حلَّ الصِّيامُ فحلَّ الخيرُ والأملُ = شهرُ الإنابة قد قَرَّتْ به المُقَلُ
شهرٌ أرادَ به الرّحمنُ تربية ً= للنّفسِ ، فالنّفسُ قد يودي بها الخَلَلُ
إنَّ الصِّيامَ فِطامٌ للنُّفوسِ فلا = يُزري بها الشُّرْهُ والأهواءُ والعِلَلُ
فالإمتناعُ لوجهِ اللهِ مَكرُمة ٌ= به الإرادةُ في الأرواح تَكتملُ
هو الزّمامُ الذي يحمي النُّفوسَ إذا = طاشتْ رَغائِبُهَا أو صابَها عَجَلُ
هو السّلامُ إذا قلبُ الفتى فَتكَتْ = به الضّغائنُ والأحقادُ والدَّغَلُ
هو السّخاءُ إذا الألبابُ طوّقها = رانُ الأنانية العميا لمنْ بَخلُوا
هو الإنابة من زيغٍ ومن كسلٍ = يَقوى به الرُّشدُ والإيمانُ والعَملُ
الصّومُ موسمُ إيمانٍ يُبصِّرُنا = يهدي إلى الله من طاشتْ به السُّبُلُ
صبرٌ وبرٌّ، زكاةُ النّفسِ غايتُه = به التُّقاةُ إلى الرِّضوانِ قد وَصَلُوا
ويح الذينَ عَمَوْا عن سرِّهِ فَغَوَوْا = باللَّغوِ واللَّهوِ في أياّمه غَفَلُوا
ظنُّوا العبادة َعاداتٍ تَهيمُ بها = في الجيلِ أفئدةٌ إسلامُها خَبَلُ
فالصّومُ عند سوادِ النّاسِ مَفسدة ٌ= يَطغى عليه غباءُ اللّهو والأُكَلُ
ترى الجموعَ كمثلِ العيسِ سارحة ً= تقفو الرّغائبَ ، لا تقوَى ولا وَجَلُ
تُبذِّرُ الشّهرَ في لهوٍ وفي جَشعٍ = فكيف يُفلحُ من ضَلُّوا ومن نَكَلُوا
لذلك ارتطمتْ في الذُّلِّ أمّتُنا = أودى بها الطّيشُ والإسفافُ والخَطَلُ
ضاعتْ مآثرُها في لوثةٍ غَمَرتْ =فالدِّينُ أفسدَه بالجهلِ من جَهلُوا
الذِّكْرُ يَصدعُ بالآياتِ يُرشدهمْ = والقومُ في غمراتِ التَّيهِ ما عَقلُوا