كلِماتٌ مِنْ رَشْحِ الصَّمْتْ
النَّهْرُ إرادَةُ رَبِّ الكَوْنِ فَكَيْفَ يُكَفُّ عنِ الجَرَيانْ
فَيَمُوتُ الزَرعُ وَيَنْتَحِرُ البُسْتَانْ؟
القِصَّةُ أَعجَبُ مَا يَروِيهِ لِسَانْ
أَتُرانِي أسْمَعُها وَحدِي؟
وَقَريبٌ مِنْ كَمَدِي لَحْدِي؟
وضَجيجُ الصّمْتِ المَكْلومِ يُدَوِّي:
أوَ تَبْتَلِعُ حُروفَ الرَّفضْ؟
مَلْهاةٌ تِلكْ،
قد تَسْحَبُ آخرَ شَهقاتِكْ،
نَحوَ الذُّلِّ أَوِ المَجْهولْ
قُلْها، لَنْ تُعذَرَ حِينَ تَقُولْ:
كانَ الصَّبرُ الأَمْنَ "القَوْمِيَّ" المَشْتُولْ
وَالحِصَّةُ: كُلُّ غَرِيرٍ شَتْلَةْ.. ثُمَّ انْطَلَقَ البَاطِلُ غُولْ.
وَالحَقُّ الأَبْلَجُ مَقْتُولْ؛
لا تَفْرَقْ مِنْ أنْ تَتَرَدَّى..في جَوْفِ حُروفٍ تَتَحَدَّى
إنْ تَشْرَقْ يَوْمًا في الحَلْقْ
إذْ تَخْشَى الحَتْفَ تَمُدُّ الكَفّْ
تَسْتَجْدي العَطْفَ بِكِسْرَةِ عُمْرْ
في المَوتِ حَياةٌ للآتِي مِنْ جَيْبِ الغَيْبْ
***
في الفَصْلِ التالِي يَنْهَمِرُ العُدوانْ
الغَيْمُ صَبِيبْ، وَالنَّهْرُ لَبِيبْ!
يُلْقِي الأغلالْ! يَتَحَرَّرُ مِنْ دَنَسِ القَيْدْ
أَزْرَى الفَيَضَانْ:
بِالآمالِ وبِالأحياءِ وبِالعُمْرانْ
بِجَمالِ الزَّنْبَقِ والوَردِ وَأحواضِ السَّوْسَنِ والفُلّْ
بِصَفَاءِ الغَارْدِنْيَا.. النَّرْجِسْ.. وَعَبِيرِ الكُلّْ
بِالكَدِّ الطَّالِعِ في الحَقْلِ سَنَابِلْ،
بِجَدَائِلَ مِنْ ذَهَبِ الشَّمْسْ
تَزدَادُ الغُصَّة.. تَنْبَجِسُ الدَّهْشَة.. يَنْخَرِسُ الهَمْسْ
فَبِلا اسْتِئْذانْ:
المَاءُ الآسِنُ في غُرَفِ القَومْ!
كَمْ كانَتْ تَعْبَقُ بِالعُودِ الهِنْدِيْ وَالعِطْرْ
وَدُمُوعِ شُمُوعٍ أَحْسَبُهَا تُنْبِيْ بِالغَدْرْ.
بِقُرًى ورُبُوعٍ، أَمْسَتْ قَبْرْ
لمْ يأبَهْ قُرصَانُ العَصْرْ
إذْ كانَ وما زالَ الزَّيْتْ.. مَعبُودًا وَالزُّلْفَىْ دَومًا ذَبْحٌ وَقُيُودْ
إذْ كانَ وما زالَ المَوْتْ.. مِعْرَاجَ الأحْوازِ المَرْصُودْ
وعلى الشَّاطِئْ:
مُلْقًى قِيثارٌ مَكْسُورْ
,,ما عادَتْ تَرْنُوهُ الحُورْ,,
ما انْفَكَّ يُرَجِّعُ أَلحَانًا مِنْ لَمْسِ الرِّيْحْ:
,,بِأَنَامِلَ شُفَّتْ مِنْ وَجْدٍ.. والأرضُ تَبُورْ,,
تُقْنَا لِفَرَاشَاتٍ رَفَّتْ .. وَكَواعِبَ فِي مَرَحٍ غَنَّتْ
وَالسُّنْبُلْ.. في حِضْنِ المَنْجَلْ
أَقْمَارِ حَصَادٍ لا تَأْفُلْ
والبَيْدَرِ في فَرَحٍ يَرفُلْ
لكِنَّ الخَشْخَاشَ امْتَدَّتْ،
يَدُهُ لِتُوَدِّعَ مَنْ يَرحَلْ.
***
في آخِرِ فَصلٍ يَشْتَعِلُ الإحْمَاءْ
وَالنَّبْذُ إلى البَاقِينَ على قَيْدِ الإحياءْ
مَنْ مِنَّا يَدْعُو هَاجِرَنَا،
حتى تنْشَقَّ حَناجِرُنا: تُقْنا لِلنَّصْرْ
في كَلْكَلَةِ الليلِ الدَّاجِي حَدَّ القَهْرْ
ضَاعَتْ بُوصَلَةُ الفَجْرْ
سَرَقُوا مِنْهُ العُنوانْ!
السُّوسُ تَعَمْلَقَ يا "نُوَّابُ".. فَسَوَّسَ كُلَّ الأوطانْ*
مَنْ مِنَّا يَنْحَرُ جِيْدَ الحَيْفِ فَلا يُلقِي مِنْ يَدِهِ السَّيْفَ لِكَيْ يُبْقِى
في السَّاحَاتِ وفي الوِجْدَانْ؛
أَقواسَ إدَانَاتٍ عَطْشَى، تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَاسْتَقْصَى مَنْجَاةً دَبَّرَها النِّسْيانْ
"قُومُوا مِنْ تَحتِ الرَّدْمِ" وأكدَاسِ الرَّمْلِ انْتَزِعُوا أَبْوَاقَ التَّغْرِيرْ
كَيْ تَبْدَأَ مَلْحَمَةُ التَّحريرْ
حتى لَوْ رَصُّوا مَشَانِقَهم صفًّا صَفَّا
للثأرِ مَنَارَاتٌ تُبْرِقْ.. حتَّى تُشْرِقَ شَمْسُ العَدْلْ
والنُّورُ نَذِيرْ
15/5/2019
*هو الشاعرُ العِراقِيُّ الثَّائِر: مُظَفَّرُ النُّوَّابْ
الغَرير: غيرُ المُجرِّب ... الزُّلْفَى: القُرْبَةُ والمنزِلة.... النّبْذُ إلى: الإعلامُ بِأمرٍ ما
وَيَحدُثُ أن يكتَشِفَ قراصِنةُ الأوطان، النّفطَ تحت مَجْرَى نَهر الهُورِ العظيم، فيُقيموا السدودَ لِتيسير الوصول إلى الزيت، فَتُضرَبَ الزراعةُ في الأهوارِ في مَقْتَل، ثم ينهمرُ الغيمُ، فيفيضُ النهرُ الذي تَحوَّلَ إلى مُسْتَنقَع، ويُغرِقُ القُرى بالماءِ الآسِن، والقمحَ في موسمِ الحَصاد، دونما إنْقاذٍ مِنَ المسؤولينَ للأرواحِ والمُمْتَلكاتِ، سِوى لُهاثِ الناسِ لِحِمايةِ أنفُسِهم بسواتِرَ من أكياسِ الرمل، أمَّا التعويضات فكانتْ فِريةً كبيرةً يقتسِمُها المُتَضَرِّرون، والأدهَى: أن الفيضان الزاحفَ قد اجتاحَ قُرًى عراقيةً فأغرقها بالكامِل، وما زال التهديدُ مُستمرًّا لعددٍ كبيرٍ من المُحافظاتِ العراقية، أهمّها دِيَالَى وبغداد، وحقلِ نفطٍ عملاقٍ في البَصرة.
وسوم: العدد 825