ثقة طارق بقوة اليقين غلبت ثقته بقوة السفين، فلاذ به، ففاز بالنصر المبين.
([1]) من وصايا الصديق العبقرية: "اطلب الموت؛ توهب لك الحياة".
([2]) شوقي.
([3]) تغسق: تظلم.
([4]) شوقي.
في ليلة آلاؤها تتألقُ = والسعد فيها كالأماني شيَّقُ
وأنا بها في وحدة ميمونة = والعقل فيَّ مغرِّبٌ ومشرق
أبصرتني أطوي الزمان القهقرى = فإذا بطارقَ في المضيق يحدق
وله مطامح جمَّة ونبيلة = وهو الفتى بالباهرات مطوق
مما به من عزمة وجراءة = وكأنها في أصغريه فيلق
والبحر يخشاه ويرقب خطوه = ويكاد في لجج المخاوف يغرق
والهول يحذر صمته ويخافه = وكتائب الإسبان منه تفرق
الفتح أرقه وأسهر ليله = فالنوم أوشال وهمٌّ مقلق
والناس هذا بالخسيس مُسَهَّدٌ = يشقى وهذا بالنفيس مؤرَّق
بوركت طارق أرقتك عزيمة = ترنو إلى غر الفتوح وترمق
أبصرت سعداً والمظفر خالداً = ورأيت أنهما مثال يبرق
فحلفت إنك في خطاهم سائر = وفعلت إن الحر دوما يصدق
* * *=* * *
ظل الهدوء بطارق متحفزاً = كالصقر يعلو تارة ويرنِّق
متسائلاً متقدماً متأخراً = والقلب للرحمن عانٍ مطرق
من أين أبدأ من هنا أو من هنا = والبدْءُ أولى بالحصيف وأليق
وإذا اليقين مسارعاً ومنادياً = البدء مني إنني لك موثق
أحرق سفينك فاستجاب لأمره = حاديه قلب لا يهي أو يقلق
النار أحرقت السفين وأحرقت = وَهَنَ التردد فالتردد موبق
ومضى الهمام إلى الجنود مبشراً = ومحذراً ومقاله يتألق
ألقى عليهم عبقري بيانه = والفعل منه رائع والمنطق
"أين المفر" عدوكم في وجهكم = ووراءكم بحر خِضَم محدق
كونوا الأسود الضاريات وفتية = الفأل قبل الخيل فيهم يسبق
موتوا تسودوا([1]) رُبَّ موت صانعٌ = للناس أعماراً تطول وتغدق
صار المحال لديه طوع بنانه = فالعزم صيره دمىً تتمزق
والعزم من قدر الإله كتيبة = من كادها فهو الجهول الأحمق
* * *=* * *
قاد اليقين الجيش واحتدم الوغى = فإذا لواء النصر عالٍ يخفق
وجنوده أسطورة مصدوقة = تمضي الدهور ومجدها لا يلحق
ميمونة مبرورة منصورة = وحضارة تبني وصرح يسمق
وإذا ديار المسلمين بشائر = وعرينها دار الخلائف جِلَّق
* * *=* * *
لما رأت أرضُ الجزيرة طارقاً = عشقته فرحى والبطولة تعشق
وسباه منها دلُّها وجمالها = "فأتتــه شيقة حواها شيق"([2])
أهدته أطياب الربيع وقبلة = نشوى عليها حسنها والرونق
أما هداياه وجلَّ جلالها = فالله، ثم الود، ثم الزنبق
فإذا هما وصل يضوع طهارة= في الشمس تشرق والليالي تغسق([3])
وتلاقيا لقيا معادن قد علت = العبقرية فيهما تتخلَّق
أما البنون فأشبل وفوارس = أفراسهم سباقة والأينق
آثارهم أخبارهم أشعارهم = أسمارهم في حسنها الإستبرق
شاب الزمان ولم يشب لألاؤه = فانظره تبصره الصبا يتأنق
في كل شبر في الجزيرة شاهد = عدل يكاد الصمت منه ينطق
آلى ولم يحنث: براعة طارق = أعجوبة عزت وليست تخلق
قد زانها قبل السيوف وفاؤها = والعدل قبل المسك منها يعبق
كانوا شميم الورد أول أمرهم = وغدوا أرق شميمه إذ عُتِّقوا
إن يلتقوا فعلى العفاف لقاؤهم = وهم الأعف إذا مضوا وتفرقوا
وإذا علوا لم يظلموا من دونهم = أو يبطروا أو يسرفوا أو يحمقوا
وإذا وهوا لا يمكثون أذلة = بل يرجعون وقد أعدوا واتقوا
لا تعجبنْ إن اليقين ملاذهم = وغياثه فيهم سيول دُفَّق
وصباحه يأتي كأنداء الضحى = ومساؤه سعد وروض مورق
قد بارك الرحمن فيهم فعلهم = ومقالهم وهمُ بذلك أخلق
* * *=* * *
إن اليقين عواصم وقواصم = تحمي وتعلي أو تبيد وتمحق
هو من قضاء الله كفٌّ برة = إحسانها كالشمس لـمَّا تشرق
لوذوا به يا مسلمون فإنه = في الهول من كل الصوارم أصدق
ولتقبسوا من طارق أمثولة = نجتاز فيها وَهْنَنَا ونحلق
في العزِّ نبلغ هامه وتمامه = وبنا سيعلو إذ يرانا نخلق
مجداً أجل جلالة ومهابة = متفوقاً قد شاده متفوق
يبنيه محتسباً بهمة أروعٍ = "والله من فوق البناء يوفق"([4])