فسيفساء التنظيمات والأحزاب الإسلامية في ليبيا (2من 6)
تعرضنا في الحلقة الأولى من هذه الدراسة التحليلية لتيار الاخوان المسلمين في ليبيا بينما نستعرض في مقال الحال الى “حركة التجمع الإسلامي”….
الحلقة الثانية :حركة التجمع الإسلامي
1- المسار التاريخي قبل ثورة فبراير:
1- التأسيس:
بدأت الحركة على شكل مجموعة من الملتزمين إسلامياً، مع المحافظة على السنة النبوية بصورة معتدلة عام 1974، وهو ما أكدته رواية القيادي المؤسس بالحركة الشيخ محمد احداش….
2- الالتحاق بالإخوان:
في أوائل التسعينيات من القرن الماضي انضم أعضاء الحركة إلى تنظيم الإخوان المسلمين فى ليبيا لمدة قصيرة جداً، ثم وقعت خلافات تنظيمية، وحدث انشقاق أدى إلى انسحاب عدد منهم….
3- الانسحاب من الاخوان والاتجاه للعمل التنظيمي الجبهوي:
بعد الانسحاب من تنظيم الاخوان، تم تشكيل تنظيم على نمط التنظيمات الجبهوية المرنة التي تسعى إلى جمع أكبر عدد من الإسلاميين دون فرض قيود تنظيمية، ودون الارتباط بأي تنظيم إسلامي خارج البلاد، ومن ابرز قياداتها: “مصطفى الطرابلسـي”، “جمـال الـورفلي”، “محمـد احـداش”، “ادريـس مـاضي”، “مصـطفى الجهاني”، والأخيـران كانـا مـن الإخـوان المسـلمين المخضرمين، وانضما الى التجمع، وكلاهما قتلا في مجزرة سجن ابوسليم التي نفذها نظام القذافي عام 1996 كما قتل جمال الورفلي، وجمال الفيتوري، وتوفيق بن عمران، ويعتبر الدكتور مصطفى الطرابلسى، وهو أستاذ جامعي متخصص فى الجغرافيا، المنظر الرئيسي للتجمع، وله بعض دراسات حول فكرة الدولة الإسلامية والحكم الإسلامي، وهو من المتأثرين بأفكار حسن الترابي، في خياراته التنظيمية وتطويرها، وعدم ركونها إلى التقليد والجمود وتتركّز المنطلقات الفكـرية للتجمع على التربية الشرعية وتدرّس في حلقات، كما تهتم بالعقائد والفقه المالكي، ومن الكتب التي كانت متداولة بين الأعضاء: “كبرى اليقينيات الكونية” للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، “الأصول الثلاثة: الله الرسول الإسلام” لسعيد حوى، كما أن أفكار الشيخ راشد الغنوشي هي إحدى مصادر التثقيف عند عناصر التجمع، وكان للتنظيم نشرة داخلية تسمّى ”السبيل“ تتكوّن مادتها من توجيهات تربوية، وتعليقات على الأحداث الداخلية. ولهم ميثاق يعبر عن منطلقات التجمع….
4- الانكشاف التنظيمي ومجزرة بوسليم:
كان من بين تنظيم التجمع مجموعة تؤمن بالعمل الجهادي، أي العمل المسلح، بقيت فى التجمع نحو عام ثم انسحبت، وانضمت الى الجماعة الإسلامية المقاتلة، وعندما حدثت الصدامات المسلحة بين مجموعات من المقاتلة، وقوات نظام العقيد، وجرت اعتقالات عام 1995 شملت عناصر من الجهاديين الذين كانوا فى التجمع، وعندها اكتشفت السلطات تنظيم التجمع واعتقلت عدداً منهم، وفرّ الآخرون الى خارج البلاد ومن بينهم ممن تمكنوا من مغادرة البلاد، مصطفى الطرابلسى، محمد احداش، عادل صنع الله، عبد الوهاب الهلالى، سالم بشاشة، وآخرون.وعمليا لم يعد للشيخ محمد احداش، وعادل صنع الله أي صلة بالتجمع منذ سنوات كثيرة، ولكل منهما نشاطه الثقافي في المهجر….
5- الحوار مع النظام والنشاط الخارجي والحجم التنظيمي:
على غرار الاخوان تضاربت العلاقة مع النظام بعد أحداث بوسليم حيث بقيت قيد السرية وأصبح النشاط في بريطانيا وبعض الدول الأجنبية أكثر من النشاط في الداخل رغم مشاركة بعض منتسبين في الحوارات التي قادها سيف الإسلام القذافي، وقد قدر عدد الأعضاء بحوالي 450 ناشطا في بريطانيا وفي الداخل الليبي مع وجود عناصر قليلة ناشطة في دول أوروبية وامريكا….
2- حركة التجمع الاسلامي اثناء وبعد الثورة الليبية
شارك أعضاء الحركة في الثورة الليبية وخاصة في بنغازي في الثورة الليبية، أين يوجد مُناصرون بالمئات للحركة، وقد شاركت الحركة في انتخابات 2012 و انتخابات2014 الا أن حضورها كان متواضعا من حيث النتائج، ألا انها نجحت لاحقا وخاصة عبر عضو المؤتمر العام محمود سلامة الغرياني المقرب من المفتي فى الحفاظ على علاقة متينة مع دار الإفتاء بشكل عام ومع المفتي الغرياني بشكل خاص الأمر الذى أضاف لها مرونة أكبر فى تحركاتها بين بقية الإسلاميين بمختلف مشاربهم من جهة وحفاظها على مكسبها بالمشاركة فى مشروع الوفاق من جهة أخرى ….
ومن بين أبرز القيادات التي لعبت أدوارا رئيسية على غرار “مصطفى الطرابلسي”، “رجب الخازمي”، “حبيب الزاعل”، “طارق المقصبي”، “إدريس المقصبي”، “أحمد الطالب”، “أحمد محمد أبوشعالة”، “محمد البرعصي”، “محمد العريبي”، “محمود سلامة الغرياني”، “سالم بشاشة”، “خالد الورشفاني”، “أحمد عبدالغني السعيطي” و”محسن زيدان”، وهاذان الأخيران يتوليان لجنة العمل الميداني بالحركة وبالحزب (أي حزب “الرسالة”)، وقد بدأ بعضهم في تكثيف ظهورهم الإعلامي خلال الأشهر الأخيرة عبر القنوات الفضائية المحسوبة على تيارات الإسلاميين ربما تمهيداً لدور وظهور أكبر سيلعبه التجمع خلال الفترة المقبلة ليضيف إحيائه حركة قديمة جديدة على التنظيمات الإسلامية في مشهد سياسي معقد ويزداد تعقيداً… .
3- الذراع السياسي للحركة أو حزب “الرسالة”
تبنت حركة المجتمع الإسلامي نفس منطق اخوان ليبيا ففصلت الثقافي والدعوي والسياسي عبر تأسيس حزب سياسي اعتبر بمثابة الذراع السياسية للحركة تم تأسيسه سنة 2012 وسمي بحزب الرسالة، وعمليا عادت الروح للحزب بقوة سنة 2016 بعد فترة فتور سنتي 2014 و2015، والسبب الرئيسي للعودة القوية هو عضوية القيادي بالحركة محمد لعماري زايد للمجلس الرئاسي بعد امضاء اتفاق الصخيرات…
4 – أي مستقبل لحركة التجمع الاسلامي؟
من المعروف أن مستقبل التيار الإسلامي أو ما يعرف إعلاميا بــ”الإسلام السياسي” يرتبط موضوعيا بمستقبل الأوضاع الإقليمية وما يُعرف بصراع المحاور العربية وباعتبار ان حركة التجمع الإسلامي هي تنظيم من بين عدة تنظيمات إسلامية في ليبيا، فان مستقبلها مرتبط عمليا بتطور تلك الأوضاع حيث سيتحدد بـــــ:
أ- قدرة التجمع الإسلامي على التواجد داخل المؤسسة التشريعية الليبية القادمة في ليبيا وفي مدى القدرة على محاصرة التيار الاستئصالي وضرب مشروع سيطرة العسكريين على الحياة السياسية ….
ب- طبيعة الفعل السياسي والتنظيمي للإسلاميين المغاربة ومستقبل الاخوان في مصر وفي المنطقة العربية….
ت- قدرتهم على المساهمة في حل الازمة الليبية وان يكون طرفا قادرا على التجميع وإعادة الروح لتيار فبراير والمساهمة في المصالحة الليبية ودفع الليبيين نحو دفن آلام الماضي…
ث- قدرة التمايز على الاخوان أو خوض حوار جدي لإعادة الالتحاق بهم…
المصدر: جريدة الرأي العام التونسية
وسوم: العدد 755