أيا دنيا
1- تحاولُ أن تُعيدَ ليَ الشَّبابا
فتوسِعُني على هِرَمي عَذابا
2- فكيفَ يشُبُّ من يمشي دبيبًا
وفي أوجاعِه أفنى الشَّبابا!
3- وما لي رغبةٌ في أن تراني
تراودني لكي أرِدَ السَّرابا
4- تقولُ بأنَّها بالأمسِ تابتْ
وصارت لا تُري إلا الصَّوابا
5- وهل يرجى من الدنيا متابٌ
وحلوُ مذاقِها كمْ كانَ صابا!
6- ولو يومًا على حالٍ أقامت
لَما نالت من النَّاسِ السِّبابا
7- فقلتُ وقد أثارتْ لي شجونًا
عليها كنتُ ألقيتُ الحجابا:
8- أيا دُنيا أما سُمِّيْتِ دُنيا
تزيِّنُ كلَّ ما كانَ الكِذابا!
9- فكيفَ اليومَ أرضى منكِ وعدًا
فخلِّي عنكِ يا دنيا العِتابا
10- دعيني هانئًا أحيا مشيبًا
به أرجو إلى اللهِ اقترابا
11- أرجِّي منه حسنَ ختامِ عُمري
لعلّي أنْ أنالَ بهِ الثَّوابا
12- وألمحُ ما به أبْلَتْ شبابي
وما حقَّقتُ من وعدٍ رِغابا
13- فيا دنيايَ ألفُ إليكِ عنّي
أحبُّ الشَّيبَ ما أبدى صِعابا!
14- ألَمْ يُقنِعْكِ ما ألفيتِ منّي
بأنّي اليومَ آثرتُ اللُّبابا
15- وقلتُ ولمْ يَعُدْ للقولِ معنىً
ألِفتُ اليومَ يا دُنيا العذابا
16- فهل سأكون ذا خُلُقٍ, ودينٍ
إذا أبديْتُ للشيبِ ارتيابا!
17- شبابي عِشتُهُ، وأعيشُ شيبي
وأهواهُ كما أهوى الشَّبابا
18- أُحِسُّ به اقترابي من رحيلي
إلى منْ مِنهُ لا أخشى عِقابا
19- هو الرَّحمنُ راحِمُ كلِّ روحٍ
يُنيلُ العفوَ منه لمنْ أنابا