الغربيون ينتظرون انتصار الأسد
وقيادات المعارضة تنتظر الغربيين !!!
زهير سالم*
بين مقالي الديلي تلغراف في 17 / 4 / 2014 حيث بشر محررها السياسي بيتر أوبورون بشمس أسدية دافئة . حيث قرر أن في دمشق أمنا وأمانا وحبا لبشار يبشر بانتخابات ودودة تأتي برئيس محبوب يرفع ( مسلسل القتل ) كل يوم من شعبيته ، ويزيد من عدد محبيه وعاشقيه . مقال الديلي تلغراف التي لم يجد محررها السياسي في دمشق قتلا ولا قتالا ولم ير أي مظهر للحياة غير المألوفة وحيث استطاع الشاهد ( الانكليزي ) العدل أن يجري حوارات مع أصحاب متاجر وجنود وأطباء ونواب ووزراء في الحكومة فوجد الجميع يقولون في بشار الأسد كما قال القس المصري في السيسي : أذوب عشقا فيه ..
مقال الغارديان ليس فلتة اعتباطية لكاتب صحفي ربما يكون قد ثقلت موازينه قبل الكتابة ؛ وإنما هو تبشير بما يدور في الخلفية العقلية لمؤسسة صحفية يمينية عريقة في صنع السياسة البريطانية ، المقال تبشير حالم بالمناخ الذي ينتظر البريطانيون أن يصيروا إليه في سورية ، فيعود ( صهرهم ) الطبيب المحبوب إلى كرسي الدكتور ( جيكل ) بعد أن يستفرغ ( هايد ) كل طاقاته العدوانية المكبوتة . أكتب هذا الكلام وأنا أتذكر شهادة الزور المنمقة التي أدلى بها مدير المستشفى البريطاني الذي تحدث يوما بشار الأسد عن التلميذ النجيب المتواضع والذكي ..
وفي المقابل يأتي مقال الأندبندت في 21 / 4 / ( الحرب المنسية في سورية ) ليؤكد أن الغربيين في موقفهم الحالي قد نفضوا أيديهم من سورية وهم لا يحبون المعارضة السورية وبالتالي فقد قرروا أن يديروا ظهرهم للمشهد . تاركين الأسد يحقق يوما بعد يوما المزيد من الانتصارات ..
ولا بأس في الإطار أن ينسى محررو الغارديان والأندبندت أن الانتصارات التي يحققها الأسد إنما تأتي عبر إضافة سلاح جديد ( السلاح الكيماوي ) إلى أدواته اليومية ، وأن قضم الأرض من أيدي الثوار إنما يتم عبر المزيد من الاستعانة بقوات أجنبية ، ( لبنانية وعراقية وإيرانية وروسية ) وخارج إطار القانون الدولي ، حيث قرر المجتمع الدولي السكوت عليها لإعطاء بشار الأسد مزيدا من الفرص لتحقيق الانتصار المرتقب ..
ندرك أن العوامل الأخلاقية لن تخدش في أي لحظة انتصار الأسد ( المرتقب ) إن القدرة على الكذب والاختلاق ستكون في أي لحظة قادرة على التلفيق أمام الرأي العام الوطني ، حيث لم تتوقف ماكينة الكذب والافتراء للحظة ، وأن هذه العوامل الأخلاقية لا قيمة لها في ميزان مجتمع غربي ، القيم الأخلاقية بالنسبة إليه ليست أكثر من خرافة . وأنه عندما سينتصر الأسد كما يتوقعون فلن يضيرهم بأي طريقة أو أسلوب انتصر .
الاستراتيجية الغربية ( الأمريكية – الأوربية ) القائمة على إنهاك القوى الثورية ، والضرب الدائم على وتر اتهام المعارضة السياسية وتحميلها المسئولية ، والسكوت على كل الخروق للقوانين الدولية والإنسانية التي يرتكبها بشار الأسد كل ذلك يجعل المراهنة على انتصار الأسد من قبل المجتمع الدولي حقيقة سوداء مدلهمة لا يتغيب ملا محها إلا العمي الصم البكم ..
والأعجب من كل ذلك أن الغربيين الذين تقوم استراتيجيتهم العملية على انتظار انتشار بشار الأسد يجدون في قيادات المعارضة السورية من ينتظرهم ويعول عليهم ...
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية