وفي عام 1986 وما فيه من جوع وحرمان وأمراض وتعذيب وكل ما يخطر على بال من إهدار الآدمية كتبت هذه القصيدة:
خطوب في سجونهم جسام=وأهوال تروعنا عظام
وسجن في القواء وأي سجنٍ=شباب بالألوف به ينام
يموت البعض بالتحقيق جلداً=إذا جد اعتراف واتهام
بجلدٍ بالسياط وفي عصاةٍ=وفي جذع تدق به العظام
ومن خوفٍ ومن جوعٍ وبردٍ=به الأمراض تفتك والسقام
رد يعصف بالبقية يا رفاقي=قبيل الصبح حيث بدا الدوام
مشانق شيدوها ما ثلاثٍ=وللأهوال في السجن احتدام
ومما قد لقيت كما ولاقى=على أيديهم الجيل الهمام
حلفت ولن أكفر عن يميني=سيبقى الحبل ما بقي النظام
وسيف الحقد منهم جد ماضٍ=وكم سهمٍ أصاب وكم حسام
شباباً مثل زهرٍ من حمالٍ=ومن طهرٍ ملائكةً كرام
وأما في الصفاء فخر ذلاً=لهم غيث ودان له الغمام
سأذكرهم وأبكيهم بشعري=إلى يومٍ يوافيني الحمام
وأمدحهم وأرثيهم وكلي=لهم حب عظيم واحترام
قناديل المساجد من ضياءٍ=ونور البدر مكتمل تمام
تجلى ثم أشرق في بلادي=فزال الليل وانقسع الظلام
إذا بالخسف يعروه فيهوي=صريعاً ثم داهمه اصطلام
بعمري الزهر يا كمدي ولهفي=تعفر روض حقلي والخزام
ومن في صرح دعوتنا عمود=ورأس الأمر فيها والسنام
شباب هب للإسلام يدعو=وهذا الناس من جهلٍ ينام
وأذن بالجهاد وراح يحي=تراثاً شان صفحته ركام
ولم ترهبه أقبيةٌ وفرعٌ=والهيجا ولا الموت الزؤام
يزين خطاه معرفة وعلم=وإدراك ووعي والتزام
وبالإخلاص والإخلاص سرٌ=مزيد لا يشق له قتام
فإن تسمع نشيجي لا تلمني=عليه فإن مثلي لا يلام
لأني من سقيت الغرس حتى=تماثل للثمار وذا الحرام
ذوى بقدوم حطاب غشومٍ=وللنيران من حطبٍ يسام
سلامٌ يا شباب الجيل مني=عليكم يتبعه سلام
وآلام عليكم لا تناهى=وحب في فؤادي مستهام
ولو فكرت بالتكريم يوماً=كما التكريم يلزم والقيام
بواجبكم لقلت اليوم شعراً=يطير بقلب سامعه الهيام
ولكني أصبر فيك نفسي=وقلباً هاله هذا المقام
ومعذرةً إليكم فاقبلوها=رجاءً أيها القوم الكرام