تقديم :
راعتني رائعة الشاعر الفلسطيني المفلق المفوه المجيد تميم البرغوثي التي مدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فحدثتني نفسي بالحذو حذوه بهذه القصيدة في مدح نبيّنا الكريم عليه الصلاة والسلام حبا وعشقا فيه ، ولا أقول أني قد عارضته وإنما نظمت على نفس البحر بنفس القافية ونفس الروي ، ولا أدعي أن شاعريتي تتعلق بغبار شاعريته، زاده الله عز وجل بيانا وإبداعا ورفع قدره بفضل تفانيه في مدح خير البرية عليه الصلاة والسلام .
فقلت بتوفيق من الله عز وجل وله المنة سبحانه :
وما وجدت بديلا عن هوى قمر = قد غاب عني سوى عشق الذي حمدا
ما شئت قل في نبيّ الله تمدحه = لن تبلغ الشأو ما قرّظته أبدا
ذكرت سعدى وشيبي فاحش لبدا = بهامة هرمت أعوامها عددا
قد شاب صاحبها شيبا له وضح = كأنه ما صبا من قبل أو مردا
ذكرتها وفمي فضّت أواضحه = كأنها ما حكت درّا ولا بردا
وسحّت العين بالتّذراف باكية = على التي زادني هجرانها كبدا
وما سلوت سعادي بالحسان ولا = ألفيت عن حبّها مندوحة أبدا
فرعاء والثغر وضّاح به لعس = وطفاء والحسن في أحداقها سجدا
زهراء فارعة كأنها قمر = والبان من قدّها يخفي لها حسدا
زفّت سعادي لغيري غير آبهة = بعاشق وله يشكو لها كمدا
قد ساءني أنها لم تبد ما كتمت = عنّي ولا صدقت في حبّها أبدا
فذقت بعد الذي ساءني ألما = من هجرها إذ أصاب القلب والكبدا
ورمت سلوي في أغيارها عبثا = فما وجدت لهم رفدا ولا مددا
فعشت أصبو إلى سعدى وأعشقها = حتى كسا هامتي شيب بها اتّقدا
ولامني في الهوى خلّ وعاذلة = وهل ألام على ما زادني كمدا؟
مهلا على لوم من يهوى ويحترق = بنار حب طغى ما خفّ أو بردا
هلاّ دعت لي بوصل كل عاذلة = أشفى به من هوى ما خفّ أو همدا
في الذكر أثنى عليه الله في سور = محمد خير من صلّى ومن سجدا
ما كان ند له فضلا ولا شرفا = حتى علا راكبا سبعا لها صعدا
ونال ما لم ينل جبريل من شرف = في سدرة نوره قد زادها وقدا
بمقدس أمّ رسلا كلهم سجدوا = خلف الحبيب جثوا فألهموا رشدا
من حسنه يوسف الصديق ملتمس = ما أودع الله من حسن به شهدا
نبيّنا سيّد والرسل تابعة = من هديه لوح موسى ناهل مددا
ثم الزبور الذي من قبله صحف = تتلى وإنجيل عيسى راجيا سندا
من المثاني بهدي الله هادية = إلى صراط سويّ للورى وجدا
نبيّنا ما له في الخلق من شبه = هو الحبيب الذي بالخلق قد عهدا
ترجى شفاعته إذا غلت سقر = وقودها بشر بالنار قد صهدا
من للعصاة سوى المختار ينقذهم = من شر قارعة ويل لمن صفدا
وويله إن بغى في الأرض يفسدها = وويل طاغية عن دينه التحدا
نبيّنا قد أتى للخلق يرشدهم = بهديه ناصحا يسدي لهم مددا
ميلاده آية في الكون ماثلة = أحداثها عجب من مثله ولدا ؟
إيوان كسرى تداعى وهو منصدع = وانشق بدر في عليائه رصدا
تظلّه في سماء القفر سابحة = من السحاب إذا ما قام أو قعدا
درّت شياه بني سعد له لبنا = أحيى الإله لهم ضروعها رفدا
خير البرايا عظيم في سريرته = وقوله صادق وخير من وعدا
يرعى الأمانة برّ في مقولته = للخلق مرحمة وخيرهم مددا
في الغار خاطبه جبريل مؤتمنا = بالوحي علّمه الماعون والمسدا
دعا إلى الله كفّارا وقد جحدوا = ربّ الورى القاهر المعبود والأحدا
سبحانه خالق الأكوان مبدعها = رب الأنام ولم يولد ولا ولدا
أصنامهم عبدوا والشرك طوّقهم = بئس العشير قريش جانبت رشدا
وأخرجت هاديا من بيته سفها = بئس الجوار جوار جار أو حسدا
والله أسكنه في يثرب أمنا = بالنصر أيّده فأكثر العددا
وطهّر البيت من شرك ومن وثن = سبحانه هازم الأحزاب إن وعدا
بالفتح أيده والنصر حالفه = سبحانه ناصر للدين قد مهدا
وبارك الأرض بالإيمان آمنة = وسبّح الكون باسم الله معتضدا
وخاب كل الذي في الشرك قد رغبا= وكان في خلقه ما الله قد وعدا
محمد خاتم للرسل مختتم = وجنده في سبيل الله ما قعدا
وصحبه خيرمن صاموا ومن سجدوا = لله قد صبروا وما شكوا أودا
صدّيقهم صاحب ،فاروقهم عمر = شيخان فيهم لدين الله قد وجدا
عثمان ناسكهم والصهر حيدرة = لله درّهما في الله قد أسدا
وآله صبروا لله واحتسبوا = والله هيأهم لدينه عمدا
سبطان أمهما زهراء قانتة = شبلان من أسد للجور قد نهدا
نوران جدّهما نور الدنى نجد = أنعم به من سراج في الدجى اتّقدا
قاد البرية بالقرآن يكلؤها = رفقا بها ساسها فتاب من كندا
محمد رحمة جاد الإله به = كأنه مطر قد أخصب الجردا
محمد نعمة من ربه سبغت = أحيى بها جرزا والعود قد مأدا
وربه منعم قد زانه خلقا = للخلق أرسله منقذا سندا
أنى لمادحه مدح يناسبه = وهو الذي ربه في الذكر قد حمدا ؟
فقال أنت العظيم المصطفى خلقا = أنت السراج وللديجور قد طردا
عذرا نبيّ الهدى إن خانني كلمي = فما بلغت به مدحا ولا حردا
إني أردت بهذا النظم مغفرة = فاشفع لناظمه والله قد قصدا
أنت الشفيع لنا في هول قارعة = فاشفع لذي سرف إن عاج أو أودا
والله أحمده ربّي ألوذ به = حمدا يليق به دوامه أبدا
ثم الصلاة على الهادي وعترته = وصحبه ثم من لله قد سجدا