هل تديرُ أمريكا ظهرَها لقوات سورية الديمقراطية
ترى طائفةٌ من المراقبين أنّ الأشرعة التي نصبتها إدارةُ أوباما، على مراكب القوميين الأكراد، ممثلين بقوات سورية الديمقراطية ( جلُّهم من وحدات الحماية الكردية، و أخلاط من عناصر عربية غير فاعلة )، في طريقها إلى الطيِّ.
فعقبَ الاستدارة الأمريكية نحوهم، بعد فشل برنامجها في تدريب فصائل من الجيش الحر، كجبهة ثوار سورية ( جمال معروف )، و حركة حزم ( أبو عبد الله الخولي )، و الفرقة 30 ( المقدم عمار الواوي )، و ثوار الشام ( علي شاكردي )، و مجلس قيادة الثورة ( القاضي قيس الشيخ )، و رعته أكثر من جهة لديها ( الخارجية، الدفاع، الاستخبارات )، و انطلق في كلٍّ من تركيا و السعودية و قطر و الأردن، بـ ( 20 ) ألف مقاتل؛ ليقوموا بمسك الأرض في حال التوصّل إلى تسوية من نوع ما.
و قامت حينها جبهة النصرة بمباغتتهم بضربات موجعة، سحقت بها جبهة ثوار سورية، و حركة حزم، في مرحلة مبكرة، ثم أتبعتهم لاحقًا بفصائل أخرى كجيش المجاهدين، و الفرقة ( 13 )، و تعقّبت آثارهم من مكان لآخر، في ظلّ تقاعس، و غضّ طرف من بعض الفصائل الإسلامية.
في تلك الأثناء ذهبت التوقعات إلى أنّ الأكراد باتوا الأقلية السياسية " الإثنيّة "، المؤهلة لتحلّ مكان الأقلية السياسية " الطائفية "، و هناك من أطلق عليها " العلوية السياسية الجديدة ".
إلاَّ أنّ الصورة لدى المخططين الأمريكان، ليست بذات الصورة التي حاولت تلك القوات تسويقها، حيث صدرت و منذ الأيام الأولى عدةُ مؤشرات، تشي بأنّهم ليسوا الحصان الأسود؛ حيث باتوا يخشون الاعتماد على الأقليات: ( إثنية، طائفية، دينية ) في المنطقة، بعد فشل تجربة تأهيل الشيعة في بغداد، و الأكراد في أربيل؛ حيث جعلهم الأمر يقومون بحمايتهم على مدار الساعة، و ينفقون المليارات، دونما عائد يُذكر.
فبعد تفجيرات أنقرة في: 17/2/2016، صرح وزير الخارجية " جون كيري ": إنّه لا يمكن الوثوقُ بوحدات الحماية الكردية.
و في عهد إدارة ترامب، بدت هذه التصريحات أشدّ وضوحًا، حيث صرّح " هربرت ماكماستر " مستشاره للأمن القومي، في: 18/ 4/ 2017: إنّ الاعتماد على الوحدات الكردية بلا معنى استراتيجي، و يُفضل القيام بالعمليات العسكرية في شرق الفرات، بالتعاون مع التحالف السُّنّي.
هذا في الوقت الذي ذكرت فيه التقارير أنّ إدارة البيت الأبيض تخطط لإرسال ( 50 ) ألف جندي أمريكي إلى الرقة؛ لمسك الأرض بعد طرد داعش، عوضًا عن تلك الوحدات؛ تحاشيًا للإشكالات التي يمكن أن تقع، و ذلك بعدما بدرت عدّةُ أمور جعلت النظرة إلى هذه الوحدات أقلّ حماسة، من ذلك:
ـ الفتور الواضح في تقبل العشائر العربية لهم، و ذلك بعد جملة من التصرفات غير المسؤولة منهم، كقيامهم بعمليات التهجير القسري لأبناء تلك المناطق من العرب، و إعطائهم إحداثيات خاطئة للطيران التحالف، عن أهداف لتنظيم داعش، ليتبيّن لاحقًا أنها لهاربين من الرقة، أو لمقاتلين من جيش النخبة، التابع لأحمد الجربا؛ الأمر الذي أحرج الأمريكان كثيرًا، و جعل الجربا يأمر مقاتليه بالانسحاب من صفوف تلك القوات.
ـ تعدّد الولاءات لدى هذه القوات، فتارة تتقاطع تحركاتهم مع النظام، و يتمّ تبادل السيطرة بينهما على المناطق المنتزعة من داعش، في ريف حلب الشرقي، أو من فصائل الثورة، في ريف حلب الشمالي، و يتعدى الأمر حتى إلى التعاون العسكري، على غرار ما كان من طرد الفصائل من مدينة حلب، و تارة مع التحالف الغربي بقيادة أمريكا؛ فيمنحونها حق إقامة القواعد العسكرية في ( الرميلان، و عين العرب )، و كذلك مع الروس، حيث منحوهم ذلك في ( عفرين: منطقة الباسوطة ).
ـ إلحاح الأتراك على أمريكا؛ للتخلي عن وحدات حماية الشعب، المحسوبة على الاتحاد الديمقراطي الكردي، المصنّف كفرع سوري لحزب العمال الكردستاني التركي، و هو ما سيسعى أردوغان في اللقاء المرتقب مع ترامب، في واشنطن، في : 16، 17/ 5، لسماع جواب حاسم منه حول ذلك.
ـ إيعاز البنتاغون يوم: 13/ 4، في رسالة موجهة إلى قيادة " قسد " تطلب منهم تسليم أربعة عشر قرية للواء المعتصم، من بينها: تل رفعت، و هناك مفاوضات تجرى بهذا الصدد مع مندوبين عن كلا الطرفين.
ـ تصاعد التصريحات الأمريكية حول التعاون مع الجانب التركي، لطرد داعش من الرقة، و أنّ تركيا قد أعدّت " جيش العشائر في سورية " بدعم خليجيّ من أجل ذلك، و أنّ ذلك رهن استفتاء: 16/ 4، الذي جاءت نتيجته لصالح الرئيس أردوغان؛ و يرجّح أن يكون قد يكون قد تمّ التطرق إلى ذلك في اتصال ترامب معه عقب إعلان النتيجة.