مورِدٌ طابَ في يديْهِ الهناءُ = وبه الشَّهدُ طابَ والسَّقَّاءُ
والمودَّاتُ فيه مزدهراتٌ = يَتَثَنَّى بِحُسْنِهِنَّ الإياءُ
لاتَظُنَنَّ في المذاهبِ خيرًا = فعطاهُنَّ للتبابِ سواءُ
فعلى نهجِها البئيسِ جديبٌ = منه أهلُ الهدى الكرامُ بَرَاءُ
إنَّ أولى بالخيرِ رحمةُ ربِّي = ليس فيها عن النعيمِ افتراءُ
فاسدلوا السِّترَ ياكرامُ على الشَّرِّ = ففيه الحِرمانُ والإيذاءُ
ودعوا الخيرَ في شريتِنا الغرَّاءِ = تهمي بدفقِها النَّعماءُ
في إخاءٍ بين الورى هو أجدى = للمودَّاتِ أهلُها ما أساؤوا
وابعَثَنْها رسالةً لاتُحابي = إنْ تَعَرَّتْ من زيفِها الآراءُ
واحذَرَنْ مِمَّنْ قد يعيشُ بخبثٍ =إذْ تَبَنَّتْ فسادَه الأحناءُ
لاتكنْ من ندمانِه فالمعالي = ليس فيها للمرجفٍين ثناءُ
أو ظهيرًا للجاحدين بيومٍ = إنَّ ذنبَ الجحودِ خُسْرٌ وداءُ
هو عهدٌ للهِ لم يَتَصَرَّمْ = في صدورٍ ماضَرَّها الإيذاءُ
وهو اللهُ جلَّ ربي قديرٌ = والطواغيتُ إذ يشاءُ هباءُ
والصراعُ المشبوبُ أوقدَه الكِبرُ = ونالتْ من جمرِه الأتقياءُ
هي حربٌ أثارَها الحقدُ لكنْ = سوفَ تطويه السُّنَّةُ العصماءُ
والأقليَّاتُ التي ليس تُؤْذَى = فحقوقٌ يصونُها الأوفياءُ
والملايينُ أنْفَقَتْهَا جيوبٌ = أفرغَتْهَا من الهدى الأهواءُ
فعلى هؤلاءِ لعنةُ ربِّي = حيثُ حلُّوا وَلْيُلْعَنِ الأدعياءُ
فعليكم بني الأُخُوَّةِ في الله = فروضٌ يطيبُ فيها الأداءُ
قد تباهتْ بكم عصورٌ تَوَلَّتْ = وتسامتْ فصولُها الغرَّاءُ
وعليكم ظُلْمُ الطغاةِ تمادى = وعليكم صُبَّ الأذى والبلاءُ
وعليكم كلُّ الطوائفِ شَنَّتْ = حربَها ، واسْتُبِيْحَتِ السَّمحاءُ
وأهانوا تراثَكم واسْتَخفُّوا = بالمثاني ، ولن يُوارَى السَّناءُ
وأشاعوا سوءَ الفسادِ ، وردُّوا = ماأتَتْ من آياتِها الأنبياءُ
فأفيقوا يا أيُّها المسلمون اليوم = أنتم للمكتوين شِفاءُ
وأعيدوا نهجَ المآثرِ كانت = للمزايا عُشَّاقُها النُّجباءُ
فعلى البِرَّ والمودةِ عاشوا = فازدَهَتْ بالتَّراحُمِ الأرجاءُ
ما ألانوا أيديهُمُ لِعدوٍّ = أو أُعينَ الأراذلُ السُّفهاءُ
أو جَفَوْا شرعةَ الحبيبِ لخطبٍ = قد عراهم أو جرَّهم إغواءُ
حفظَ اللهُ شأنَهم فتعالى = وَحَبَتْهُم من زهوِه أفياءُ
فاستَظَلَّتْ بها الشعوبُ ونالتْ = إذْ تَدَلَّتْ بخيرِها النَّعماءُ
هكذا فطرةُ الخلائقِ تهفو = لقلوبٍ أغنى غِنَاها الإخاءُ
فيُوالون مَن له مُؤْثَرَاتٌ = في حياةٍ ما ماتَ فيها الشَّقاءُ
ذلكم من فيضِ الإخاءِ ولولا = ذا الإخا ماتوَدَّدَ الغرباءُ
أسعَفَتْهم أخلاقُ قومٍ أجادتْ = في مغانيْهُمُ اليدُ البيضاءُ
إنما المؤمنون إخوةُ عيشٍ = إن عَرَتْهُم في الفاقةِ الأسواءُ
أهلُ ما للإيثارِ من رحَمَاتٍ = وَ بِوُدٍّ تُسْتَجْلَبُ الآلاءُ
لم يكنْ موطنُ الكرامِ يُجَافي = مَن يُعادي ، فللقلوبِ عَمَاءُ
كم من الناسِ قد صَحَوْا إذْ دعاهم = فلهذا التسامحِ الإبداءُ
وأُناس خاضوا العداوةَ كِبْرًا = فَهُمُ عندَ ربِّهم أشقياءُ
بئسَ من قومِنا الذين اسْتُذِلُّوا = للأعادي غَرَّتْهُمُ الحلواءُ
فمع الخائضين أَلْقوا خطاهم = حيثُ ضَجَّتْ بالخِسَّةِ الأصداءُ
قُلْ لهم : بل للخيرِ مِلَّةُ إبراهيمَ = تُرْجَى ونهجُها أدواءُ
هو دِينٌ للأنبياءِ جميعًا = وبهذا التوحيدِ يحلو اللقاءُ
ليس هُودًا كان الورى أو نصارى = إنَّما صِبغَةُ الإلهِ النَّقاءُ
فاعتصامٌ بحبلِه واجتماعٌ = وتآخٍ لايعتريه التواءُ
و دعاءٌ من القلوبِ حفيٌّ = بالإخاءِ المحمودِ ليس يُساءُ
فأخٌ قد آوى أخاهُ لِضُرٍّ = فتناءى عَمَّنْ أُصيبَ ابتلاءُ
فالإخاءُ الميمونُ مِن هبةِ اللهِ = لقومٍ لربِّهم قد أفاؤوا
بالإخاءِ الأثيرِ يشتدُّ أزرٌ = والمحبون مالهم أخطاءُ
لايُجافون ، لايراؤون ، فالعروةُ = أسمى ، وللقلوبِ صفاءُ
قد تآخوا وأصلحوا ذات بَيْنٍ =وَهُمُ الخَلْقُ بالإخا سعداءُ
إنَّ هَدْيَ النَّبِيِّ بِرٌ و وُدٌّ = و وفاءٌ فما لَهُنَّ انْمِحَاءُ