في بداية معركة عين جالوت (25 رمضان 658هـ، الموافق 3 أيلول/ سبتمبر 1260م)؛ اقتحم التتار مقر قيادة المسلمين وأسقطوا لواءهم، فقفزت "جُلُّنارُ" زوجةُ السلطان "قُطُزٍ" قائدِ المسلمين، إلى اللواء فرفعته عالياً وهي تنادي: واإسلاماه!.. فاتقدت الحميَّة في المسلمين، وحملوا على التتار حملة صادقة، فكتب الله عز وجل لهم النصر المبين. ولا يزال هتاف "جُلُّنارُ": واإسلاماه!.. حيّاً في ضمائر المسلمين يدعوهم إلى البطولة والفداء.
أبصرتُها مثل الحسام مَضاءَ=والمُهْر يسبق ظله عداءَ
أما الولاء لدينها فعقيدة=وعزيمة تتجاوز الجوزاء
لما هوى للمسلمين لواؤهم=صارت لهم مثل اللواء لواء
رفعته تبكي تفتديه حمية=وسقته من دمها فزاد علاء
قالتْ لقد صنتُ اللواء وإنكم=أولى فموتوا دونه شهداء
سمع الجنود نداءها فغدوا به=رجع الصدى قدر الردى وقضاء
إذ كفكِ البيضاء بعد صيالها=صارت وجلَّ مصيرها حمراء
أورت بهم حب الممات شهادة=والنصر قسمة من أتوا بسلاء
فاستقتلوا وتعاهدوا أن يظفروا =أو يهلكوا في أرضهم كرماء
فأتاهم النصر العزيز مؤزراً=هبة من المولى زكت ورضاء
* * *=* * *
يا جُلُّنارُ غدوتِ فينا قدوة=نقفو خطاها فتية ونساء
أحييتِ فينا خولة ونسيبة =وسمية العصماء والخنساء
مضت القرون ولم تزالي عندنا=أعجوبة وبشارة حسناء
المسلمون تناقلوا أخبارها =والزهو يملؤهم صباح مساء
إن يُغْلَبوا عادوا بها أسد الشرى=أو يَغْلبوا كانوا يداً بيضاء
عودي بها ترجع فلسطين لنا=ونعد إليها سادة شرفاء
نطوي اليهود كما طوينا قبلهم=جيش التتار فأصبحوا أشلاء
جاؤوا ذئاباً أرضنا لكنهم =هلكوا عليها صاغرين قِماء