عادت الذّكرى وإسلامي سجين وطلوع الفجر حولي لا يبين
أيّ ليلٍ لا يرى فجرٌ له غيرَ هذا الليلِ ليلِ الحائرين ؟
*****
قد تغشّانا ظلامٌ حالكٌ=ولبسناهُ على قهرٍ لعين
وتمطّى اللّيلُ يلقي ثقله=ليس من نورٍ بدرب السّائرين
أين بدرٌ فيك يا ليلُ اختفى=قد عهدْناهُ كأنوار اليقين ؟
قد رقبناهُ هلالاً نامياً=وارتقبناه بشوقٍ وحنين
كي نراهُ البدْرَ في هالته=ولُجَينُ النّور يُغري السّامرين
غيرَ أنّ البدرَ قد غيبه=قدَرُ الله بسجن المعتدين
أنت يا إسلامُ بدرٌ يُهْتدَى=بك في درب دُعاة عاملين
كم فتىً أنقذته من عَمهٍ=فاهتدى واختار درْب العابدين
كنت في النّاس أريجاً وشذاً=من أزاهير رياض الصّالحين
كنت مِعوانَ ضعيفٍ بائسٍ=كنت للصَّحب وفيّاً وأمين
كنت للتّائه نبراسَ هُدَىً=كنت في الحقّ صَفاةً لا تلين
كنت روضاً فيه ظلٌ وارفٌ=فيهِ ما يُحيي نفوسَ اليائسين
أينما كنت فغيثٌ هاطلٌ=يُنبِتُ الخيرَ وزهْرَ الياسمين
أيعود البدرُ يُسْفر وجهه=وينير العمرَ عمر الوالِدِين ؟
ويَسُرّ الأهلَ أختا وأخاً=وهُما واللهِ خيرُ المخلصين
ومُحبين ،وكلّ حافظٌ=لك عهدَ الوُدّ والحبْلَ المتين
غيْرَ أنّ النّأيَ قد جرّعنا=علْقماً عُقباهُ همٌّ وأنين
بعد ما كُنّا انتشينا لحظةً=بشراب القرْبِ والماء المَعين
ونعيمُ القرْب من إسلامِنا=منّة الله ، إله العالَمين
* * *=* * *
نسأل اللهَ بأن يبْدِلنا= من هجير النّأيِ ظِلَّ الآمنين
ويعودَ البلبلُ الشّادي إلى= روضة الأهل وحِضنِ الوالِدِين
ونراهُ بانياً عشّ الرّضا= وفراخ العشّ أحلى ما تكون
ليس هذا بخيالٍ طائرٍ= أوَ ليس اللهُ مولى المؤمنين ؟
فغداً يرجع إسلام النّهى=وغداً يطلع كالصّبح المبين