قـلْ لهـم : ماترجَّلَ الفرسانُ = وخطاهـم ماردَّها الطغيانُ
فالحنايا مشبوبةٌ بيقينٍ = أبَدِيٍّ ماشابـه عصيانُ
أبرموها لربِّهم في عهودٍ = ليس يبلى الإبرامُ والإيمانُ
و تنادوا إلى الجهـادِ أباةً = في زمانٍ تسومُه الأضغانُ
سيرى الناسُ بالمآثرِ ركبًا = يحضنُ العـزُّ زحفَه لا الهوانُ
قد تداعوا من كلِّ حدْبٍ وصوْبٍ = إذْ ألمَّتْ بالأُمَّـةِ الأحزانُ
والنداءُ الميمونُ مجلى اشتياقٍ = لايُجافي تكبيرَه الشجعانُ
في المثاني لوهجِـه مفرداتٌ = أفردتْ سمعَها لهـا الآذانُ
لصهيلِ الخيولِ أيامُ مجـدٍ = التَّفاني عنوانُهـا المزدانُ
والرواياتُ لـم تزلْ تتملَّى =ذاهلاتٍ لنأيِها الأزمانُ !
مادهى العصرُ مذعنًـا للمآسي = ومضى عن مكانـه سحبانُ !
أتولَّى أخو المروءةِ عنها = فالرزايا كأنَّها أُفعُوانُ!
وحكايا شعوبِنا راعفاتٌ = وَمُدَى الحقدِ حـدُّها ظمآنُ !
لم يــرَ الدهرُ مثلَها في عصورٍ = غابراتٍ ولا تلاها بيانُ !
إنهـا أيُّها الكرامُ مآسٍ = جلبتْها للأمـةِ الذؤبانُ
فسلوا الأرضَ يومَ ضمَّتْ قلوبًا = طاهراتٍ قد لاكها العدوانُ
وشبابا وجوهُهُم مشرقاتٌ = دفنَ اليومَ زهوَها السَّرحانُ
ألِأهلِ الإسلامِ جــدَّ ابتلاءٌ = ولأهـلِ الطغبانِ جاءَ أمـانُ !
فاستباحتْ يـدُ الضغائنِ قومي = فكأنَّ اعتسافَها الطوفانُ
إنَّ ربي هو العليمُ تعالى = فله الحمدُ جــلَّ والشكرانُ
فانهضي ياقلوبُ من غَفَلاتٍ = مات فيها الشعورُ والوجدانُ
غَيَّبَ الدِّينَ لهوُها وهواها = فعراهـا الخذلانُ والنكرانُ
وطمى الخطبُ فالنفوسُ حيارى = وأساها للمُنْصِفِِ : البرهانُ
داهمَ الناسَ من أذاهُ شقاءٌ = فعليهم من نسجِه أكفانُ
أين شدوُ الإباءِ يلهبُ شوقا =فهو الشَّوقُ أهلُه ما هانوا
لم يزلْ دينُهم يُعَرِّي طغاةً = فكلامٌ غيرُ الهدى هذيانُ
والرجالُ الأبرارُ زكُّوا نفوسًا = لم ينل من سُمُوِّها الحدثانُ
قد تعالوا على عُتُوِّ جناةٍ = جَنَّدَتْهُم لشؤمِها الأوثانُ
عبدوها أذلَّةً وتنادوا = لهوانٍ تمجُّـه العِقبانُ
ما رأتهم بيضُ الليالي رجالا = أو رعتْهم لمجدِها الركبانُ
قد سعوا في متاهةٍ لانحلالٍ = شدَّ من سوءِ غيِّـه الخسرانُ
لن ينالوا من سُنَّةِ اللهِ تجري = بمقادير سعيِها الأزمانُ
أو يُميتوا يقينَ قومٍ تنادوا = للمثـاني شهيدُها عثمـانُ
سيفوزون بالمكانةِ كانت = لأولي الصِّدقِ ربُّها الدَّيانُ
مَن قضى نحبَه فذاك شهيدٌ = وسِواه مخاتلٌ أو جبانُ
أو عميلٌ للمرجفين بدنيا = ساسها بانحرافه الخـوَّانُ
فهو الركبُ جـدَّ رغم الرزايا = مالوتْه الأحداثُ والأشجانُ
فانظروهم ما أقعدتْهم مآسٍ = أضرمَ الكفرُ نارَها أو لانوا
وحديثُ الإيثارِ ترجمه الجودُ . = . بروحٍ عند اللقا لاتُهانُ
عرفتْهم مواقفُ العزِّ صيدًا = ولدى الخطبِ يُعرفُ الشجعانُ
وهو الشَّرعُ عزُّهـم إن تباهى = بالكنوزِ السَّفيهُ لا الإنسانُ
لايغرُّ المتاعُ إلا لفيفًا = من بني آدم الذين استكانوا
ويظلُّ الإنسانُ لله عبدًا = ليس يُغريه درهـمٌ أو جُمـانُ
ذا اعتزازٍ لايشتريه بسوف الهونِ . = . مالٌ إذ صانـه الإيمانُ
فالمثاني أغنتْ رؤاهُ فشأنٌ = بات عُلْوِيًّا بالهدى يزدانُ
لايُلامُ الذي يجودُ بروحٍ = إن دعاهُ للنُّصْرَةِ القرآنُ
فجنانٌ له أُعدَّتْ بيومٍ = فيه يعنو الجلاَّدُ والسَّجانُ
فخلودٌ له بجنَّةِ عَدْنٍ = وجحيمٌ وقودُها مَن خانوا
يتمنَّى أشرارُهم أن يكونوا = من ترابٍ يذرو به النسيانُ
أذْرَتِ العينُ دمعَها دون جدوى = فلقد جاء للعُصاةِ البيانُ
وَنَبِيٌّ أرادهم أن يثوبوا =واجتباءٌ قد عافه الهجرانُ !
وكتابٌ يُتلَى عليهم ولكنْ = غـرَّهم للسَّفاهـةِ العصيانُ
ومن النُّصحِ سُنَّةٌ ماجفاها = غيرُ فـظٍّ خسيسُ قومٍ هانوا
جعلوها حربًا على السُّنَّةِ الغرَّاءِ . = . حقدًا فوجهُهُم خزيانُ
لن ينالوا مرادَهم فالأحاديثُ . = . تصونُ استرسالَها الأجفانُ
وسَتُفْدَى صحاحُها بقلوبٍ = ملؤُها النورُ ماعراهـا امتهانُ
إنَّهـا السُّنَّةُ الشريفةُ نهـجٌ = للميامين خيرُه تهنانُ
فيه إشراقةُ الفلاحِ لقومٍ = قد حباهـم من فيضه العرفانُ
وسِواه من المناهجِ زيفٌ = قـد تبنَّتْ فصولَه الصلبانُ
منذ عهدِ الرسولِ والحقد أعمى = شانئيها وبغضُهم يقظانُ !
لم يناموا وللحنيف عُلُوٌّ = إذ يـؤزُّ استعداءَهم شيطانُ
بشِّرِ المرجفين أنَّ لــواءً = رفَّ للـــهِ لـم ينلْهُ الهوانُ
سوف يبقى مدى العصورِ بأفْقٍ = في مُحَيَّاهُ رفعةٌ وأمـانُ
ويعودُ الإسلامُ للناسِ يسقي = ظمـأَ الأرضِ عصرُها عريانُ
ما رعتْهُ أيدي التُّقاةِ فأضحى = مقفرًا في رحابها البستانُ
وجمالُ الأيامِ ما انفك تذوي = في مغاني ربيعه الأفنانُ
قد سفاهُ استكبارُهم ، فالمزايا = خاوياتٌ وطرفُها وسنانُ
قد تخلوا عن الهدى فتمادى = بجفافٍ فصوله الخذلانُ
فبغير الإسلامِ عاشوا بضنكٍ = وبضيق أتى به الحرمانُ
هو دينٌ عند الإلهِ وحاشا = أن تُرَى حولَ ركنه أديانُ
فلسفاتٌ وضيعةٌ لانفلاتٍ = مالـه مـعْ هَدْيِ الحنيفِ اقترانُ
أنبئيهم أنَّ الليالي ستأتي = وتجافي أديانَها الأخدانُ
قلتُ فيهم ماقلتُه لشقيٍّ = إذ تولَّى أمورَه الكفرانُ
جرفتْهُ أضغانُه لمهــاوٍ = مستغيثًـا وإنـه الثكلانُ
حاربَ اللهَ ، والبراهين كُثرٌ = قد وعاهـا بالفطنةِ العميانُ
تعسَ الملحدُ الذي عاش خِبًّـا = لـم يتوَِّجْ أفكارَه العرفانُ
وتناءى فوجهُه قد عراه = قَتَـرُ الشُّؤمِ ماله كتمانُ
لاتهوني يا أمتي ذا زمانٌ = قـد أتاهُ أبرارُكِ الفرسانُ
ليس تُطوى رسالةٌ وسناها = ملأ الكونَ نورُها الفينانُ
أنتِ للناسِ رحمةٌ فاستعدِّي = ولـك الفتحُ ساقـه الرحمنُ