ثورةُ الكرامة
الدربُ يُطوى والقطارُ مُسافِرٌ
لاشيءَ يبدو والنَـوافذُ عالية
وعُـيوننـا معـصوبـةٌ بعصابـةٍ
وعِـصابةُ العينينِ نـارٌ حامـيـة
تلك العِصـابةُ أذهَـبَت أبصارَنـا
بسوادِها غَطّـت سماءً صـافيـة
تلكَ العِصـابةُ قـد أتت وتَربَّعـت
عرشَ الشآم وقيلَ عنـها باغـيـة
سارَ القـطارُ وفيه كـلُ تُراثِـنـا
بل فيه من كلِ النفوسِ الزاكية
من كـلِ فاكـهةٍ حَـملـنا سَـلّـةً
والـوردُ جاءَ قـوافـلاً مُتَـتالية
ونُسـابِـقُ الأيـامَ حـتـى أنَّـنـا
صِرنا مِنَ الأحداثِ كُلَ القافية
والناسُ في هَـرْجٍ وليسَ بمأمنٍ
طفلٌ تَشَـرَّدَ بل عَجـوزٌ حـافـية
أحـلامُ ثَـكـلى أن تَضُـمَّ صغيرَها
هيهاااتَ يَـرجِعُ مَن نَعَتهُ الناعية
يااامَـركبَ الأيامِ تَعـدو مُسرعاً
فَهـل السعادةُ في السنينِ الآتية
بالأمسِ ودَّعـنا بِحُـزنٍ عامَـنا
كانت بهِ الأيامُ حُـمراً دامـيـة
فَبِـهِ ثَـكـالى والصِغارُ تَيَتَّمَت
وبـهِ جرائمُ مِن وُحوشٍ ضارية
وبِـهِ دَمـارٌ حيثُ صـارَ بِـناؤُنا
وقـوافلُ الشهداءِ دَوماً راقية
يااامركبَ الأيام ماذا في غَـدٍ
قُلْ لي بِربِّكَ ، بالضُحى والجاثية
هل نستفيقُ أيا صديقي في غَدٍ
فيهِ القُطوفُ مِنَ السعادةِ دانية
فيهِ الحـياةُ جميلةٌ مِـثلَ التي
كانت قديماً في السنينِ الخالية
بَـلـدي هو الدُّنيـا وشامةُ عِزّها
والشامُ نِبراسُ العُصورِ الماضية
بلدي ... أيا نبضُ الحياةِ ونورُها
ياسَلسبيلاً مِن مِـياهٍ جـارية
يابلسماً مِنهُ القُلـوبُ تَطَبّبَت
وتلَمْلَمَتْ تلك الدموع الغالية
فسماؤنا مَمزوجةٌ بِندى الربيـ
.. ـعِ وزُرقةُ الرقراقِ فيها صافية
وجبالُنا عِشقُ النُسورِ وأصبحت
فيها مَرابضُ للأسودِ الضارية
أسفاً علـى ذاكَ الربيعِ تـدوسه
مِلَلُ المجوسِ وذيلُ كلبِ الماشِية
أسـفاً لِداريّـا يُبـاعُ تُـرابُـهـا
والفـوعـةُ اللَقطاءُ أصلاً باقية
سااارَ القطـارُ وأُطلِـقَت صَفَراتهُ
كالسَيلِ يَهـدِرُ عندَ ضيقِ الساقية
هي فَـورةُ التنّـورِ ليست صُدفةً
شلالُ ماءٍ قد يَطـالُ السارية
هي نهضةٌ بل صحوةٌ مِن غفوةٍ
خمسونَ عاماً والعُـروبةُ غافية
هي شوقُ ظمآنٍ لِمـاءٍ طالَمـا
لَعَقَ الحصى مِن حرِّ تلك البادية
هي ثورةُ الشامِ التي قد أزعَجَت
كُلّ المجوسِ وكلبَهُم في الضاحية
هي ثورةُ المجدِ التي شِريانها
مِن قلـبِ درعا نبضهُ للـزاويـة
هي ثورةُ الزيتونِ والأرضِ التي
فيها تَعَفّـرَ وجـهُ ذاكَ الطـاغية
هي ثورةُ الأطفالِ في درعا وهل
ستكونُ ياحـورانُ فيكِ القـاضية
هي ثورةُ العاصي التي قد أُرهِقَت
، قُمصانُها قُـدَّتْ وصارت بالـيـة
هيَ مَعدِنُ الذهَبِ الذي إنْ أُحرِقَت
ذرّاتُـهُ بالنـارِ عـادت صـافيـة
هي أمُّـنا هي أُختُـنا هي عِرضُنا
هي ثـورةٌ للهِ قـامَـت داعـيـة .
وسوم: العدد 776