في 1986 تخيلت أن الفرج قريب وأن يومه آتٍ فكتبت عنه هذه القصيدة وكيف يكون والحمد لله أن كان كما تخيلت:
عاد السجين إليك اليوم يا دار=وشاقه ذكرياتٌ ثم آثار
وليليك الدامس المسود جانبه=طواه ليل وإشراق وأنوار
كأنك اليوم بستان وقد عبقت=فيك وفاحت ثم أزهار
وأقبل الصحب يا لهفي لرؤيتهم=يعانقون ودمع العين مدرار
بعد الغياب بسجنٍ لا طريق له=ولم يرد نبأ عنا وأخبار
عيدٌ وأجمل من زهوٍ ومن فرحٍ=لا بل وأروع صرح الظلم ينهار
وراية الدين والإسلام خافقةٌ=ونحن طرا لدين الله أنصار
ودولة الظلم والإرهاب قد سقطت=لا قيد لا سجن كل الناس أحرار
فاجهر برأيك ما في الدار مسترق=للسمع أو ناقل الأخبار ختار
والأمن في ظله الغفيان يغمرنا=ولم يعد ثم عند الفجر زوار
كما وعادت إلى الأوطان حرمتها=والروح والدم يفديها ولا عار
وزال من كان بالدولار يرخصها=فلن يدلل بعد اليوم سمسار
وقد علمت بحق صدق قائلنا=إن الزمان على الباعين دوار
قال الأحبة أخبرنا فكم حدثت=مجازر وطغى هول وإعصار
في سجن تدمر والصحراء وكم ضمنت=ونام فيها أجلاءٌ وأطهار
فرحت أروي حديث السجن في ألمٍ=والجو اغبر والأصحاب قد ثاروا
آهٍ تمزق قلبي كلما خطرت=ذكرى الشباب وفي الأحشاء أوار
ماذا أكتب شعرا عن مذابحهم=بحرٌ من الدم في الصحراء فوار
منها ثلاث مئين راح يردفها=خمس وتسعون نحو الحبل قد ساروا
في شهر تشرين قرباناً لثورتهم=أو ما يسمون بالتصحيح قد صاروا
يوم بتدمر مشهود ومعتكر=منه الجوانب بالأهوال هدار
ودعت أرقى شباب زان نبعتنا=شهب تعالت وأعلامٌ وأقمار
كأن قلبي غداة البين إذ رحلوا=من روعة البين والتقيد أعشار
مذابح في فناء السجن نفذها=وغد حقود دنيء الأصل غدار
كواكب في سماء المجد أسقطها=حكم النصيري وأوربا له جار
ولم يكفوا فما زالت مشانقهم=تلوي الرقاب وحبل الظلم جرار
من الشباب ألوف في سجونهم=بل في مساكنهم والدم أنهار
مثل الشياه أعدت بل يجهزها=للحبل والعود والتعليق جزار
إخوان تدمر لا تنسوا فجائعكم=وكيف والجرح لن يخبو له نار
يضج في العمق ولآلام تضرمه=والدم منهمر منه ومغزار
شباب تدمر يا أبطال ثورتنا=وأنتم اليوم أحرار وثوار
وقادة الفكر ما زاجت مبادئنا=وباركتها من الإخوان أفكار
أرجو رجاءً عظيماً من سيادتكم=إذا خرجنا وساق السعد أقدار
أن تجعلوا من حديث السجن مدرسةً=ومنهجاً فيه شحن الجيل والثار
حيث الأمانة تقفي أن نؤديها=وكم علينا بنو حمدان قد جاروا