الحقدُ بالتّدمير يغزو العالَما= فإلامَ يبقى الحبُّ فينا نائما؟
وعلامَ يحكُمنا العِداءُ، وأهلُه= وعلامَ لا نلقى التّسامحَ حاكما؟
ما زال فينا الشَّرُّ ينشرُ جندَه=متسلِّطاً.. والخيرُ يرقدُ حالِما
أنَّى تَسِرْ تَلْقَ الحروبَ تسعَّرتْ= والخوفُ منها لم يزلْ متعاظِما
لم تكفِنا هذي البسيطةُ مسرحاً= لقتالنا حتّى غَزوْنا الأنجما
وإذا التَّحالفُ قام ما بين القُوى= فعلى الخديعةِ كان فيهم قائما
الغربُ مثلُ الشرقِ ضيَّعَ رشدَهُ= فكلاهما يهوى الدَّمارَ.. كِلاهما
كُلاًّ تراه بغيرهِ متربِّصاً= قلِقاً.. ويرجو أن يكون الحاطِما
والكلُّ يعلمُ أنَّما هو هالكٌ=كسواهُ إن يضرِبْ.. فقُبِّحَ عالِما
* * *=* * *
الحقدُ بالتّدميرِ هدَّد عالَماً= ما زال يلهثُ شاكياً.. متشائما
ليكادُ يقضي حاكموه تُخْمةً= والشَّعبُ عاشَ على الفُتاتِ مزاحِما
والعالِمونَ تشاغلوا عن بؤْسِه= يا ليتهم حسِبوه من بعضِ الدُّمى
العُرْيُ أمسى للشُّعوبِ كساءَها= والجوعُ صبَّ على الظُّهورِ قواصِما
إن أنقذوا نفساً فقد قتلوا بها=كوناً.. وشرُّ القتْلِ ما حبسَ الدَّما
أو خفَّفوا ألماً، وداوَوْا عِلَّةً= فالشَّرُّ من كلِّ الجهاتِ تفاقما
ماذا سيحكي الجيلُ عنكمْ في غدٍ=يا من ملأْتمْ بالعداءِ العالَما؟
أَقْلَقْتُمو روحَ الجدودِ بحقدكمْ= وفرشتمو دربَ الصِّغارِ جَماجِما
مَن يَنْجُ منكم من دمارٍ ساقهُ= للنَّاسِ يَحْيَ العُمْرَ منه نادِما
ولو ان َّ سعيَ السَّابقين كسعيِكم=لَمحَا، وما أبقى وُجوداً قائما
إلاَّ فناءَ الكونِ لن نلقى غداً= إن نحن لم نحيَ الحياةَ تفاهما
* * *=* * *
يا أيُّها الإنسان ُ إنَّكَ ميِّتٌ= مهما تعشْ ستموتُ يوماً راغِما
لا.. لن يُؤخِّرَ ساعةً عنك الرَّدى= مالٌ.. ولا مجدٌ.. ولو بلغ السَّما
ولأنتَ أجهلُ ما علِمتَ بموعدٍ= تلقى به ما كان حَتْماً لازِما
الدُّودُ يأكلُ منك كلَّ خليّةٍ=متمهِّلاً.. فلقد غدوتَ له حِمى
لا شيءَ من دنياك يمنع دودةً= عن مقلتيكَ وإن ملكتَ عوالما
فعلامَ لا تحيا الحياةَ محبَّةً= وتَزيدُ فيها للأنام تراحُما؟
وعلامَ لم تأْخذْ لنفسِك عِبرةً= مِمَّنْ مضَوْا، وحسبتَ مجدَك دائما
وعلامَ خلَّفتَ العِداءَ لوارثٍ=أمَّلتَ ما أمَّلْتَ منه واهِما
من ذا الذي بالسُّوءِ يذكُر راحماً= ومن الذي يهوى الحقودَ النَّاقما!
فرعون رغم المُلْكِ لم يُحمَدْ له= ذِكْرٌ.. وقارون تولَّى نادِما
* * *=* * *
يا قومَ موسى ما أتاكم بالأسى= موسى .. ولا موسى أحبَّ الآثما
يا قومَ موسى دينُ موسى دعوةٌ=تقضي عليكم أن تزيلوا الظَّالما
أوَلم يُعِن ْ بِنْتيْنِ يجهلُ مَنْ هُما!=أوَما أعزَّهما.. وكان الهائما
أوَلم يُخلِّصْ شعبَكم من ظُلْمه= وهو الذي ما اسْتلَّ يوماً صارِما
ما دام هذا شَأْنه.. فعلامَ لا= نلقى لدعوته لديكم فاهِما؟
* * *=* * *
يا قومَ عيسى لم يكن عيسى أخا= حقدٍ.. ولا حربٍ.. ولا شرِبَ الدِّما
يا قومَ عيسى إن َّ عيسى مرسَلٌ= بالحبِّ كيْ يبقى التَّسامُحُ حاكِما
أوَلم يُدِرْ للضَّرْبِ خدَّاً ثانياً=ليقيمَ للصّفحِ الجميلِ معالِما؟
فعلامَ يا أتباعَ عيسى لم نجدْ= فيكم كعيسى غافراً، أوْ راحما؟
* * *=* * *
يا قومَ أحمدَ إن َّ أحمدَ رحمةٌ= ما زال فيها الدّهرُ يحيا ناعما
وسِعَتْ بني الدُّنيا على عُمُرِ المدى= وكما تصونُهمو تصون ُ السَّائِما
لم يرتفعْ سيفٌ لأحمدَ ساعةً= إلاّ لتلقى من أساءَ مسالِما
لم تُبْقِ ظُلماً في الزَّمانِ سيوفهُ= كلاَّ.. ولا أبقتْ ظَلُوماً سالما
أوَلَمْ يَخُطَّ إلى الجهادِ عقيدةً= تَدَعُ الضَّعيفَ لكلِّ ظُلْمٍ هادما؟
أوَلَمْ يُوَحِّدْ صفَّ من قد آمنوا=ليظلَّ للطَّاغوتِ دوْماً هازما؟
وبه أتمَّ اللّهُ ديناً شاءَهُ= للنَّاس يومَ بَرَى، وعلَّم آدما
ما حاد عنه المرسلون َ.. وواحدٌ= ما علَّموا. وأرى المعدِّدَ واهما
والمخلصونَ على المدى مِن ْ بعدِهمْ= ساروا على نهْجِ النُّبوَّةِ دائما
أوَلمْ تُقرقِرْ بطنُ أعدلِ حاكمٍ=جوعاً، وقد ملأ البلادَ غنائما!!
فتحَ الفتوحَ ولم ينلْ ثوباً بها= وكسا بزهْوِ العدلِ منه عوالِما
عُمَرُ الذي وسِعَ الرَّعيَّةَ قلبُه=وبأمرها ظَلَّ الرَّحيمَ الحازما
ما ضرَّهُ الثَّوبُ القصيرُ، ولا الطَّوى=ما دام فيها بالعدالةِ قائما!!
وعلى الثَرى أغفى، وقرَّتْ عينُه= ورأى خشونَته حريراً ناعما
هيهاتَ أن ينسى عدالتَه الورى=أو أن ترى يوماً عليها لائما!!
كلُّ الشّرائعِ للمحبَّةِ قد دَعَتْ= كلُّ العقولِ ترى المحبَّةَ عاصِما
فعلامَ يا مَنْ تدَّعون َ تدَيُّناً= تتقاتلون، وتنصرون الظَّالما؟!
وعلامَ بالتَّدميرِ يمضي جهدُكم= وإلامَ يبقى العقلُ منكم غاشِما؟!
فَهَلِ التَّديُّنُ أن تكون مُدمِّراً=وهل التَّعقُّلُ أن تكون الهادما؟!
أيُّ الشَّرائعِ قد أقرَّت مجرماً= أيكون شرعاً إن أقرَّ جرائما!؟
أين العقولُ إذا القلوبُ تحجَّرتْ= أوَما عليها أن تكون الحاسما!!
وإذا العقولُ طغتْ.. فأين قلوبُكم=فالقلبُ أجدرُ أن يكون َ الرَّاحِما!!
لا القلبُ حانٍ، لا ولا العقلُ اهتدى=والسَّمعُ عن نَوْحِ الضَّعيفِ تصامَما
الأرضُ تُخرِجُ كلَّ آنٍ مَوْسماً=عجباً... وتُطْلِعُ للحياةِ توائما
والطَّيرُ تصدَحُ باللّحونِ شجيَّةً=لتعلِّمَ الإنسان لحناً ناغِما
والزَّهْرُ يزهو بالجمالِ، وبالشَّذى= فتشمُّ أنَّى سرْتَ عطراً فاغِما
والذِّئبُ يسلَمُ جنسُه من غدرِهِ= واللَّيثُ يأبى أن يصيدَ ضراغِما
والأرقمُ المرهوبُ فينا سُمُّهُ= لم يُؤْذِ يوماً بالسُّموم أراقِما
فعلامَ يا إنسان ُ يا مَلِكَ النُّهى=تهدي الدَّمارَ مواسماً، ومواسما
وعلامَ نلقى كلَّ حِزْبٍ حاقداً= متعصِّباً.. ويكاد يقتلُه العمى؟
وعلامَ لا نحيا على الحبِّ الذي= فينا يفجِّرُ للجميلِ عزائما؟
أمِنَ التَّعقُّل أن يُدمِّرَ بعضُنا= بعضاً.. وأن نحيا الحياةَ تخاصُما
أيكون يا عقلاءُ من ساقَ الرَّدى= لذَوِيهِ يوماً عاقلاً، أو عالِما؟
وَلَوَ ان هذا العلمَ واكبَ سَيْرَه=خُلُقُ الرِّجالِ لما رأينا عادما؟
الدّهرُ بالإجلالِ يذكُر مُحْسناً= ولكَمْ يصبُّ على المسيءِ شتائما
لا كان من رضِي الشَّقاءَ لغيرهِ=لا كان يوماً من أعان َ الظَّالما
* * *=* * *
الحقدُ للتَّدميرِ يمضي ركبُه= فتراه كالموجِ العتيِّ تلاطُما
ما زال يَفني نفسَه بمسيره= وأودُّ لو أنِّي رأيتُ اللاَّجِما
وَأدَ الحياءَ العالِمون.. فكلُّهم= سعْيٌ حثيثٌ يستذِلُّ العالَما
حُمَّى استباقِ الغزوِ لم تتركْ لهم= عقلاً... فزِدْنا شِقوةً، وهزائما
وَلَوَ ان َّ شرعَ اللَّه قادَ خُطاهمو=لرأيتَ وجهَ الكونِ يُشرِقُ باسِما
في الأرضِ خيراتٌ لكلِّ مُنقِّبٍ=يحيا الأنامُ بها سعيداً غانما
أيَغُضُّ عنها العِلْمُ عَمْداً طرفَه= وعلى احتمالاتٍ يرود الأنجما؟
لو لم تكن آلامُنا مرْقىً له= لَعذَرْتُه.. لكنَّه قد آلما
نسِيَ الوفاءَ لعالَمٍ يحيا به=وارْتادَ يرجو في النّجومِ عوالما
ما زال يجهل غايةَ الأمرِ الذي=أفنى به الأموالَ في غزوِ السَّما
مالي وللأفلاكِ إن ْ أختي هَوَتْ= جوعاً، وأمِّي كاد يقتلها الظَّما؟!
يا أيُّها الإنسان ُ إنَّكَ جاهلٌ=ما قد يكون ُ.. فكيف تُدعى العالِما؟!
ولأَنتَ فيما قد عَلِمْتَ مُترجِمٌ= ما زال يأملُ أن يُعِدَّ تراجِما
العلمُ علَّمه الإلهُ لسعدِنا=وهَدى العقولَ لكي نصون َ محارما
والكون سخَّرهُ لنخْلُفَهُ به= ويكون في بحرِ العدالةِ عائما
وجميعُ ما في الكون ذلَّلهُ لنا= ولنا بفضل اللّه أمسى خادما
كلٌّ يناسِبُ غيرَهُ، ويُتمُّهُ=فترى الوجودَ على التَّكاملِ قائِما
والكلُّ يشهدُ أن َّ ربَّاً خالقاً=فطَرَ الأنامَ وكان فيه العالِما
قاد العقولَ إلى اكتشافِ عوالِم=فيها يخبّيءُ للعلوم عوالما
فعلامَ لا نحيا التّسامحَ والرِّضا=ونعيش إحساساً عن الدّنيا سما؟!
ما دام هذا العُمْر يمضي مسرعاً= فعلامَ نحياهُ أسىً، وتصادما؟!
وعلامَ في وجه المجاعةِ لم نقفْ=صفَّاً.. فتغدُو كلُّ نفسٍ حاتَما؟!
فلَنحنُ أقوى اليومَ ممَّن قد مَضَوْا= في أن ْ نُساهِمَ فوق من قد ساهما
ولنحنُ أجدرُ أن نَزيدَ بعلمِنا=عن سابقينا إلفةً، وتراحما
ولَنحن أحوجُ للمزيدِ... وكلُّنا=ما زال مفطوماً يُرجِّي الفاطما
* * *=* * *
في كلِّ آنٍ للمهيمنِ حكمةٌ=يجلو بها للنَّاس أُفْقاً غائِما
ما زال يسعى العلمُ فيها جاهداً= ويظلُّ رَغْمَ جهودِهِ متعالِما
فعلامَ نَعصي اللَّهَ في آلائِهِ=وبما تكرَّم لا نزيدُ مكارما؟!
وعلامَ هذا العلمُ يُنكرُ ربَّه= وهو الذي لولاه يوماً ما نما؟!
لو أنصفَ العلماءُ يوماً لاهْتَدَوْا=وغَدَتْ علومُهمو إليه سلالِما!
وَلَوَ ان َّ أمرَ النَّاسِ أمسى مُلْكَهم= لرأيتهمْ في الدَّهرِ عاشوا دائما!
الحقدُ للتَّدميرِ يدعو أهلَهُ=وأنا لمحْوِ الحقدِ أدعو العالَما
وإلى التَّراحمِ سوف أحيا داعياً=عَلِّي أرى كلَّ الورى متراحِما!!
سادَ القنوطُ، وعَمَّت البلوى، فهل= ألقى لِما أدعو أَرِيباً حازما؟!
* * *=* * *
يا ربِّ جودُك لا يزال مُؤمَّلاً= فأنِرْ لنا كوناً تبدَّى قاتِما
النَّاسُ بالأهواءِ ضلُّوا، والرَّدى= أمسى على صدر الخلائقِ جاثِما
عَزَّ الرّجاءُ، وحاق بالنَّاس الرَّدى= واليأسُ عمَّ، وفي القلوب تراكما
لمّا سَلَتْك النَّفسُ ضاع صفاؤها= والعقلُ بعد هُداكَ أمسى غاشِما
فأزِلْ من القلبِ العداءَ لعلَّهُ= يحيا بحبِّك يا إلهي سالما
ما غَيرُ شرعكَ يا إلهي منقذٌ= مِن شرِّ مَن أمسى لغيبٍ راجما
إنِّي بسطتُ إليك يا ربِّي يدي= ومددتُ ثانيةً أُعِين ُ القادما
للعالمين رجوتُ ربِّي رحمةً= وهداية فامْنُن=علينا راحِما
حاشا لجودك أن تردَّ توسُّلي=أو أن يظلَّ الكون ُ يشكو الظَّالما
ولها لها أدعوك يا ربَّ الهدى= علِّي أرى أَنْفَ المُكابر راغِما
الحقدُ يغزو بالدّمارِ العالَما= وأنا بحبِّي سوف أغزو العالَما