اقتلوا الذين ثاروا وأبناءهم، اقتلوا الذين طالبوا بحريتهم وكرامتهم وأطفالَهم لعلهم يرهبون، ولئن احتاج الصهاينة لخمسة قنابل وصاروخين لقتل ثلاثين طفلاً، فإننا على نفس العدد من قتل الأطفال بصاروخٍ فراغيٍ واحدٍ لقادرون.
يظنّ المجرم ومعه شبيحته أنه لن يقدر عليه أحد، وأنه بإجرامه وتوحشه قادر ومقتدر على كسر إرادة السوريين، ولكن ماباله ولم يترك باباً من أبواب الإجرام معروفاً لأولاد الحرام أو غير معروف، لم يستخدمه بما فيه الكيماوي والبراميل، ولكنه لم يصل إلى نتيجة، وذلك لأن معركته مع الشعب، وأيّما معركة طرفها الجماهير فلا ناصر له منها، وسقوطه قدر أياً كان مناصروه، ومهما كثر عدد شبيحته وموالوه.