ذهب الليل وكنت الساهدا=في ثناياه وكنت الراقدا
مرة أصحو وأخرى أنطوي=في فراشي وهمومي خامدا
شاكراً ربي على نعمائه=قائماً بين يديه حامدا
لائماً عزمي لوهن شابه=وأنا أرجوه دوماً رائدا
ومضى الليل كسولاً قلقاً=بل بدا لي من همومي عائدا
ناقماً مثل عدوي غاضباً=حانياً مثل صديقي ذائدا
وهموم الليل إذ تغشى الفتى=مارد منها ينادي ماردا*
أذن الفجر فهبت نسمة=كشذا المسك ندياً باردا
وكسا الآفاق حسناً شائقاً=ماثلاً ملء المدى أو شاردا
فغدا الكون جميعاً معبداً=وغدا الخلق جميعاً عابدا
تالياً أو باكياً أو راكعاً=خاشعاً أو ذاكراً أو زاهدا
كلهم يرنو إلى مبدعه=ويراه في علاه الواحدا*
شرب الناس مع الكون الرضا=وأنا منهم فكان الطاردا
لهمومٍ كنَّ وهماً وونى=قد ألفناها وكان القائدا
للمدى يتلو المدى من رحمة=دونها البحر تراه مائدا
فاعترانا الوجد في ريعانه=فاحتشدنا إذ أتانا حاشدا
مطلقاً عزماً مثيراً همة=موقداً فينا جذانا جاهدا
فإذا بالكون يهوي ساجداً=وأنا كالكون أهوي ساجدا
والورى كالكون خروا سجَّدا=وأذان الفجر يرنو شاهدا*
سجدة زكَّتْ حياتي جعلت=كل ما فِيَّ نقياً راشدا
طيبها أمداؤها آلاؤها=واعد بر يؤاخي واعدا
هبة كانت سيبقى في دمي=حسنها ما عشت نضراً خالدا*
سجدتي الغراء يا من كنت لي=صهوة تعلو فأعلو صاعدا
هل تريني باقياً في عرشها=أم تريني عن علاه حائدا