وثبنا خلف ركبِ الأنبياءِ = نجددُ وجـهَ أيامِ الهنـاءِ
وشاقً الحبُّ للهادي قلوبًـا = وللسِّيرِ الأثيرةِ و الوفاءِ
وللآياتِ تُتلى في صباحٍ = ولا تُطوى بأوقاتِ المساءِ
لنـا في السُّنَّةِ الغرَّاءُ نهجٌ = يفيضُ بعذبِ ميمونِ الولاءِ
وقد حضر الصيامُ فهاجَ فينا = حنينٌ للتَّضرعِ والدعاءِ
فقد جفَّتْ مغانينا وذقنا = مرارتها لنأيٍ وانكفاءِ
وأمسينا بلا إرثٍ رفيعٍ = يحفزُنا إلى زهــوِ السَّناءِ
فقد كانت لرفعتِنا مزايا = أضعناهـا بلهـوٍ وافتراءِ
وعادَ الشهرُ يتحفُنا بفضلٍ = من الرحمنِ في زمن العفاءِ !
ونحن بغمرة الأحداثِ نشكو = نوازلَ بالتَّـأوُهِ والبكاءِ
ونذهبُ لليمينِ بغيرِ جدوى = ونرجعِ لليسار بلا رجاءِ
وليس وربِّ هذا الكونِ يُرجَى = لشدَّتِنا سوى ربِّ السماءِ
وبارئُنا لنجدتنا قريبٌ = ولكن أين أصحابُ المَضاءِ !
وأين الخَيِّرون وأين قومٌ = تَحَلَّوا بالمروءةِ والإباءِ !
وهـم خَلَفٌ لمَن كانوا مثالا = لِمَن راموا دروبَ الأصفياءِ !
أشادوا في البريَّةِ ركنَ مجدٍ = قواعدُه تقومُ على الإخـاءِ
فلاذَ الناسُ بالإسلامِ حبًّا = فَبَيْنَ ظلالِه أوفى رخاءِ
وكلُّ عبادةٍ فيه تجلَّتْ = بأنواعِ المودةِ والحِبــاءِ
وألقتْ من فضائلِها علينا = سكينَتَها بموفورِ الإياءِ
صيامُ الشهر تزكيةٌ لروحٍ = وبابٌ للسُّمُوِّ والارتقاءِ
حبــا الرحمنُ أياما توالتْ = بـه بالمكرماتِ والاهتداءِ
تطيبُ بذكرِ ربِّ العرشِ نشوى = بفيضِ ذخائرِ القيمِ الوِضـاءِ
فطوبى للتقاةِ بشهرِ صومٍ = لهم وقيامِ ليلٍ في صفاءِ
وإقبالٍ على نفحاتِ أُنسٍ = وتغدقُ للتُّقاةِ من الثَّنـاءِ
يقومُ العبدُ يسجدُ في خضوعٍ = لخالقِه فيشعرُ بالهناءِ
ويخشعُ قلبُه حبًّا وشوقًـا = لبارئه فيلهجُ بالدعاءِ
ويسألُ ربَّـه عفوًا يُرَجَّى = فما أحلى المؤمَّلَ من رجاءِ
ولم يُحـرَمْ تقيٌّ من ثوابٍ = ومنزلةٍ جوارَ الأنبياءِ
تراودُه اللذائذُ مقبلاتٍ = فيأبى أن يُقـادَ إلى العمــاءِ
فذاكَ مُجَنًّدٌ للسوءِ يسعى = بأفعالِ العصاةِ الأشقياءِ
وهذا مـدبرٌ عن ذكرِ ربِّي = شغوفٌ بالفسادِ بلا حيـاءِ
وغيرُهمـا من النُّخبِ استحلَّتْ = حـرامًـا فيه ذلُّ الأشقياءِ
وعاشوا كالبهائمِ ماتناءَوا = عن الريبِ المـذَممِ والغباءِ
أإنسانٌ يعيشُ بغيرِ وعيٍ = وعن قيمِ المآثر في انكفاءِ !
فأين العقلُ أبحرَ في متونٍ = وفضَّ بسفرِها صحفَ الفضاءِ !
وأين رؤى البصيرةِ ليس تخفى = ووجهتُها القويمةُ في انجلاءِ !
وأين كرامةُ الإنسانِ كانت = وساما لابن آدمَ لاصطفاءِ
أتُنكرُ يابنَ آدمَ فضلَ ربي = وتجحدُ مـا أتاك من الحِبـاءِ !
غدا تأتي إليه بيومِ حشرٍ = وتلفي ما ادَّخَرتَ من الشقاءِ
وتعلمُ أنَّ عُمْرًا كان أجدى = به أن لايعيشَ على افتراءِ
ستخلدُ في جهنَّمَ كلُّ نفسٍ = إذا كفرتْ بخلاَّقِ السماءِ
فعشْ للمنكراتِ أتتكَ شهدًا = وشَهدُ المغرياتِ إلى فنـاءِ
فما في هذه الدنيا سيفنى = وكلُّ متاعِهـا قَيْدُ انقضاءِ
وقد كُتِبَ الفناءُ عليه وعدًا = وتبقى الصالحاتُ بلا مراءِ
دليلُ تفاهـةِ الإنسانِ كفرٌ = وفلسفةٌ تؤولُ إلى الغثاءِ
هي الغفلاتُ أودتْ والأماني = بأصحابِ الضَّلالةِ والهُـراءِ
فَتَبًّـا للمعاندِ ليس يرضى = بنورِ العقلِ والقيمِ الوِضاءِ
فليس له وإن ألفى رفاقًـا = تخلَّوا عن مفاهيمِ الإخـاءِ
فمَن لـم يرضَ بالرحمنِ ربًّـا = فذاك هو الشَّقيُّ بـلا ولاءِ
وعاش ومات ثــم يُساقُ يوما = ليلقى ما استحقَ من الجـزاءِ
ولـم ينفعْهُ يومئذٍ بعيدٌ = يلبِّي ، أو قريبٌ غيرُ نــاءِ
فشأنُ المرءِ يذهلُـه فينسى = أحبَّ الناسِ من هـولِ البلاءِ
فيا حسراتِ قلبٍ ماتثنَّى = بحبِّ الله أيـامَ الرخـاءِ
فأشقاهُ وألبسه لهيبًـا = فبئس الثَّوبُ من ذاك الرداءِ
ألا يا أيُّهـا الإنسانُ أقصِرْ = فدربُ الشَّرِّ يدفعُ للعنــاءِ
فَعُدْ لضميرِك الغافي وأيقظْ = حوافزَ فطرةٍ بيدِ اتِّقاءِ
وعشْ لله ربِّك مستجيبًـا = ألم تسمعْ لـه أغلى نــداءِ !
ألا يا أيُّهـا الإنسانُ أقبلْ = على ربٍّ كريمٍ ... بالرجاءِ
وسَلْـهُ العفْـوَ عمَّــا كان واعلمْ = بأنَّ اللهَ يجــزلُ بالعطاءِ
لعبدٍ تابَ من بعدِ المعاصي = وعاشَ بطيبِ أفياء اهتداءِ
وعافَ المغرياتِ ولم يجبْهـا = وقد نادتْ فليس من اجتراءِ
عباداتٌ لربِّ الخلقِ تحمي = من الأهـوالِ في يومِ الجــزاءِ
وتنهانا عن الفحشاءِ إنَّــا = بموئلِ مُجْتَناهــا في وِقــاءِ
فكم لصلاتِنا من فيضِ نورٍ = يوافي للمثابرِ بازدهاءِ
وكم للصومِ من درسٍ بليغٍ = وكم فيه ــ وربِّك ــ من شفاءِ
عباداتٌ مُكَفِّرَةٌ ذنوبًـا = وتحمي أهلَها من كلِّ داءِ
فجنِّدْ من عزيمتك ابتغاءً = لوجـهِ الله نهجًــا لاقتداءِ
وغيرُ شريعةِ الإسلامِ زورٌ = وتدليسٌ لنهجِ الأغبياءِ
ألـم تبصرْ حضارتَهم أناختْ = بوديان البوارِ بلا وِقــاءِ !
وهذي التكنلوجيا ليس تجدي = جياعا بين أسواقِ الغــلاءِ
وسوءُ المكرِ يعصف في تبابٍ = ببغيِ المترفين الأقوياءِ
وساسةُ عالمٍ الإنسانِ لمَّــا = يعوا داءَ التجبُّرِ والدهاءِ
لقد خانوا أمانتَهم فضَلُّوا = وخابـوا دون إدراك الهناءِ
وليس لمجرمٍ مهما تعالى = بغطرسةٍ أتاهـا من دواءِ
ألـم تشهدْ مصارعَ سابقيهم = ببدء الخلقِ ذكرى وانتهاءِ
أخي في اللهِ لاتخشَ الليالي = وعشْ للهِ عمرَك في صفاءِ
لديني قـد تَمَكَّنَ في فؤادي = فـداءٌ بالنفيسِ بلا مِـراءِ
ولـم يُصغِ الفؤادُ إلى سِواه = فليس لغيره أدنى ولاءِ
لقد فنيت مبادئُ مجحفاتٌ = بحقِّ الناسِ في دنيا ابتلاءِ
وأحزابٌ وأفكارٌ سفتْهـا = رياحُ الحقِ هبَّتْ من حِـــراءِ
فما أبقتْ لهم صنمًـا تمطَّى = ليُعبَدَ والضّلالُ بلا بقـاءِ
ولا أبقتْ مفاسدَ مخزياتٍ = تجـرُ خطى الشعوبِ إلى الوراءِ
وهل ترقى الشعوبُ بغيرِ دين = أتت بهداه كلُّ الأنبياءِ
فبشرى أُمَّــةَ الإسلامِ هــذا = أوانُـك للقيادةِ والوفاءِ
بـك الأيامُ تسعدُ في ظلالٍ =من الشِّيمِ الحفيَّـةِ بالإخــاءِ
فلا الطاغوتُ يحكم في البرايا = ولا السفهاءُ تحظى بالولاءِ
عباد اللهِ يجمعُهم كتابٌ = على وجــه البسيطةِ في هنــاءِ
سينصرُكم إلهي إن نصرتُم = شريعتَه بصدقٍ واقتداءِ
وعشتم للمهيمنِ خيرَ جندٍ = وقد رفعوا لهـــا أحلى لـــواءِ