أنا العروبةُ والإسلامُ أكرمني
وإنْ هجعتُ فنومي كلُّه قلقٌ
ميدانُهم عربداتٌ أو هوى عبِثٍ
أنا الغريبُ وأهلي أُمَّةُ العربِ = والمسلمون بأصقاعِ المدى نسبي
كأنَّني عن نهارِ الفتحِ محتجبٌ = فلم أَرَ اليومَ إلا ظلمةَ الكُرَبِ
وكنتُ أمتلكُ الدنيا ، فلو سُئلتْ = عن غيرِ فخريَ لم تنطقْ ولم تجبِ
وما انثنيتُ فزهوي في مرابعِكم = كالنُّورِ يسري بأُفقٍ غيرِ محتجبِ
أنا العروبةُ والإسلامُ أكرمني = بأجملِ الحُللِ الفيحاءِ في الحقبِ
أصالتي من سنى دفَّاقِ مصحفِه = فليس تذوي ، ولم تأفلْ ، ولم تخبِ
ورايتي معْ طلوعِ الشمسِ إذْ بزغتْ = تطوفُ بالنِّعمِ الأخرى ، وبالرَّغبِ
أسعى ، فأوقفتموني في مفاسدِكم = على سفاسفِ سوقٍ بائرٍ خَرِبِ
وعشتُ في مضضِ الأكدارِ يخنقني = خطبٌ تثاقلَ في نفسي وفي عصبي
وفوقَ شوكِ الأسى أمشي لراحتكم = وكم أعاني من الأرزاءِ والوصبِ
وصرتُ أنقلُ من همٍّ إلى وجعٍ = خطوي ، ومن لهبٍ عاتٍ إلى لهبِ
يذوبُ في وهْجِه قلبي بمُتَّئَدٍ = من الكآبةِ والأشجانِ والنُّوبِ
فمن خريفٍ جنى مـا اصفرَّ من قيمٍ = إلى شتاءٍ عوى فيه فـمُ العطبِ
وضعتُ في حيرةٍ من تيهِ حسرتكم = وضاعَ سعيي ، فدربي غيرُ مقتربِ
كأنَّني من يتامى العصرِ يمضغُـني = شدقُ الليالي بلا ذنبٍ ولا سببِ
وأنقلُ العينَ من سهلٍ إلى جبلٍ = فلا أرى غيرَ ناعينا على الهضبِ
أفرُّ كالطيرِ لمَّا انسلَّ من قفصٍ = إلى شواظِ فضاءٍ ماجَ بالشُّهبِ
تركتُ نهرَ دمي الفوَّارِ تبلعُه=رُقْبُ الأفاعي ، وكم في الغابِ من رُقُبِ !!
وعذْبُ قولي عن الآمالِ قطَّعَه = حهشُ الثَّكالى فما أبقى لمُرتقبِ
وفي الظلامِ أُنادي ليس يسمعني = إلاَّ الخليُّ ، وذو هزءٍ وذو لعبِ
تهفو إليكم وفي أسماعِكم صممٌ = فتنثني ـ كلماتي ـ حيثُ لم تثبِ
وللعزائمِ في أحنائكم كللٌ = أناخَ حولَ ضجيجِ اللهوِ والطَّربِ
وأفدحُ الخطبِ : مجروحٌ تداعبُه = بنتُ الهوى ، ودماءُ الأهلِ قي صببِ
تلهون ـ بئسَ ـ وللأحداثِ زلزلةٌ =على مضاربِ فخرٍ ـ آهِ ـ منتَهَبِ
طوى على مهجٍ مافي تقلُّبِها = إلاَّ مُدة ظالمٍ مستهترٍ و غبي
وفي الضلوعِ نهارٌ ضجَّ ملتهبًا =بكلِّ جرحٍ سخينٍ دون مستَلَبِ
=حتى الرؤى في مطافِ الحلمِ لم تطبِ
حُمَّى من الأرقِ الملحاحِ جمرتُها = عبرَ الوتينِ كوهجِ النارِ في الحطبِ
وقد ثويتُ بظلِّ الهـمِّ يسترني = فما رآني أخي ـ في غمرِه ـ وأبي
وقد هتفتُ وقومي في تردُّدِهم = فضاعَ صوتي بما في الدربِ من صخبِ
فوامصيبةَ مَنْ هانوا ومَن وهنوا = ومَنْ رضوا بالأذى والذلِّ والسَّلبِ
= يدينُ للزيفِ واللذاتِ والكذبِ
فأين علياؤُهم والعنفوانُ بها = والبيضُ يوم اللقا ، والذكرُ في الكتبِ ؟؟
وأين فرسانُهم في كلِّ نازلةٍ = وفي منازلةِ الأعداءِ بالقُضُبِ ؟؟
وأين أبرارُهم والأولياءُ على = مغنى محاريبِهم بالقُربِ والقُربِ ؟؟
وأين تكبيرُهم تعنو الجبالُ له = ويستجيبُ الصَّدى في كلِّ مُنتّدَبِ ؟؟
وينجلي الأفقُ عن إيثارِهم قيمًا = تُغني أخا حاجةٍ بالخيرِ والنَّشبِ
أكادُ أُنكرُ مجدا كان يصحبُهم = لولا المصاحفُ عند العُجمِ والعربِ
أينفضون غبارَ الوهْنِ عن هممٍ = لايرهبون ولا يعنون للنُّوبِ ؟!
فدعوةُ اللهِ أغنتْ أُمتي فسعتْ = بين الأنامِ بما يسمو مدى الحقبِ
سيستعيدون راياتٍ مرفرفةً = على خميسٍ شجاعٍ مؤثرٍ لجبِ
ويهزمون أعاديهم ، فلا سلمتْ =يـدٌ تخونُ عهودَ اللهِ بالهربِ
شدَّتْ على صهواتِ الفتحِ عزَّتهم = تعدو بها الخيلُ من نصرٍ إلى غلبِ
فوجهُها نضرٌ في كلِّ مكرمةٍ = وأهلُها من بطونِ العزِّ في النسبِ
وليس تخشى جيوشَ البغيِ إنَّ لها = مايدفعُ الظلمَ رغمَ الموجِ والعُبُبِ
فما ترامتْ غصونُ الفخرِ إذْ عصفتْ = ريحُ الخطوبِ ، ولم تُسقطْ سوى الشَّذبِ
وما أضرَّتْ بها فاللهُ يكلؤُها = والله يحمي بنيها من أذى الرُّقُبِ
والعزُّ يسكبُ في أحناءِ أربُعِها = من الرحيقِ المصفَّى فاضَ كالسُّحُبِ
ستخرجُ الطيرُ من أعشاشِها لترى = رحيلَ مافي مغانيها من الغُرُبِ
فالدِّنُ يبقى بأنوارٍ ومرحمةٍ = والكفرُ يفنى مع الطغيانِ والذَّهبِ
الناشرون على الدنيا حضارتَهم = فشمسُها عن رحابِ الأرضِ لم تغبِ
الحاملون لواءَ الحقِّ يرمقُهم = أهلُ المآسي لصبحٍ مشرقٍ شنبِ
تبعثروا ـ ويحهم ـ واللهوُ أقعدهم = بلا عزيمةِ مَنْ ينأى عن الريبِ
فلا تراهم رأوا في الخطبِ رأيَهُمُ = ولا هُمُ ابتعدوا عن سوءِ منقَلَبِ
فتلك بلدانُهم باتتْ مقطَّعةً = نهبَ الغزاةِ ، ومرمى الشرِّ عن كثبِ
ذرني على كلِّ شلوٍ في مقاتلهم = أذرفْ دمًا قبلَ دمعِ العينِ والعتبِ
لأحرقَنَّ ثياًا صاغَ زخرفَها = حبُّ الحياةِ ، وكرهُ السّيفِ واليلبِ
واحسرتاه على قومٍ لهم نسبٌ = في الأوَّلينَ من الإقدامِ والرُّتبِ
عروبتي بكتابِ اللهِ عزَّتُها = وفي سِواهُ ، عراها الذُّلُّ لم يغبِ !!
وما استفامَ فخارُ العربِ في حقبٍ = إلا على منهج القرآنِ في الحقبِ
وما العروبةُ إلا جسمُ مغتربٍ = مقرَّحٍ لفحتْهُ الريحُ بالوصبِ
وليس تنهضُ من ديجورِ كبوتها = إلا على ساعدٍ من روحِها الضَّربِ
فكيفَ تُنكرُ علياها عروبتُنا = وكيف تشمخُ في الدنيا بلا حسبِ ؟
وليس في الوَهَنِ الممقمتِ عزَّتُها = وإنما العزُّ بالتقوى وبالأدبِ
***= ***
للسائلين عن الدربِ الطويلِ ألا = شدُّوا المطايا ففجري غيرُ مقتربِ !!
بيني وبينَ خطاكم ألفُ داجيةٍ = وألفُ وادٍ من الأهوالِ والحجبِ
وألفُ كهفٍ من الأرزاءِ خبَّأها = إبليسُ أهوائكم مسعورة اللهبِ
إني أنا المجدُ أنعاكم فما وجدتْ = عيني لكم أثرا في ساحةِ الغلبِ
قد كنتم الروحَ والريحانَ إذْ عبقا = ففي روابيكم الفيحاءِ نورُ نبي r
فهل وجدتُم بدارِ الهونِ راحتكم ؟ = أم غـرَّكم ما بظلِّ العيشِ من قصبِ ؟
وكان سيفُ علاكم في يَدَيْ بطلٍ = فكيف ترضون بالأسيافِ من خشبِ ؟!
ويحَ الرجال الذين السَّاحُ تعرفُهم = يوم التلاحمِ ذا رمحٍ وذا قُضُبِ
وإنْ مشى الموتُ في إعصارِ ملحمةٍ = أتوا إليه بلا خوفٍ ولا رُعُبِ
وتشهدُ الأنجمُ اللألاءُ أنَّـكُمُ = خيرُ البريَّةِ في روحٍ وفي أُهُبِ
وكم هتفتُ وأعياني بساحتكم = طولُ الوجومِ ، وطولُ الحزنِ والعتبِ
وكم بكيتُ وقلبي فيه من ألمٍ = على منازلِكم أخوتْ على النُّوبِ
فياخسارةَ قومٍ : جمرُ غضبتِكم = أمسى رمادًا فواحزني و واغضبي
أكادُ من برزخِ الأقدارِ أخرجُ لو = شاءَ الإلهُ بقلبٍ جدِّ مكتئبِ
لقد قطعتُم حبالَ العهدِ فانصرمتْ = بيضُ الليالي بعصرٍ شائكٍ أشبِ
هلاَّ رجعتُم إلى الدَّيانِ خالصةً = قلوبُكم من غثاءِ الزُّورِ والرِّيبِ
إذنْ : لعدتُم كما كنتم جحا جحةً = ويومها يامُنى قلبي وياطربي !
أرى البلادَ بلادَ المسلمين على = خيرٍ وفخرٍ إذا نودوا لمنتسَبِ
وفي حنايا قلوبِ المسلمين هوىً = لأعذبِ الصِّيغِ الحسنى لمنتخِبِ
كأنَّني ألمحُ الفجرَ القريبَ بهم = أتى بحُلوِ النَّدى والسَّعدِ والرَّغبِ
وتشرئبُ إليهم في المدى أُممٌ = من مستجيرٍ ومن عانٍ و منتحبِ
يا أُمَّةً أهملتْ راياتِ رفعتِها = ولم تزلْ خافقاتٍ في عُلا الشُّهبِ
قومي اسجُري بلهيبِ العزمِ ما صنعتْ = يـدُ التواني ، وبالدينِ الحنيفِ ثبي