خذني إليها أشمُّ الجُرحَ مُلتهبا = ولا أبالي بعُمرٍ بعدهُ ذهبا
أليسَ حسبي منها أنّها ادَّرَعَتْ = بالكبرياءِ، وما أغلتْ لها سببا!
درعا، وأيُّ زمانٍ لم تُعزَّ به = ولم يُنِلها به أبناؤها الأربا!
روحُ الجهادِ تبدَّت في مرابعها = من بعدِ أن ظنَّهُ أهلُ الضّلالِ خَبا
خذني إليها، إلى ما ثارَ من دمِها = فأيقظَت في دِمانا نحوَها الغضَبا
أجلْ غضِبنا، ولم نبرحْ لها غَضَبًا = وإنْ جبُنَّا ولمْ نحملْ لها القُضُبا
خذني إليهِ ثرىً ذرَّاتُهُ طَهُرتْ = بما رواهُ دمٌ في عزِّها انسكبا
ما ضرَّها أن جَبُنَّا وهيَ صامدةٌ = ولم تبالِ بما قد آثرت عَطَبا
كلُّ الجيوشِ التي في محوها احتشدَتْ = لم تُثنها عن إباءٍ يقذِفُ اللّهبا
إن لم تكُنْ كُفْءَ من حولها احتشدوا = فإنّها ملَكَت للحاشدينَ إبا
خذني إليها إلى حورانَ مُتّقدًا = فيها الإباءُ الذي في غيرها اغتُصبا
خذني إليها ثواني عِزِّها حِقَبٌ = عليَّ بشمِّ ثراها أملِكُ الحِقَبا
وحسبُ عمريَ أنّي جئتُ ألثمُهُ = من قبلِ يومٍ ترى عمري بهِ انقضبا
وحسبُها كبرياءً إن تكُن عثرَت = أنَّ النَّصيرَ المُرجَّى ساندَ الغُرُبا
لسوفَ يبقى بنو حورانَ مُذ خُلقوا = أهل الجهادِ، وإن لم يُحرزوا الغلَبا
وسوفَ يحيا بنو الأعرابِ ذلّتهم = عبرَ الزَّمانِ فهُم من شوَّهوا العربا
فهُم أشرُّ من الأعداءِ إذ جهدوا = لكي يكونوا لدى أعدائهم ذَنبا