وبمناسبة المولد النبوي الشريف عام 1988 كتبت هذه القصيدة وألقيتها على الشباب في صباح يوم المولد
ربيع أقبلت في عزٍ وفي شمم=تزف مولد هادينا وبالكرم
ربيع أنجبت ما يهفوا الكبار له=من المعالي ومن خلقٍ ومن قيم
نزلت سهلاً ويا أهلاً بمقدمكم=ومرحباً من بني الفداء كلهم
فجرٌ يتيه على التاريخ مطلعه=عبر العصور ويبقى مثلما العلم
لما تجلى ولاح النور معترضاً=في الأفق يطوي فلول الليل والظلم
تزلزل الشرك بل خرت قواعده=من الطواغيت والأنصاب والضم
وإذ بمكة قد تاهت ومن طربٍ=تهدي التحيات جيراناً بذي سلم
ورفرفت راية التوحيد عاليةً=على أعالي الجبال الشم والقمم
يا مولد النور والجهل البهيم عتى=واللات تعبد حول البيت والحرم
وداحس نبرت الغبراء في سبق=فشبت الحرب ترويها بحار دم
كنا البسوس وكم راحت ضحيتها=من تغلب من بني بكر بني جشم
والروم ي آسن اللذات قد عزموا=والفرس في بؤرةٍ من سيلها العرم
فكان ميلادكم نوراً ومكرمةً=للعالمين ونبراساً إلى الأمم
وتلك بعثتكم بر ومرحمةٌ=بالبائسين وبالأيتام والرحم
مهما تكلمت عن طه ومولده=شعراً ونثراً ومهما صغت من كلم
فلن أوفي له حقاً وتكرمةً=أو أن أصور فيه جانب العظم
لكن أسير على نهج الأولى وصلوا=على سأقبك في الأتباع والخدم
وما أسطر من شعرٍ ومن أدبٍ=وحي من القلب أمليه على القلم
رغم الهموم التي في السجن أحملها=وما أكابد من ضمٍ ومن ألم
إن لم أذق لوعة التعذيب في جسدي=أذوقه في حرٍ وملتزم
ثبت الجنان كريم الأصل معتمدٍ=مرابطٍ وبحيل الله معتصم
قرمٍ أبيٍ من الإخوان يا أسفي=عليهم في سجون المجرم الغشم
من الذين أحب الأرض تحتهم=وألثم الرأس إجلالاً لقدرهم
وأهجر الناس كل الناس لو وقفوا=يوماً على صعدٍ حرباً لفكرهم
ومن إذا فرج الرحمن كربتنا=سأملأ الأرض من شعري بمدحهم
فأطرق الرأس طول اليوم من كمدٍ=وأقطع الليل أرعى سامر النجم
يا سيدي ضاقت الأرجاء قاطبةً=والسجن يفتك فتك الذئب في الغنم
والسقم برح في الأجسام دون دوا=من مفرق الرأس حتى أخمص القدم
والقلب في على جمر الغض شويت=حباته ولهيب الهم والإزم
فنظرةً يا أبا الزهراء حانيةً=منكم إلينا بشهر المولد البسم
إن توج الله بالتمكين محنتنا=وبالقبول وهذي أعظم النعم
ورفرف الأمن بعد الخوف وارتفعت=بيارق النصر فوق القاع والأكم
لأرجعن إلى داري ومكتبتي=وأنهل العم في حبٍ وفي نهم
وأن أحول بيت الله جامعةً=والمسلمين كبحرٍ هاج ملتطم
ولم يكن ليفت السجن في عضدي=أو يضعف العزم أو يعدو على السهم
أجل وأسعد أياح وأكرمها=وزينة العمر يوم الثأر والنقم
من الخصوم الألداء الألى قتلوا=زينة الشباب اختناقاً في سجونهم
والله ما روضته خضراء ضاحكة=تربوا وتروى بماء الغيث والديم
هب النسيم عليلاً في أصائله=على البراعم والأفواف والنجم
والعطر قد فاح في أزكى روائحه=ومنظر يبرئ الأجسام من سقم
أحلى على القلب أو أشهى إلى نظري=من قصف تل بني حمدان بالحمم
سعياً إلى الله بل ثأراً لدعوتنا=وللشباب الذي في سجن ققفر طمي
ولليتاح واللأم التي ولدت=بالفزع ظلماً وللأعراض والحرم
وللمصاحف قد ديست بأحذيةٍ=ومسجدٍ في حماة المجد متهدم
كم روعوها وراعوا شعبها سحراً=وكم غزوها فلم تغفل ولم تنم
قد حولوا السوق ترسانات أسلحةٍ=وحولوا الحاضر الباهي إلى رسم
حماة يا حسن سوريا وشوكتها=أشكو إلى الله ما لم يخف من ألم
والله ما خطرت ذكراك في خلدي=ولأجلست إلى أبنائك الشهم
وحدثوني عن المأساة فاغرةً=فاها تزمجر كالآساد في الأجم
وما رماك بنو حمدان رأد ضحى=بوابلٍ من سحاب ومن سهامهم
إلا وحشرج حلقي في الحديث كما=سحت عيوني بدمعٍ ذارف سجم
وفي شباط قضيت الشهر منتحباً=على المصاب وجرحٍ غير ملتئم
مكبل وأسير ليس لي حيلٌ=كأنني صارم في كف منهزم
حماة لا تيأسي من نكبةٍ عظمت=جل المصاب بيوم النصر كاللمم
عهداً سنثأر والقرآن رائدنا=من الملاقيط والأقزام والوخم
يا سيدي يا رسول الله ادع لنا=أن يكشف الله عنا غمة الغمم
حزب الإبادة والتمويث من سغبٍ=لا بعث شعب من الأجداث والعدم
أمينة العام لقط وابن طائفة=من أتفه الناس في عصري ومن قدم
وأمه حيث لا إمكان واحدةٌ=والزوج يحصر في ألفٍ ونصفهم
عدا على الصفوة الأخيار في بلدي=من كل أروع طلق الوجه مبتسم
تزينه سنة في الوجه أطلقها=رمز العفاف ورز الطهر والحشم
والله ما عشت لن أنسى وداعهم=إلى المشانق في صفٍ ومزدحم
بل سوف أملأ سوريا بلحمةٍ=تهيج الناس إعصاراً بذكرهم
وأن تكون إلى الأجيال قادمةً=منهاج سيرٍ وضوءاً في حياتهم
أيضاً وشحناً وإلهاب المشاعر في=تلك المآسي ويبقى الثأر في ضرم
شباب تدمر لا تنسوهم أبداً=وأنتم اليوم مقصودون بالنغم
وقد عرفتم بني حمدان عن كثبٍ=والحقد منهم وكيد الخصم والحكم
وما يكنون من ضغنٍ ومن إحنٍ=ومن براكين تغلي في صدورهم
وغرفة الحكم كالتنور جاهزةٌ=بعدة الحرق للنار في وقتهم
وكيف كان سليمان يسعرها=ويطلق الحكم في ظلمٍ أصم عم
وكم قوائم للإعدام قد قرئت=ضحىً على سمعكم مجهولة الرقم
من أجل هذا سأوصيكم بتوصيةٍ=والعيش أصبح ذا مقتٍ وذا سأم
بعد الشباب وأرقى الناس منزلةً=وما على ما بقي في العمر من ندم
خذوا الوصايا وإني سوف أقرأها=على مسامعكم جهراً بملء فم
إذا سمعتم نداء الحرب مسعرةً=لبوا النداء على الأقساط والقدم
لا تقربوا فيهم إلاً ولا ذمماً=وإن رقبتم فهذا أخفر الذمم
أو تتركوا عندكم من رحمةٍ أبداً=أو من تريث عند القتل أو حلم
أو تسمعوا لومةً من لائمٍ أبداً=لو كان يدرك عمق الجرح لم يلم
بل صيروهم كأبراج قلدسةٍ=وحولوا القاع والوادي إلى أكم
واشفوا الغليل فإن القلب محترق=وأطفئوا ناره من نهر دمهم