غيابُ الأقمارِ
خلف دلف الحديثي
[email protected]
أقلقتُ صحْوي وغابَ الصبحُ منتظرا
عنّا ارتحَلتَ وما زال النهارُ ضُحىً
فثرثرَ الوَجعُ المختومُ في لغتي
غابَ الكلامُ ومنّي صُودِرت شفةٌ
الراحلونَ وعنّا غابَ خطوُهُمُ
نادَتْ دروبُهُمُ أقدامَ غيْبَتِهم
المزمعونَ عن الدُّنيا مغادرةً
قد شَحَّ ماءُ انتظاري في سواحلِهِ
الرّاحلونَ وإنّي لسْتُ أعْرفُهم
المبحرونَ ولا شيءٌ يواكبُهم
غابوا وأضرحةُ الأنفاسِ تحْضُنُهم
غابوا وما حضَرتْ إلا طيوفهُمُ
لن يحضروا فأتَتْ أبياتُ شِعْرِهِمُ
لن يحضروا وبنا ارْتابتْ قصائدهم
فاصّبَّرَ البوحُ مبتلاً بشهقتِه
يحاولونَ مع الموتى محاورتي
مبعثرونَ على وديانِ لوعتِنا
يا أيها الريحُ ذرِّي خيطَ قافيتي
ما قلت شيئاً وما زالتْ تحاصرُني
فاسْودَّ قلبي وقمصاني مهرَّأةٌ
يعقوبُ ما زلتُ من همٍّ أطيحُ به
صدّقْتُ رؤياكَ لكنَّ الذئابَ أتتْ
فغافلوا الوقتَ فانسلّتْ مخالبُهم
وقد تدلّى إليهم حبلُ كركرتي
يعقوب ما كنت إلا همس حوقلة
أنا امتدادُ دروبِ الخزن في بلدي
أنا اليتامى وأضوائي مبعثرةٌ
يا سيدي يا مزارَ الصوت أنت فمي
تأجّلَ الحبّ في ميدان أمتنا
أنا انتظارٌ وبابُ السجنَ منتظرٌ
فمَنْ سيوصدُ عن بغدادَ ما حملتْ
لا شكّ لا شكّ يوما من ملامحِها
لا بُدّ قدْحاَ سيبدو من حوافرِها
نحن ابتداءُ الردى في كل معتركٍ
بلى نموتُ ونسعى نحو غايتنا
لقد هززْنا جذوعَ الويلِ فاشتجرت
لا لن نموتَ ولن نفنى وإن جهدواوماتَ عن مرفأِ الأحزانِ منْ نَطرا
فعانقتْ دمعتي في رشقِها المَطرا
وغيْمُ قلبي غفا في مهدِهِ حَذِرا
وطينُ قلبي على أعتابِه انكسرا
وفي مساحةِ روحي أينعوا زهَرا
وليسَ إلا خُطاهمْ ترسُمُ الأثرا
واللاجوابُ لديهم راحَ واعتذرا
وما تزالُ ضفافي تُضمرُ الخبرا
وما رأيتُ سواهُمْ في دمي انتثرا
إلا وعودٌ بها حرفي قد اعتُصِرا
وأهلهم كسّروا بعدَ الرّحيلِ عُرى
وشاركونا بما قدْ قالتِ الشُّعَرا
تقيمُ حفلاً به قد نقرأ السورا
وأجّلَ السمعُ صوتاً كسَّرَ الدررا
فراحَ يرجِمُنا بالجُبِّ منْ عثرا
وكلّنا في رَحى أوجاعِنا انشطرا
منْ ذا سيجمعُنا قبل النوى زُمرا؟
عسى أراني به لو جئتُ معتذرا
أحزانُ يعقوبَ يرجو للخيالِ يرى
وما يزالُ حنيني يقتفي الأثرا
لآخرٍ عن دمي بعثرْتهُ صُورا
لبئرِ جرحي وكان الوقتُ مدّكرا
بين الضلوعَ ووقتي مرهقاً عبرا
لمّا أماطوا عن الحقدِ الذي كَبُرا
بها أُعينُ فمي بالنطق لو نهرا
مَنْ ذا سيجمعُنا في حُقِّهِ كِسرا
في كل أفقٍ وبعضي شبَّ مشتجرا
وكلّ صوتٍ سوى ما قلت ما ظهرا
وبعثرتنا المنايا عندها كِبَرا
سنابلَ العمرِ حتى يقطفَ الثمرا
من الحرائقِ أو منْ يدفعُ الخطرا
يلوحُ بدرٌ على أوجاعِنا سهرا
خيلُ الزمان ويلقي عن دمي الكدرا
ومنْ خطانا سنهدى للعدى الشررا
ولن نهادنَ مَنْ عنٍ موتِنا استترا
كلّ الرماحِ وقدنا للخطوبِ ذرى
لسوف نبقى لهم في الساحة القدرا